السعودية: التوقعات تتواتر بموسم سياحي غير مسبوق

أمير الباحة يعلن عن 8 مشاريع تعنى بالتراث العمراني والثقافي بالمنطقة

TT

كشف الدكتور عادل شاويش، عضو هيئة التدريس بجامعة الباحة في ورقة عمل قدمها للنادي الأدبي بالباحة في محاضرة ثقافية، أهمية السياحة الداخلية وأهدافها وأنواعها ومقوماتها، حيث ركز على منطقة الباحة ومشروعاتها السياحية ومقوماتها البيئية والحضارية والطرق التي تعزز موقعها بين مناطق الاصطياف.

واعتمد الباحث في ورقته على البحث العلمي في بعض الإحصاءات وترتيب الباحة بين المناطق السياحية الناشئة، وخلص شاويش إلى عدة نتائج وتوصيات، معتبرا أن صناعة السياحة في منطقة الباحة يمكن أن تشكل معلما مهمّا من ملامح الخريطة السياحية بالمملكة العربية السعودية وأنها من الصناعات البكر، مرجعا ذلك لحداثة تلك الظاهرة وعمرها القصير الذي لا يتعدى ربع قرن من الزمان.

وقال إن مقومات طبيعية وفريدة وجيدة تتوافر بمناطق المملكة العربية السعودية الغربية والجنوبية ومنها منطقة الباحة، وتتميز بها عن مناطق المملكة الوسطى والشرقية والشمالية، خاصة عناصر المناخ والنبات الطبيعي والجبال المتميزة، التي يمكن أن تكون عناصر فعالة في عملية توطين صناعة السياحة، خاصة سياحة المنتجعات والاصطياف والترفيه والتنزه والمسابقات وتسلق الجبال والصيد وغيرها، كما يمكن أن تجذب نسبة كبيرة من الراغبين في الراحة والاستجمام والترفيه من السعوديين والمقيمين بدلا من السفر خارج المملكة إلى مناطق مماثلة.

وأضاف: «من خلال استقراء عناصر المكون البشري الذي يتولى قيادة صناعة السياحة في محافظات المنطقة، نجد أنه ينقصه الكثير من الخبرات العملية والعلمية في مجال السياحة، ويمكن أن نتلمس له العذر، ذلك لأن النشاط السياحي بمفهومه الحديث لا يزال جديدا على الكثير من السكان الذين تمرسوا خلال تاريخهم الطويل على مزاولة النشاط الزراعي والرعوي، وإن كانت نسبة صغيرة من هؤلاء السكان قد لعبت دورا كبيرا في رعاية الحجاج في مكة المكرمة خلال مواسم الحج قبل الطفرة البترولية».

وبين أنه يترتب على القصور في مكونات العنصر البشرى الداعم لعملية صناعة وتنمية السياحية في منطقة الباحة ظهور بعض السلبيات، منها على سبيل المثال عمليات التلوث البيئي بأشكاله المتعددة لعدد من مناطق الجذب السياحي، أو المبالغة في أسعار الشقق المفروشة المعروضة لحساب النشاط السياحي، أو التعامل السيئ مع الغطاء النباتي في مناطق الجذب السياحي، وذلك من خلال قطع الغابات أو الرعي الجائر أو صيد الطيور والحيوانات النادرة في المنطقة أو هدم المناطق الأثرية أو إساءة استخدام مساقط الشلالات المائية.

وأكد: «قامت حكومة المملكة العربية السعودية خلال ربع القرن الأخير بإنشاء شبكة جيدة من البنية التحتية القادرة على خدمة توطين صناعة النشاط السياحي سواء في مناطق منشأ الحركة السياحية أو مقصدها، خاصة شبكة الطرق والمطارات والكهرباء، وإن كانت في حاجة لمزيد من الدعم الحكومي لكي تستطيع مواجهة الازدياد المستمر في حركة السياحة الداخلية».

واختتم بأنه «لا تزال عقلية نسبة كبيرة من المستثمرين المحليين في منطقة الباحة قاصرة عن استيعاب مقتضيات صناعة السياحة وعملية تنميتها مستقبلا، حيث لا يزال مبدأ التنافس سائدا بدلا من مبدأ التكامل بين المستثمرين، وكذلك التنافس بين المشروعات الاستثمارية الخادمة للعملية السياحية في محافظات منطقة الباحة وقراها المختلفة، ويتضح ذلك من تجمع وتشابه العديد من الخدمات بدلا من تنوعها وانتشارها جغرافيا على الصعيد المكاني لمناطق الجذب السياحي بالمنطقة، مما يؤدى إلى وجود عجز وعدم كفاية أو كفاءة في الخدمات السياحية في بعض المناطق، وفائض في الأخرى». كما توصل لعدد من التوصيات؛ حيث توقع أن «تشهد صناعة السياحة الداخلية بين مناطق المملكة المختلفة نموا كبيرا في السنوات المقبلة، وذلك لعدة أسباب، منها داخلي، وأيضا خارجي. وفي ما يتعلق بالداخلي، فإنه يتمثل في الحرص الشديد من جانب الحكومة السعودية على تشجيع وتنشيط حركة السياحة الداخلية كبديل للسياحة الخارجية التي تستنزف نسبة كبيرة من مدخرات السعوديين اللازمة لعملية التنمية السعودية».

