الجامعيون في التخصصات النادرة.. بين مطرقة جشع المدرسين الخصوصيين وسندان الرسوب

أحدهم أحضره بـ500 ريال للساعة.. وآخر بـ8 آلاف ريال للمادتين

التخصصات النادرة تكلف الملتحقين بها مبالغ طائلة لاستقطاب مدرسين خصوصيين للمواد التي يدرسونها («الشرق الأوسط»)
TT

بدأ آلاف الطلاب والطالبات الدارسين في الجامعات السعودية، امتحانات نهاية العام الدراسي التي انطلقت الأسبوع الماضي، حيث بدأت الاستعدادات الطلابية لحشد الأسلحة العلمية هذه الأيام بالتحديد لمواجهة عاصفة الامتحان بأكبر قدر من الجهوزية والثبات؛ إذ تشكل الدروس الخصوصية أهم سلاح لمواجهة الامتحانات، خصوصا لطلبة التخصصات العلمية النادرة التي يصعب الحصول على معلم لها.

وأكد عدد من الطلاب الدارسين في التخصصات العلمية مثل الكيمياء والهندسة والطب الذين التقت بهم «الشرق الأوسط» أن الحصول على معلم خصوصي لتخصصاتهم التي يدرسونها أشبه بالخيال للسعر المبالغ فيه ودمج الطلبة في مجموعات مما قد يضيع الفائدة.

يقول عبد الله المسعري الذي يدرس في المستوى الأخير بكلية الهندسة إن تراكم المعلومات وترابطها وتداخلها يجبرهم على الاستعانة بالمدرسين الخصوصيين لشرح بعض الجزئيات وتفسيرها، و«لكن المشكلة الكبرى تكمن في الحصول على معلم مناسب ناهيك بالسعر الذي يفرضه، الذي يضطر معه الطالب رغم أنفه إلى الموافقة لتلافي الرسوب». وأكد أن أسعار المعلمين لتخصصاتهم النادرة أشبه ما تكون بالخيالية، حيث إنه استعان مؤخرا بمعلم استطاع الظفر بخدماته بعد ماراثون طويل في تخفيض الأسعار اتفق معه على شرحه أحد المواد بمبلغ ستة آلاف ريال بواقع 500 ريال للساعة الواحدة، موضحا أن المعلم لا يخرج من الحصة إلا بعد تسلم مستحقاته كاملة وإلا لن يعود إليه مرة أخرى.

وحول مدى استفادة الطلبة من هذه الدروس في الساعات الأخيرة قبل الامتحان، أشار محمد العنزي، طالب ماجستير في كلية المحاسبة، إلى أن هذه الغلطة يقع فيها معظم الطلبة الذين يجدون أنفسهم لا يفقهون معظم أجزاء المنهج قبل بدء الامتحان نتيجة للإهمال طوال السنة، متسائلا عن كيفية استيعاب مئات الصفحات خلال ساعات محدودة، لافتا إلى أن تقسيم المذاكرة على طول السنة هو الخيار الأمثل لتجاوز عقبة الاختبار بنتائج ممتازة، دون الاضطرار لدفع مبالغ خيالية لمحتالي التعليم.

وأضاف أنه قبل سنوات قليلة وخلال دراسته المرحلة الجامعية اضطر إلى إحضار معلم خلال الأيام القليلة التي تسبق الامتحان بمادة المحاسبة المتقدمة بمبلغ ثلاثة آلاف ريال مقسمه على عشر ساعات وفي مجموعات دراسية تضم ما يزيد على خمسة طلاب باءت نتيجتها برسوب أغلب الملتحقين بها.

من جهته، أوضح مازن الخشيفاني أن تخصصه في الكيمياء الحيوية كلفه آلاف الريالات في كل فصل دراسي منذ دخوله الكلية منذ ثلاثة أعوام، حيث إنه يضطر، بحسب قوله، إلى استقطاب معلم لمادة أو أكثر لكل فصل دراسي بمبالغ مختلفة، مشيرا إلى أنه يتعامل حاليا مع معلم بمبلغ ثمانية آلاف ريال مقسمة على مادتين مجموع ساعاتها 18 ساعة، مناشدا شؤون الطلاب في الكليات باستحداث فصول تقوية للطلاب تكون برسوم رمزية لتعم الفائدة ويستطيع الاستفادة منها جميع الطلبة، خصوصا الذين لا تمكنهم أوضاعهم المادية من الاستعانة بمعلم خصوصي، وأن لا يتركونهم عرضة لجشع بعض المعلمين الذين يجدون في تخصصهم منجما للذهب. وعزا الدكتور ناصر حسن، الخبير في الشؤون التعليمية، الاستعانة بمعلمين خصوصين إلى الجهل الشديد في التكنولوجيا بين الطلبة، حيث إن ثورة الإنترنت لم تترك لأحد عذرا لأن يقول «لا أعرف وسأدفع من أجل الحصول على معلومة»، موضحا أأن الاتكالية وعدم التعب لإحضار المعلومة؛ جميعها أسباب لاستغلال هؤلاء الطلبة الذين يقعون في شراك سماسرة التعليم، مبينا أن الإنترنت يوفر جميع مصادر المعلومات بأسهل الطرق ودون دفع مبالغ لهؤلاء المعلمين.

يشار إلى أن هناك دراسة حديثة أجرتها وزارة التعليم العالي تؤكد تحقيق السعودية تقدما غير مسبوق في نمو عدد الطلاب المستجدين والمقيدين في مؤسسات التعليم العالي، وزيادة في استيعاب الطلاب والطالبات، إضافة إلى زيادة أعضاء هيئة التدريس بما مجموعه 489 في المائة على مدى 20 عاما. وبرهنت الدراسة، التي عرضت جانبا من المؤشرات السعودية القائمة على البيانات المصنفة وفق التعريفات الدولية المعتمدة من «اليونسكو»، على أن التعليم العالي حقق قفزات هائلة، تمثلت في نمو هائل لأعداد الطلبة المستجدين والمقيدين والخريجين.