المشاركون في الحوار الوطني يدعون الإعلام الرسمي للابتعاد عن النمطية والرتابة

طالبوه بالابتعاد عن الوصاية وأن يتولى رسم صورة الآخر الوطني

TT

وجه المشاركون في الجولة التحضيرية الثانية للحوار الفكري التاسع، سهام النقد للإعلام الحكومي الرسمي ووصفوه بالرتيب، وأكدوا ضرورة أن يعتني القائمون عليه بصياغة وعي اجتماعي بعيد عن الوصاية، وأن تتولى وسائل الإعلام الرسمي إعادة رسم صورة الآخر الوطني (القبلي، المناطقي، المذهبي).

واختتمت أمس في مدينة الدمام الجولة الثانية التي شارك فيها نحو 60 مشاركا ومشاركة من مختلف أطياف المجتمع، وتأتي هذه الجولة ضمن الجولات التحضيرية للقاء الوطني التاسع للحوار الفكري الذي سيقام في مدينة حائل نهاية العام. وأقيمت جولة الدمام تحت عنوان «الإعلام والمجتمع.. الواقع وسبل التطوير.. حوار بين المجتمع والمؤسسات الإعلامية»، وخلصت إلى عدد من التوصيات من أبرزها الابتعاد عن النمطية في الإعلام المرئي الوطني، والدعوة إلى مزيد من الشفافية والحرية المنضبطة التي تعزز الحوار الوطني والحضاري لكل القضايا بما يكرس الوحدة الوطنية والأمن الفكري. كذلك الاستفادة من الإعلام الجديد وقنوات التواصل الاجتماعي في مناقشة قضايا الشباب وتطلعاتهم وهمومهم ورؤيتهم المستقبلية والانفتاح على الآخر مع المحافظة على السلم الاجتماعي.

من جانبه، شدد الدكتور فهد السلطان، نائب الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، على أن 70 في المائة من التوصيات التي تم التوصل إليها عبر الحوار الوطني في اللقاءات الثمانية الماضية تحققت على أرض الواقع.

وبدا الدكتور السلطان مبتهجا وهو يصف الخطوة التي اتخذها الملك عبد الله بن عبد العزيز لتأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار والوطني، بأنها خطوة استشرافية للمستقبل بدأت قبل نحو ثماني سنوات، وذلك في ظل تصاعد دعوات إلى انتهاج الحوار الوطني أو التأسيس له كأسلوب لحل التأزم الذي يشهده عدد من الدول العربية، خصوصا التي تشهد أوضاعا أمنية مضطربة.

وقال السلطان «إن الحوار الوطني أصبح مطلبا في كثير من البلدان العربية»، وزاد «هذا يدل على أن فكرة الحوار الوطني كانت فكرة مهمة وبناءة، ولم ننتظر حتى تحدث إشكالات أو أزمات لنبحث عن حوار وطني». وتابع «بعد نحو 8 سنوات من العمل على الحوار الوطني ونحن نحضر للحوار التاسع نجد أن الحوار كمبدأ وكفكرة وكأسلوب بدأ يترسخ في حياة المجتمع السعودي»، مشيرا إلى أن ما يميز الحوار الوطني السعودي أنه يمثل المجتمع السعودي كافة، بمختلف أطيافه وتوجهاته الفكرية ومذاهبه، وهذا ما دعا أطياف المجتمع السعودي إلى الجلوس إلى طاولة واحدة لبحث همومهم ومشكلاتهم. وقال «إن سقف الحرية في الحوار الوطني مرتفع جدا وهناك قدر كبير من الشفافية، وهذا ما يعزز الوحدة الوطنية، وتخرج الحوارات والنقاشات بحلول للكثير من المشكلات التي يعاني منها المجتمع».