وقال: «بالطبع، لا يمكن وقف نزف خروج تلك المدخرات الوطنية إلا بتوفير البدائل السياحية المحلية المقبولة لدى السعوديين الراغبين في قضاء عطلاتهم الصيفية أو الشتوية. وتعتبر منطقة الباحة بمقوماتها الطبيعية والبشرية وفى ظل تعظيم وتنمية تلك المقومات في المستقبل القريب، واحدة من تلك البدائل. وخارجيا، تتمثل في ارتباط حركة السياحة بالمتغيرات السياسية والعلاقات الدولية التي تشهد تقلبات كبيرة في الوقت الراهن والتي ستكون لها نتائجها المؤثرة على حركة السياحة العربية خاصة المتجهة منها إلى الغرب»، مبينا أنه يمكن استثمار تلك النتائج لصالح عملية تنشيط وتنمية صناعة السياحة الداخلية بين مناطق المملكة المختلفة، خاصة مناطق الجذب السياحي في كل من عسير والباحة والطائف.

واعتبر أن «عملية استثمار النتائج الخارجية والداخلية للظروف الراهنة لحساب تطوير صناعة السياحة، تتطلب تخطيطا علميا مدروسا لكل من مناطق توليد الحركة السياحية وأيضا مناطق الجذب السياحي بالمملكة، بما يحقق إشباع الحد الأعلى لرغبات السائحين والزائرين، وأيضا تحقيق العائد المجزى للمستثمرين في المشروعات السياحية بمنطقة الباحة، الذي يساعد على دفع مسيرة التنمية إلى الأمام، ويمكن أن يتم ذلك من إنشاء مكاتب متخصصة للترويج العلمي الصحيح لإمكانات المواقع السياحية بمنطقة الباحة. وهناك ضرورة قيام جهاز التنمية السياحة بمنطقة الباحة بتولي إدارة عملية التنمية السياحية والتنسيق بين الجهات المعنية بمنطقة الباحة وتكون له صلاحية اتخاذ القرارات التي تساعد على إزالة المعوقات وحل المشكلات الميدانية التي تواجه عملية التنمية السياحية بالمنطقة. ويجب أن يتولى جهاز التنمية السياحية في منطقة الباحة عملية تنمية وصيانة البيئة الطبيعية النباتية والحيوانية ومناطق الشلالات المائية وكذلك المناطق التاريخية والأثرية بالتعاون والتنسيق الفعال مع الجهات المعنية المحلية والقومية بالمملكة، وذلك بحمايتها من الاستخدام والاستغلال الجائر من جانب السكان في منطقة الباحة. كما يجب على الجهات المعنية بعملية التنمية السياحية في منطقة الباحة إعلان المواقع السياحية الطبيعية في المنطقة محميات طبيعية تخضع لقوانين المحميات الطبيعية..

وعلى مديرية الطرق والنقل في منطقة الباحة بذل مزيد من الجهد في مجال إنشاء ورصف وتمهيد الطرق الثانوية والفرعية أو ما يسمى بطرق التغذية التي تربط المواقع الطبيعية السياحية بالطرق الرئيسية، وذلك لتحسين وتأمين إمكانية وصول السائحين والزائرين إلى المواقع الداخلية في الغابات والشلالات والمواقع الأثرية. مع ضرورة إنشاء معاهد علمية أو أقسام علمية بجامعة الباحة لتخريج طلاب مؤهلين علميا للعمل في مجال صناعة السياحة والتنمية السياحية في المنطقة أسوة بمنطقة عسير والطائف، حيث لا يمكن أن يكون النشاط السياحي في المنطقة هو العمود الفقري لاقتصادها في الوقت الراهن ومستقبلا ولا يوجد معهد علمي يتولى تخريج طلاب قادرين على التعامل العلمي مع صناعة السياحة في المنطقة. في حين يجب على مديرية الشؤون البلدية والقروية بالتعاون مع مديرية التجارة والجهات الأخرى في منطقة الباحة تبني خطة علمية مدروسة في منح تراخيص إنشاء وتوطين المحلات التجارية والترفيهية وأيضا الفنادق والشقق المفروشة بحيث تراعى الحد الأدنى للمسافة الفاصلة بين تلك المحلات الجديدة والقديمة، وذلك حتى يمكن توزيعها بدرجة جيدة تحقق التكاملية لحساب خدمة النشاط السياحي في منطقة الباحة».

