بعد أسبوعين من إطلاق «نطاقات».. «العمل» لرجال الأعمال: لا تحاكمونا

وكيل وزارة العمل لـ«الشرق الأوسط»: يمكن تخفيض السعودة ولدينا برنامج لمحاربة السوق السوداء للعمالة

وكيل وزارة العمل عثمان الحقيل يتلقى درعا تذكارية من عضو مجلس غرفة الشرقية صالح السيد («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت وزارة العمل تتحدث مع رجال الأعمال بلغة أقل حدة من السابق، كما أبدت الوزارة تفهمها للمصاعب التي تواجهها المنشآت في السعودية، وذلك بعد نحو أسبوعين من إطلاق برنامج «نطاقات» الذي يصنف المنشآت بناء على نسب توطين الوظائف لديها، فكان آخر تصريح لمسؤول في الوزارة بأن الفترة الراهنة فترة تصحيح معلومات، ويمكن أن يتحول فصل السجلات التجارية أو تصحيح البيانات في سجلات التأمينات الاجتماعية لعصا سحرية تحيل المنشآت من النطاقات المغضوب عليها (الأحمر والأصفر) إلى نطاقات تتوفر لها كل المميزات والتسهيلات (الأخضر والممتاز).

فبعد اللغة التي تكلم بها وزير العمل السعودي المهندس عادل فقيه أمام حشد من رجال الأعمال في المنطقة الشرقية قبل إطلاق برنامج «نطاقات» بشكل رسمي، حينها قال فقيه في رده على تساؤلات رجال الأعمال إن البرنامج يمثل تحذيرا للشركات التي لم تصحح أوضاعها، وقال: «سيكون سلاحا إذا لم يتحرك القطاع الخاص قليلا في مسألة توظيف السعوديين»، وعندما سئل عن الأخذ في الاعتبار حجم العقود التي تبرمها الشركات عند تطبيق البرنامج قال: «إذا ناقشنا الشركات في عقودها ومعدل ربحيتها، لن ننتهي»؛ في المكان ذاته وبعد أسبوعين من إطلاق «نطاقات» وقف وكيل وزارة العمل المساعد لشؤون التطوير عثمان الحقيل، وقال بلغة لينة لرجال الأعمال: «لا تحاكموا وزارة العمل»، وأكد أكثر من مرة على أن دور الوزارة هو التوسط بين طالبي العمل من السعوديين وبين منشآت القطاع الخاص، وقال: «نحن واسطة فقط».

إلا أن وكيل الوزارة استبعد تمديد المهلة التي أعلنت عنها الوزارة لتطبيق العقوبات وهي الـ26 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، على المنشآت التي تقع في «النطاق» الأحمر والـ23 من فبراير (شباط) للمنشآت التي تقع في «النطاق» الأصفر، مشددا في الوقت ذاته على أن الوزارة أخذت في الاعتبار الجوانب القانونية كافة التي تترتب على انتقال العمالة بين المنشآت.

وعادت قصة ترحيل العمالة التي أمضت ست سنوات في السعودية مرة أخرى، حيث قال وكيل الوزارة إن العامل الذي أمضى ست سنوات لن يتم تجديد رخصة العمل له، إذا كانت المنشأة التي يتبعها في أحد النطاقين «الأحمر أو الأصفر»، إلا إذا انتقل إلى منشأة في النطاقين «الأخضر والممتاز» وإذا رفض ذلك سيكون عليه مغادرة البلاد.

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن مدى إمكانية وفاء عدد العاطلين وطالبي العمل من السعوديين بالنسب التي يتطلبها برنامج «نطاقات» بعد تكوين قاعدة بيانات لطالبي العمل من السعوديين، قال الحقيل إن برنامج «نطاقات» متجدد، ومتى ما رأت وزارة العمل أن أعداد السعوديين لا تكفي، فإنهه يمكن أن تخفض نسب السعودة التي تطالب بها منشآت القطاع الخاص.

كما أكد لـ«الشرق الأوسط» أن هناك برنامجا بين وزارة العمل ووزارة الداخلية سيطلق قريبا لمعالجة وجود سوق سوداء للعمالة بعد تطبيق قرار انتقال العمالة من النطاقين «الأحمر والأصفر» العام المقبل.

