موقع «فيس بوك» الشهير.. من صانع ثورات إلى «محقق» لطموحات الشباب

بعد أن توج أكثر من 100 شاب وشابة في السعودية

صورة جماعية تضم الفائزين بمسابقة الغرافيتي («الشرق الأوسط»)
TT

بعد أن ارتبط اسمه بصناعة الثورات في معظم الدول العربية، بات موقع «فيس بوك» الشهير للتواصل الاجتماعي مصدرا لتحقيق الأحلام والطموحات في السعودية بعد أن توج نحو 100 شاب وشابة ليضعهم على أول خطوة من خطوات النجاح، وذلك من خلال مسابقات متعددة انطلقت عبر صفحات رسمية لاستهداف فئة الشباب.

وتتضمن تلك المسابقات التي شهدتها مدينة جدة مؤخرا مسابقة الغرافيتي للرسم على الحواجز الإسمنتية التي استهدفت فئة الشباب تحديدا، في حين كان للعنصر النسائي نصيب في المشاركة بمسابقة تصميم الأزياء وأخرى جاءت بعنوان أجمل اقتباس أو جملة للتعبير عن المرأة.

عبد الله غلمان، أصغر الفائزين في مسابقة الغرافيتي للرسم على الحواجز الإسمنتية، وابن الـ14 ربيعا، يرى أن هذا الفن استهواه منذ أن كان في الثامنة من عمره، لا سيما أنه يجمع بين الخط والرسم اللذين يعتبرهما هوايته المفضلة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كنت دائما أحاول الدمج بين هذين العنصرين للخروج بفن غرافيتي، خصوصا أنني التحقت بمعاهد للرسم والخط وحققت مراكز متقدمة في مسابقات كثيرة على مستوى مدينة جدة». وأشار إلى أنه كان يتعرض للعقاب من قبل إدارة مدرسته جراء ممارسته للرسم على جدران المدرسة في بداية الأمر، إلا أن تلك العقوبة تحولت لنجاح وإنجاز بعد أن خصص له مدير المدرسة مساحات معينة لتفريغ مواهبه من خلالها. وأضاف: «تتضمن مشاركتي في مسابقة الغرافيتي للرسم على الحواجز الإسمنتية تجسيد نافورة جدة وكتابة عبارات مفادها (جدة غير)، التي نفذتها على 4 حواجز إسمنتية لا تتجاوز مساحة كل منها مترين مربعين».

وشدد على حاجتهم لتعاون شخصيات المجتمع ورجال الأعمال ومساعدتهم في إيجاد مساحات وأراض فارغة يفرغون عبرها طاقاتهم عوضا عن الرسم في الشوارع ومن ثم تعرض رسوماتهم إلى الإزالة من قبل الجهات المعنية. في حين أفاد ضياء وليد الحائز المركز الأول في المسابقة بأن الفن الغرافيتي بالنسبة له تحول من هواية إلى عمل، وذلك بعد أن أصبح ينفذ طلبات للشركات وبعض أفراد المجتمع والمتعلقة بالرسم على الجدران.

وقال «رسمت لوحة يدور مفهومها حول (جدة غير)، وذلك على مساحة 10 أمتار من الحواجز الإسمنتية»، مبينا أن الفن الغرافيتي لم يكن معترفا به، خصوصا أن الكثير يعتبرونه تخريبا للمرافق العامة، غير أنه بدأ يلاقي اهتماما في الآونة الأخيرة. بينما أوضح صديقه عبد العزيز حسن الذي حصل على المركز الأول بالمناصفة مع ضياء خلال مسابقة الغرافيتي للرسم على الحواجز الإسمنتية أنه بدأ فعليا بممارسة تلك الهواية منذ نحو 5 سنوات، مؤكدا أن هذا الفن يعد انطباعا ذاتيا، مما يدفع بالبعض إلى الرسم في الشوارع، في حين يرى آخرون أنه فن راق لا يتم تنفيذه إلا في أماكن معينة.

وقال خلال «تمثلت مشاركتي خلال المسابقة في رسم الكثير من الشخصيات التي كانت من وحي الخيال، مع كتابة عبارات باللغتين العربية والإنجليزية التي تجسد أيضا مفهوم (جدة غير)»، مشيرا إلى أنه يطمح للوصول إلى العالمية.

واستطرد في القول: «نحن بحاجة إلى الدعم الكبير من الجهات المعنية وتخصيص جهة شبيهة ببيت الفنانين التشكيليين، وذلك من أجل الحصول على اسم دولي نستطيع من خلاله المشاركة باسم السعودية في مسابقات ومحافل دولية».

كما أسهم موقع «فيس بوك» أيضا في تتويج المتسابق علي باقبص، ليفوز بلقب معجب الجماهير في هذه المسابقة من خلال التصويت على موقع التواصل الاجتماعي الشهير، وذلك بعد أن حصل باقبص على أعلى تقييم من قبل المعجبين بفن الغرافيتي، حيث حصد أكثر من 450 صوتا من أصل 2200 معجب صوتوا لجميع المتسابقين.

