دعوات لتكثيف دراسات القطاع الخيري في السعودية

تزامنت مع دراسة حديثة لمؤسسة الملك خالد كشفت حال القطاع غير الربحي

اتجاه إلى تكثيف الدراسات التي تنصب على القطاع الخيري في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

في الوقت الذي تشهد فيه السعودية حراكا متزايدا في العمل الخيري، خلص عدد من الخبراء الأكاديميين المتخصصين في الشأن الخيري، إلى ضرورة تكثيف الدراسة الخاصة بتفاصيل العمل الخيري، وبكافة أنواعه، وتعميم عدد من الدراسات الخاصة بالعمل الخيري في المؤسسات. وأتت تلك الدعوات بعد أن برزت مؤخرا عدد من الدراسات الخيرية، التي أشارت بوضوح إلى وجود تكثيف لتلك الدراسات في العمل الخير لما لهذا القطاع من حداثة، وجدة، تستوجب النهوض به، وتقدم عددا من الدراسات إلى المنتمين الجدد له، وتعميمها على باقي القطاع الخيري في السعودية. وكشفت مؤسسة الملك خالد الخيرية، مؤخرا عن ضعف في استراتيجيات العمل الخيري في السعودية، ملمحة إلى وجود ضعف في عدد من القطاع داخل منظومة المؤسسات غير الربحية. وفي تعليق حول أبرز نتائج تلك الدراسة، قالت الأميرة البندري بنت عبد الرحمن الفيصل، المديرة العامة لمؤسسة الملك خالد الخيرية لـ«الشرق الأوسط»، إن القطاع الخيري لا يزال بحاجة إلى مزيد من تلك الدراسات التي تشخص العمل الخيري بشكل واضح وعلمي، لافتة في الوقت ذاته إلى نتائج جيدة بعد ظهور الدراسة والكشف عنها في وسائل الإعلام. وأضافت الأميرة البندري، أنه حدث رد فعل جيد من قبل المهتمين والعاملين في القطاع غير الربحي، مرجعة ذلك إلى أنها ترجمة لمسيرة المؤسسة الملك خالد الخيرية. وعاودت المديرة التنفيذية القول إن القطاع الخيري ما زال بحاجة ملحة لتعزيز ودعم البنية التحتية لهذا القطاع.

وأشارت الأميرة البندري إلى رد فعل إيجابي للعاملين في القطاع الخيري، مشيرة في ذات الوقت إلى أنه مؤشر إيجابي يعزى لأهمية مثل هذه الدراسات المتخصصة المبنية على المعرفة العلمية، وقالت «يفترض أن يستند إليها صناع القرار في المنظمات غير الربحية، وذلك عبر صياغة توصياتها إلى خطط تنفيذية وبرامج ترفع وتحسن من أداء القطاع».

وأشارت المديرة التنفيذية لمؤسسة الملك خالد الخيرية، إلى أن المنظمات غير الربحية في البلاد تقوم بدور لا بأس به، ويؤمل منها الكثير لمساندة جهود القطاعين العام والخاص الهادفة إلى تحقيق التنمية المستديمة.

وأفصحت خلال حديثها الخاص بـ«الشرق الأوسط» عن وجود نية لدى مؤسستها بضخ مزيد من الدراسات التي تعنى بكل ما يتعلق بالدراسات والأبحاث العلمية التي تتناول الشأن التنموي والاجتماعي بشكل عام، منوهة في ذات الوقت إلى أنه تم تدشين الإصدارات العلمية الثانية للمؤسسة، التي حظيت بزخم علمي، واهتمام العاملين في المؤسسات والجمعيات الخيرية. وتطرقت الأميرة البندري إلى أنها بصدد القيام بإجراء بعض الدراسات المتخصصة للقضايا التي تهم المنظمات غير الربحية والعاملين فيها، إضافة للبحوث الميدانية التي تحلل احتياجات هذه المنظمات ومقومات بنيتها التحتية، من خلال شبكة من العلاقات التي تربط المؤسسة بمؤسسات المجتمع المدني.

