خبراء في الرياض: المسؤولية الاجتماعية ليست «صدقة» أو «عملا في وقت الرخاء»

دراسات تشير إلى أن تبنيها يرفع من المردود المالي للشركات

جانب من أجنحة الشركات المشاركة في معرض المسؤولية الاجتماعية 2011 (تصوير: أحمد فتحي)
TT

تلاقت آراء عدد من الخبراء المشاركين في معرض يهتم بالمسؤولية الاجتماعية، تحتضنه العاصمة السعودية، الرياض، عند نقطة واحدة، مفادها أن المسؤولية الاجتماعية ليست «صدقة» أو شيئا يخرج من الفائض عن الحاجة، واعتبروها ضرورة يجب أن تستشعرها الشركات والمؤسسات الربحية العاملة في البلاد.

وتولى مسؤول في البنك الأهلي التجاري رئيس دائرة المسؤولية الاجتماعية في ذات البنك، المناداة بأن تكون هذه البادرة ضمن أعمال في صلب عمل الشركة، وليست أعمالا تظهر وقت الرخاء، حسب تعبيره.

واستند محمود تركستاني، نائب رئيس البنك الأهلي، رئيس دائرة المسؤولية الاجتماعية، في تصريحات أدلى بها لـ«الشرق الأوسط»، على دراسات حديثة أثبتت أن الشركات الأميركية اتجهت بشكل أكبر إلى برامج المسؤولية الاجتماعية بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، لما وجدته من جدوى حقيقية تنعكس على أعمالها من وراء هذه البرامج.

وأكد خبراء في مجال المسؤولية الاجتماعية، على ضرورة تعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى قطاع الأعمال، مشددين في الوقت ذاته على ما يمنحه تطبيق هذا المفهوم من تنمية مستدامة، ودعم للمجتمع وللشركات الكبرى في الوقت ذاته.

وطالب متحدثون في معرض المسؤولية الاجتماعية 2011، الذي تقام فعالياته في العاصمة السعودية، الرياض، بضرورة اتخاذ استراتيجية واضحة تضمن التنمية المجتمعية على المدى الطويل، وتمنح بيئة معيشية أفضل، بدلا من الإنفاق في الهبات التقليدية قصيرة الأمد.

وتطرق عسكر الحارثي، أمين عام مجلس المسؤولية الاجتماعية بالرياض، رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية بالغرفة التجارية - الصناعية بالرياض، إلى تجربة الغرفة في مجال المسؤولية الاجتماعية، لافتا إلى مبادراتها الاجتماعية، التي ظهرت منذ تأسيسها قبل أكثر من 50 عاما، حيث شهدت الكثير من المبادرات غير المنظمة، قبل أن تشهد أول عمل منظم قبل 25 عاما، تشكّل في لجنة أصدقاء المرضى، ومنذ أن انتشر مفهوم المسؤولية الاجتماعية، تبنت الغرفة هذا المفهوم، وعملت على تعزيزه في الأوساط الاقتصادية، بحكم موقعها الاستراتيجي في دائرة النشاط الاقتصادي، ونظرا لما تشكله من تأثير؛ كونها تعد واحدة من مؤسسات المجتمع المدني.

ونوه الحارثي بأن غرفة الرياض عملت على توفير دفعة قوية لأداء المسؤولية الاجتماعية في الأوساط الاقتصادية، عبر تشكيل مجلس مرجعي متخصص لها، حيث سعت إلى تحقيق التوازن في تبنيها للمسؤولية الاجتماعية بين دورها المحوري من حيث معاونة منشآت القطاع الخاص من ناحية، وقيامها بأداء المسؤولية الاجتماعية من ناحية أخرى.

وأشار أمين مجلس المسؤولية الاجتماعية بالرياض، إلى أن الغرفة تصدت لنشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية في وقت سادت فيه الضبابية حول المفهوم، وذلك عبر ما اكتسبته من خبرة تجعلها في مستوى تنظيمي متكامل قادر على التخطيط الفعال والتنظيم الجيد، إلى جانب التعرف على التجارب الناجحة في الدول المتقدمة في أداء المسؤولية الاجتماعية وتعميمها على منشآت السعودية للاستفادة منها.

وبالعودة لحديث محمود تركستاني، الذي اعتبر المسؤولية الاجتماعية استثمارا، بلغة الأعمال، طويل المدى بالنسبة للشركات، لأن برامج المسؤولية الاجتماعية تسهم في تنمية المجتمع، وتنمية المجتمع ستعود في نهاية المطاف إلى هذه الشركات، لأنها هي المستفيدة من تنمية المجتمع في سبيل تعزيز أعمالها، ولا يمكن لأي شركة كبيرة أن تقوم بالتوسع في أعمالها بشكل أكبر، ما لم تعمل على تعزيز تنمية حقيقية في المجتمع ودعمها، عبر تخصيص جزء من أرباحها لصالح برامج المسؤولية الاجتماعية».

من جانبه، ذكر ماغ مارتين، المستشار الفني للحكومة الإماراتية في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات، أن وجود شركات كبرى في العالم، يساعد بشكل كبير في تمويل المشاريع التي تعمل على توفير بيئة صحية على كوكب الأرض، ومواجهة المخاطر التي يتعرض لها الكوكب.

وأشار مارتين، إلى وجود تغيرات كبيرة جدا تحدث في بيئة كوكب الأرض، تستلزم تكاتفا دوليا للتصدي لها، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أن المسؤولية الاجتماعية ليست مجرد عمل خيري، مطالبا بضرورة إيجاد استراتيجية محكمة طويلة الأمد للتغلب على المشكلات البيئية في العالم.

من جانبه، استعرض نواف الشعلاني، مدير إدارة الشؤون الإعلامية بالشركة السعودية للاتصالات، برامج الشركة في مجال برامج المسؤولية الاجتماعية، التي تتمحور في 3 برامج رئيسية، وهي البرامج الصحية، والبرامج التعليمية، والبرامج الاجتماعية.

ونوه الشعلاني بأن الشركة السعودية للاتصالات، أقامت 22 مركزا صحيا بقيمة 100 مليون ريال، تستقبل 60 مليون حالة سنويا، إلى جانب دعم كراسي البحث العلمي، وتأهيل الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة وتدريبهم، إلى جانب الدورات الصيفية لطلاب المدارس والموهوبين، ومن الناحية الاجتماعية، لفت الشعلاني إلى أن الشركة قامت بدعم المهرجانات الوطنية واحتفالات الصيف على مستوى السعودية، إضافة إلى دعم مشاريع الزواج الجماعي.