فاطمة باعظيم الفنانة التشكيلية السعودية والمشرفة على مسابقة الغرافيتي، ذكرت أن هذه المسابقة تعد الأصعب والأولى من نوعها على مستوى السعودية كونها تخصصت في الرسم على الحواجز الإسمنتية بارتفاعات صغيرة، في حين أن الفن الغرافيتي عادة ما يكون على مساحات كبيرة.

وقالت «تم التجهيز للمسابقة في غضون 3 أيام وذلك عن طريق صفحة تم تخصيصها على موقع (فيس بوك)، بينما فتحنا أبواب التسجيل قبل يومين من بدئها الفعلي»، موضحة أن ما يقارب 66 شابا فازوا بنحو 33 جائزة بعد أن حققوا مراكز متكررة.

وتوقعت أن يتم تنظيم هذه المسابقة بشكل سنوي، خاصة أن الفن الغرافيتي بدأ يحقق انتشارا واسعا بين الأوساط السعودية، حيث إن إحدى المسابقات خلال موسم الصيف الماضي شهدت تقدم أكثر من 100 متسابق عبر موقع «فيس بوك» من مختلف مدن المملكة.

وزادت: «تعد مثل تلك المسابقات متنفسا للشباب، لا سيما أن هذه المسابقة كانت بمثابة إخراج شباب مدينة جدة من الجو الكئيب الذي لازمهم على خلفية المشاهد الصعبة التي شاهدوها خلال كارثة جدة، وهو ما دفع بنا إلى تحديد محاور المسابقة ضمن إطار عكس الجانب الإيجابي لعروس البحر الأحمر والابتهاج بقدوم خادم الحرمين الشريفين إليها».

من جهته، أبان محمد عسيري مدير التسويق في مجمع رد سي مول التجاري، أنه تم تقديم جوائز مالية بلغت نحو 5 آلاف للمتسابقين الحاصلين على المراكز الثلاثة الأولى، بينما حصل كل مشارك في المسابقة على جوائز بلغت قيمتها 500 ريال لكل واحد منهم.

مسابقة أخرى، استهدفت العنصر النسائي، انطلقت أيضا عبر موقع «فيس بوك»، والتي من خلالها تم تتويج نحو 30 فائزة ليفزن بمنح دراسية مجانية تتمثل في برنامج تدريبي لتصميم الأزياء مدته سنة واحدة يتضمن فترة التطبيق العملي في استوديو تصميم الأزياء لدى إحدى شركات صناعة الأزياء.

ولم ينته الحماس عند هذا الحد، بل إن أعضاء موقع التواصل الاجتماعي الشهير وإقبالهم زاد من خلال مسابقة إضافية انطلقت بالتزامن مع شهر المرأة، التي أطلقتها الشركة نفسها من أجل إتاحة الفرصة للتعبير عن كل من الأم والأخت والابنة والزوجة بأجمل وألطف اقتباس أو جملة.

وأوضح إياد مشاط المدير التنفيذي لشركة «فاد» العالمية ومؤسس ماركة (Femi9)، الشركة الراعية للحملة، أن هذه الفكرة احتاجت إلى كمّ كبير من تكاتف الجهود من مختلف فئات المجتمع ممثلة بمؤسساته وأفراده لإنجاح فعالياتها.

وأضاف: «شهد شهر أبريل (نيسان) الماضي نجاحا باهرا على كافة المستويات طوال فترة هذه الحملة، حيث لمسنا تفاعلا غير مسبوق من المجتمع السعودي والعربي تجاوبا منه مع المرأة وتكريمها في مختلف نواحي الحياة».

بينما ذكر محمد قناعة مدير عام التشغيل بالشركة أن المسابقة استمرت لمدة شهر كامل على موقع «فيس بوك»، حيث أتيحت الفرصة للمشاركات الإجابة عن مجموعة من الأسئلة المباشرة، والفوز بقسائم شرائية مقدمة من ماركة «Femi9» النسائية.

وبين أن المسابقة لقيت استجابة هائلة وصدى واسعا بين مختلف فئات المجتمع، حيث سجلت صفحة «فيس بوك» نحو 22 ألف مشاركة من السعودية وخارجها، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه تم تقديم 30 منحة على شكل برنامج دراسي وتدريبي لتصميم الأزياء لمدة عام كامل لتأهيل الفائزات بشكل جيد وتمكينهن من دخول سوق تصميم الأزياء والحصول على فرصة العمل التي يتطلعن إليها.

وزاد: «في نهاية البرنامج التدريبي ستقوم femi9 بتوظيف أفضل 5 طالبات من أصل 30 للعمل كمصممات أزياء لدى قسم التصميم في الشركة، إلى جانب أنه تم إعلان أسماء الفائزات لهذه المنح الدراسية عبر صفحة حملة شهر تقدير المرأة الرسمية على (فيس بوك)».