ويوصى الباحث بـ«ضرورة تدعيم المؤسسات الحكومية المنشآت السياحية والتجارية والترفيهية للقطاع الخاص التي تتوطن في المناطق البعيدة عن المناطق الحضرية في منطقة الباحة، ويمكن ذلك من خلال بيع أراض رخيصة للمستثمرين وإمدادها بشبكة البنية التحتية اللازمة للمشروعات التنموية، مع منحهم تسهيلات وتخفيضات، كأن تحصل على كهرباء رخيصة نسبيا أو مياه مدعمة من قبل الدولة».

وقال: «لا شك أن كل ذلك سوف يشجع عمليات توطين المشروعات السياحية في المواقع المعزولة نسبيا، كما سيساعد على تنميتها اقتصاديا واجتماعيا، ونؤكد أن سياسة المملكة في مجال الدعم المالي والمعنوي للمشروعات التنموية ليست جديدة بل هي سياسة تبنتها المملكة لسنوات طويلة في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين. وأن يقوم جهاز التنمية السياحية في منطقة الباحة بدور أكبر في إقامة المهرجانات السياحية المختلفة التي تراعى فيها العادات والتقاليد وأحكام الشريعة الإسلامية، بحيث يخرج المنتج السياحي نقيا من الشوائب الأخلاقية التي تتنافى مع مفهوم السياحة النظيفة التي تتبناها المملكة، وكذلك تولي جهاز التنمية تشجيع سياحة المؤتمرات التي يمكن أن تعقد في قاعة المؤتمرات الكبرى على مدار العام وبأسعار مخفضة، خاصة في فصل الشتاء.

وكذلك أن تخضع عملية تسعير الخدمات السياحية والتجارية والترفيهية المقدمة من قبل القطاع الخاص للسائحين والزوار، لرقابة الهيئات الحكومية المختصة بصفة دورية، خاصة أثناء الموسم السياحي. ولا يقصد بالرقابة الحكومية هنا تحقيق غبن لأصحاب المشروعات السياحية أو التجارية؛ بل يجب أن يحقق دورها نوعا من التوازن بين طموحات المستثمرين في تحقيق عوائد كبيرة وسريعة، والاستفادة القصوى للسائحين والزوار من الأموال التي ينفقونها بهدف إشباع رغبتهم في الترفيه في الفترة الزمنية التي يقضونها في ربوع منطقة الباحة، وذلك مقارنة بمناطق أخرى مشابهة داخل المملكة وخارجها».

وطالب بتمديد الفترة الزمنية للموسم السياحي بمنطقة الباحة، بحيث يكون مركزا في فترة الصيف والخريف في محافظات الباحة وبلجرشى والمندق والقرى التي تتميز بصيف معتدل في درجة حرارتها مع سقوط الأمطار. أما فصل الشتاء، فيجب أن يكون مركزا على محافظات تهامة وهى المخواه والعقيق وقلوة، التي تتميز بدفئها وصفاء سمائها في فصل الشتاء.. ومن ذلك يمكن تحقيق التكاملية السياحية بين محافظات منطقة الباحة». ونادى بـ«ضرورة أن يقوم جهاز التنمية السياحية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بالمنطقة بحملات دعاية وترويج للمواقع السياحية بالباحة خارج المنطقة، ويجب أن توجه تلك الدعاية لمناطق توليد الحركة السياحية بمناطق المملكة، على أن تكون تلك الحملات مدروسة ومخططة بطريقة علمية حديثة، وأن تكون قادرة على مخاطبة وتغيير عقلية السائح السعودي الذي تعود على قضاء عطلاته في الدول الغربية بصفة خاصة، لأن هذا السائح هو المصدر الخطير في استنزاف الأموال السعودية، إضافة إلى ما تمثله السياحة في الدول الغربية من خطر على الثقافة والعادات والتقاليد العربية والإسلامية».

وعلى النسق ذاته، يتوقع مراقبون للسياحة الداخلية بالمملكة العربية السعودية أن تشهد السياحة الداخلية هذا العام إقبالا كبيرا وبنسبة كبيرة للأسر السعودية التي ستفضل المناطق السياحية الداخلية، ومنها منطقة الباحة، بعد أن شهد عدد من الدول العربية التي كانت وجهتهم للسياحة الخارجية أحداثا كبيرة تحول بين السائح وقضاء إجازته السنوية بصحبة الأسرة في غير بلاده التي تنعم بالأمن والرخاء والاستقرار وانتشار المشاريع الخدمية النوعية في ظل الميزانيات التي حظيت بها مناطق المملكة بوجه عام ومناطق السياحة على وجه التحديد.

