«الزراعة» تجند إمكانياتها لشن حرب على «توتا ابسلوتا»

عادت لتهديد المحاصيل الزراعية مجددا

يمثل محصول الطماطم 20% من مجمل إنتاج المحاصيل الزراعية في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

جندت السلطات الزراعية في السعودية إمكاناتها اللوجيستية لمكافحة آفة حفارة الطماطم «توتا اسلوتا» التي تهدد الكثير من المنتجات الزراعية، خصوصا محصول الطماطم الذي يمثل نحو 20 في المائة من مجمل إنتاج المحاصيل الزراعية في البلاد.

وعلى الرغم من الهجوم الذي شنته آفة «توتا ابسلوتا» على حقول المزارعين في السعودية العام الماضي، وأدت إلى رفع أسعار الطماطم المحلية أو حتى المستوردة منها إلى أرقام فلكية، أعادت هجومها لتضع المزارعين في حيرة من أمرهم، والمستهلكين ضحية ذلك الهجوم، وسط مخاوف امتداد أضرار تلك الآفة إلى ما بعد التصنيع والتعليب.

وهنا أكد مصدر مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن سبب مهاجمة آفة الـ«توتا ابسلوتا» لحقول المزارعين في السعودية يرجع إلى عدم وجود محاجر زراعية على الحدود، إلى جانب عدم اعتماد حلول عملية للقضاء على هذه الآفة، بالإضافة إلى تقاعس بعض المسؤولين لإيجاد حلول عملية جذرية، مما أدى إلى تفاقم المشكلة.

غياب تلك المحاجر الزراعية يعد أحد أهم الأسباب الرئيسية في انتقال آفات زراعية من الدول المستورد منها، وذلك بحسب الدكتور محمد حبيب بخاري، الخبير الزراعي الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «المفروض عند قدوم الفواكه من الدول المجاورة لا يسمح لها بالدخول إلا عندما يتم فحصها جيدا والتأكد من أنه غير مصابة»، مؤكدا عدم وجود تلك المحاجر لدينا.

وبحسب تصريحات المهندس سليمان الصوينع، مدير عام الزراعة في منطقة حائل، لـ«الشرق الأوسط» أن وزارة الزراعة تقوم حاليا بمشروع ضخم لمكافحة هذه الآفة وتكثيف الجهود لرصدها في جميع المنافذ والمزارع والأسواق، حيث يخشى أن تكون دخلت البلاد عبر الطماطم المستورد، لذلك تقوم وزارة الزراعة بإنشاء مصائد متخصصة في أسواق المحاصيل والمزارع.

وبين الخبير نفسه أن «وصول الـ(توتا) إلى حقولنا جاء من خلال قدومها محملة مع الثمار المصابة وهي في طور اليرقة، ومن ثم تحولت إلى حورية لتضع بعد ذلك بيضها على نفس النبات»، مؤكدا أن الـ«توتا ابسلوتا» دخلت البلاد عن طريق الطماطم حيث يتم استيرادها من الأردن وسوريا، على الرغم من أن موطنها الأساسي إسبانيا، حيث تم اكتشافها بها عام 2006، وفي عام 2007 انتشرت إلى عدة مناطق على شواطئ البحر المتوسط، ومؤخرا وصلت إلى سوريا.

ويقول: «تستطيع حشرة الـ(توتا ابسلوتا) تقليل الإنتاج حتى 80 – 100 في المائة من الحاصل، لا سيما أن اليرقة تتغذى على جميع أجزاء نبات الطماطم وتسبب دمار للمحصول، ناهيك عن كون تلك الحشرة تتطور بسرعة في الظروف البيئية المناسبة، بالإضافة إلى أن ضرر هذه الآفة يستمر طوال موسم نمو الطماطم وينتقل إلى التعليب والتصنيع».

ويؤكد أن مكافحة الـ«توتا ابسلوتا» تكون صعبة ومرهقة عندما تدخل في منطقة ما، خصوصا أنها اكتسبت مقاومة لفعل مبيدات الحشرات التي استعملت عليها سابقا وكذلك المبيدات الجهازية، وسجلت لها مقاومة في أميركا الجنوبية، مؤكدا أن هجوم تلك الحشرة لا يتوقف على نبات الطماطم ولكنها تهاجم البطاطا والباذنجان والفلفل وأعشابا من العائلة الباذنجانية.

ولحشرة الـ«توتا ابسلوتا» قدرة تكاثرية عالية، لا سيما أنها لا تدخل طور السبات ما دام الغذاء متوفرا لها، إلى جانب أنها تتغذى وتتطور على جميع أجزاء النبات فوق سطح التربة.

