عودة مخاوف البراكين في العيص.. و«المساحة الجيولوجية» تبث التطمينات

مطالب بإلزام السكان بالتقيد بمعايير مقاومة الزلازل في المباني

TT

عادت المخاوف من إمكانية تجدد البراكين في منطقة العيص في السعودية إلى الواجهة مرة أخرى، في وقت بثت فيه هيئة المساحة الجيولوجية تطمينات في هذا الصدد.

وأكد مصدر مسؤول في هيئة المساحة الجيولوجية عدم وجود أي احتمالات تشير إلى فوران بركان في منطقة العيص، إلا أنه ذكر أن تزايد الأنشطة داخل الأرض أو تحرك وارتفاع الصهارة البركانية بها من شأنه أن يدل على إمكانية حدوث براكين في المنطقة.

وأشار الدكتور زهير نواب، رئيس هيئة المساحة الجيولوجية، إلى أن النشاط في منطقة الجزيرة العربية وساحل البحر الأحمر بشكل عام موجود ومستمر منذ ملايين السنين، حيث إن آخر بركان شهدته منطقة العيص كان قبل ما يقارب ألف سنة، وهو ما لا يعرفه سكان المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن يثير الذعر في نفوسهم إذا ما سمعوا بإمكانية وجود حركة بركانية في منطقتهم.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تقوم الهيئة بمراقبة تلك التغيرات بشكل مستمر، غير أنه لا يمكن معرفة أوقات الزلازل، إلى جانب أن احتمالية حدوثها تعد ضعيفة باعتبار أن منطقة الجزيرة العربية لا تصنف ضمن المناطق العنيفة».

يأتي ذلك في وقت ترددت فيه معلومات حول وجود مؤشرات علمية تعزز احتمالية حدوث بركان في منطقة العيص، مما أثار الذعر بين أوساط المجتمع السعودي، وهو ما نفاه رئيس هيئة المساحة الجيولوجية.

وأضاف: «لا توجد أي تأكيدات على احتمالية حدوث بركان في منطقة العيص، إلا أن المنطقة ديناميكية تحوي كافة الحرّات البركانية منذ ملايين السنين، وهو ما يجعل نشاطها مستمرا»، مبينا أن أحداث الزلازل والبراكين تعتبر جزءا من منطقة الجزيرة العربية.

وأوضح أن ارتفاع درجات الحرارة ليس له أي تأثير على احتمالية حدوث بركان في المنطقة، واستطرد في القول: «إن سكان المنطقة يشعرون بالحركات التي تحدث في باطن الأرض، وهم متعايشون معها بشكل طبيعي كونهم يعتبرون ضيوفا عليها باعتبار أن البراكين في الساحل الغربي بالسعودية موجودة منذ 30 مليون عام، وستستمر لملايين السنين أيضا»، لافتا إلى أن تاريخ الإنسان المعروف يعد أقل بكثير من تلك السنوات، الأمر الذي ينبغي تقبله.

وطالب رئيس هيئة المساحة الجيولوجية العلماء المتخصصين في هذا الشأن بضرورة الابتعاد عن إثارة الرأي العام كما لو أن وقوع الزلازل قريب جدا، وذكر أن الدولة استبقت ذلك الموضوع من خلال إيجاد معايير البناء ومقاومة الزلازل، غير أنه من المفترض إلزام الناس بتطبيقها وعدم تركها كمجرد خيار أمامهم، وذلك تحقيقا لسلامتهم.

مصدر مسؤول في أمانة محافظة جدة (فضل عدم ذكر اسمه) رد خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» على تلك المطالبات بقوله: «إن جميع المباني تلتزم باشتراطات الكود الخاص بالزلازل، لا سيما أن تلك الاشتراطات والتعميمات موجودة منذ 20 عاما»، مؤكدا أن الأمانة تلزم كافة المكاتب الهندسية بتقديم خرائط معتمدة ومطابقة للاشتراطات الخاصة بالزلازل.

ولكنه استدرك قائلا: «لا نعلم مدى التزام تلك المكاتب بتطبيقها على أرض الواقع، غير أنه في حال مخالفتها لهذه الاشتراطات فإنه يتم تطبيق نظام الغرامات والمخالفات الصادر من مجلس الوزراء».