وفي محاضرة استمرت زهاء الثلاث ساعات كان وكيل الوزارة يعترف بالقصور في كثير من الخدمات التي يقدمها الموقع الإلكتروني وفي كثير من المعلومات والبيانات التي يتطلبها تطبيق برنامج «نطاقات»، التي يأتي في مقدمتها قاعدة بيانات للسعوديين الذين يراد توظيفهم في القطاع الخاص.

في هذه الجانب، قال وكيل الوزارة: «ليس لدى وزارة العمل قاعدة بيانات بعدد السعوديين الذين يرغبون في العمل في القطاع الخاص»، وأردف: «ننتظر تنقيح قاعدة البيانات التي ستتمخض عن برنامج حافز، ليكون لدى وزارة العمل قاعدة بيانات بعدد العاطلين عن العمل»، وأضاف أن الأعداد التي تقدمت للبرنامج يتم تدقيقها للوقوف على حجم البطالة في السعودية، مؤكدا أن الوزارة كشفت عن 5000 اسم لمتوفين تم تسجيلهم في برنامج «حافز».

وكيل الوزارة أكد أكثر من مرة أن فترة الثلاثة أشهر الأولى من برنامج «نطاقات»، هي فترة تصحيح الأوضاع، واعدا الجميع بأن يتغير تصنيف منشآتهم بعد تعديل بياناتهم في السجلات التجارية أو في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وقال أمام الحضور: «خلال ثلاثة أيام فقط تم تحويل 80 ألف منشأة من النطاق الأصفر إلى الأخضر»، وشدد على أن الوزارة وقطاع الأعمال في السعودية في حالة تصحيح معلومات، وأضاف: «لدى وزارة العمل 30 مبادرة ونطاقات واحدة منها فقط»، بينما حمل كثيرا من الأسئلة ليجيب عنها لاحقا أو يؤخذ وضع هذه المنشأة أو تلك في الاعتبار ودراسة حالتها لتوسيع الأنشطة التي يشملها البرنامج أو تقليل نسب السعودة في الأنشطة التي تمارسها بسبب عدم إقبال السعوديين على العمل فيها.

ولم يتأثر حشد رجال الأعمال الذين حضروا اللقاء مع وكيل وزارة العمل بتأكيداته التي كررها بأن الوزارة في برنامج «نطاقات» خفضت نسب السعودة التي تطالب بها القطاع الخاص قبل إطلاق البرنامج، وقال الحقيل: «نسب التوطين التي تطالب بها المنشآت الكبرى لا تتعدى الـ25 في المائة من عدد الوظائف، بينما كانت قبل إطلاق البرنامج 30 في المائة».

وشدد الحقيل في الوقت ذاته على أن الوزارة تبحث عن سعودة حقيقية للوظائف وليست شكلية فقط، وقال: «وزارة العمل وضعت حدا أقصى لاحتساب ذوي الاحتياجات الخاصة في (نطاقات) بـ2.5 في المائة فقط»، مشيرا إلى قرار سابق كان يحتسب توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة بأربعة سعوديين، وقال: «استغل هذا القرار بشكل سيئ»، وأضاف: «استغل المعاقون من قبل كثير من المؤسسات باستخدام أسمائهم في سعودة شكلية فقط».

كما بين وكيل الوزارة أن المؤسسات التي تضم أقل من 9 عمال والتي تصنف ضمن قائمة «المنشآت الصغيرة جدا» سيشملها برنامج «نطاقات» في فترة لاحقة، وأضاف أن وزارة العمل بالتعاون مع الغرف السعودية ستطلق برنامجا لتنمية المنشآت الصغيرة، تقوم فيه الوزارة بدور استشاري يتضمن تقديم دراسات جدوى لتلك المنشآت.

وحاول المسؤول في وزارة العمل كسر الجدية والتجهم الذي بدا على رجال الأعمال في المنطقة الشرقية بمداعبتهم بأن المسؤولين في وزارة العمل بدأوا في التعود على استخدام مصطلحات جديدة تناسب المرحلة الجديدة مثل استخدام مفردة «توطين» بدلا من كلمة «سعودية»، وعبارة «نقل خدمات الوافد» بدلا من «نقل كفالة».