مستشار قضائي ينادي بتعجيل دخول المرأة كـ«محامية»

على خلفية دراسة أحصت قضاياهن بـ60% من المنظورة في القضاء

الأوساط العدلية في السعودية تنتظر الترخيص للمحاميات للعمل على الترافع مثلهن مثل الرجال أمام أذرعة القضاء، وهو ما يعتبره مختصون دعما لقضايا المرأة العالقة في المحاكم (تصوير: خالد الخميس)
TT

طرحت دراسة سعودية حديثة نظرية علمية تحاكي سياسة القضاء من قبل الدولة، في ما يتعلق بقضايا المرأة عامة، التي تشكل قرابة 60 في المائة من مجمل القضايا المنظورة في السلك القضائي السعودي.

وتضمنت تلك الدراسة ضرورة مشاركة المرأة في مهنة المحاماة، للمرافعة أمام القاضي للدفاع عن بنات جلدتها ولضمان حقوق المرأة عامة، والتعجيل في البت في القضايا التي تخص المرأة، والتي من شأنها أن تعمل على نقلة نوعية من حيث الإنجازات والنقلات في مجال القضاء في السعودية.

وتضمنت تلك الدراسة 10 محاور أساسية، تركزت على سياسة الإدارة العليا العدلية، وسياسة النظر الجنائي، وكذلك النقض والمرافعات، من خلال القراءات السياسية لتلك الدراسة، في ما يتعلق بعلم النفس القضائي المعاصر.

وقال الشيخ الدكتور صالح اللحيدان المستشار القضائي الخاص، والمستشار العلمي للجمعية العالمية للصحة النفسية بدول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط» - إن المملكة باتت اليوم محط نظر دول العالم أجمع، بينما تشهد البلاد إنجازات إضافية ونقلات نوعية في سياسة القضاء ولوازمه، وسياسة الإدارة العليا بتعميم العدل الذي جعلته هذه البلاد منهجا لها.

وقال اللحيدان في هذا الصدد «من خلال أطروحاتي في مجال القضاء وسياسة النظر الجنائي، وكذلك النقض والمرافعات، وقراءتي للسياسة العالمية في ما يتعلق بعلم النفس القضائي المعاصر، وهو من أصعب العلوم، فمن هذا المنطلق، هناك زخم في القضايا التي تعرض على القضاة في مختلف المجالس القضائية، ومن خلال ما يعرض علي (شخصيا)، فإني أرى أن قضايا المرأة عامة، وقضايا المرأة خاصة، تشكل قرابة 60 في المائة من مجمل القضايا المنظورة في سلك العدل بفروعه المختلفة». وأكد ضرورة أن تكون المرأة محامية في إطار اختصاصها الأنثوي السالك في دائرة قضايا المرأة الدقيقة، لا سيما أن الملاحظ، حدوث تأخر دائم في قضايا المرأة، التي تأخذ وقتا ليس بقليل، وهو ما يقود البعض منهم للانسحاب من المتابعة بالمطالبة بحقها، لا من أجل التأخير، لكن من أجل أن قضاياهن قد تحتاج محاميا من بنات جلدتهن، فبعض المحامين الذكور قد لا يكونون ملمين بمراد المرأة.

ورأى أنه ومن هذا المنطلق، ضرورة مساندة توجه الدولة المحمود نحو الإضافات العليا في مجال القضاء، ودراسة المنازعات والمرافعات والنقض، وهو الأمر الذي يسند ضرورة وجود محامية سيدة، تتصف بصفات فسيولوجية مهمة، ويعني بها هنا، الصفات النفسية المتمكنة من قدرة إيصال المرأة إلى القاضي، كما تمتاز بالنواحي السيكولوجية وهي الأمور الظاهرة سيكولوجيا، بحيث تكون المرأة مطعمة بالقواعد والأصول النصية، وتحيط بخطاب الشارع المنصوص عليه في الكتاب والسنة، الذي أجمله ابن جرير الطبري وابن العربي المالكي وابن كثير والإمام القرافي والإمام الآمدي والإمام الزيلعي في نصب الراية، وابن القيم الجوزية في إعلام الموقعين والطرق الحكمية.

