رئيس «مكافحة الفساد»: سنقوم بزيارات ميدانية للمشروعات ولن نفتح مجالا للاتهام «دون دليل»

الشريف: سيكون أمام الجهات الحكومية 30 يوما للرد علينا.. ولنا الحق في طلب منع الموظفين من السفر وتجميد أرصدتهم

ينتظر أن تنفذ هيئة مكافحة الفساد زيارات ميدانية لعدد من المشروعات العامة. وفي الإطار محمد الشريف (تصوير: خالد الخميس)
TT

في أول ظهور إعلامي موسع له منذ تعيينه، أعلن رئيس هيئة مكافحة الفساد في السعودية محمد الشريف، عن جملة من الخطوات التي يعتزم جهازه القيام بها في المرحلة المقبلة، لعل من أهمها؛ القيام بزيارات ميدانية إلى المشروعات العامة للتأكد من تنفيذها طبقا للمعايير التي تمت ترسيتها عليها، والتأكد من عدم تجاوزها المدة التي حددتها عقود التنفيذ.

وأفصح الشريف في لقاء بثه التلفزيون السعودي الرسمي، عن توجه هيئة مكافحة الفساد لإعداد لائحة خاصة بـ«إقرار الذمة المالية» الذي سيكون لزاما على بعض الموظفين في الدولة تأديته، ممن يملكون قرارات مؤثرة على المال العام أو الإنفاق، أو من تتصل مهامهم بـ«جباية الرسوم».

وعول رئيس هيئة مكافحة الفساد على الدور الذي يمكن أن يلعبه المواطن أو المقيم في كشف قضايا الفساد. لكنه قال إن الهيئة لن تفتح مجالا «للاتهام دون دليل»، لافتا إلى وجود أفكار للتواصل مع الهيئة، مثل تحديد خط هاتفي أو موقع إلكتروني، أو عبر الرسائل النصية، التي ستكون سبيلا لأي شخص يرغب في التواصل مع الهيئة.

واتسم حديث الشريف التلفزيوني بـ«هدوء الطرح»، لكنه لم يخل من عمق الإيضاح للمهام الموكلة لهيئة مكافحة الفساد، التي قال إن دورها سيكون تكامليا مع الجهات الرقابية الأخرى.

وأفاد رئيس هيئة مكافحة الفساد في أول حديث شامل له، أنه سيكون على الجهات الحكومية التي تدخل ضمن اختصاصات جهازه، الرد على الملاحظات أو الاستفسارات التي تبديها الهيئة، خلال مدة أقصاها 30 يوما، دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل حول الإجراء الممكن أن تلجأ إليه الهيئة في حال لم يردها تجاوب من تلك الجهات في المدة المحددة.

وأشار محمد الشريف، إلى أن من حق هيئة مكافحة الفساد، الطلب بمنع الموظفين في قضايا الفساد، من السفر، وتجميد أرصدتهم النقدية، لافتا إلى أن هيئة مكافحة الفساد، ستعمل على متابعة القضايا حتى استرداد الأموال كافة الناجمة عنها.

وأكد الشريف أن هيئة مكافحة الفساد لن تنتظر شكوى من أحد حتى تتحرك. وقال: «الهيئة ستقوم بزيارات ميدانية لبعض المشاريع، وسوف تنتقي بعض المشاريع وتزورها ميدانيا وتتأكد أن من وقع معه العقد هو من يقوم بتنفيذها، وتتحرى عن مدة العقد وما إذا كان هناك تأخير أو تعثر.. وتتأكد من المكتب الاستشاري المشرف على التنفيذ».

وأضاف: «هناك أهداف كثيرة جدا في استراتيجية مكافحة الفساد.. أي بمعنى أن الاستراتيجية يشترك الجميع في تنفيذها.. والهيئة عليها متابعة التنفيذ وإشعار أي جهة بما يجب عليها، ومساعدة الجهة في وضع البرامج والمنهجيات والخطط».

ومن النقاط المهمة التي عرج عليها الشريف في حديثه، أن الموظفين الذين سيتم اختيارهم للعمل في هيئة مكافحة الفساد، سيتم انتقاؤهم وفق لائحة خاصة، حيث إن الشروط المطلوبة قد لا تتوفر في كل أحد، مؤكدا أن الرواتب التي ستمنح لهم ستكون كفيلة بـ«كفايتهم وحمايتهم».

وفي مسألة «إقرارات الذمة المالية»، قال الشريف إن الهيئة ستقوم بـ«إعداد الضوابط اللازمة للإدلاء بإقرارات الذمة المالية وأداء القسم الوظيفي لبعض فئات العاملين في الدولة ورفعها إلى الملك لاعتمادها»، وهو ما يعني، بحسب إيضاحه، «أن يدلي الموظف قبل مباشرته عمله بما يملك من أموال سائلة وثابتة».

وعن المقصودين بإقرارات الذمة المالية، أوضح الشريف أنهم «من يباشرون أموالا عامة، ومن يجبون الرسوم، ومن يتخذون قرارات مهمة لها علاقة بالمال العام.. وأصحاب القرارات المؤثرة بالمال العام والإنفاق والتصرف بأملاك الدولة الثابتة والمنقولة»، حيث سيحفظ هذا الإقرار وعند انتهاء خدمة الموظف ينظر إذا ما كان ظهر عليه ثراء فاحش أم لا؛ إذ ستقارن ثروته وما يملك عندما دخل الوظيفة وعند انتهاء خدمته.

ومن اختصاصات هيئة مكافحة الفساد، كما ذكر الشريف، «متابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين بما يضمن الالتزام بها، كالأوامر التي صدرت مؤخرا، فالهيئة عليها أن تتأكد من أنها نفذت بالشكل المطلوب».

