«التقاعد» عند البعض إنذار ببداية «مشكلات الأسرة»

من العمل إلى عالم الفراغ

قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء يسري كثيرا على المتقاعد
TT

حياة التقاعد بعد مرحلة الكر والفر، هي ماسة لمرحلة جديدة، تختلط بها الانطلاقة من جهة، والاستراحة عند فئات أخرى بعد مارثون طويل، من تجاذبات العمل وإرهاصاته.

بكر بصفر، مدير عام التربية والتعليم في منطقة مكة المكرمة، أوضح في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن مرحلة ما بعد التقاعد، هي المرحلة الأهم في حياة الإنسان الراغب في تطوير مهاراته وخبراته واستثمارهما، فهي تعد اللبنة الحقيقة التي ينطلق فيها الإنسان نحو فضاءات أرحب وأعم، وهي فرصة لأن تسخر تلك الخبرات في دعم وتطعيم جميع المؤسسات الأهلية والحكومية.

أما الدكتورة منيرة العكاس، مساعدة مدير عام التربية والتعليم، فقالت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمم المتحضرة، التي شهدت إسهابات فكرية ومهارية، فهي تعد مرحلة ما بعد التقاعد، مرحلة مفصلية، تكتنف في لواعجها، تجليات إبداعية محضة، يترتب عليه سكب عصارة التجارب، والمهارات الميدانية والنظيرة المكتسب، بشكل أنجع.

وذكرت العكاس أن من أهم ما يميز المرحلة التي تلي المرحلة بعد الأول من الشهر السابع، هي أنها تستدعي همم التفكير، وتحاكي خيالات المبدع، الذي ظل حبيس العمل التقليدي، فالتقاعد مرحلة فاعلة ومهمة لكل ذي لب حصيف، في أن يستثمرها استثمارا أرحب، ويجعلها حدائق ذات بهجة، ومعينا لا ينضب في الدفع والمضي في المجتمعات المعرفية، والمراكز البحثية المتميزة.

ولم تخف مساعدة مدير عام التربية والتعليم، في حديثها، أننا في كل عام، حين نحتفل بتكريم متقاعدات ومتقاعدين، فإننا نمحور انطلاقات أكبر، ونضع فيها ملامح لعطاءات وكفاءات مستشرقة عملها الدؤوب، متأملين أن المرحلة المقبلة هي البداية الفعلية والعملية بشكلها الفاعل.

وقالت إن كان كثير من الأزواج يفكرون في إنهاء حياتهم العملية، وأخذ قسط من الراحة بعد عناء كبير، إلا أنها بداية لأزمات كبيرة تشهدها العائلات في السعودية، فهي تنذر ببداية مشكلات في البيت تخلقها جلسة الرجل في المنزل، وتفانيه في اختلاق المشكلات، وتكبيرها، وهو ما تقول عنه أمينة الصاعدي، ربة منزل، بأنها كانت تتمنى أن ترى زوجها قريبا منها، وحين بدأت سن التقاعد، وجدت أنها بداية نحو مزيد من التأزم العائلي، فمنهن من تتمنى أن زوجها لم يتقاعد، ومنهن مَن تدعي بالعون لكل السيدات اللاتي سيتقاعد أزواجهن في الفترة القريبة، يحملن أبرز الهموم التي تحملها الزوجة لتقاعد زوجها.

وقالت هند العوفي، التي تروي حالة زوجها المملة بعد التقاعد، قائلة: «زوجي كان مديرا في إحدى الشركات الكبرى، ومنذ تقاعده قبل خمس سنوات، ونحن في خلافات مستمرة؛ لأنه لم يدخل في مشروع، أو أي عمل آخر بعد تقاعده، وأصبح يتدخل في جميع أمور المنزل صغيرها وكبيرها، بسبب وقت الفراغ الذي يعيشه في البيت، خاصة أنه لا يخرج إلا عند شراء مستلزمات المنزل، والعودة بعدها»، مشيرة إلى «زعله» المتكرر، خاصة عند خروجها من المنزل لزيارة أقاربها، وكأنه يغار من خروجها، وبقائه في المنزل.