منطقة الباحة شهدت هذا العام أمطارا حولتها إلى لوحة جميلة أخاذة من الغطاء النباتي الأخضر الذي يكسو جبالها الشامخة وسهولها وأوديتها عبر سلسلة جبال السراة الممتدة من محافظة الطائف غربا وحتى منطقة عسير شرقا بطول يزيد على مائة وخمسين كيلومترا عبر الطريق السياحي، كما يعتبر كثيرون منطقة الباحة (بلاد غامد وزهران) واسطة العقد بين مصايف السعودية لعدة اعتبارات؛ منها قربها من مكة المكرمة والطائف وجدة، وسهولة العبور إليها عبر الطريق السريع بين الطائف والباحة بعد أن تمت ازدواجيته، وكذا القادمين من المنطقة الوسطى، إلى جانب احتوائها على ما يزيد على أربعين غابة تنتشر على مساحة تزيد على عشرين ألف كم2 تقريبا، جميعها في السراة الممتدة من حدود محافظة الطائف غربا إلى حدود عسير تلونها الأشجار الدائمة الخضرة كالعرعر والطلح والزيتون البري وشجيرات ذات روائح عطرية فواحة وأعشاب طبيعية تحولها إلى بساط أخضر تزينها القرى المنثورة كحبات اللؤلؤ على سفوح الجبال والمتلاحمة على جوانب الطرق الرئيسة التي حولتها إلى مدينة تتسع أفقيا على طول يقارب مائتي كيلومتر تربطها الطرق السريعة حديثا وعلى جنباتها المواقع السياحية التي حظيت باهتمام كبير واستشعار المواطنين بدورهم تجاه زائري منطقتهم من داخل المملكة والدول الخليجية الشقيقة وكل من يبحث عن الراحة واعتدال الجو ومشاهدة السحاب الذي يعانق جبالها الشامخة وينثر على سفوحها وأوديتها حبات البرد ويغسل وجهها المشرق بماء السماء صباح مساء.

ولا يقتصر الأمر على الغابات، بل تضم بين جبالها عشرات المواقع الاستراتيجية التي تمثل أبراجا للمراقبة بين القبائل، من الحصون والقلاع قبل العهد السعودي يعود بعضها لأكثر من 300 سنة.

وفي إطلالة سريعة، كانت لنا لقاءات مع المسؤولين عن الباحة والمجالات السياحية ومدى تشجيعها، حيث جاءت الرؤى والآراء مؤكدة العزم على أن تكون الوجهة السياحية للمواطن والمقيم بما حباها الله من مناظر خلابة وأجواء سحرية وقرى ومواقع أثرية وترحاب من الجميع الذين يرددون عبارتهم المعهودة: «مرحبا هيل عد السيل».

حيث كشف الأمير مشاري بن سعود أمير منطقة الباحة في وقت سابق عن 8 مشاريع تعنى بالتراث العمراني الثقافي، تعمل جهات رسمية في المنطقة بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار على تأسيسها، وبدعم كبير من شركاء التنمية السياحية بالمنطقة. مؤكدا امتلاك المملكة مناطق سياحية، ومنها الباحة، مقومات عالية الجودة، ومقومات أساسية لجعل السياحة عاملا مهمّا للمشاركة في دفع عجلة التنمية.

ورأى أمير الباحة على هامش «ملتقى السفر والاستثمار السياحي» الذي استضافته العاصمة الرياض مؤخرا، تحت عنوان «الاستثمار السياحي في منطقة الباحة»، بحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن السياحة لم تعد ترفا، بقدر ما أصبحت صناعة يقوم عليها اقتصاد دول بأكملها، داعيا المستثمرين لإقامة مشاريع سياحة، مبديا استعدادا لتقديم كل الدعم والتشجيع. وأشار إلى أن السائح لا يحتاج فقط إلى جو منعش أو طبيعة خلابة، بل يحتاج أيضا إلى أماكن يسترخي فيها، ويستمتع بها بصحبة عائلته، خصوصا في فترة المساء.

ولفت إلى أن وجود أماكن جميلة ونظيفة تتوفر فيها المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية، إضافة إلى ملاه للأطفال، سوف يساهم في تمديد مدة إقامة السائح، وبالتالي سيزيد معدل الصرف، مما ينعكس إيجابا على اقتصاد هذه المناطق ويزيد من فرص العمل لأبنائها.

