جدة تستعد للصيف بمهرجان ضخم يستمر 70 يوما.. وترفع ميزانيته لـ30 مليون ريال

مسؤول لـ «الشرق الأوسط»: المهرجان تراجع في السنوات الماضية بسبب عدم تنوع الفعاليات

3 حفلات فنية سيشهدها مهرجان صيف جدة في نسخته الجديدة («الشرق الأوسط»)
TT

تعكف جهات مختصة للعمل على إعداد وإخراج مهرجان صيف جدة المقبل بشكل يعد الأفضل في تاريخه والأضخم، إذ يستمر ضعف المدة التي كانت معتمدة كل عام، حيث يستمر لمدة 70 يوما خلال العام الحالي، بميزانية تم رفعها من 20 إلى 30 مليون ريال، وسط تأكيدات رسمية على أن أسباب تراجع المهرجان في السنوات الأخيرة تعود إلى عدم تنوع الفعاليات.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في شركة «رناد» لتنظيم الفعاليات والمؤتمرات عن تجاوز ميزانية مهرجان صيف جدة 2011، الـ30 مليون ريال، في حين فاقت الميزانية المرصودة للحملة الإعلانية للمهرجان 20 مليون ريال، مشيرا إلى أن جزءا من هذه الميزانية مدعوم من قبل الغرفة التجارية الصناعية بجدة.

وأوضح خالد ناقرو، مدير عام شركة «رناد» لتنظيم الفعاليات والمؤتمرات والقائمة على تنظيم مهرجان صيف جدة 2011، أن الغرفة التجارية الصناعية بجدة تدعم فعاليات الافتتاح والحملة الإعلانية والعروض الفلكلورية والكرنفال في منطقة الكورنيش، عدا عن فعاليات أخرى مدعومة من قبل المنظم للمهرجان.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يتميز مهرجان صيف جدة 2011 بأنه يمتد ولأول مرة إلى 70 يوما، حيث إن المهرجان في سنواته الماضية لم يكن يتجاوز الشهر، إلى جانب استهدافه لكل شرائح المجتمع من شباب وعائلات وأطفال، عدا عن استقطاب جميع الشركات التي لديها إمكانية المشاركة».

وأفاد بأن معظم هذه الشركات سعودية، مع الاستعانة ببعض الخبرات الأجنبية، إلا أن الهدف الأساسي يتمثل في تشجيع الشركات السعودية لأن يكون لها دور في مهرجان جدة خلال هذا العام، حتى وإن كان دورها لا يتعدى تقديم أفكار معينة للفعاليات والتي تم تبنيها من قبل الجهات المعنية. وذكر أن نحو 8 شركات شاركت في الفعاليات الرئيسية للمهرجان والتي يتراوح عددها بين 80 و100 فعالية، بينما هناك عدد آخر من الشركات التي لم يتم حصرها حتى الآن تشارك في الفعاليات الأخرى، مؤكدا أنه تم التركيز هذا العام على نوعية تلك الفعاليات وليس كميتها.

واستطرد بالقول «ما سيميز المهرجان لهذا العام أيضا هو التعاون الكبير بين الجهات المعنية والمتضمنة إمارة منطقة مكة المكرمة والغرفة التجارية الصناعية بجدة والمحافظة والأمانة والهيئة العامة للسياحة والآثار، الأمر الذي يؤكد نجاح مهرجان جدة لعام 2011».

في حين أكد مصدر مسؤول في الغرفة التجارية الصناعية بجدة على أن الغرفة بالتعاون مع إمارة منطقة مكة المكرمة ومحافظة جدة قامت بتقديم الدعم اللوجيستي للشركة المنظمة، موضحا أن تجهيزات المواقع ودعم التغطيات الإعلامية والحملات الإعلانية تم تقديمها مجانا للمنظم.