ووفقا لآخر المؤشرات الأخصائية الزراعية الصادرة من وزارة الزراعة السعودية، فإن حجم إنتاج الطماطم كان 522 ألف طن عام 2008 على مساحة 14699 هكتارا، ليرتفع الإنتاج عام 2009 مسجلا 543 ألف طن على مساحة 15127 هكتارا، ويمثل إنتاج الطماطم نحو 20 في المائة من مجمل إنتاج المحاصيل الزراعية في السعودية.

وهناك أساليب مختلفة لمقاومة ضرر هذه الحشرة، إلا أن جميعها أثبتت فشلها منها رش المحاصيل بالمبيدات الحشرية، إلا أن ذلك الحل سرعان ما أثبت فشله أمام الـ«توتا ابسلوتا»، حيث إنها اكتسبت مقاومة من تلك المبيدات، إلى جانب أن المحصول قد يتأثر بعد عمليات الرش، لكن بعد فترة التحريم التي تتراوح من 3 إلى 7 أيام بحسب نوع المبيد ترجع المشكلة كما كانت، وتكمن المشكلة في أن بيض الـ«توتا» يظل يفقس أثناء تلك الفترة وباقي المحصول يتأثر.

ولا نستطيع أن نغفل الحل الآخر المقترح في محاربة تلك الآفة وهي استعمال الفرمونات التي تعتبر الوسيلة الأكثر أمنا والأنظف للبيئة على المدى البعيد والقريب، كما أخبر بعض العلماء، إلا أن الخبير الزراعي محمد بخاري أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الفرمونات هي خرافة علمية، مبينا أن الفرمون هو مادة كيمائية شبيه بالهرمون، إلا أن الأولى تجذب الذكر للأنثي والعكس.

وقال: «بحسب الفرضية التي وضعوها وهو أن يجعلوا الذكر ينجذب إلى هذه المادة بعد وضعها في مصائد أو سطول من البلاستيك فينجذب إليها الذكر للبحث عن أنثى فينحبس داخل تلك المصائد، وهكذا تتجمع داخلها، في الوقت الذي لا تزال عملية التكاثر خارج المصيدة»، لذلك هذا الحل يعتبر حلا فانتازيا، بحسب قوله.

وتابع حديثه: «لا تتوقف الحلول الفانتازية عند هذا الحد بل إن هناك حلولا أخرى من ضمنها، حل تعقيم ذكور حشرة الـ«توتا ابسلوتا» بكميات كبيرة بعد تسليط الضوء عليها، ومن ثم يتم إطلاقها حتى تتزاوج مع أنثى الـ(توتا) فتموت».

وذكر أنه على الرغم من تلك الحلول المطروحة وغيرها لمواجهة تلك الآفة الزراعية، فإن المقاومة الحيوية هي الحل الوحيد والأضمن لضمان القضاء على هذه الآفة، بمعنى أن نرى ما هي الحشرة التي تأكل الـ«توتا ابسلوتا» لنقوم بتربيتها، ومن ثم إطلاقها في المزارع لكي تقضي على الـ«توتا ابسلوتا»، مؤكدا أن الأنواع التي تقوم بمثل هذه المهام كثيرة، لا سيما أن المقاومة الحيوية موجودة في الطبيعية منذ بدء الخليقة، وأن تلك الحشرة التي تأكل حشرة الـ«توتا ابسلوتا» سوف تموت، «وهكذا نكون قد قضينا على تلك الآفة دون أن نتحمل خسائر مادية».

واستنكر: «كيف لدولة مثل السعودية أن يعاني مزارعوها من مثل هذه المشكلات ومن تصريحات بعض المسؤولين حول آفة الـ(توتا)؟ وأنها لم تصل إلى مرحلة الوباء، ولذلك ليس من الضروري علاجها»، لافتا إلى أن «الدولة تنفق ملايين الريالات في مواجهة الآفات الزراعية، وعلى الرغم من ذلك لا نزال نعاني من أكبر وأخطر الآفات الزراعية التي من شأنها أن تضر بمحاصيلنا التي تزرع». وفي سياق متصل كان قد صرح مدير عام الإدارة العامة لشؤون الزراعة في المنطقة الشرقية، سعد المقبل، في تصريحات إعلامية سابقه أن إصابة المزارع بآفة «توتا ابسلوتا» لا تزال في مرحلتها الأولى ولم تصل حد الحرج، محذرا المزارعين من رش المبيدات الكيماوية لقرب انتهاء موسم زراعة محاصيل الخضار.

وذكر أن وزارة الزراعة بعد رصدها الآفة في بعض مزارع الطماطم المكشوفة قامت بتدريب المختصين على وضع المصائد في عدد من المزارع، كما تم تعميد عدد من الشركات لتأمين المبيدات لمكافحة «توتا ابسلوتا».