جدة: انتقادات لغياب جهات رسمية لتنظيم مجال عمل الاستشارات الأسرية

على خلفية وجود إشكاليات تحدث داخل عيادات الإرشاد الأسري

TT

انتقد خبير استشاري في مجال الإرشاد الأسري عدم وجود جهات رسمية لتنظيم مجال عمل الاستشارات الأسرية، وذلك نتيجة غياب الوعي على مستوى المسؤولين في ذلك، مؤكدا على وجود إشكاليات كثيرة تحدث داخل عيادات الإرشاد الأسري بين الرجال والنساء.

وأوضح الدكتور جاسم المطوّع رئيس قناة «اقرأ» الفضائية ومؤسس شركة «الريادة» للتدريب والاستشارات، أن الجهات القانونية تفتقر إلى وجود أنظمة ولوائح تتم من خلالها محاسبة المرشدين الأسريين المخالفين.

وقال خلال إحدى حلقات التدريب التي انطلقت بداية الأسبوع في جدة: «ينبغي على المرشدين الأسريين تبنّي قضية عدم وجود جهة لتنظيم مجال الإرشاد الأسري في ظل غياب كيفية ضبط ذلك المجال وانعدام الأجهزة الجيدة للقيام بذلك»، في حين طالبت إحدى المتخصصات في مجال الاستشارات الأسرية بضرورة إنشاء جهة متخصصة للمرشدين الأسريين، والتي من المفترض أن تخضع المستشارين الأسريين منذ البداية إلى اختبارات شخصية قبل السماح لهم بممارسة المهنة.

وأفادت بثينة باعبّاد المستشار الأسري في مركز «إيلاف» للاستشارات الاجتماعية بأن بعض المرشدين الأسريين يعانون من تراكمات نفسية، والتي من الممكن أن يتم بثها من خلال تقديم الاستشارة لأي مشكلة شبيهة بتجاربهم الشخصية. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «ينبغي دراسة شخصية المرشد الأسري من جميع الجوانب، وذلك من خلال اختبارات تتضمن مقاييس ومعايير يتم وضعها من قبل تلك الجهة المتخصصة، خصوصا وأن مجال الإرشاد الأسري من شأنه أن يبني بيوتا أو يهدمها».

ولفتت إلى وجود مرشدين أسريين بحاجة إلى مجرد مهارات يتم تحديدها من قبل الجهة المتخصصة ومن ثم إكسابهم إياها عن طريق برامج تدريبية، إلى جانب ضرورة استبعاد الآخرين غير المهيئين لمزاولة المهنة في ما يتعلق بالاستشارات الأسرية.

وأضافت: «من أبرز الإشكاليات التي تواجه مجال الاستشارات الأسرية عدم وجود إحصائيات دقيقة لمجمل القضايا الأسرية، حيث إنه من المفترض على كل مركز استشارات القيام بإصدار إحصائيات على مستوى المركز ومن ثم يتم جمعها والرفع بها إلى الجهة المتخصصة التي بدورها ينبغي أن تطورها من خلال الاستعانة بالجهات الحكومية والخروج في النهاية بوسائل معالجة أوسع لتلك القضايا».

وشددت على ضرورة التغيير والابتعاد عن التقليد في مجال الإرشاد الأسري، في ظل إنشاء أعداد كبيرة من مراكز الاستشارات الأسرية التي باتت يقلد بعضها بعضا في ما يتصل بالبرامج التدريبية المنظمة من قبلها، مبينة في الوقت نفسه أن معظم تلك المراكز قائمة على أساس الوجاهة الاجتماعية والكسب المادي فقط، بحسب قولها.

جاء ذلك خلال دورة تدريبية لتطوير مهارات المرشد الأسري التي نظمها مركز «ازدهار» للاستشارات الإدارية والتدريب تحت إشراف المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وذلك بمشاركة نحو 28 متدربا ومتدربة، عدا عن ما يقارب 4 مدربين يتمثلون في الدكتور جاسم المطوع والدكتور ميسرة طاهر والدكتور علوي عطري إلى جانب الدكتور خالد باحاذق.

الدورة التدريبية التي وصلت رسومها إلى نحو 11200 ريال للفرد الواحد شهدت تفاوتا في مستوى الملتحقين بها من الرجال والنساء، الذين تضمنوا متخصصين في مجال الإرشاد الأسري، إضافة إلى طالبات من جامعات سعودية، الأمر الذي أثّر على مستوى النقاش بينهم وبين المدرب أثناء جلسة التدريب، فضلا عن كثرة المداخلات النسائية مقارنة بالرجال.

