دراسة حديثة تكشف عن حزمة تحديات تواجه قطاع الرعاية الصحية

في حين ما زالت حصته تتأرجح حول 77% منذ نحو 9 سنوات

الاعتماد الرئيسي على العمالة الوافدة يعد أبرز التحديات التي تواجه قطاع الرعاية الصحية بالمملكة («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت دراسة حديثة عن جملة من التحديات التي تواجه قطاع الرعاية الصحية السعودية في ظل التطور الاقتصادي، حيث إن توقعات المرضى المستحدثة ووعيهم المتزايد سيحدثان ضغوطا على نفقات الرعاية الصحية نحو التصاعد مقابل توفر رعاية أكثر تطورا وأغلى ثمنا، مستندا على ذلك من خلال ارتفاع مؤشر تكاليف المعيشة للرعاية الصحية بين عامي 2000 و2009 بمعدل 11.9 في المائة.

واعتبرت الدراسة التي أجراها الدكتور سعيد الشيخ، كبير اقتصاديي مجموعة البنك الأهلي التجاري، حصة القطاع العام من قطاع الصحة أنها ما زالت تتأرجح حول 77 في المائة منذ عام 2009، والتي تشكل منها مساهمة القطاع الخاص ما نسبته 23 في المائة، في حين بلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي للرعاية الصحية نحو 2.5 ألف ريال تقريبا في العام نفسه.

وأشار إلى أن ذلك القطاع يتسم بصعوبة الدخول إليه كونه يتطلب رأسمال عاليا، عدا عن أن الموارد المالية والمهارات البشرية تعد أكبر معوقات الدخول إلى سوق خدمات الرعاية الصحية، مؤكدا أن هذا القطاع يخضع لأنظمة متشددة، مما يجعل الشركات تنظر إليه باعتباره قطاعا معقدا.

وأضاف: «إن مسألة الموهبة والاعتماد الكبير على القوة العاملة الأجنبية يشكلان تحديا ملموسا، خصوصا أن الكثير من هيئة العاملين الطبية لا يعتبرون السعودية موطنا أو مقرا دائما، وإنما مرحلة أو محطة لاكتساب الخبرة تفتح الأبواب لفرص مربحة أكثر في الغرب»، مبينا أن ذلك سببا في ارتفاع فقدان وإحلال العمالة في هذه الصناعة.

ولفت إلى أن السعودية ستستمر على مدى السنوات الـ5 المقبلة في مواجهة ضغوط على نظامها لتقديم الرعاية الصحية، إلى جانب أن ارتفاع معدل نمو السكان وطول العمر المتوقع وزيادة حالات الأمراض غير السارية من شأنه أن يدفع بقطاع الصحة إلى الاعتماد على مساهمة القطاع الخاص في الوفاء بالطلب المتزايد على الرعاية الصحية.

وأوضح أن تزايد الطلب على المستشفيات وأسرتها سيقتضي استثمار ما يقدر بنحو 23.3 مليار ريال بين عامي 2010 و2015، إضافة إلى أن حصة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمارات بالقطاع الصحي ستبلغ ما يقارب 9.6 مليار ريال بحلول عام 2015، وذلك بمعدل 1.6 مليار سنويا.

واستطرد في القول: «تتضمن التحديات التي تواجه قطاع الرعاية الصحية أيضا طبيعته المتسمة بكثافة رأس المال المطلوب، والذي يعمل كعائق للدخول فيه، وعدم توفر الكفاءات الطبية المحلية والاعتماد الرئيسي على العمالة الوافدة، عدا عن ارتفاع تكلفة تقديم الرعاية الصحية التي تحد من هوامش الربح».

وبين الدكتور سعيد الشيخ أن أبرز المخاطر الأخرى التي تحد من تمويل القطاع الصحي من قبل البنوك تتمثل في عدم التوافق بين آجال الخصوم والأصول، وأوجه القصور التشغيلية للمقاولين، إلى جانب عدم القدرة على الحجز على المستشفيات في حالة التخلف عن السداد.

ولكنه استدرك قائلا: «تشمل عوامل نجاح المزودين لخدمات الرعاية الصحة من القطاع الخاص، المؤشرات المالية الرئيسية والقدرة على الاحتفاظ بالقوة العاملة الطبية رفيعة المهارات من خلال برامج للمشاركة في الأرباح، وعلاقات تعاقدية للخدمات الصحية مع الشركات الكبيرة، فضلا عن تحالفات مع المؤسسات أو الجهات التي توفر المعدات الطبية بحيث تتيح للمستشفيات الخاصة الحصول على أفضل وأحدث المعدات الطبية».

وذكر أن إجمالي الناتج المحلي للقطاع الصحي في السعودية يبلغ نحو 74 مليار ريال خلال العام الحالي، غير أن التمويل الحكومي سيكون غير كاف للوفاء باحتياجات الرعاية الصحية التي وصفها بـ«المتزايدة» لعدد سكان المملكة دائم النمو.

وزاد: «إن هيكلة قطاع الرعاية الصحية مجزأ إلى ثلاث جبهات تتضمن وزارة الصحة، والقطاع العام المتمثل في وزارة الدفاع والحرس الوطني ووزارة الداخلية وكليات الطب وشركة (أرامكو) السعودية، إضافة إلى القطاع الخاص»، موضحا أن عدد المستشفيات العاملة بنهاية عام 2009 بلغ 408 مستشفيات، بينما وصل عدد مراكز العناية الصحية الأولية 2.037 ألف مركز.

وتوقع كبير اقتصاديي مجموعة البنك الأهلي التجاري مواصلة الطلب على خدمات الرعاية الصحية في الارتفاع خلال السنوات الـ5 المقبلة في ظل النمو السكاني السريع وتزايد حجم شريحة كبار السن من السكان وانتشار الأمراض غير السارية طويلة الأجل، مؤكدا أن الحكومة لم تبلغ تحقيق جميع أهدافها المرصودة في خطط التنمية السعودية المتعاقبة رغم الخطوات التي اتخذتها في سبيل تعزيز نظم تقديم الرعاية الصحية.

وأفاد بوجود الكثير من المبادرات التي طرحت لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في هذا الميدان، من ضمنها تسهيل التمويل من قبل مؤسسات الإقراض، في حين تكمن فرص مقدمي الخدمات الصحية من القطاع الخاص في مراكز الرعاية الصحية الأولية والمراكز التخصصية، بينما تتوزع جهود الحكومة بين توفير خدمات الرعاية الصحية على هذه المستويات، إلا أن هناك فرص إيرادات أكبر للقطاع الخاص في المراكز التخصصية، فضلا عن خطة التأمين الصحي الشامل المرتقبة التي تمثل عاملا محفزا لدفع المزيد من مشاركة القطاع الخاص في الرعاية الصحية.