ولعل تنقل تنظيم مهرجان جدة بين أكثر من شركة خلال الفترة الماضية كان سببا في انخفاض نسب نجاحه خاصة في السنوات الثلاث الماضية، وذلك بحسب ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» المصدر المسؤول في الغرفة التجارية الصناعية بجدة.

وأضاف المصدر المسؤول الذي فضل عدم ذكره اسمه «من أهم أسباب عدم نجاح مهرجان جدة خلال الفترة الماضية غياب الفعاليات، ما عدا الافتتاح وحفلين غنائيين فقط، حيث إنه كان يخلو من الفعاليات المتنوعة الأخرى للأسرة والأطفال والشباب، خاصة أنه كان عبارة عن حملة إعلانية فقط»، مفيدا بأن هذا العام سيكون مختلفا تماما، في ظل وجود الكثير من الفعاليات الرئيسية والمتنوعة لكل شرائح المجتمع.

وأبان بأن الفعاليات الأخرى التي شهدها مهرجان جدة في تلك الفترة كانت لا تتعدى الجهود الفردية من قبل بعض الجهات، كالمطاعم والمنتجعات والأسواق وغيرها، إضافة إلى غياب المظاهر التي تدل على وجود مهرجان بهذا الحجم، الأمر الذي أفقده تفاعل المجتمع.

وفي ما يتعلق بسبب تقليص عدد الحفلات الغنائية خلال السنوات الثلاث الماضية لمهرجان جدة، أكد المصدر المسؤول في غرفة جدة على أن ذلك لا علاقة له إطلاقا بالأنظمة، إلا أن السبب الأساسي جاء بهدف تقليص الجهة المنظمة لمصاريفها. لكنه استدرك قائلا «إن القنوات التلفزيونية أيضا لم تعد تدفع مبالغ كافية للجهة المنظمة من أجل دعم هذه الحفلات الغنائية، وهو ما يجعل المنظم يعتمد فقط على دخل التذاكر، مما يتسبب في إرهاق كبير له كونه مسؤولا عن تكاليف الفنانين وارتفاع أجورهم والفرق الموسيقية والتجهيزات التقنية المتعلقة بالصوت والإضاءة والديكورات».

وحول عدد الحفلات الغنائية التي سيشهدها مهرجان صيف جدة 2011، أوضح المصدر المسؤول أنها قد تكون 3 حفلات، غير أنها لم تظهر حتى الآن بالشكل النهائي، مضيفا «ما زالت المفاوضات مستمرة لتحديد أسماء الفنانين المشاركين بعد تعذر مشاركة الفنان محمد عبده على خلفية ظروفه الصحية».

ومما لا شك فيه أن مجمل شكاوى زائري مهرجان صيف جدة تدور حول ارتفاع أسعار التسوق وغيره، إلا أن المصدر المسؤول في غرفة جدة شدد على ضرورة معرفة أن مهرجان صيف جدة ليس للتسوق، موضحا في الوقت نفسه تخصيص فترة ما بعد الصيف لتنظيم مهرجان تسوق، سيشهد خصومات في المجمعات التجارية والفنادق والمطاعم والمرافق العامة.

وأضاف أن «مهرجان صيف جدة 2011 يعد سياحيا بنسبة 90 في المائة، إلا أن سبب تصنيفه على أنه مهرجان تسويقي عائد إلى التخفيضات التي تقوم بها الكثير من المحلات التجارية»، مبررا ذلك بأن مثل هذه المهرجانات التي تقام لمدينة كاملة لا بد من مشاركة جميع القطاعات فيه،, والتي من بينها المراكز والمحلات التجارية، في حين أن «مهرجان جدة للتسوق» المزمع تنظيمه بعد إجازة الصيف يعتبر تسوقا حقيقيا.

