القوة الشرائية للحج والعمرة تدفع الطلب بزيادة أعداد «المولات» ومراكز «صنع في مكة»

دعوات لإيقاف رحلات «التسوق» من وإلى جدة

الحاجة باتت ماسة في العاصمة المقدسة لإيجاد مراكز عالمية للتسوق تفعل دور «صنع في مكة» («الشرق الأوسط»)
TT

دعا اقتصاديون في مكة المكرمة، إلى تفعيل مفهوم «صنع في مكة» وذلك عن طريق إنشاء «مولات» تجارية عالمية، تعمل على نقل الموروث المكي، خاصة أن العاصمة المقدسة تتعرض لموسمين متصلين للحج والعمرة.

وعلى الرغم من أن العاصمة المقدسة (مكة المكرمة) اعتبرت منذ التاريخ شريانا اقتصاديا مهما، ورافدا تجاريا مميزا، فإن الحاجة تتطلب التوسع في ضخ مزيد من الاستثمارات، في زيادة أعداد المولات التجارية، واتساعها بما يتواءم مع الأهمية الاقتصادية والتجارية التي عرفت عن مكة المكرمة.

وباتت الحاجة أكثر إلحاحا إلى إنعاش اقتصادي يزيد من الجاذبية الإسكانية ويوفر على ساكنيه، وقاطني مكة المكرمة مشقة الذهاب إلى جدة التي لا تبعد سوى 80 كيلومترا للتبضع والتسوق. وأضاف مراقبون أن الكثافة السكانية التي باتت عليها مكة المكرمة تمثل قوة شرائية كبيرة، بالإمكان بلورتها أيضا في خدمة اقتصاديات الحج والعمرة، وأن الخطوات نحو ذلك والإجراءات الميسرة، كفيلة لإقامة هذه المولات التجارية في جنبات العاصمة المقدسة، عن طريق تقديم تسهيلات في الأرض، واستخراج التصاريح اللازمة والشباك الأوحد، للمستثمرين الذين يرغبون في تنشيط وتفعيل الدور الريادي والتجاري لمكة المكرمة.

وأكد خالد اليوسف، أحد المستثمرين في قطاع «صنع في مكة»، أن المولات الكبيرة لها عوائد اقتصادية كبيرة جدا، وتشكل دوحة تلجأ إليها معظم الأسر في المناطق الحارة، بعد أن باتت حكرا على جدة دون غيرها، وظلت العاصمة المقدسة تفتقر للعديد من هذه المراكز المتميزة.

وزاد «تكتنف الأيام القادمة حركة تجارية دؤوبة من شأنها إقامة المولات الكبيرة في العاصمة المقدسة، بحجة أنها ستساعد على إضافة مساحة لاقتصاديات الحج والعمرة، وفتح آفاق متجددة للتسوق، بما يلبي الاحتياجات الحياتية لسكان مكة المكرمة، عن طريق فتح بضائع متنوعة للمحلات التسويقية، لإبقاء العديد من الأسر داخل أسوار مكة».

وقال الخبير الاقتصادي المهندس سعد الغانم، إن القدرة الشرائية لأهالي مكة المكرمة، معززة بالقوة الشرائية للوافدين للحج والعمرة، كفيلة بإثراء الحركة الاقتصادية التجارية في العاصمة المقدسة، والتي ستحفز كل من يريد إنشاء مولات تجارية ذات ماركات عالمية، مبررا أن الكثير من أهالي مكة المكرمة يرغبون في شراء مثل تلك الماركات العالمية، بالإضافة إلى الطبقة الراقية من المعتمرين والحجاج، الذين لا يجدون حلا سوى جدة لقضاء احتياجاتهم منها.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن المولات الكبيرة تتميز بعدة خواص، خصوصا إذا توافرت فيها الجوانب المكملة لهذه الخواص، فهي بالإضافة إلى أنها مواقع للشراء، فهي أيضا مكان للترفية الأسري، فإقامة مثلا المهرجانات داخلها الجاذبة للأسر المكية، ستجعل الأمر يساعد الأسرة في تعدد خياراتها الترفيهية، خصوصا إذا ما نظرنا إلى أن مكة تفتقر إلى الخيارات الترفيهية للأسرة، فمتى ما تعددت تلك المولات ذات الترفية الأسري أصبح من الممكن أن تكون مثل تلك المشاريع ناجعة على أحدث مستوى.

