السعودية تطلق مشروعا يلزم مرور المتنازعين بـ«مكاتب الصلح» قبل الوصول للقضاء

وزير العدل: لقد أغرقنا أنفسنا بقضايا كان يمكن حلها.. و60% من القضايا الواردة «أسرية»

TT

لن يقف بعد اليوم المتنازعون أمام المحكمة في السعودية، إلا بعد أن يمروا على «مكاتب الصلح» التي أعلنت عن إنشائها وزارة العدل أمس، بغية امتصاص القضايا قبل وصولها إلى قاعات المحاكم.

ووقعت وزارتا العدل والشؤون الاجتماعية في العاصمة الرياض، أمس، مذكرة تفاهم، لتفعيل دور الاختصاصيين الاجتماعيين في المحاكم السعودية، للعب دور في إنهاء القضايا قبل وصولها إلى المحكمة، وذلك بعد اكتشاف أن أكثر من نصف القضايا التي ترد إلى القضاء السعودي هي «قضايا أسرية».

واعترف الدكتور محمد العيسى، وزير العدل، بأن القضاء السعودي أغرق كثيرا بقضايا كان يمكن حلها قبل وصولها إلى منصة التقاضي.

وقال العيسى، أمام جمع من المهتمين: «نحن في القضاء قد أغرقنا كثيرا بقضايا كان بالإمكان حلها ببدائل التقاضي أو القضاء البديل».

وألقى وزير العدل باللائمة على غياب مكاتب الصلح بين المتنازعين في القضايا التي ترد إلى القضاء السعودي. وقال: «إن القضاء البديل يعود بنتائج عظيمة على المجتمع في ألفته وصلاحه وائتلافه فيما بينه؛ حيث يخرج من القضاء اثنان أحدهما راضٍ والآخر ساخط، والألفة بينهما قد انصدعت».

ولفت وزير العدل السعودي إلى أن القضاء «يعالج آثار المشكلة، وهي النزاع، ولا يعالج جذورها، وأنه (أي القضاء)، لا يمكن أن يتصدى لكل ما أغرق به من إشكالات كان بالإمكان حلها عن طريق الوساطة والتوفيق والخبراء ومكاتب الصلح، لكن ما لا يمكن حله عن طريق القضاء فإن القضاء يتصدى له، وهو واجبه».

جاءت هذه التأكيدات من الرجل الأول في المؤسسة العدلية في السعودية، في أعقاب توقيعه اتفاقا مع زميله في الحكومة، وزير الشؤون الاجتماعية يوسف العثيمين، لتفعيل دور الاختصاصيين الاجتماعيين في المحاكم السعودية.

وقال وزير العدل: «نحن في الوزارة نستشعر كثيرا أهمية الدور الاجتماعي في المحاكم، وسنعمل على أن يكون الاختصاصي الاجتماعي من أعوان القضاء والقضاة، لما له من دور في التخفيف من أعباء التقاضي وفي الحل الودي، بل في معالجة نتائج الانفصال الزوجي عن طريق النفقة أو الحضانة أو سوى ذلك».

وأسف الوزير السعودي للدور المغيب للاختصاصيين الاجتماعيين في المحاكم السعودية، مشددا على أهمية وجود هؤلاء في المحاكم لاحتواء القضايا قبل وصولها إلى القضاة.

وشدد العيسى على أن وزارة العدل اضطلعت بمسؤوليتها في إيجاد بدائل التقاضي؛ حيث قدمت مؤخرا مشروعا لتنظيم بدائل التقاضي مشمولا بمواد وأحكام تضع النقاط على الحروف وتجعل القضاء يسير مسيرته التي يرجى أن يكون فيها من الإسناد والعون ما يفي بالغرض». وقال: إن حجم القضايا الأسرية وإشكالات الشأن الاجتماعي تتصدر قائمة القضايا التي ترد إلى المحاكم بنسبة 60%، لافتا إلى أنه كان بالإمكان حل جُل تلك القضايا عن طريق مكاتب الصلح.

وأكد الوزير السعودي سعي وزارة العدل إلى إيجاد آفاق ورؤى وطروحات ترسم «خارطة طريق» تعزز من دور الإصلاح في المحاكم ومن دور الشؤون الاجتماعية والاختصاصي الاجتماعي في هذا الشأن. وأفاد بأن هناك مشروع نظام باسم «وساطة التوفيق»، تم رفعه تمهيدا لإقراره، وهو مشروع يلزم في حال إقراراه بأن يمر الجميع من خلال هذه المكاتب، وفي حال لم يقتنع بهذه المكاتب وما تنتهي إليه فإن القضاء يحسم ويبت في أي إشكال.

وأضاف وزير العدل أن هناك مشروعا لا يزال تحت الدراسة حول الأشخاص الذين لا يحضرون للمحكمة أثناء الطلب منهم وتبليغهم، وقال إن هذه الدراسة مصحوبة باستراتيجية وزارة العدل في معالجة بطء التقاضي، لافتا إلى أن عدم جدية البعض في حضور الجلسات يؤثر على الخصم ويؤثر على المواعيد ويربك مواعيد الجلسات القضائية ولا بد من حزم في هذا الجانب.