ملتقى الجمعيات التعاونية يدعو إلى تفعيل دور «التعاونية» في الجامعات والمدارس الحكومية

دراسة: 170 جمعية تعاونية في السعودية.. 26 منها متعثرة و21 متوقفة عن العمل

TT

دعا خبراء الجمعيات التعاونية في السعودية، أمس، في جدة، وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي إلى تفعيل مفهوم «التعاونية» في الجامعات والمدارس الحكومية من خلال البحوث والمواد التعليمية، عبر مواد تدرس للطلاب لمواجهة النقص الكبير في الجمعيات التعاونية في السعودية.

وكشفت دراسة متخصصة تجاوز عدد الجمعيات التعاونية في السعودية الـ170 جمعية، منها 123 جمعية قائمة، و26 جمعية متعثرة، إلى جانب 21 جمعية متوقفة عن العمل.

وانتقد الخبراء الذين التأموا خلال لقاء مجلس التعاونيات السعودية، غياب الجامعات في تفعيل دور الجمعيات الخيرية في البلاد التي تجاوزت 800 جمعية من خلال الدراسات والأبحاث عن تفعيل مفهوم التعاون.

أوضح المهندس حمود بن عليثة الحربي، عضو مجلس الجمعيات التعاونية وأمين المال وعضو اللجنة التنفيذية، توجه المجلس للاستعانة بالمكاتب الاستشارية للإسهام في تشخيص القطاع التعاوني القائم ومعالجة أوضاع الجمعيات التعاونية المتعثرة، استعرض فيها نتائج الدراسة التي أعدتها الإدارة العامة للجمعيات التعاونية في وزارة الشؤون الاجتماعية والتي شخصت الوضع الحالي للجمعيات التعاونية في المملكة التي تبلغ 170 جمعية، منها 123 جمعية قائمة، و26 جمعية متعثرة، و21 جمعية متوقفة عن العمل.

وتناول الحربي آلية التعامل مع المكاتب الاستشارية، حيث تقدم المكاتب الاستشارية للمجلس عروضها لدراسة أوضاع الجمعيات التعاونية المنتشرة في عموم مناطق المملكة وذلك من النواحي المالية والإدارية لكل جمعية على حدة، بالإضافة إلى تحديد المحفزات والتحديات التي تواجه كل مجال من المجالات التعاونية مثل الزراعة التعاونية وفروعها كالتسويق وصيد الأسماك وتربية النحل والنمور والقمح وتربية الماشية، بالإضافة إلى جمعيات الاستهلاك التعاوني، والإسكان التعاوني، والنقل التعاوني، فضلا عن اقتراح الحلول المناسبة لمعالجة أوضاع الجمعيات التعاونية المتعثرة، واقتراح الحلول المناسبة لتطوير العمل التعاوني بوجه عام، وإعداد وثائق «استرشادية» لمساعدة الجمعيات التعاونية على تطوير أعمالها مثل الهيكل التنظيمي وسلم الوظائف والمرتبات واللوائح المالية وتصميم دورة مستندية واللوائح الإدارية ودليل الصلاحيات.

وكان نحو 65 أكاديميا وأكاديمية واستشاريا واستشارية شاركوا، أمس، السبت، في الندوة التي نظمها مجلس الجمعيات التعاونية تحت عنوان «الجمعيات التعاونية والحاجة إليها في الوقت الراهن لتنمية الاقتصاد المحلي في المملكة العربية السعودية» في فندق «هيلتون - جدة».

واستعرضت الندوة التوجه للتعاون مع المكاتب الاستشارية لتبني مبادرات تعاونية جديدة، وشخصت القطاع التعاوني وآلية إنشاء الجمعيات التعاونية وتكوينها والنهوض بها في المملكة.