وأبرز الأمير مشاري: «صعوبة إيجاد أماكن لهذا الغرض في مناطق كالباحة، فطبيعة تضاريسها الجبلية وما يتخللها من وديان، تجعل من الصعوبة بمكان إيجاد أراض منبسطة مناسبة بمساحة كافية، وقد بحثنا في الباحة عن مواقع مناسبة، ولكن بعضها مملوك لأشخاص، ويستدعي إقامة مثل هذه المشاريع نزع ملكيتها، مما يتطلب وجود اعتمادات مالية تساهم فيها الدولة والقطاع الخاص من أجل تملكها».

وقال أمير منطقة الباحة: «عندما نذكر منطقة الباحة يتبادر إلى الذهن أنها منطقة للفرص النوعية، وذلك معتمد على موارد المنطقة التي ترتكز على جانبين مهمين؛ الأول هو الموارد الطبيعية، وترتكز على الغطاء النباتي المميز، وتعدد وتنوع المناظر الطبيعية، التي تتراوح بين الصحراوية في الشرق، والجبال والأودية والغابات في الوسط، بالإضافة إلى وجود سهول تهامة التي تتخللها بعض الهضاب، والمناخ اللطيف في الربيع والصيف والخريف، والأجواء الأكثر دفئا في تهامة شتاء، كما أن قرب تهامة إلى البحر، يعطي الزائر فرصه الاستمتاع بالبحر شتاء، وفرصة العمل على قيام سياحة شتوية أيضا؛ إذ إن حرارة ساحل تهامة في الشتاء تتجاوز 30 درجة مئوية». وتطلع الأمير مشاري بن سعود إلى أن تقوم هيئة السياحة بتوفير معلومات إحصائية أكثر تفصيلا مرفقة بتحليل إحصائي من قبل المختصين لديها، لتسهيل مهمة اتخاذ القرار للراغبين في الاستثمار بالمنطقة.

وفي السياق ذاته، أبرز الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار حاجة الباحة لمحور اقتصادي وسياحي، يتمحور حول توظيف أبناء المنطقة، لجعلها مؤهلة للسياحة، لا سيما أن أبناء المنطقة يعملون في جميع مناطق المملكة.

وقال الأمير سلطان: «الباحة اليوم بحاجة إلى تفعيل قطاع السياحة، ويجب أن تكون منطقة سياحية من خلال تطوير مرافق الإيواء السياحي، كما أنها لن تكون منطقة سياحية إلا بتدفق السياح». وأشار رئيس الهيئة إلى أن الباحة لن تحقق نتائج مالية مجزية إلا إذا أصبحت السياحة فيها موردا اقتصاديا، خصوصا أنها تحتضن جملة من الاستثمارات، كما أنها مؤهلة لمراكز الاستشفاء، معتبرا المنطقة «مكسبا» كبيرا لاحتضان مقومات السياحة.

وكيل إمارة منطقة الباحة أحمد بن منيف المنيفي، أكد من جانبه على أن الإدارات الخدمية ذات العلاقة وبالتنسيق مع الإدارة العامة للتطوير السياحي بإمارة المنطقة، بدأت التجهيز لبرامج الصيف وكل ما من شأنه خدمة المصطافين ليس في الصيف فقط؛ بل على مدار العام، تبعا لبيئات الباحة المتباينة التي أهلتها لتكون مصيفا ومشتى بين السراة وتهامة. وأبان أن «هذا العام سيشهد فيه السائح تنوعا جديدا ومواقع سياحية دخلت الخدمة في أكثر من محافظة، وأن ذلك سيمكن من نجاح السياحة الداخلية التي نسعى جميعا لتحقيق أهدافها في بلد الأمن والأمان والرخاء والاستقرار»، ودعا المستثمرين لاستثمار بعض أموالهم لخدمة المنطقة، مركزا على أبنائها في المنطقة وأمهات المدن.

وحول خدمات الأمانة، يقول أمين منطقة الباحة المهندس محمد مبارك مجلي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمانة سارعت العام الماضي وهذا العام بترميم بعض المواقع التي تأثرت بالأمطار أو بالاستخدام من قبل زائري الحدائق والمتنزهات، كما قامت بتجهيز مواقع التنزه للعائلات والشباب في عدد من المواقع والمطلات، وإزالة ما يعوق الجلوس؛ من أفرع الأشجار، وصيانة دورات المياه، فيما تم تركيب عشرات المظلات الجديدة؛ منها واحدة كبيرة على شكل مسرح بـ(حديقة الأمير محمد بن سعود) خاصة بالاحتفالات، كما تمت زيادة المسطحات الخضراء على مساحات واسعة داخل غابتي (رغدان) و(الزرائب) التي أطلق عليها (متنزه الأمير مشاري بن سعود) وتقع على جانب الطريق السياحي المؤدي لمحافظة المندق والعمل جار لصيانة ألعاب الأطفال وتغيير التالف منها وتركيب أخرى في عدة مواقع».