وكانت الهزات الأرضية عادت مجددا إلى حرة الشاقة في منطقة العيص منتصف شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي بقوة 3.9 درجة على مقياس ريختر، وذلك بعد 3 أشهر من هدوء النشاط الزلزالي، رصدتها محطة الشبكة الوطنية التابعة لهيئة المساحة الجيولوجية، في وقت طمأنت فيه الهيئة سكان المنطقة من نتائج الهزة.

وأوضح حينها المهندس هاني زهران، مدير المركز الوطني للزلازل والبراكين في الهيئة، لـ«الشرق الأوسط»، أن الهزة الأرضية وقعت داخل حرة الشاقة، شمال غربي العيص بنحو 35 كيلومترا.

ووصف الهزة بالطبيعية، وأنه لا خوف منها، وقال: «الهزة التي بلغت قوتها 3.9 درجة بمقياس ريختر كان عمقها 6.96 كيلومتر»، مشيرا إلى أن المركز يرصد بشكل شبه يومي عددا من الهزات تتراوح بين 10 و20 هزة أرضية، جميعها أقل من درجتين على مقياس ريختر.

واستطرد في القول: «إن الهزات الأرضية، والمؤشرات الحرارية التي تحدث في المنطقة طبيعية جدا، وأتوقع أن لا يكون سكان المنطقة قد شعروا بها بسبب بعد مسافتها عنهم».

وكان الدكتور زهير نواب قد أوضح في تصريحات سابقة خص بها «الشرق الأوسط» أن سكان العيص وما حولها، التي تعرضت لهزات زلزالية مؤخرا، قد تعودوا على الهزات التي يصل أقواها إلى 3.30 درجة بمقياس ريختر باعتبار أن منطقة الحرات منطقة هزات طبيعية.

وأضاف نواب أن «منطقة الحرات يمكن أن تحدث فيها الهزات في أي وقت، ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بوقتها، وعلى السكان التعود على الهزات التي لن تكون مخيفة».

وحملت تصريحات رئيس المساحة الجيولوجية لـ«الشرق الأوسط» في ذلك الوقت تطمينات لسكان منطقة العيص، شمال المدينة المنورة، بعدم وجود مخاوف من مزاولة حياتهم العادية، وأشار الدكتور نواب إلى وجود مكتب في منطقة العيص تابع لهيئة المساحة الجيولوجية، به مناوبون على مدار اليوم، بالإضافة إلى مركز الرصد في جدة، الذي يرصد باستمرار وخلال 24 ساعة حرة الشاقة وأي حرة أخرى في السعودية، وكلها تحت المراقبة، على حد قوله.

يذكر أن سكان العيص كان قد تم إجلاؤهم من مساكنهم في 19 مايو (أيار) لعام 2009، وأجرت السلطات المختصة تنفيذ خطة لإخلاء السكان، تحسبا لوقوع هزة أرضية قد تصل إلى 6.5 درجة بمقياس ريختر، وتم توزيعهم بين المدينة المنورة وينبع، بينما عادوا إلى ديارهم مع بدء شهر رمضان لعام 2009 بتوجيه من الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.

دليل إنشائي لحساب الأحمال الزلزالية واشتراطات لتصميم الأنظمة الإنشائية للمباني في السعودية، أطلقته أمانة محافظة جدة عبر موقعها الإلكتروني الذي يتناول بالتفصيل معايير التصميم الزلزالي.

وتتضمن فلسفة معايير التصميم الزلزالي المحافظة على سلامة الأرواح في حالة حدوث زلازل قوية، إلى جانب وضع معايير لتصميم وتنفيذ المباني بحيث تقل الخطورة على الحياة عندما تخضع تلك المباني لحركة الزلازل، والمحافظة على أداء وظائفها أثناء الهزات، ومن ثم اختيار القيمة التصميمية للزلازل شريطة أن يكون احتمال تجاوز تلك القيم صغيرا أثناء العمر الافتراضي للمبنى.