يشار إلى أن مؤسسة الملك خالد الخيرية كشفت مؤخرا عن افتقار عدد من الجمعيات الخيرية، إلى استراتيجية واضحة وتنظيمية داخل المنظومة الخيرية في البلاد، وهي الدراسة التي تعد الأولى من نوعها على مستوى السعودية، موضحة في ذات الوقت أن ما يقارب 96 في المائة من تلك المنظمات تعي ضعفها في كل من العلاقات العامة والتسويق، وتنسب هذا الضعف إلى تردد القطاع الخاص والحكومي في تبني المبادرات الاستراتيجية بدلا من الخيرية. وأظهرت الدراسة التي شخصت واقع القطاع غير الربحي بالسعودية أن 93 في المائة من المنظمات غير الربحية ليس لديها رسالة واضحة، على الرغم من الاعتقاد السائد لدى 90 في المائة من هذه المنظمات أن لديها رسالة واضحة الأهداف والأبعاد، حسب ما تم اكتشافه بالدراسة. وتعتبر 73 في المائة، من المنظمات غير الربحية في المملكة نفسها مراعية للنوع الاجتماعي، حيث إنها تقوم بتقديم فرص تدريبية متكافئة للموظفين والموظفات لديها، وتطبق سياسة عدم التمييز في أنظمتها وخدماتها.

إلى ذلك، يبرز في الجامعات السعودية، عدد من كراسي البحث، التي تعنى بجانب دراسة العمل الخيري، ودشنت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مؤخرا الورشة التأسيسية لكرسي الأمير سلطان لدراسات العمل الخيري، وبمشاركة عدد من المختصين والأكاديميين والعاملين في مجال العمل الخيري. وأشار الدكتور عبد الرحمن السويلم، الباحث المتخصص بشؤون العمل الخيري، ونائب رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين في السعودية، إلى وجود كرسي بحث مثل كرسي الأمير سلطان لدراسات العمل الخيري في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، من شأنه إقامة الدراسات والبحوث والتدريب التي تعنى بالجانب الخيري في السعودية. وعن تأخر الخطوات العلمية للجامعات السعودية، أوضح السويلم أنها تأتي لتقيم الواقع وترسم المستقبل، وقال «توجد هناك بحوث ودراسات، إلا أنها محدودة وغير منهجية، وبشكل فردي، بعيد عن الجانب الأكاديمي التنظيمي». وأشار إلى أن أبرز النتائج المتوقعة من كرسي الأمير سلطان لدراسات العمل الخيري، أنه عمل دراسات بحثية عن واقع العمل الخيري في السعودية، ومعوقاته، وكيفية تنمية، وكيفية تنمية العاملين في القطاع الخيري، وأبرز جهود المملكة في القطاع الخيري ليس فقط على المستوى المحلي بل يمتد إلى العالمي». إلى ذلك، أكد إبراهيم التركي، الناشط الخيري، والرئيس التنفيذي لمجموعة «وافي» العالمية، لتطوير العمل التنموي والاجتماعي، والعمل الخيري في السعودية، أنه ينتظر قرب إقرار السعودية هيئة الأعمال الخيرية، التي تداول مجلس الشورى السعودي، خلال 3 أعوام ماضية آلياتها، مؤكدا أنه من شأنها القيام بسد الثغرات الحاصلة في العمل الخيري، ومن أبرزها الدراسات الخيرية. وأكد التركي أن كراسي البحث ما هي إلا محاولة إيجابية لمعالجة النقص الحاصل في العمل الخيري، مشيرا في ذات الوقت إلى أن الكراسي هي النواة التي تنطلق منها الدراسات.

وشدد على أن العمل الخيري يواجهه مشكلة التشتت بين عدد من القطاعات الحكومية أو المؤسسات، ومؤكدا أن القطاع الخيري في المملكة يواجهه مشكلة في البيانات، وأن هناك ندرة في قاعدة البيانات، مع عدم وجود مراكز دراسات كافية لتغطية النقص في البيانات. وعاود الناشط الخيري، بالقول إنه عند تطوير أي عمل خيري أو اجتماعي لا بد من وجود دراسات لهذا القطاع، مؤكدا أن الهدف استشراف المستقبل، وخاصة في بدايات العمل الخيري.