وأضاف: «إلى جانب إنشاء طرق مشاه، وملاعب للأطفال، وجلسات للعائلات، في غابة رغدان. كذلك تغيير الزهور في الميادين والشوارع بصفة مستمرة». مؤكدا أن «المتنزهات التي تتبع الأمانة في محيط الباحة هي 6 متنزهات، و4 حدائق على مساحات تزيد على 50 ألف متر مربع مزودة بالخدمات الضرورية». وعن الأعمال الجديدة بغابة «رغدان»، قال إن «الأمانة قامت بأعمال ستكون مفاجئة للمصطافين وأهالي الباحة، شملت إنشاء أسوار حماية خراسانية على المطلات، ورصف وإنارة وممشى رياضي، وأعمال تكسية بالحجارة، وأحواض زهور، وعمل طبقة إسفلتية بمساحة تزيد على 70 ألف متر مربع، مع توسعة الشوارع الداخلية في الغابة بمساحة تزيد على 35 ألف متر مربع، وإنشاء دورات مياه جديدة في ستة مواقع، ومواقف للسيارات، وأعمال تصريف لمياه الأمطار، وعمل نوافير وشلالات وبحيرة مائية صناعية، وتغطية الأرض بالنجيل الطبيعي.. في حين تم الانتهاء من توسعة وسفلتة قرى في محيط النطاق العمراني للباحة». ويضيف أنه «ستتنوع النشاطات في صيف الباحة بمشاركة واسعة من عدة جهات؛ مثل (التعليم) والنادي الأدبي و(رعاية الشباب) وعدد من الجهات الأخرى على مستوى المنطقة، بما في ذلك محافظاتها في السراة، حيث اعتدال الجو»، مشيرا إلى أنها ستعلن من قبل الأمير مشاري بن سعود أمير المنطقة في مؤتمر صحافي مع بداية الصيف لهذا العام.

من جهته، يتحدث مدير إدارة تشغيل الصيانة المهندس محمد سعيد الزهراني لـ«الشرق الأوسط» عن تطوير غابة «رغدان» أهم غابة في المنطقة، بقوله: «تمت إعادة صيانة متكاملة لغابة (رغدان) ومطلاتها وكذا (الزرائب)»، وتابع الزهراني: «تم عمل ممر للمشاة بغابة (رغدان) بعرض يقارب 4 أمتار وطول 700 متر تقريبا وتم رصفه وإنارته، وأقيم بالغابة مسرح للطفل يتسع لـ300 طفل ولإقامة المحاضرات، وملعب مناسب لرياضة كرة القدم والسلة والتنس والكرة الطائرة وميدان تتوسطه نافورة». وأضاف أنه «تم تسليم جزء من المنطقة المركزية بالغابة إلى أحد المستثمرين بالمنطقة، وأيضا سلمت لأحد المستثمرين ما يقارب 10 أكشاك بداخل الغابة». وحول الرؤية التي حددتها الهيئة العليا للسياحة، أكد رئيس السياحة في الباحة الدكتور محمد ملة، أنها تتمثل في جعل منطقة الباحة وجهة سياحية داخلية ومنتجعا جبليا جذابا يقصده المواطنون طوال العام، خاصة في العطلات كالصيف، مع توفر مرافق عامة وترفيهية متنوعة وبجودة عالية تعكس تراث المنطقة وطبيعتها الخلابة.

وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة يتم تحسين البنية التحتية السياحية وتطويرها وتوفير البيئة الاستثمارية التي تمكن المستثمرين من الشراكة بفاعلية في تنفيذ خطة متكاملة لتنمية سياحية مستدامة تراعي الاعتبارات الاجتماعية والثقافية للمنطقة. «كل هذا يجعل الباحة وجهة سياحية جذابة وذات هوية خاصة تظهر الفرق بينها وبين الوجهات المنافسة كالطائف وعسير، كذلك تطوير سياحة مستدامة من خلال بناء مرافق سياحية حديثة وتمديد الموسم السياحي ليصبح ثمانية أشهر بدلا من ثمانية أسابيع واستغلال مصادر التراث الطبيعي والعمراني وحمايتها وتأهيلها سياحيا، وإيجاد سلسلة من الخدمات الجديدة والمطورة شاملة مرافق الإيواء والمطاعم.» رئيس النادي الأدبي بالباحة أحمد المساعد وجه الدعوة لعموم المثقفين من داخل المنطقة والقادمين من داخل المملكة والدول الخليجية الشقيقة لحضور فعاليات النادي، حيث اعتمد روزنامة من المحاضرات الأدبية والنقدية والأمسيات الشعرية والقصصية واللقاءات الفكرية التي يستضيف فيها نخبة من الأدباء والمشتغلين بالهم الثقافي.

