برنامج مسح وطني للكشف عن الأمراض النفسية

بتحالف جهات محلية وعالمية تحت مظلة مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة

تحالفات محلية ودولية تهدف إلى التصدي للأمراض النفسية في البلاد وآثار ضغوط الحياة على المجتمع السعودي (تصوير: أحمد فتحي)
TT

تنطلق في السعودية أعمال المسح الأول من نوعه في مجال الصحة النفسية بتحالف عدد من كبريات الجهات البحثية والعلمية والخيرية في البلاد، إلى جانب جهات دولية مرموقة، تحت مظلة مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، على أن تنتهي أعمال هذا البرنامج خلال 3 أعوام، في وقت تشير فيه التقديرات إلى وجود 450 مليون شخص في العالم يعانون الاضطرابات النفسية.

كان الأمير سلطان بن سلمان، رئيس مجلس أمناء مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، قد وقع، أول من أمس السبت، عددا من الاتفاقيات لتنفيذ «البرنامج الوطني للصحة النفسية في السعودية»، إلى جانب عدد من اتفاقيات الشراكة، بين المركز وكل من وزارة الصحة، ووزارة الشؤون الاجتماعية، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وجامعة الملك سعود، ومؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود، إلى جانب شركاء المركز من المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية، وجامعة هارفارد، وجامعة ميتشيغان.

واعتبر الأمير سلطان بن سلمان، رئيس مجلس أمناء مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، البرنامج المسحي، أحد أهم البرامج الوطنية الحالية التي ستؤتي ثمارها في القريب العاجل، واصفا إياه بأنه أول دراسة للقيام بعملية مسح شامل في السعودية للأمراض النفسية، وتحديد مسبباتها، ومدى انتشارها في المجتمع، وتسليط الضوء على آثارها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، ثم بلورة برنامج متكامل لمدى انتشارها في المجتمع، ومعالجتها، مشددا على أهمية الدراسة لما توفره من رؤية واقعية تساعد في توفير التخطيط الصحي الخدمات اللازمة للوقاية والعلاج والتأهيل في السعودية.

وقدم رئيس مجلس أمناء المركز شكره لعبد الرحمن التركي، العضو المؤسس لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، رئيس مجلس إدارة شركة «أبراج كابيتال» على دعم هذا المشروع الإنساني؛ حيث دعمت الشركة مشروع البرنامج المسحي بمبلغ قدره 7.5 مليون ريال (مليونا دولار)، مقدرا، في الوقت نفسه، دور أعضاء المركز المؤسسين، وجمعية الأطفال المعوقين التي احتضنت المركز، إلى جانب الجهات التي تشارك في هذه الدراسة المسحية.

ولفت الدكتور محمد خشيم، وكيل وزارة الصحة لشؤون التخطيط والتطوير، إلى أن البرنامج سيستغرق 3 أعوام، مشيرا إلى أن الوزارة هي المسؤولة عن المسح بالكامل، وزاد: «بدأنا في المرحلة التجريبية، وجندنا 30 متخصصا من قبل الوزارة لإتمام المرحلة التجريبية التي انطلقت في بعض المدن والقرى في البلاد، والآن سينطلق المشروع الكبير الذي يخدم آلاف المرضى عبر زيارتهم في بيوتهم».

وأكد الدكتور خشيم أن الهدف الرئيسي من وراء البرنامج هو معرفة مدى الأمراض النفسية في المجتمع السعودي، وتحديد وضع الصحة النفسية عموما، ونقيس كل ما يؤثر على الصحة النفسية، وأثر ضغوط الحياة على الوضع النفسي للمجتمع.

وسيتم تنفيذ البرنامج على ثلاث مراحل، الأولى: لتجهيز فريق البحث وترجمة الاستبانة (الأداة)، أما المرحلة الثانية فهي عبارة عن جمع البيانات، بينما ستشكل المرحلة الثالثة تحليل المعلومات التي تم تجميعها والحصول عليها من قبل فرق البحث.

ويعتبر المسح الوطني للصحة النفسية وضغوط الحياة في السعودية بحثا وبائيا ميدانيا، وسيجرى على عينة ممثلة لسكان المملكة القاطنين في الحضر والأرياف، وستشمل عينة الدراسة التجريبية 10 آلاف شخص، يتم اختيارهم من الجنسين الذكور والإناث الذين تقع أعمارهم في الفئة العمرية من 15 - 65 سنة. ويتم اختيارهم بشكل عشوائي من كل أسرة يقع عليها الاختيار حسب توزيع العينة العشوائي، الذي سيغطي مناطق المملكة الـ13.

وستتم مقابلة أفراد عينة البحث وجها لوجه في منازلهم بواسطة فرق مدربة ومعتمدة من قبل خبراء المسح العالمي للصحة النفسية؛ حيث يحتوي كل فريق على رجل وامرأة لمقابلة الرجال والنساء، كل حسب جنسه، عبر استمارة خاصة تستخدم في هذا المسح؛ حيث قام فريق سعودي من الأطباء النفسيين والمترجمين المعتمدين بترجمة هذه الاستبانة، وتعديلها بما يتناسب مع بيئة المجتمع السعودي.

وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها ستزود العاملين في الصحة النفسية ومتخذي القرار برؤية تساعد في توفير الخدمات اللازمة للوقاية والعلاج والتأهيل في السعودية، وذلك من خلال البيانات والمؤشرات التي يتم الحصول عليها من هذه الدراسة.

وتساعد الدراسة في تقدير الأمراض النفسية في مختلف مناطق البلاد، وتقدير الإعاقة الناتجة عنها ومدى تأثيرها على ذوي الإعاقة وأسرهم، وكذلك تقدير معدلات انتشار الحالات النفسية. إلى جانب أهداف شاملة ذات أبعاد مختلفة، وهي الأبعاد الإنسانية التي تتعلق بما يعانيه الإنسان من الاضطرابات النفسية وحقوقه التي يكفلها له القانون بالعلاج والوقاية والتأهيل، والأبعاد الاجتماعية التي تنعكس على حياة الإنسان من خلال علاقاته الاجتماعية ومدى تأثيرها على حياته اليومية، وكذلك الأبعاد الاقتصادية؛ حيث إن الإحصاءات التي تم التنويه بها سابقا بينت مدى التأثير الاقتصادي.

تجدر الإشارة إلى أن فريق البحث الذي يتولى تنفيذ البرنامج يتألف من الدكتور عبد الله السبيعي، المنسق الإكلينيكي للبحث، والدكتورة ياسمين التويجري، المنسق العلمي، والأستاذة منى شهاب، مديرة البرنامج للتنسيق الإداري، وتساعدها في ذلك فداء التويجري، ويجري تنفيذ هذه الدراسة تحت إشراف المدير التنفيذي لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة الدكتور سلطان بن تركي السديري.