كما يسمح للمبنى أن يتعرض للتصدعات، مع ضرورة أن يكون احتمال انهياره صغيرا إذا كان مصمما بناء على القيم التصميمية للزلازل، وتشييده وفق المعايير المشترطة، غير أن الدليل الإنشائي أفاد بأن تلك المعايير يتم تطبيقها على المنشآت الجديدة فقط دون المنشآت الخاصة مثل أبراج البث أو الأبراج الصناعية أو أرصفة الموانئ أو المنشآت المائية أو المفاعلات النووية.

وخرج الدليل الإنشائي باستنتاج عام يتمثل في أنه إذا كانت المباني قد تم تصميمها حسب مواصفات جيدة وتم الإشراف على تنفيذها بشكل دقيق ولم يتجاوز الزلزال حدود زلزالية المنطقة، فإن التصدعات في هذه المباني تشكل جزءا ضئيلا من تلك التي تمت معاينتها على مبان لم تحقق أيا من الشروط الواجب توافرها.

وبينت أمانة محافظة جدة خلال دليلها الإنشائي أن من أسباب الانهيار التي تم الكشف عنها في مواقع الانهيارات فواصل العمل السيئة وعدم إحاطة حديد التسليح بالخرسانة، إلى جانب نقص الإمكانيات في الأعمدة والجدران، موضحة أن انهيار التربة أو تحركاتها الكبيرة أمور من شأنها أن تسبب انهيارا وتدهورا كبيرين.

وأضافت: «عندما تتعرض المباني إلى زلازل متتابعة فإنها قد تتعرض لضعف متدرج، مما يوجب تحديد إقامة السكان فيها والدخول إليها، بالإضافة إلى ضرورة بناء دعامات مؤقتة من أجل سلامة العامة، وذلك تمهيدا لترميمها»، موضحة في الوقت نفسه أن الزلازل تكشف عن مناطق ضعف المبنى وتظهرها من حيث التصميم أو التنفيذ.

وأكدت وجود خطأ يتكرر كثيرا ويتمثل في بناء جدران بلوك في الطوابق العليا، التي قد لا تبنى في الأدوار الأرضية، غير أن هذا الخطأ الذي اعتبرته «غير مقصود» يزيد من مقاومة وصلابة الطوابق العليا، ومن ثم نشوء مشكلة الطابق الأرضي اللين نتيجة تركيز امتصاص الطاقة الزلزالية وصرفها على هذا الطابق وعناصره غير المصممة لها، في حين أن الطوابق اللينة مهددة بالضرر أكثر من غيرها.

وأفادت أمانة محافظة جدة بأن تقارير الزلازل تتضمن الإشارة إلى الأثر السيئ الذي يحدثه عدم الانتظام في المسقط الأفقي للمبنى، حيث يتسبب ذلك في حدوث عزوم اهتزازية قد لا تكون أخذت بعين الاعتبار في التصميم، مضيفة: «يمكن للمباني المتجاورة أن يرتطم بعضها ببعض بتأثير الزلازل إذا لم تكن المسافات في ما بينها متباعدة بشكل كاف، وقد يكون الدمار كبيرا جدا في حال لم تكن بلاطات الطوابق في تلك المباني على منسوب واحد».

كما أوصت خلال الدليل الإنشائي بالحرص على استمرار الحديد العلوي في الأعمدة الداخلية وإنهاء هذا الحديد على شكل خطاف قياسي داخل الأعمدة الخارجية، واستمرار الحديد العلوي للبلاطات والأعصاب أو إنهائه بشكل متشابك، والعناية بتصنيع وصب ومعالجة الخرسانة للحصول على الإجهادات المطلوبة، وتجنب نحافة الأعمدة بصفة عامة، والاهتمام بالدراسات الإنشائية وتفاصيلها والتنفيذ والإشراف ومراقبة جودة المواد.

وحذرت أمانة محافظة جدة من استعمال المنشآت في أغراض غير التي صممت لها، وتحميل الهيكل الإنشائي أثناء التنفيذ بأحمال أكبر من الأحمال التصميمية، فضلا عن ضرورة الأخذ في الاعتبار مقدار الزيادة في قوى الزلازل بسبب التربة.