وبالعودة إلى مدير عام شركة «رناد» لتنظيم الفعاليات والمؤتمرات، فقد بين أنه سيتم خلال مهرجان صيف جدة 2011 التركيز على الفعاليات التي تشهد حضورا كبيرا، وذلك من منطلق الاهتمام بالنوعية بشكل أكبر من الكمية، موضحا وجود فعاليات كثيرة من ضمنها القرية التراثية ومهرجان المأكولات وغيرها. وزاد «ثمة أمسيات شعرية لم يتم تحديد عددها حتى الآن، إلا أنها تركز على شعراء المليون، والتي قد تشهد حضورا نسائيا إما عن طريق أماكن مغلقة مزودة بشاشات عرض أو تخصيص أجزاء علوية في موقع الأمسية للنساء»، لافتا إلى أن المنطقة التاريخية ستحوي عروضا فلكلورية كثيرة طيلة فترة المهرجان في نهاية كل أسبوع.

وكان من المفترض أن يتم التجهيز لمهرجان صيف جدة 2011 منذ نحو عام، بمجرد الانتهاء من المهرجان الماضي، غير أن إشكاليات إنهاء عقد الشركة المنظمة السابقة حالت دون ذلك، مما دفع بالمنظمين إلى التجهيز للمهرجان في غضون ثلاثة أشهر فقط.

وهنا، علق خالد ناقرو قائلا «إن ما سيحدث في مهرجان صيف جدة لهذا العام سيكون بمثابة إنجاز حقيقي، كونه سيشمل كل مناطق جدة بما فيها منطقة الجنوب التي تعرضت لأحداث الكارثتين»، مبينا أن أمانة جدة تعمل حاليا على تجهيز جميع المواقع والتي من بينها نحو 10 مواقع للفعاليات الرئيسية. وبالنسبة للقائمين على مهرجان صيف جدة 2011، أفاد بأن أعضاء مركز جدة للتسويق يقومون بالتخطيط العام، حيث إن المركز مكون من إمارة منطقة مكة المكرمة ومحافظة جدة والغرفة التجارية الصناعية وأمانة محافظة جدة والهيئة العامة للسياحة والآثار ورؤساء لجان غرفة جدة وبعض أعضائها. وأضاف «انبثقت من هذا المركز اللجنة التنفيذية لمهرجان جدة والمكونة من 8 أعضاء قائمين على تنفيذ المهرجان من خلال الشركات، فضلا عن فريق عمل كبير مخطط لذلك من قبل الجهات العليا».

سوسن الشاذلي، صاحبة المركز السعودي الدولي (سايس) لتنظيم المهرجانات والفعاليات والقائمة على تنظيم مهرجان صيف جدة 2011 كشركة رئيسية لأول مرة، ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن مهرجان جدة لهذا العام يختلف عن بقية المهرجانات من ناحية الاهتمام والفعاليات والأنشطة التي اعتبرتها «أقوى» من السنوات الماضية. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الفترة التي سيقام فيها المهرجان والممتدة إلى 70 يوما من الاحتفال والفعاليات اليومية المتنوعة تؤكد حاجة جدة إليها بكثرة خاصة بعد أحداث الكارثتين، كونهما كانتا سببا في عزوف الكثيرين عن ارتياد مدينة جدة، مما دفع بنا إلى بذل المزيد من الجهد لدعم السياحة الداخلية».

وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الأوضاع في الكثير من الدول على خلفية الثورات ستسهم في زيادة أعداد زائري جدة، الأمر الذي من المتوقع أن يساعد في نجاح المهرجان.

وفي ما يتعلق بالفعاليات التي تعمل مجموعة «سايس» على تنظيمها، أبانت سوسن الشاذلي بوجود نحو 20 فعالية في 10 مراكز تجارية كبيرة بجدة، والتي تتضمن مسرحيات للأطفال وأركانا فنية وعروضا فلكلورية شعبية تتمثل في المجس الحجازي والرقصات الحجازية والعراضة السورية (السيف والترس)، عدا عن مسابقات ترفيهية يتم فيها توزيع جوائز وسحوبات كبرى على سيارات.