حيث بدأت الندوة باستعراض مفهوم العمل التعاوني وتوضيح آفاقه، قدمه عبد الله بن محمد الوابلي، نائب رئيس مجلس إدارة مجلس الجمعيات التعاونية، وأمينها العام، أوضح خلال حديثه أن الجمعيات التعاونية تعد وسيلة قانونية وعملية تستطيع بها فئة من الناس أن يحسنوا أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية. وأشار إلى أن التعاونيات هي منظمات طوعية مفتوحة أمام جميع الأشخاص الراغبين في الاستفادة من خدماتها والقادرين على الاضطلاع بالمسؤوليات التي تقع على كاهل المنتمين لها، دون تمييز من منظور الجنس أو الوضع الاجتماعي أو العرق أو الدين. واعتبر الوابلي التعاونيات منظمات ديمقراطية يديرها أعضاؤها الذين يشاركون بنشاط في صياغة السياسات وصنع القرارات، والرجال والنساء المنتخبون لتمثيل الأعضاء مسؤولون أمام هؤلاء الأعضاء، ويتساوى الأعضاء في التعاونيات الصغيرة في حقوق التصويت وفق قاعدة صوت واحد للعضو الواحد، وتسود الديمقراطية أيضا في تنظيم تعاونيات المستويات الأخرى.

وأشار الوابلي إلى أن الجمعيات التعاونية تعتمد على المشاركة الاقتصادية من جانب الأعضاء، حيث يسهم الأعضاء على أساس من العدل في رأسمال تعاونياتهم ويتمتعون بحق المراقبة بصورة ديمقراطية، ويشكل جزء على الأقل من رأس المال ملكية مشتركة للتعاونية في العادة، ولا ينال الأعضاء سوى تعويض محدود في حال وجوده من رأس المال المكتتب به كشرط العضوية، ويخصص الأعضاء الفوائض لأي من الأغراض، مثل تكوين احتياطي يكون جزء منه على الأقل غير قابل للتوزيع، وتوزيع نسبة من الأرباح على الأعضاء تبعا لنسبة تعاملهم مع التعاونية، ودعم أنشطة أخرى يقرها الأعضاء.

وقال إن الجمعيات التعاونية تتميز بالاستقلال الذاتي كونها تعتبر منظمات للتعاون الذاتي، تتمتع باستقلال ذاتي ويدير أعضاؤها شؤونها، وهي تعقد الاتفاقات مع المنظمات الأخرى بما فيها الحكومات، أو تسعى إلى الحصول على التمويل من مصادر خارجية، بشكل يضمن الرقابة الديمقراطية من جانب الأعضاء والاستقلال الذاتي للتعاونية.

وبين أن التعاونيات توفر لأعضائها وممثليها المنتخبين والقائمين على شؤون إدارتها ومستخدميها التعليم والتدريب اللازمين للقدرة على الإسهام الفعال في تنميتها، وهي تمد جمهورا واسعا من الشباب وقادة الرأي بشكل خاص بالمعلومات عن التعاون وفوائده، وتنشط في ما بينها داخل تنظيمات محلية وقطرية وإقليمية ودولية تحسينا للخدمات الموفرة لأعضائها وتدعيما للحركة التعاونية، مختتما بأن التعاونيات تسهم بنشاط في التنمية المستدامة لمجتمعاتها المحلية عبر سياسات يقرها أعضاؤها.

واستعرض الوابلي أهداف النظام التعاوني ومنها الأهداف الاقتصادية مثل القضاء على الاستغلال، وأن يكون الفرد للمجموع والمجموع للفرد، ومحاربة الغش والتلاعب بالأسعار، ومحاربة الاحتكار، والإسهام في التنمية الاقتصادية، وزيادة الإنتاج، وإبعاد الوسطاء. أما الأهداف الاجتماعية فمنها نشر الوعي والثقافة والتعليم، والحث على القيم والأخلاق الفاضلة، وتحسين شروط العمل وزيادة الدخل، وتأمين الخدمات العامة للأعضاء والمجتمع. وعدد أنواع الجمعيات التعاونية؛ تعاونيات الخدمات، والتعاونيات الزراعية، وتعاونيات الإنتاج الصناعي والحرفي، والتعاونيات المتعددة الأغراض.

