قيادة المرأة تثير الجدل مجددا في أوساط السعوديين

متحدث باسم المرور: الموضوع من اختصاص الجهات التشريعية > رئيس حقوق الإنسان في الشورى: الخطوة لا تسبب الانحلال كما يروج

قيادة المرأة السعودية للسيارة موضوع دائما ما يثير الجدل في أوساط المجتمع («الشرق الأوسط»)
TT

أعادت قضية منال الشريف خبيرة الكومبيوتر والعاملة في شركة أرامكو السعودية الجدل بشأن قيادة المرأة للسيارة، وهي جدلية تمثل تجاذبا بين أطياف المجتمع السعودي، وجاءت تلك الجدلية على خلفية قيادة الشريف لمركبتها بالطريق العام بمدينة الخبر (شرق السعودية)، والتي أوقفت على أثرها بتهمة الإخلال بالنظام العام.

مصدر في الأمن العام السعودي، اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قضية قيادة المرأة للسيارة في البلاد، هي من اختصاص الجهات التشريعية، معتبرا أن رجال المرور والأمن العام ليسوا جهة اختصاص لسنّ القوانين، ولكنهم يسهرون على تطبيقها.

بينما رفض المتحدث الرسمي باسم المرور التعليق على الإجراءات التي ستتخذها الإدارة في حال تكررت قيادة نساء أخريات للسيارات.

بينما اكتفى العميد محمد القحطاني مدير مرور جدة في اتصال مع «الشرق الأوسط» بالقول: «إن ردّ إدارة المرور يتلخص في التصريح الذي أدلى به مدير الأمن العام الفريق سعيد بن عبد الله القحطاني في مؤتمر صحافي يوم أول من أمس»، والذي أشار فيه إلى أن قضية قيادة المرأة للسيارة من اختصاص الجهات التشريعية. دون إعطاء مزيد من التوضيحات.

من جانبه اعتبر الدكتور مشعل العلي رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى السعودي، أنه لا يوجد مانع شرعي أو قانوني يمنع المرأة السعودية من قيادة السيارة، وأن الأنظمة تكفل هذا الحق، وأن الاستفتاء على هذا الحق خارج الطرح العقلاني.

إلا أنه في ذات الوقت طالب بإيجاد تقنين لقيادة السيارات في السعودية يطبق على الرجل والمرأة على حد سواء بحسب تعبيره، وذلك لكي يستطيع الجميع ممارسة حقه بأمان وبراحة تامة، واعتبر أن غياب شبكات نقل عام داخل المدن يجعل من قيادة المرأة للسيارة أمرا ملحا، لكنه استدرك بأن غياب القوانين المنظمة يصعب من هذه المطالبة، فيما دعا إلى تكوين أرضية من الأنظمة والأجهزة «الأمن المروري، وأن يكون هناك أجهزة شرطة نسائية على الطرقات» تعين وتسهل التطبيق على أرض الواقع.

وانتقد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى من يقول بأن قيادة المرأة للسيارة باب للتحلل الخلقي وفساد المجتمع، معتبرا تلك الآراء غير منضبطة لا بضوابط شرعية ولا بضوابط اجتماعية ولا واقعية، وقال: «إن النساء المسلمات يقدن في كل دول العالم ويلتزمن بالحجاب أو النقاب، ولا غبار عليهن في ذلك».

وفي ذات السياق اتصلت «الشرق الأوسط» مع نجلاء حريري وهي سيدة سعودية قادت سيارتها ليومين في مدينة جدة غرب السعودية ولم تتعرض للتوقيف من قبل الأجهزة الأمنية وقالت إنها مارست حقها الطبيعي، واصفة تصرف الأفراد في الشارع أثناء قيادتها للسيارة بأنه كان راقيا.

واعتبرت حريري أن عدم وجود قانون يمنع قيادة المرأة للسيارة يخول لها ولجميع السيدات السعوديات ممارسة هذا الحق، وقالت «إذا كان المجتمع لا يريدنا أن نقود سياراتنا عليه أن يصدر قانون يمنع هذا الحق، وإذا قدنا تتم محاسبتنا على ذلك».

من جانب آخر دعا الدكتور زهير الحارثي عضو مجلس الشورى السعودي في اتصال مع «الشرق الأوسط» المرأة السعودية إلى ترتيب أولوياتها، وحاجاتها الملحة في جانب القضاء والتوظيف وتعاطي المجتمع معها كعقل وفكر مشارك في تنمية المجتمع، وأن تحقق هذه الأولويات، وقال: «إن قيادة المرأة للسيارة أعطيت أكبر من حجمها الطبيعي»، في حين استدرك بأن ذلك لا يلغي حق النساء في قيادة السيارات، ولكن يجب أن يكون بتنظيم رسمي.

وأضاف: «إن كون قيادة السياة حقا من حقوق المرأة، هذا لا يعطيها الحق في أن تنزل إلى الشارع وتقود سيارتها من دون إطار وتنظيم رسمي»، مضيفا: «حتى وإن كان لها حق فإن هناك محاكم وأجهزة رسمية تقرر هذا الحق، ولا بد من تطبيق القانون، كما لا بد من إطار قانوني لممارسة الحقوق، لكن فرض الواقع على القانون فيه تجاوز» بحسب تعبيره.

واعتبر الحارثي نزول السيدات إلى الشارع وقيادة سياراتهن لفرض الأمر الواقع استفزازا للسلطة الرسمية، قائلا: «إن هذه الطريقة قد يكون لها بعض البريق لكنها ليست حلا»، موضحا أن المرأة عندما تكشف عن مشكلاتها للمجتمع، سيتعاون معها المجتمع في هذه القضية، وليس بأسلوب الفرض بالقوة والمواجهة التي لها بريق لحظي، وإنما البحث عن حلول عملية تتوازي مع طبيعة المجتمع.

وأشار الحارثي إلى أن النظرة المجتمعية للمرأة كعنصر مشاركة وفاعل في المواطنة والتنمية لم تصل إلى المستوى المأمول، وقال إذا تمت بلورة هذه النظرة وتطبيقها في المجتمع عبر ثقافة تربوية وإعلامية لتخرج المرأة من التصور النمطي لها، ستكون هذه بوابة لإعطاء المرأة حقوقها التي جاء بها الشرع.