وأضاف «ثاني تلك الأمور، أن تكون المحامية ذات صفة متناهية في الاعتبار، بمعنى أن تكون ذات ثقة ثابتة بنفسها وبمعلوماتها وذلك بإدراكها بحقيقة القضية، وأن تكون ملمة بأطرافها وأبعادها وأصولها، وأن تكون المحامية ذات صفة علمية، ولا أشير هنا إلى الناحية العلمية الرسمية المنهجية، بل المراد أن تكون عالمة بالقواعد والأصول (فقه النوازل والمستجدات) لأن الشهادة الجامعية، مثلا لا تعطي صفة علمية إلا من حيث الاعتبار الرسمي».

وتابع «ويجب أن ترتبط المحاميات بجهتين متمثلة بوزارة العدل من جهة وبديوان المظالم ومجلس القضاء من جهة ثانية، وهذا أراه مهما، أن تكون هناك حماية أدبية ومادية للمحامية نفسها، بحيث أن يكون اعتبارها موازيا لاعتبار الرجل بالأخذ والعطا مع ضرورة أن يكون معها ذو محرم محرم، وأن يتبسط القاضي بمجلس القضاء في أي مجلس قضائي، لنظر الأطروحات المطروحة من قبل المحامية، مع وجود المحرم بحيث يتم الاستيعاب من قبل القاضي ويتم إفهام المحامية من جهة أخرى».

وطالب اللحيدان بأن «يكون هناك لجنة أو مجلس يخص المحاميات، ويكون لهن أمينة عامة تكون خطا يصل بينهن وبين ما يمكن أن يرد إلى أي محامية ولا يمكن مساءلة المحامية إلا عن طريق هذا المجلس، ويكون هذا المجلس ذا صفة مستقلة إلا ما يتعلق بالرمزية فقط، ومن خلال تجربتي في سياسة القضاء وسياسة الإدارة العليا، أرى أن يكون لهؤلاء المحاميات نشرة دورية علمية مؤصلة، يبين فيها السلبيات لتداركها والإيجابيات للإضافة فيها والإبداع، وتكون هذه النشرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بوزارة العدل ووزارة الثقافة والإعلام من جهة أخرى».

ويرى المستشار القضائي ضرورة في تحرير عقلية المرأة من سطوة الرجل، لأن هناك مبالغات حول هيمنة الرجل لا شعوريا، وهذا يدفع المرأة إلى أن تتضاءل في ما يتعلق في عموم النظر، بينما القضاء الأسري والمالي والجنائي والأخلاقي لا يدعو إلى ذلك، لأن القضاة بحكم علاقتي بكثير منهم وكذلك المسؤولين لديهم من الانفتاح والعلم والخلق الشيء الوفير.

ولم يمانع اللحيدان في أن يفتح المجال إعلاميا للمحاميات الفاضلات ولبعض الأطروحات العامة في ما يتعلق بالإضافات القضائية، وذلك لمعرفة آراء عموم الناس، ومن هذا الباب تتحد الدائرة بين أجهزة الدولة لتحقيق مناط قفزات جيدة تنشدها القيادة، التي كثيرا ما تنادي بالأريحية وسعة الأفق وسياسة الباب المفتوح، والقاضي سوف ينصت إلى هذا، لأن كثيرا من الصحابيات رفعن قضاياهن إلى الرسول وإلى الصحابة، وسياسة المرافعات القضائية مع وجود المحرم، لذلك طبقا للرجل فإنه بلا شك، أن القاضي سيرحب بهذا لأنه سوف يستوفي المراد بخلاف ما إذا كان رجلا.