السعودية تؤكد على الحوار للتعايش السلمي بين أتباع الديانات والثقافات

بن معمر: العالم يشهد انحدارا للقيم الأخلاقية

TT

أكد فيصل بن معمر، الأمين العام المكلف لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في فيينا، أن السعودية تؤكد على أهمية الحوار للتعايش السلمي بين أتباع الديانات والثقافات، في وقت يشهد العالم انحدارا للقيم الأخلاقية وانتشارا للفقر والجريمة والإرهاب. وأوضح بن معمر أن خادم الحرمين الشريفين، وانطلاقا من المبادرة التي أطلقها للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، حرص على إنشاء المركز العالمي للحوار أتباع الديانات والثقافات، حيث وافقت دول السعودية والنمسا وإسبانيا، على توقيع اتفاقية تأسيس مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، خلال الأسابيع القادمة.

وقال الأمين العام المكلف لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين الأديان والثقافات، خلال كلمة ألقاها أمس في مؤتمر قمة القادة الدينية في مدينة (بوردو) الفرنسية، الذي يسبق اجتماع مجموعة الثماني ومجموعة العشرين التي ستعقد في فرنسا بعد هذه القمة - إن العالم في حاجة ماسة للسلام والأمن والازدهار وتحقيق العدالة والمحبة، وإن بلاده تضع هذه المبادئ في أولويات سياستها وبرامجها الدينية والاقتصادية والاجتماعية، وتبذل قصارى جهدها للعمل على جميع المستويات ومع المجتمع الدولي لتخفيف معاناة أولئك الذين يفتقرون إلى الوفاء بهذه الاحتياجات. وأضاف «البشرية اليوم تعاني انحدارا سريعا للقيم الأخلاقية، وتمر بمرحلة حرجة، حيث إن مشاكل الإرهاب والفقر والجريمة آخذة في الارتفاع، ويجري استغلالها على نحو متزايد، كما أن هناك إساءة متزايدة لحياتنا البيئية. ونحن ندرك كل هذه التحديات التي تهدد وجودنا البشري، ومن الصعب على أي دولة واحدة أو مجموعة من البلدان أن تقوم بحل المشاكل من دون المساعدة والتنسيق بين بقية دول العالم».

وزاد بن معمر «أصبح لدينا نظام عالمي مترابط على نحو متزايد، والطريق لحل تلك المشاكل وتصحيحها طويل، ونحن بحاجة إلى أن تستخدم بعض الآليات للتعامل مع مثل هذه المشاكل والبحث عن حلول مشتركة، وأحد أهم هذه الآليات هو الحوار». وشدد فيصل بن معمر، أن الدين الإسلامي والديانات والثقافات تستند إلى إزالة الحواجز التي تقف بين الخير في طبيعتنا الإنسانية والشهوات والمصالح الضيقة، وأن الديانات الرئيسية في العالم، والفلسفات والمدارس جاءت بالتفكير من مختلف التخصصات والاتجاهات إلى استنتاج مفاده أن جوهر التقدم يكمن في التواصل والحوار بين أبناء المجتمع الواحد، والمجتمع البشري بأسره. وهذه هي نقطة الانطلاق لتحقيق وتوسيع نطاق التنمية البشرية في جميع نواحي الحياة.

وأشار إلى أن الجميع يتفق على أن الحوار الملتزم والبناء يهدف إلى استكشاف القواسم المشتركة للإنسان وأهمية التعاون في برامج عمل مشتركة لحل معاناتنا الإنسانية. وكانت السعودية قد شاركت في الحوار بين أتباع الديانات في وقت مبكر منذ عام 1970، وذلك من خلال الزيارات المتبادلة بين العلماء السعوديين وكرادلة الفاتيكان التي تمثل الكنيسة.

وشهد عام 2007 اتخاذ المبادرة التاريخية في هذا الصدد، من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال زيارته التاريخية لعديد من دول العالم ولقائه قادتها السياسيين والدينيين، إذ أكد الملك عبد الله أن الحوار بين أتباع الديانات والثقافات أمر ضروري من أجل تعزيز التسامح والتخلص من العنف وتحقيق السلام والأمن لجميع الشعوب.

وتابع الملك عبد الله هذه الرحلة من الحوار في يونيو (حزيران) 2008، حيث جمع المؤتمر في مكة المكرمة 500 شخصية من العلماء والمفكرين المسلمين من جميع أنحاء العالم، من أجل وضع جدول أعمال من أجل بناء علاقات أفضل بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ واصلت مبادرة الملك عبد الله للحوار بين أتباع الديانات من خلال عقد مؤتمر مدريد للحوار في 16 يوليو (تموز) 2008. وحضره نحو 300 من الشخصيات البارزة وممثلين من بين أتباع الديانات الثلاث، فضلا عن ممثلي الفلسفات الشرقية والثقافات والحضارات من جميع دول العالم، حيث قال الملك عبد الله في هذا المؤتمر «إذا كنا نريد لهذا اللقاء التاريخي أن ينجح، يجب أن ننظر إلى الأشياء التي توحدنا، الإيمان العميق بالله والمبادئ النبيلة والأخلاق العالية التي تمثل أساس الديانات».