الربيعة: عمليات فصل التوائم السيامية نموذج دين ووطن ومواطن

إطلاق كرسي لأبحاث لدراسة صحة الحجيج وسلامتهم

TT

اعتبر الجراح العالمي الدكتور عبد الله الربيعة، وزير الصحة السعودي ورئيس الفريق الطبي والجراحي لعمليات فصل التوائم السيامية، مسيرة فصل التوائم في المملكة، بأنها «نموذج دين ووطن ومواطن»، وأن العمل الجماعي وسياسة الفريق الواحد «أساس النجاح في كل عمل بعد توفيق الله»، لافتا إلى أن الكوادر الوطنية قادرة على العطاء والمنافسة، إذا ما وجد المناخ المناسب لها، واصفا المملكة بدولة السلم والإخاء والعطاء.

وأبرز وزير الصحة السعودي البعد الخارجي لهذه المسيرة، وقال «استفدنا دروسا في سماحة الإسلام ونبذ الإرهاب، فأذكر أن التوأمين الكاميرونيين أعطيا رسالة ودعوة للإسلام غير مباشرة، نتج عنها إسلام قرية بكاملها نتيجة لحسن المعاملة التي وجدها والدا وذوو التوأمين من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي حرص على أن يكون صوت الحب والسلام والإخاء ظاهرا في التعامل مع الشعوب الأخرى، من دون النظر لدين أو عرق أو لون، تجسيدا لمعاني مملكة الإنسانية، المنبثقة من سماحة الإسلام وسمو تعاليمه وتعاملاته».

واستهل وزير الصحة محاضرته بعرض تاريخي لأول تسجيل للتوائم الملتصقة، والذي كان في عام 945، وكان لتوأم أرميني، لافتا إلى أن أشهر التوائم، واللذين التصق بهما اسم التوائم السيامية، هما «إنك وجانق بنكر»، اللذان عاشا بين عامي 1811 و1874 في تايلاند، المعروفة قديما باسم «سيام».

وأشار الدكتور الربيعة إلى أن التاريخ الإسلامي لم يوثق لدى العالم الغربي، غير أن أقدم حالة بالتاريخ بحسب بحوثه كانت في عهد عمر بن الخطاب عام 638، حيث سُجل توأمان بأربعة أطراف علوية وطرفين سفليين وعضوين تناسليين خارجين، وتوفي أحدهما بعد أسابيع من الولادة وتوفي الآخر بعده بساعة.

المحاضرة التي ألقاها الدكتور الربيعة أمس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بحضور الدكتور سليمان أبا الخيل، مدير الجامعة، وعمداء الكليات وطلاب وطالبات الجامعة، كانت بعنوان «خبرة فريق ونجاح وطن»، وشهدت حضورا كبيرا، وتناول فيها أبرز المواقف الإنسانية المؤثرة التي رصدها من أهالي التوائم، وسجلها خلال مسيرته كرئيس للفريق الطبي والجراحي، والدروس المستفادة التي تعلمها في هذا النوع المعقد والصعب من العمليات، وكيفية استفادة الطلاب والطالبات منها في حياتهم العلمية والعملية.

وفي الوقت ذاته، أعلن الدكتور أبا الخيل، مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، في كلمة ترحيبية ألقاها بهذه المناسبة، عن إطلاق كرسي مختص بدراسات وصحة وسلامة الحجيج بالجامعة بالتعاون مع وزارة الصحة، مشيرا إلى أن هذا الكرسي سيقدم الأبحاث والدراسات التي تعين على كل ما يجعل الحج سالما من كل الآثار التي تضر به.

الربيعة أشار إلى أن أول محاولة لفصل التوائم حدثت بطريقة الجزارين في ألمانيا 1495، عندما توفي توأمان ملتصقان بالرأس، حيث كانت عن طريق «الفأس»، وتم فصل الرأسين، وتوفي التوأمان بعد ساعة من الفصل.

وذكر الدكتور الربيعة أن نحو 60 في المائة من حالات التوائم السيامية تولد ميتة، وذلك لوجود عيوب خلقية كثيرة تعوق الحياة، وأن 40 في المائة ممن يعيشون منهم يموتون خلال أسابيع من الولادة، وأن 70 في المائة من حالات التوائم السيامية من الإناث، وأعلى نسبة من الالتصاق هي منطقة الصدر ثم الورك ثم الحوض ثم الرأس، وأقلها التصاقا هي البطن.

ولفت الدكتور الربيعة إلى أن أسباب ولادة التوائم السيامية غير معروفة لحد الآن، غير أنه أشار إلى أن الأبحاث تؤكد أنه بسبب عدم اكتمال البويضة الملقحة، وربما لنقص المواد التي تساعد على الانفصال.

وتطرق المحاضر إلى بداية مسيرة عمليات فصل التوائم السيامية، والتي انطلقت منذ 21 عاما من 1990 وحتى عام 2011، وتم فيها الاطلاع على 64 حالة، وتم فصل 29 حالة و34 حالة تم الإشراف عليها لكن لم تفصل بسبب التشوهات التي تعوق الحياة. وشملت الخبرة التي لدى الفريق الطبي والجراحي 17 دولة عربية وإسلامية وغربية.

وسرد المحاضر حالات الفصل التي تمت بنجاح وأبرز الظروف المحيطة بها وأماكن الفصل وتحديات الفريق التي واجهته وطرق الفحص والتشخيص والتي شملت 29 حالة. وقال الدكتور الربيعة إن مسيرة التوائم «علمتنا إنشاء فرق العمل ونقل الخبرة والاستمرار بها والعمل الجماعي والثقة والقيادة وغرس مبدأ القدوة عبر إشراك طلاب الطب».

وأهاب الدكتور الربيعة في حديث للطلاب والطالبات بأهمية العمل الجماعي، وأنه أساس النجاح وله نهج معين بالبعد عن الذات وتقبل الحوار والرأي الآخر، وكل نجاح يحتاج إلى خبرة. وفي ختام المحاضرة تقلد وزير الصحة وشاح جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من الدرجة الأولى، كما تسلم هدية خاصة بهذه المناسبة. وتفقد الدكتور الربيعة بعد المحاضرة كلية الطب بالجامعة واطلع على ما ضمته من تجهيزات وطواقم بشرية.