المهندس سامي نوار، الخبير السياحي ومدير بلدية المنطقة التاريخية في جدة، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن السياحة الداخلية لمدينة جدة تشهد ازديادا في كل عام، مشيرا إلى عدم تأثرها مطلقا بما مرت به المدينة من أحداث خلال العامين الماضيين. وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «ما زالت أعمالنا مستمرة مع اللجان القائمة على تنظيم مهرجان صيف جدة 2011 من أجل إكمال الأمور المرتبطة بالفعاليات التي ستشهدها المنطقة التاريخية خلال فترة المهرجان».

يأتي ذلك في وقت توقعت فيه دراسة متخصصة ارتفاع إيرادات السياحة الكلية في السعودية إلى 118 بليون ريال في عام 2015، ونحو 232 بليون ريال في عام 2020. وأوضحت الدراسة الصادرة عن مركز الدراسات والبحوث في غرفة الشرقية أن الإيرادات السياحية بلغت نحو 40 بليون ريال خلال عام 2008 وتقدر خلال عام 2010 بنحو 66 مليار ريال، بنسبة نمو تصل إلى 4.7 في المائة عن عام 2009.

ووفقا لمؤسسة النقد العربي السعودي، فقد تجاوزت قيمة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع السياحة في السعودية 50.2 مليار ريال خلال عام 2009، وبمعدل نمو بلغ 6.8 في المائة مقارنة بعام 2008، في حين أسهم القطاع بنحو 3.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، ونحو 6.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي خلال 2009.

وتشير التقديرات إلى ارتفاع إيرادات النقل لتصل إلى 30 بليون ريال عام 2010 بنسبة زيادة 8 في المائة عن عام 2009، بينما زادت إيرادات المطاعم والمقاهي وفقا للتقديرات الأولية إلى 36 مليار ريال خلال العام الماضي، وذلك بنسبة نمو مقدارها 9 في المائة عن عام 2009. وفي المقابل بلغت قيمة الإنفاق السياحي الداخلي خلال عام 2009 نحو 65.4 مليار ريال، وبمعدل انخفاض بلغ نحو 12 في المائة مقارنة بعام 2008، وذلك بحسب ما أوردته الهيئة العامة للسياحة والآثار.

من جهته، كشف العميد محمد القحطاني، مدير إدارة المرور في محافظة جدة، عن وجود جملة من الملاحظات التي يجري نقاشها في الاجتماعات التحضيرية لمهرجان صيف جدة 2011، خصوصا أنها تخدم المرور بشكل كبير أثناء تأدية عمله، لافتا إلى أن خطة المرور ستتضح بعد الانتهاء من الاطلاع على كل برامج المهرجان.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «من أبرز الملاحظات التي تم رصدها خلال السنوات الماضية لمهرجان جدة اختيار المواقع المناسبة للفعاليات وتأمين أعداد كافية لمواقف السيارات، إلى جانب وضع لوحات إرشادية كونها تعد إحدى طرق التنظيم».

وأشار إلى عدم الاكتفاء بوضع لوحات إرشادية بالقرب من مواقع الفعاليات، خصوصا أن تلك اللوحات من شأنها أن توفر على الزائرين عناء التجول للبحث عن المواقع الراغبين في زيارتها، مشددا على أهمية الإعلانات المسبقة عن فعاليات المهرجان كونها تساعد الناس في تحديد ما يريدونه قبل بدئها.

وأضاف «سيتم وضع خطة المرور المتعلقة بمهرجان صيف جدة بعد الاطلاع على مواقع الفعاليات وأنشطتها وتفاصيلها، لا سيما أن هناك اجتماعات تحضيرية مع الجهات المعنية للتعرف على كل هذه المعلومات»، مبينا وجود فرق خاصة للمهرجان الذي وصفه بـ«الكبير»، عدا عن تسخير جميع إمكانيات المرور الآلية والبشرية من إداريين وضباط وأفراد.