وتقع الباحة في الجنوب الغربي من السعودية، وتنعم المنطقة بأجواء جميلة ومناظر خلابة، وتضم غابات؛ من أشهرها غابة «رغدان»، و«متنزه الأمير مشاري بن سعود» بالزرائب، وغابات بني ظبيان وبيضان وشهبة والغمدة وغابات المندق، وإذا اتجهت إلى بلجرشي تجد غابة «القمع» وهنالك «التليفريك» الذي يربط السراة بتهامة.

وتتنوع الغابات في مدينة الغابات وحجمها ونوعها، حيث يشير موقع سياحي إلى أن أبرزها كما يلي:

غابة «رغدان»: غابة «رغدان» بمنطقة الباحة وجه آخر لطبيعة السياحة بسراة المنطقة.. غابة تتميز باعتدال الأجواء طيلة أيام الصيف، ولكونها تقع على المنحدر الصخري المطل على عقبة الملك فهد بالباحة على ارتفاع يتجاوز 1700 متر عن سطح البحر، فهذا مما يجعل الضباب يتسلق أعالي جبال السراة إلى هذه الغابة، خصوصا في ساعات الصباح الباكر وساعات ما بعد الظهر وحتى ساعات متأخرة من الليل، مما يجعل أجواء هذه الغابة صيفا بين المعتدلة والشتوية الممطرة. ومما يزيد من جمال المتعة في هذه الغابة إلى جانب الارتفاع الشاهق، كثرة مطلاتها على أعماق تهامة وأوديتها السحيقة.

غابات «الحبقة»: يقع متنزه وادي الحبقة على بعد 31 كم من محافظة بلجرشي بمنطقة الباحة. ومما يميز هذا الموقع أنه يجاور الطريق الرئيسي الذي يربط بين منطقتي الباحة وعسير عبر السراة، وهذا ما يجعل الإقبال على هذا المتنزه ليلا ونهارا. هذا المتنزه بمثابة «محطة» سياحية للمسافرين عامة والمصطافين خاصة على مدار العام. ومما يزيد مقومات هذا المتنزه السياحية هو جريان نهره طيلة فترات العام مما يجعله حافلا بخضرة الأشجار التي تشكل في أغلبها أشجارا دائمة الخضرة تتصدرها أشجار الزيتون البري والعرعر والأكاسيا وغيرها من الأشجار والشجيرات البرية. إن وجود التلال التي تجاور الوادي والتي تم تزويدها بجلسات مظللة للجلوس وخزانات ودورات للمياه، يجعل هذا المتنزه من أوائل المتنزهات التي يفضلها الأهالي طيلة العام.

غابات «الجنابين»: تعتبر غابات ومتنزهات أودية الجنابين أحد الأودية التابعة لمركز بالشهم التابع لمحافظة بلجرشي بمنطقة الباحة، الذي يبعد عن المحافظة قرابة 15كم، وينحدر إليه عدد من الطرق الرئيسية المتفرعة من الطريق الرئيسي للمتنزهات الذي يربط بين المحافظة والمتنزهات باتجاه منطقة عسير، وذلك قبل الوصول إلى «سوق الثلاثاء» الشعبي (ثلاثاء الحميد) حيث يتجه الطريق إلى اليسار شرقا عبر طريق مرصوف وآخر ممهد وسط غابات من الزيتون والطلح والعرعر.. ويعبر الطريق إلى أودية الجنابين العديد من الأودية الصغيرة المتداخلة بكثافة أشجارها. غابة «الشكران»: تقع قريبا من حدود المنطقة مع عسير قريبة من بالشهم، وتعد هذه الغابة الثانية في المساحة على مستوى التصنيف العام لغابات المحافظة والثانية على مستوى غابات منطقة الباحة من حيث المساحة. وتبعد «الشكران» عن محافظة بلجرشي قرابة 20 كم على الطريق السياحي الذي يربط بين المحافظة وبين المتنزهات على الطريق الرئيسي المؤدي إلى منطقة عسير.