وتابع الخبير الاقتصادي حديثه «ينبغي على الجهات المسؤولة ترغيب التجار، والمؤسسات التجارية نحو الشروع في بناء مشاريع كبيرة في مكة المكرمة، التي تعاني نقصا واضحا في التنوع التجاري المطلوب، ومن الضروري الحصول على حلول سريعة فيما يتعلق بإنشاء مولات ستكون مجرد بداية لمشاريع أكبر مستقبلا، خاصة أنها مدينة تستقبل أعدادا مليونية كل عام، وبإمكانها استقطاب جميع الجنسيات والطبقات الاجتماعية المختلفة، حيث يهرع الكثير من الأسر المكية نحو الذهاب إلى جدة وبشكل متكرر مما يفاقم الربكة المرورية للخطوط السريعة، والطرق داخل جدة نتيجة التكدسات المرورية التي يخلقها وجود المكيين في جدة لشراء مستلزماتهم».

وأبان الغانم أنه لا شك أن كل مدينة لن تتطور وتصل إلى الأفضل إلا إن كان فيها كل المتطلبات الضرورية ولكل الأجيال وليس لجيل أو لفرد دون آخر، ومكة المكرمة باتت مدينة فيها الكثير من السكان بسبب الهجرة إليها بسبب التطور العمراني، وخلق فرص المعيشة من جراء التوسع في المصادر الاقتصادية الكثيرة من موسمي الحج والعمرة، لهذا بات المطلب واضحا بضرورة العمل على افتتاح المولات الكبيرة وليس على محلات صغيرة لأن المولات فيها كل ما تحتاجه الأسرة وأيضا تلبي رغبات الجيل الجديد وأعتقد أن العاصمة المقدسة ستكون قبلة الأنظار فيما لو تم تحقيق مثل هذا المطلب.

ويحلم أبناء العاصمة المقدسة ببناء منظومة اقتصادية متمثلة في إنشاء مثل تلك المولات الكبيرة التي يشاهدونها في جدة، لأن ذلك يعني لهم اختصارا في الوقت، والجهد، وتنوع الخيارات الشرائية بالقرب منهم.

من جهتها قالت عائشة الصفدي، إن إقامة أي مول في مدينتنا بات حلما لأي مواطن لأنه من الأمور الصعبة جدا لأن العاصمة المقدسة بالأساس مهملة من الجميع وليس هناك أي إصرار على تطوير كل ما يساعد أبناءها على البقاء فيها، لهذا أنا أرى أن العمل على إقامة مولات أمر صعب للغاية لأن كل المستثمرين يسعون إلى الربح الأكيد وليس إلى ربح قليل، اي فتح سوق لأبناء المدينة وانتهى الأمر، بل هم بحاجة للوصول إلى الحلول الكاملة من طرقات جيدة وإقبال من الشركات العالمية على الوجود في المدينة إضافة إلى الرغبة من أبناء مكة في المساهمة في إنجاح أي من المشاريع المستقبلية.

وأضافت الصفدي: الحقيقة أن الكلام عن فتح مولات في مكة هو بمثابة حلم من الصعب تحقيقه لأن الإهمال ضرب المدينة منذ زمن بعيد ومن الصعب القول إن النية تتجه لإقامة هكذا مشاريع.

ويقول رجل الأعمال عبد الله العبيدلي، إن العاصمة المقدسة مدينة تستحق أن تشهد العديد من المشاريع الكبيرة، خصوصا أنها أصبحت تشهد زيادة مطردة في تعداد السكان في الفترة الأخيرة، وبسبب المشاريع التنموية التي تم تحقيقها، لهذا كلي أمل في أن نشهد في المستقبل القريب مولات مثل تلك الموجودة في جدة أو الرياض أو المنطقة الشرقية، لكن أستبعد ذلك في الفترة الحالية لأن المشاريع الموجودة في مكة المكرمة قليلة للغاية وهناك إصرار من بعض أصحاب المشاريع على إقامة عمارات وليس مولات تحقق لهم الربح السريع ولهذا لا تزال العاصمة المقدسة تعيش على مراكز تسوق صغيرة جدا.

فيما أعرب المواطن عيسى القربي، عن اعتقاده بأنه كلما زادت الأسواق الكبيرة ساعد ذلك على إبقاء أبناء المدينة في مكة، وليس التوجه إلى مدن أخرى، خصوصا أن الكل يريد التوجه إلى جدة لأجل الوصول إلى المولات الكبيرة، وهذا يدلل على مدى أهمية المحلات الكبيرة تلك، لهذا أنا أطالب المجلس البلدي في مدينتنا بالعمل على المساهمة في ترغيب الشركات الكبرى لأجل العمل على فتح مولات إضافية خلال السنوات المقبلة لأن ذلك سيكون له الأثر الإيجابي على كل أبناء المدينة.