كما يدخل ضمن اختصاصات هيئة مكافحة الفساد و«التحري عن أوجه الفساد المالي والإداري في عقود الأشغال العامة (المشاريع) وعقود التشغيل والصيانة المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين في الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة.. وهي جميع الجهات الحكومية والمؤسسات العامة والهيئات والشركات المساهمة العامة، والتي سيكون الإشراف على مجالات حماية النزاهة ومكافحة الفساد فيها عن طريق إعداد برامج من قبلها والإشراف عليها ومتابعة تطبيقها ورصد نتائجها ومساعدتها».

وأكد الشريف أن هيئة مكافحة الفساد، ستختص بـ«اتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة في شأن أي عقد يتبين أنه ينطوي على فساد أو أنه أبرم أو يجري تنفيذه بمخالفة أحكام الأنظمة واللوائح المماثلة».

وستعمل هيئة مكافحة الفساد على «إحالة المخالفات والتجاوزات المتعلقة بالفساد المالي والإداري عند اكتشافها إلى الجهات الرقابية أو جهات التحقيق بحسب الأحوال، مع إشعار رئيس الجهة وإحاطته بما حصل».

وهنا، أكد رئيس هيئة مكافحة الفساد، أن لجهازه الحق في «الاطلاع على مجريات التحقيق ومتابعة الإجراءات التي تمت في هذا الشأن، ولها (الهيئة) أن تطلب من الجهات المعنية اتخاذ التدابير الاحترازية أو التحفظية بشأن أي واقعة فساد، إذا كانت القضية تتطلب التحفظ على الموظف ومنعه من السفر والحجز على حساباته وأمواله».

وستتولى هيئة مكافحة الفساد، طبقا لرئيسها «متابعة استرداد الأموال والعائدات الناتجة عن جرائم الفساد مع الجهات المختصة.. فلا يقتصر العمل على متابعة الإجراءات، ولكننا نتابع القضية حتى يتم استرداد الأموال الناتجة عن الفساد».

وسيكون من ضمن اختصاصات الهيئة «اقتراح الأنظمة والسياسات اللازمة لمنع الفساد ومكافحته»، يقول الشريف: «إذا رأينا هناك حاجة لاقتراح نظام جديد أو سياسة من السياسات لمكافحة الفساد، نقترحها، وأيضا مراجعة الأنظمة القائمة لمعرفة مدى كفايتها والعمل على تطويرها».

وستعمل هيئة مكافحة الفساد على «توفير قنوات اتصال مباشرة مع الجمهور لتلقي بلاغاتهم المتعلقة بتصرفات منطوية على فساد، والتحقق من صحتها، واتخاذ ما يلزم بشأنها، وتحديد الآلية اللازمة لذلك».

وحول ذلك، قال الشريف: «سنحدد اشتراطات التبليغ ووسائل التحقق عند المواطن بواقعة فساد، لأنه ينبغي أن لا يتهم أحد أحدا دون دليل، لن نفتح المجال للاتهام دون دليل».

وستكون هناك شروط خاصة بموظفي هيئة مكافحة الفساد، حيث ذكر الشريف، أنه يشترط في من يباشر أيا من الوظائف المتعلقة باختصاصات الهيئة أن «يتحلى بالحكمة والأمانة والنزاهة والحياد. أن لا يكون قد حكم عليه بحد أو تعزير أو في جرم مخل بالشرف أو الأمانة أو صدر بحقه قرار تأديبي بالفصل من وظيفة عامة ولو كان قد رد إليه اعتباره، على اعتبار أن عمل الهيئة حساس».

وسيؤدي الموظفون التنفيذيون في هيئة مكافحة الفساد، يمينا نصها: «أقسم بالله العظيم أن أؤدي واجبات وظيفتي بأمانة وإخلاص وتجرد، وأن لا أبوح بأي معلومة اطلعت عليها بسبب عملي بالهيئة ولو بعد انقطاع عملي بها».

ومن الاشتراطات على موظف هيئة مكافحة الفساد «أن لا يزاول أي عمل بصورة مباشرة أو غير مباشرة بأجر أو دون أجر في القطاع الحكومي أو الخاص ما دام على رأس العمل في هيئة مكافحة الفساد».

وأكد رئيس هيئة مكافحة الفساد أن «على الجهات الرقابية والتنفيذية والخاصة أن تزود الهيئة بما تطلبه من معلومات ووثائق تتصل بأعمالها، وعلى جميع الجهات تزويد الهيئة بالمشاريع المعتمدة لديها وبعقودها وبعقود التشغيل والصيانة وفق آلية تحددها الهيئة».

وفي إطار ضبط العلاقة بين الهيئة والجهات الحكومية العامة التي تخضع لاختصاصاتها، أكد محمد الشريف أن «على الجهات الرد على استفسارات الهيئة وملحوظاتها، وإفادتها بما اتخذته حيالها وذلك خلال مدة أقصاها 30 يوما».

وستعمل هيئة مكافحة الفساد، طبقا لرئيسها، على «إعداد قواعد لحماية النزاهة تشتمل على آليات لمنح مكافآت تشجيعية مادية ومعنوية لموظفي الجهات العامة في الدولة وغيرهم من المواطنين والمقيمين ممن يؤدي اجتهادهم لكشف حالة فساد أو توفير مبالغ للخزينة العامة ورفع القواعد للملك للنظر في اعتمادها»، موضحا أن «المكافآت المعنوية تشمل شهادات شكر وتقدير ودروعا وأوسمة وغير ذلك».