بينما تناول سعد بن عبد الرحمن الشايقي، مدير عام الجمعيات التعاونية في وزارة الشؤون الاجتماعية، محور نظام الجمعيات التعاونية والتعريف بأشكال الدعم والتسهيلات التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين للجمعيات التعاونية، حيث أوضح أن العمل التعاوني في المملكة ينطلق من مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، مشيرا إلى أن العمل التعاوني حظي بدعم الدولة وتشجيعها ورعايتها، وبتضافر الجهود الحكومية والأهلية أصبح للعمل التعاوني مكانته في خطط التنمية وبرامج حكومة خادم الحرمين الشريفين التي ركزت على أن يكون الإنسان السعودي وسيلة التنمية وغايتها وبما توفر لهذا النشاط من مناخ إيجابي يساعد على سرعة نموه رأسيا وأفقيا. وأضاف الشايقي أن خدمات هذه الجمعيات تطورت من مجرد تقديم الخدمة في شكل أنشطة استهلاكية وزراعية في صور مبسطة في ظل رؤوس الأموال الصغيرة إلى توفير الخدمات المباشرة وغير المباشرة التي تساعد الأفراد على الاعتماد على النفس من خلال تنمية مهاراتهم عن طريق برامج التعليم والتثقيف والتأهيل، وتحرص وزارة الشؤون الاجتماعية على تشجيع المواطنين على تأسيس المزيد من الجمعيات التعاونية لتنتشر في مختلف مناطق المملكة وتعمل على دعمها ماديا وفنيا وإداريا استثمارا للطاقات التعاونية الكامنة داخل أبناء هذا الوطن وتحقيقا للتكافل الاجتماعي الذي يحرص عليه الدين الإسلامي الحنيف.

واستعرض النظام الجديد الذي تضمن إعانات مختلفة وجديدة للجمعيات التعاونية كإعانات الدراسات والبحوث، ورفع نسبة بعض الإعانات كالمشاريع الإنتاجية ومخاطر الخسائر من 25 في المائة إلى 50 في المائة للمشاريع ومن 50 في المائة إلى 90 في المائة للخسائر الناجمة عن ظروف قاهرة.

وأشار إلى أن أبرز ملامح هذا النظام إمكانية قيام الجمعيات التعاونية بتكوين مجلس لها يتولى التنسيق بين الجمعيات وتشجيع التواصل والزيارات وتبادل المعلومات، بالإضافة إلى دراسة أوضاع الجمعيات والعمل على تنظيم لقاءات سنوية لها والإسهام في تذليل ما يعترضها من عقبات، مشيرا إلى أن النظام الجديد مكن بعض الجهات الحكومية الأخرى، كوزارة الزراعة، من الإشراف الفني على الجمعيات التعاونية الزراعية، كما سهل إجراءات تأسيس الجمعيات التعاونية بتخفيض عدد طالبي التأسيس من 20 إلى 12 شخصا. وغير ذلك من المميزات الإيجابية التي ستسهم في دعم الحركة التعاونية في البلاد والوصول بها إلى مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال.

وعلى هامش الندوة دعا عبد الله بن محمد الوابلي، نائب رئيس مجلس الجمعيات التعاونية والأمين العام، عبر «الشرق الأوسط»، وزارة التربية والجامعات إلى تفعيل مفهوم «التعاونية» من خلال تقديم البحوث والمواد العلمية، وقال إن الندوة هدفت إلى تعريف المكاتب الاستشارية بدورها في عمل الدراسات اللازمة لإنشاء الجمعيات التعاونية وتكوينها والنهوض بها في المملكة.

وأوضح أن الندوة استهدفت أصحاب المكاتب الاستشارية المتخصصة في مجال الدراسات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية، والأكاديميين المتخصصين في كل من مجالي العلوم الإدارية والاجتماعية.

يشار إلى أن مجلس الجمعيات التعاونية يسعى إلى تنشيط الحركة التعاونية في المملكة والرقي بمستوى الثقافة التعاونية، ويهدف إلى التنسيق بين الجمعيات التعاونية لتلافي الازدواجية في الخدمات التي تقدمها، وتشجيع التواصل وتبادل الخبرات في ما بينها، ودراسة أوضاع الجمعيات التعاونية المتوقفة والمتعثرة من أجل مساعدتها للنهوض بها أو تعديل وضعها.

على صعيد آخر، وقعت وزارة الشؤون الاجتماعية، أمس، مذكرة تفاهم مع البنك الإسلامي للتنمية في جدة، بهدف إيجاد إطار ملائم للتعاون بينهما في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وبخاصة في المجالات الاجتماعية والإنسانية.

وتشمل المذكرة التي وقعها الدكتور يوسف العثيمين، وزير الشؤون الاجتماعية، والدكتور أحمد محمد علي، رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، تبادل الخبرات، والتدريب، وبناء القدرات، والتدريب عن بعد، والدراسات الاستشارية والإدارية والفنية.