من جهته، أفاد المقدم خالد الجهني، المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني في منطقة المدينة المنورة، بوجود تنسيق مستمر مع هيئة المساحة الجيولوجية في ما يتعلق بمراقبة النشاط الزلزالي والبركاني ببعض الحرات المتضمنة حرة رهط وحرة خيبر وحرة الشاقّة، مضيفا: «ثمة محطات تابعة للهيئة تعمل على قياس وتسجيل الملاحظات وربطها بمركز الزلازل في المدينة المنورة».

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «يقوم الدفاع المدني بأخذ النتيجة النهائية من تلك الملاحظات إذا ما كان هناك أي تسجيل لاحتمالية حدوث هزات أرضية أولا بأول، خصوصا أن هيئة المساحة الجيولوجية تعتبر جهة استشارية»، مؤكدا أن الأوضاع الراهنة تعد طبيعية للغاية.

وبالنسبة لعدد مواقع الإيواء، بين المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني في منطقة المدينة المنورة، أن أعدادها تعتمد على أعداد الذين يتم إخلاؤهم من سكان المنطقة، وذلك عن طريق اللجنة الرئيسية في الدفاع المدني التي يترأسها أمير منطقة المدينة المنورة، بمشاركة كل من وزارتي المالية والتجارة والصناعة، إلى جانب هيئة السياحة بهدف الاستفادة من الشقق المفروشة والفندقية والفنادق في عملية الإسكان.

وهنا، علق الدكتور زهير نواب قائلا: «هناك تنسيق مستمر مع الدفاع المدني بشأن اتخاذ خطوات استباقية من ناحية المعايير والتدريب والوعي، حيث إنه أصبح لدى هذا الجهاز كوادر مدربة ومتعلمة وجيولوجيون على وعي باستخدام الأجهزة والمعدات والتعرف على المخاطر الجيولوجية».

الجدير بالذكر، أن رئيس هيئة المساحة الجيولوجية كان قد صرح في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» باحتمالية وقوع زلزال في السعودية بالقول: «لا يستطيع أي شخص أن يؤكد أن هناك زلزالا سيقع في البلاد، ونحن نتوقع حدوث زلزال، إلا أنه سيكون من النوع غير العنيف، وبالعودة إلى تاريخ المنطقة منذ بداية أحداث الزلازل، كان الدفاع المدني السعودي قد دعا في بيان بثه مطلع شهر مايو (أيار) من عام 2009 الذي شهدت فيه منطقة العيص هزات أرضية إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم التوجه إلى الأماكن المحتملة لأي انبعاث بركاني، وضرورة اتباع عدد من الإرشادات التي لخصها البيان في 7 نقاط.

وقال البيان الذي وزعه الدفاع المدني السعودي: «إن أهم ما تختص به البراكين عند انبعاثها أو حدوث الثوران البركاني، يتلخص في 3 عناصر رئيسية، أولها الشعور بها عن طريق الاهتزازات الأرضية الناتجة عن محاولة الصهير البركاني النفوث إلى خارج سطح الأرض، والثاني سماعها عن طريق الانبعاثات البركانية كصوت مدو مصاحب في بعض الحالات لاهتزازات نتيجة تحرر الصهير الجوفي من الضغط، وكذلك تحرر الغازات الذائبة، وثالثها رائحته عن طريق استنشاق أو شم رائحة نفاذة هي عبارة عن مركبات عنصر الكبريت الذي يصاحب الانبعاثات البركانية».

ودعا الدفاع المدني المواطنين والمقيمين عند استشعار أحد أو كل هذه العناصر، إلى التيقن بأن هذا إنذار فوري باحتمال حدوث انفجار بركاني، وعليهم مغادرة منازلهم فورا أو أماكن أعمالهم، فهذه مقدمة لثوران البركان. واستطرد البيان التحذيري الذي يخاطب السكان بأن «لا تحمل أيا من أغراضك أو مقتنياتك الشخصية أو العائلية، لأن الوقت لا يتسع إطلاقا لذلك، وابتعد حتى عن حواف المباني والأعمدة والجسور، وانظر إلى الفضاء في مستوى نظرك أو أعلى قليلا لكي تلاحظ سحابة الدخان أو الرماد والغبار المنبعث من موقع البركان ولا تتجه إليها إطلاقا».