وكان السلطان يتحدث على هامش الجولة التحضيرية للحوار الوطني التاسع، حيث وصف الحملة الإعلانية التي أطلقها المركز لدعوة الجميع إلى الحوار بأنها من أنجع الوسائل التي يتبعها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وقال إنها وصلت إلى ملايين الناس، مؤكدا أن اللجوء إلى نشر مفهوم الحوار بين الملايين لم يكن متاحا إلا عبر حملات إعلانية يتم بثها عبر عدد من الوسائط حتى يترسخ المفهوم لدى الناس. وبين السلطان أن المركز بصدد إطلاق حملات مشابهة تستهدف شرائح معينة من المتلقين، وتتم عبر المجمعات والأسواق التجارية، وعبر وسائط جديدة وغير تقليدية. وكشف السلطان أن مركز الحوار الوطني سينظم نهاية الأسبوع المقبل ملتقى للشباب، بعنوان «الشباب والتطوع»، يشارك فيه نحو 400 شاب وشابة، وذلك في إطار تعزيز دور الشباب في الحوار الوطني، مشيرا إلى وجود لجنة شبابية في المركز تضم نحو 700 شاب وشابة ضمن برنامج «بيادر» في المركز، كذلك يقوم الشباب بدور مهم في قافلة الحوار التي تزور الهجر والقرى وتعتمد على شباب متطوعين لنشر فكرة الحوار والوطني.

وكانت جلسات الحوار الأربع شهدت نقدا شديدا للإعلام السعودي الرسمي، حيث وصف بالرتيب، والغياب بشكل كامل عن الإعلام الجديد. في حين قال الدكتور سعيد الشيخ، عضو مجلس الشورى السعودي، إنه على القائمين على وسائل الإعلام السعودية إذا أرادوا أن يكون للإعلام السعودي تأثير أن يعتنوا بصياغة وعي اجتماعي لا يأتي عبر الوصاية ولكن من مبدأ الرأي والرأي الآخر، وأن تتبنى وسائل الإعلام الرسمية تصحيح الرؤية عن الآخر (القبلي والمناطقي والمذهبي)، مشددا على أنه ليس من دور الإعلام أن يكون الجميع نسخا متشابهة. كما دعا الشيخ إلى ضرورة تصحيح دور المثقف في الإعلام الرسمي، فالمثقف في الإعلام الرسمي إما داعية أو مكرس للثقافة السائدة بإيجابياتها وسلبياتها.

الحوار الذي امتد إلى عدة ساعات لم يخل من بعض الشطحات للمشاركين، ففي محور الإعلام الجديد ودوره في المجتمع السعودي، ذهب أحد المشاركين إلى ضرورة أن تستبدل عبارة الإعلام الجديد بعبارة «الإعلام الجديد الإسلامي»، وقال إن القنوات الفضائية على «عرب سات» و«نايل سات» التي تبث المسلسلات والرقص يجب أن تخضع للضوابط الإسلامية، فلا يقال إعلام جديد وحرية إعلامية وتترك هكذا. وفي نهاية مداخلته استدرك عليه أحد الإعلاميين المشاركين في الحوار، بأن المقصود بالإعلام الجديد «الصحف الإلكترونية والمنتديات والمواقع الاجتماعية مثل (فيس بوك) و(تويتر)» وليس القنوات الفضائية.

من جانب آخر، قال الدكتور عبد العزيز الملحم، وكيل وزارة الثقافة والإعلام للتخطيط والدراسات، إن وزارة الثقافة والإعلام وضعت خطة لإطلاق قنوات إعلامية ضمن الإعلام الجديد، في حين رد على من طالب بخصخصة الإعلام بأن الخصخصة ليست في يد وزارة الثقافة والإعلام، وإنما لدى جهات أخرى. كمال لخص سليمان الحمود، مدير القناة السعودية الثانية، مشكلات الإعلام السعودي الرسمي في جانبين أساسيين هما الجانب المالي والجانب الإداري، وقال إنه من الأفضل أن تتحول المؤسسات الإعلامية الرسمية إلى نظام هيئة مستقلة.