غابة «القمع»: على بعد 25 كم من محافظة بلجرشي تقع غابة «القمع»، أكبر غابات منطقة الباحة، التي تمتد على تهامة من خلال واجهة جبلية على امتداد أكثر من 4 كم، وتطل على تهامة من ارتفاع يزيد على 1800 متر عن سطح البحر. فيها كل ما يحتاجه الزائر من جلسات ومظلات وفيها «تليفريك» تشاهد منه أجمل المناظر الطبيعية. وحول مشاريع المياه باعتبارها الهاجس الذي يشغل بال سكان المنطقة خاصة في فصل الصيف بعد عودة الأهالي من أمهات المدن وقدوم روادها من داخل المملكة والدول الخليجية الشقيقة بقصد السياحة بما يقارب مليون نسمة تقريبا، أكد مدير عام المياه بمنطقة الباحة المهندس محمد العضيد لـ«الشرق الأوسط» أن مشاريع المياه في الباحة ومحافظاتها حظيت بما يزيد على 5.200 مليار ريال للمشاريع المنفذة والجاري تنفيذها من بداية الخطة الخمسية الثامنة وحتى نهاية السنة الثانية من الخطة الخمسية التاسعة الحالية.

وأشار إلى أن منطقة الباحة ومحافظاتها لن تواجه أية مشكلات نقص في مياه الشرب في صيف العام الحالي، وأن المياه متوفرة طوال العام بطاقة إنتاجية تكفي للسقيا، عن طريق المناهل التي تقوم بتوزيع المياه بالمجان أو التسعيرة الرسمية عن طريق المتعهد الرسمي بالشاحنات التي تزيد على مائة صهريج مختلفة الأحجام عبر 13 موقعا تابعة لمياه عردة والعقيق تخدم قرى السراة والبادية، مرجعا ذلك لوجود مشاريع رئيسة تتمثل في جلب المياه المحلاة عن طريق خط نقل المياه القديم بصورة عكسية من الطائف باتجاه الباحة بما معدله عشرة آلاف متر مكعب يوميا، ومشروع العقيق عبر السد الذي يضخ 24 ألف متر مكعب، ومشروع آبار عردة العشرين الذي يضخ 4000م3 يوميا من طاقته التي تقدر بعشرين ألف متر مكعب، إلى جانب مشاريع المياه المصغرة التي تضخ 5000م3 في القرى والهجر. وتوقع العضيد، بحسب الأعوام الماضية، أن يبلغ معدل الاستهلاك في الصيف أكثر من 30 ألف متر مكعب، مقارنة مع الآن الذي يبلغ اثنين وعشرين ألف متر مكعب يوميا. ومن المشاريع المستقبلية الاستراتيجية التي ستنضم إلى مشاريع مصادر المياه في المنطقة، مشروع سد وادي عردة الكبير الذي تبلغ تكلفته 135 مليون ريال وبطاقة استيعابية تقدر بـ68 مليون م3، حيث تم إنجاز 70 في المائة منه. كما أن «مشروع سد وادي الجنابين الذي تبلغ تكلفته 20 مليون ريال والمنفذ منه 80 في المائة سيغذي بالشهم ومدينة بلجرشي. كما أن هناك مصدرا آخر في تهامة وهو سد الأحسبة المنفذ منه 50 في المائة، وسد وادي عليب الجوفي والسطحي مع حقل الآبار التابع له، وكذلك سد وادي دوقة حتى الآن. ولعل المشروع الأكبر الذي سيجعل منطقة الباحة تنعم بماء وفير هو مشروع الخط الناقل الجديد لمياه التحلية من الشعيبة عن طريق الطائف بتكلفة تصل إلى 1.62 مليار ريال، الذي سيضخ لمنطقة الباحة بعد انتهائه بعد عامين تقريبا 40 ألف م3 في اليوم.. فكل هذه المشاريع التي تم الانتهاء من تنفيذها والمشاريع الجاري تنفيذها ستقضي تماما على شح المياه في المنطقة فتره طويلة جدا من الزمن».

وحول الشبكات الجاري تنفيذها، أكد العضيد أنه تم ضخ المياه إلى المنازل في الباحة وبلجرشي والمندق والعقيق والمخواه وقلوة بنسبة 40 في المائة تغطي بعض أجزاء النطاق العمراني لكل من هذه المواقع، وبعضها تحت التجربة، حيث تتعرض بعض الخطوط المنزلية في الشوارع لبعض المشكلات جراء تنفيذ مشروعات أخرى لجهات خدمية أخرى، مما يعوق وصول المياه حسب ما خطط لها.

وأشار إلى أن العمل جار لاستكمال بقية الشبكات والتوصيلات المنزلية بواقع خمسة مشاريع في بلجرشي ومشروعين في العقيق وثلاثة مشاريع في المخواه ومشروعين في المندق، تمثل المرحلتين الثانية والثالثة، وثلاثة مشاريع في محافظة القرى.