وتابع البيان الموجه للسكان: «سارع في الابتعاد عن المكان إذا كنت قريبا من مصدر البركان أو كنت في الاتجاه الذي يمتد إليه الرماد والغبار البركاني بفعل الرياح، واستخدم وسائل النقل لأن عامل الوقت مهم».

واستطرد في النقطة الخامسة من التوجيهات والتعليمات: «احم جهازك التنفسي من الغبار البركاني، لأنه دقيق ويعلق في الهواء ويمكن أن يصل إلى أماكن أبعد باستخدام أي وسيلة أو قناع واق من القماش».

وتابع البيان: «اتبع تعليمات الدفاع المدني عند سماع نغمات الإنذار أو مكبرات التوجيه الصوتي التي تطلب منك الإخلاء، واتجه إلى مواقع الإيواء ولا تترد أو تتأخر لحماية نفسك وأسرتك».

وجاءت النقطة السابعة كآخر التعليمات الموجة للسكان أن «منزلك ومتجرك ومقتنياتك هي في مأمن فلا تقلق وستعود إليها فور استقرار الوضع، لذا لا تبدد الوقت في هذه اللحظات».

وبين الدفاع المدني أن «هذه التعليمات مهمة ومبسطة في ذات الوقت وهي تعليمات احترازية فقط نهدف من خلالها إلى حمايتك وحماية أسرتك ومجتمعنا فلا تقلق».

إلى ذلك، زاد المركز الوطني للزلازل والبراكين بهيئة المساحة الجيولوجية من نقاط الاستشعار المبكر حينذاك في محيط حرة الشاقة والقرى التابعة لها في مركز العيص (170 كلم شمال شرقي ينبع) وتشمل رصد المقاومة الكهربائية للطبقات الصخرية، وجهاز كشف غاز الرادون المشع في مياه الآبار والينابيع، إذ تزداد نسبة هذا الغاز فيها قبيل حدوث الزلزال، وجهاز الكشف عن تغيرات الجاذبية الأرضية بسبب تغير كثافة الصخور الباطنية قبيل حدوث الزلزال وجهاز الكشف عن التغيرات التي تطرأ على الصخور كالتقلص والتمدد، وجهاز الكشف عن عمليات الانصهار الأفقي في طبقات الأرض.

من جهة أخرى كشف في ذلك الوقت الدكتور عبد الله العمري، المشرف على مركز الدراسات الزلزالية في جامعة الملك سعود بالرياض، عن تعرض منطقة العيص إلى أكثر من 1500 هزة في غضون أسبوع واحد لم يشعر سكانها سوى بـ6 هزات منها.

وقال العمري لـ«الشرق الأوسط»، إن تلك المنطقة ومناطق المدينة المنورة الأخرى غير مهددة بانفجار زلزال كبير، وإنما تشهد حدوث مجموعة من الحشود الزلزالية وهي عبارة عن زلازل صغيرة تتراوح قوتها ما بين 2 و3 درجات وتستمر لمدة أسابيع أو شهور ثم تخمد.

وأوضح أن تلك الهزات التي وصفها بالخفيفة قد تتكرر بحسب البيئة الجيولوجية الحركية في المنطقة، لا سيما أن قشرتها الأرضية تحتوي على صدوع وفوالق نشطة تحفز من تكرارها، وأضاف أنه من خلال الدراسات المغناطيسية الجوية لمنطقة العيص ثبت وجود صدوع على اليابسة تأخذ الاتجاه الشمالي الغربي، بينما هناك صدوع أخرى تتقاطع معها قادمة من البحر الأحمر، مما يجعل تقاطعها يساعد على تحرك الأرض من فترة لأخرى.

وذكر أن منطقة العيص تعرضت عبر التاريخ إلى نشاطات بركانية ليست كالبراكين المعروفة، وإنما تمثل حرة من الحرات البازلتية ذات فوهات بركانية يطلق عليها اسم «حرة لونير»، التي تعد من ضمن 15 حرة في السعودية تنشط بين فترة وأخرى، لافتا إلى أن آخر نشاط لها كان قبل نحو ألف عام، وذلك استنادا إلى التحليل الكيميائي للصخور الموجودة في المنطقة.