وهنا علّقت بثينة باعبّاد المستشار الأسري في مركز «إيلاف» للاستشارات الاجتماعية والملتحقة بالدورة: «هذه الدورة لن تكون كافية لتحقق الاستفادة المرجوة منها»، مشيرة إلى أن مثل تلك الدورات لا تعطي سوى أدوات للمتخصصين بهذا المجال فقط.

واستطردت في القول: «إن الإرشاد الأسري بحاجة إلى دراسة أكاديمية يتم تدعيمها بدورات تدريبية، في حين لا يمكن أن تثمر تلك الدورات بالنسبة لمن يمتلكون معلومات بسيطة وسطحية والمتضمنين الأفراد غير المتخصصين في مجال الإرشاد الأسري».

وذكرت أن تفاوت مستويات الملتحقين والملتحقات بالدورة التدريبية المتخصصة في تطوير المرشد الأسري كان سببا في وجود مداخلات بعيدة عن صميم مجال الاستشارات الأسرية، مشددة على أن هذه الدورات ليست كافية مطلقا لممارسة مهنة الإرشاد الأسري، خصوصا وأن مخرجاتها قد تكون هشّة لبعض الفئات المشاركة من غير المتخصصين.

من جهته ردّ مصدر مسؤول في مركز «ازدهار» للاستشارات الإدارية والتدريب على الانتقادات التي طالت شريحة الملتحقين والملتحقات بالدورة التدريبية المتعلقة بتطوير مهارات المرشد الأسري بأن المركز يعمل على توضيح الدورة وفوائدها ومن ثم ترك المجال مفتوحا أمام شرائح المجتمع لتحديد رغبتهم في الالتحاق من عدمها.

وبيّنت أمل فؤاد مشرفة قسم البرامج العامة والتسويق في مركز «ازدهار» للاستشارات الإدارية والتدريب أن الدورة شهدت التحاق بعض المتخصصين في مجال الإرشاد الأسري، إضافة إلى طالبات المرحلة الجامعية أو بعض الذين يعانون من مشكلات أسرية من منطلق رغبتهم في الالتحاق بالدورة عوضا عن زيارة مراكز الاستشارات.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تعتبر الشهادات الممنوحة للمتدربين والمتدربات معتمدة من قبل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، عدا عن شهادات أخرى يحصلون عليها من المدربين أنفسهم»، موضحة أن تلك الشهادات تمنح لهم مقابل حضورهم فقط دون إخضاعهم لاختبارات ما عدا جزئية التقنيات التي يتم بعدها إجراء تطبيقات بسيطة عليها.

ولفتت إلى أنه تم استقطاب أسماء معروفة في مجال الاستشارات الأسرية لتدريب الملتحقين بالدورة، خصوصا وأن اجتماع هؤلاء المدربين في مكان واحد من شأنه أن يلبي كل الجوانب التي يحتاجها المرشد من الناحية المعرفية والتقنية وغيرها. وزادت: «إن تلك الدورة تعد نقاط رصيد إضافي للملتحقين بها، إلا أن قدرتهم على ممارسة مهنة الإرشاد الأسري تحدده مراكز الاستشارات الأسرية التي ينتسب إليها هؤلاء المتدربون»، لافتة إلى أنه تم تقسيم التدريب على خمسة أيام للناحية المعرفية ومثلها للجانب التقني في عمل المرشد.

وبررت ارتفاع رسوم الدورة التدريبية بقولها: «إن المتخصصين في مجال الإرشاد الأسري لا يرون أنها مرتفعة، خصوصا وأنه تم جمع نخبة من المدربين في مكان واحد، حيث إن أي مرشد سيدفع مبالغ أكبر إذا ما أراد الالتحاق ببرامج تدريبية لدى كل مدرب من المدربين».

ولكنها استدركت قائلة: «عادة ما يتم إجراء خصومات للراغبين في الالتحاق بالدورات التدريبية إذا ما سارعوا بالحجز منذ وقت مبكر، فضلا عن منح خصومات لمنسوبي الجمعيات الخيرية والتي تصل إلى 50 في المائة، أو 35 في المائة بحسب الدورة وتكاليفها»، مفيدة بأنه من غير الممكن إجراء دورات تدريبية على مدى يتجاوز 10 أيام إلا إذا كانت هناك مستجدات جديدة في المجال نفسه، على حد قولها.