السعودية: «الشؤون الاجتماعية» تستبعد استخدام أيتام دور الرعاية في خلايا تنظيم القاعدة

في حين طالبت وزارة الداخلية بالحرص على عدم توفير فرص لاستغلالهم من قبل الإرهابيين

TT

استبعد مصدر مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية استغلال فئة الأيتام الموجودين في دور الرعاية الاجتماعية من قبل الخلايا الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة، مؤكدا على أن هؤلاء الأيتام تتم متابعتهم يوميا حتى بعد خروجهم من الدور.

وقال عبد الله آل طاوي مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة لـ«الشرق الأوسط»: «الوزارة تعمل على متابعة الأيتام سواء كانوا في دور الرعاية الاجتماعية، أو الملتحقين ببرنامج (رجال المستقبل)، وذلك إما في دراستهم أو أعمالهم».

وأشار إلى أن كثيرا من أبناء دور الرعاية الاجتماعية تم ابتعاثهم إلى خارج السعودية لإكمال تعليمهم، إلى جانب أن تلك الفئة سواء الذين يتم احتضانهم من قبل عائلات أو الموجودون داخل الدور يخضعون لمتابعة مستمرة، لافتا إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية تحرص على تنشئتهم تنشئة سليمة.

يأتي ذلك، في وقت تلقت فيه «الشرق الأوسط» معلومات من أحد موظفي دور الرعاية الاجتماعية للأيتام حول اكتشاف استغلال جماعات تنظيم القاعدة لاثنين من أبناء إحدى الدور، وذلك عن طريق امرأة تقدمت لتبنيهما حينما كانا في العاشرة من عمرهما، في حين لمح إلى أن هذه المرأة كانت لها علاقة بتنظيمات إرهابية.

وقال الموظف الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «تقدمت امرأة لتبني طفلين من إحدى الدور الاجتماعية لرعاية الأيتام بمكة المكرمة، خصوصا أن الأيتام يتم تحويلهم من جدة إلى هناك بعد سن الثامنة، بينما كانت متابعة هذين الطفلين مستمرة بشكل يومي، غير أنهما اختفيا فجأة ليتم التأكد من التغرير بهما عن طريق جماعة إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة».

وزارة الداخلية كانت قد صرحت لـ«الشرق الأوسط» بأن دور المرأة في تنظيم القاعدة يتركز في ثلاثة محاور، تتمثل في جمع التبرعات، ونشر الفكر الضال، وإيواء المغرر بهم من أقاربهن، وذلك في ما يتعلق بالحالات التي تعاملت معها أجهزة الأمن في المملكة.

جاء ذلك، تعليقا على بيان أصدرته وزارة الداخلية السعودية في السادس والعشرين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأعلنت فيه عن إيقاف نحو 149 شخصا ممن لهم علاقة بالأنشطة الضالة كانوا يشكلون خلايا إرهابية، من بينهم امرأة تم القبض عليها ضمن عدد ممن يستخدمون الشبكة العنكبوتية لبث دعايات عن الفكر الضال.

ووصفت وزارة الداخلية في ذلك الوقت عدد النساء اللاتي ثبت تورطهن في تنظيمات إرهابية بأنه «محدود للغاية»، مشيرة إلى أن معظم هؤلاء النساء هن في الغالب إما متزوجات أو أرامل، باستثناء امرأة واحدة منهن فقط كانت غير متزوجة.

وحول كيفية التغرير بالنساء من قبل الجماعات الإرهابية في ظل تسترهم بالدين الإسلامي وتشددهم في تعاليمه، أفادت وزارة الداخلية بأن معظم الحالات النسائية المغرر بهن اقتصرت على قريبات المغرر بهم من الرجال، غير أنه في حالة واحدة أو أكثر تأثرت المرأة بالفكر الضال نتيجة لتصفح مواقع تخدم أغراض الفئة الضالة.

وبالنسبة للعقوبات التي من الممكن إنزالها بأي امرأة يتم التأكد من علاقتها بتنظيم القاعدة، أبانت أن تلك العقوبات يقررها القضاء، حيث إنه ليس هناك فرق في ذلك بين الرجال والنساء.

وأضافت: «إن الجهات الأمنية تحرص على إطلاق سراح النساء بعد استجوابهن بكفالة، بضمان مكان إقامتهن، حتى الانتهاء من التحقيقات وتحديد ما يثبت عليهن من تهم»، مبينة أن المرأة التي تم إلقاء القبض عليها ضمن آخر اكتشاف للخلايا الإرهابية يوم الجمعة 26 نوفمبر من عام 2010، تمثل دورها في نشر الفكر الضال عبر شبكة الإنترنت.

وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية قد أكدت مطلع العام الحالي على عدم اختراق الجماعات الإرهابية المنتمية إلى تنظيم القاعدة لدور الأيتام التابعة للوزارة، وذلك ردا على معلومات نشرتها وسائل الإعلام حول وجود مجموعة من المطلوبين الأمنيين الذين تم الإعلان عنهم ضمن القائمة الأخيرة يتبعون دور الأيتام.

وأوضح آنذاك محمد العوض المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون الاجتماعية أن الأيتام والمقيمين في الدور الإيوائية التابعة للوزارة يعتبرون في مأمن من الوقوع في الفكر الضال، مشيرا إلى أن أي محاولات لاستدراجهم أو تجنيدهم لن تجد طريقها إلى النجاح. وزاد: « ناك تنسيق مستمر مع وزارة الداخلية في هذا الشأن، إضافة إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية تحرص على الأيتام ونزلاء الدور الإيوائية وقطع الطريق أمام أي اختراق لتلك الدور من قبل الفئة الضالة أو غيرها ممن يستهدفون الإفساد والتغرير بالأشخاص».

وأفاد المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون الاجتماعية أن الأنشطة كافة التي تتم من قبل النزلاء سواء الأيتام أو غيرهم داخل دور الرعاية الاجتماعية وخارجها تخضع لإشراف اللوائح الداخلية للدور وأنظمة الإيواء الداخلي فيها، مشددا على منع التواصل مع المقيمين إلا بمرأى ومسمع من القائمين عليها وفق برامج وخطط رسمية معدة ومعتمدة من الوزارة. واستطرد في القول: «جميع الأيتام والمقيمين في دور الرعاية الاجتماعية يتلقون جرعات تدريبية منهجية تعنى بالدرجة الأولى بتربيتهم الوطنية وتنشئتهم تنشئة اجتماعية سليمة، فضلا عن أن تلك الدور تخضع لبرامج يومية محددة».

من جهته أكد لـ«الشرق الأوسط» اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية وجود حقائق توصلت إليها الجهات الأمنية تفيد بأن الفئة الضالة تسعى للتغرير ونشر فكرها في أي موقع قد توجد فيه، غير أنه نفى وجود حالات تابعة لدور الرعاية الاجتماعية تم استغلالها من قبل تنظيم القاعدة.

وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «قد تصل جماعة الفكر الضال إلى المغرر بهم عن طريق مواقع الإنترنت ذات الصلة بالتنظيمات الإرهابية، مما يستدعي حرص ويقظة الجميع في عدم توفير أي فرص قد تستغلها تلك الجماعات للوصول إلى الفئات المستهدفة بفكرها واستدراجهم لنشاطاتها الإجرامية».