وأضاف في ذلك الوقت: «تعرضت منطقة العيص إلى هزات زلزالية خفيفة منذ نحو عامين (أربعة أعوام)، إذ تم رصد ما لا يقل عن 500 هزة في المنطقة لا تزيد قوتها على 3 درجات ونصف الدرجة، إلا أن الإحساس بها ناتج عن كونها منطقة خالية ونائية لا توجد بها كثافة سكانية، بالإضافة إلى أن المناطق البركانية عادة ما تكون حساسة جدا لأي هزة خفيفة بحكم ضعف طبقات القشرة الأرضية بها وارتفاع الحرارة والضغط في باطنها، الأمر الذي يساعد المنطقة على أن تكون في حالة هيجان مستمر».

وأبان أنه من خلال السجلات وأجهزة مراقبة انبعاث الغازات قبل انفجار البراكين التي وضعتها هيئة المساحة الجيولوجية في المنطقة، لم يثبت خروج أي غازات من الفوهات البركانية، إلا أن منطقة العيص تتعرض لهزات أرضية خفيفة نتيجة اختلال طبقات القشرة الأرضية بها، عدا عن تعرض المنطقة خلال الأشهر الماضية إلى هطول كميات كبيرة من الأمطار، التي تتسرب مع الشقوق، وتسهم في تحريك الطبقات القريبة من السطح نتيجة التخلخل في طبقات القشرة واشتراك المياه مع السوائل الأخرى داخل الأرض.

وأوضح المشرف على مركز الدراسات الزلزالية في جامعة الملك سعود بالرياض أن منطقة خليج العقبة تعد من مناطق النشاط الزلزالي الذي من المتوقع أن يضربها زلزال تتراوح قوته ما بين 5.5 و7 درجات كل 5 أو 10 سنوات، خصوصا أنها تعرضت إلى زلزال بلغت قوته أكثر من 4.5 درجة منذ نحو 3 سنوات، إلا أنه كان داخل البحر، مشددا على ضرورة أخذ الحذر في ظل توقعات تعرضها لزلزال جديد بعد عام 2010.

وتعد مدينة العيص أكبر مراكز محافظة ينبع التابعة لمنطقة المدينة المنورة مساحة، حيث تبلغ 2863 كيلومترا، تقع شمال شرقي المحافظة على بعد 150 كيلومترا، حيث نشأت قديما على طريق تجارة قريش إلى الشام وسمي بطريق مأرب - بتراء، وتتميز بكونها تقع عند ملتقى مجموعة الطرق القديمة والحديثة، فضلا عن أن عدد سكانها يبلغ 45 ألف نسمة (تعداد 2004).

وورد ذكر العيص في كتب السيرة، وتحيط الجبال بها من معظم جهاتها، وتتشابك فيها الجبال ذات السفوح المنحدرة مع عدد من الأودية التي تشكل روافد مهمة لوادي العيص «أضم»، كما توجد «الحرة» وتشكل الخزان الدائم للمياه في المنطقة، ويبلغ طولها من الشرق إلى الغرب نحو 60 كيلومترا ومن الشمال إلى الجنوب نحو 25 كيلومترا.

وتشتهر بأنها منطقة براكين خامدة تعرف باسم الحليان، وسكان مدينة العيص من جهينة وأشهر الآثار بها قلعة الفرع (قصر البنت): ويرجع تاريخها إلى 400 عام قبل الميلاد وتعبر عن الفن المعماري القديم. وحميمة العين: وهي حصون قائمة على تل مرتفع كانت تستخدم للمراقبة والثكنات العسكرية. وحميمة الحصين: وهي على بعد 3 كيلومترات من حميمة العين، وكانت حصونا للمراقبة، وبنيت بأحجار من الحرة المجاورة. وحمية رن: وتقع على بعد 5 كيلومترات من حميمة الحصين. بركة شعيب: ويرجع تاريخها لعهد الدولة العباسية وتجاورها مجموعة من البرك التي كان يحفظ بها الماء لسقيا الحجاج قديما. وسوق عورش: ويوجد في الحراضة، وهو سوق للحدادين والنحاسين في العصور القديمة.