عزوف السعوديين عن شراء اللحوم الحمراء يهدد 25 مصنعا للدباغة بالإغلاق

متعاملون لـ«الشرق الأوسط»: نقص المعروض سبب في رفض شركات خارجية التعاقد مع السعودية لشراء الجلود

TT

حذر متعاملون في الدباغة وصناعة الجلود من توقف نشاط مصانعهم البالغ عددها 25 مصنعا في السعودية، مع استمرار خسائرهم نتيجة ارتفاع أسعار الجلود من قبل المسالخ ومن شركات المواشي بسبب قلة المعروض، نظرا لعزوف السكان عن شراء المواشي الحية، بعد أن شهدت ارتفاع كبيرا في أسعار الأغنام، حيث تتراوح أسعارها بين 1100 إلى 2800 وهو ما يمثل ثلث رواتب غالبية الموظفين الشريحة العظمى في السعودية من الجنسين.

وأوضح أصحاب مصانع جلود لـ«الشرق الأوسط» أن السعودية خسرت خلال السنوات القليلة الماضية مصدرها المتقدم في تصدير الجلود لدول غربية وآسيوية كالصين، بعد عزوف المواطنين عن الشراء، والاستبدال بها اللحوم المبردة التي تأتي من الخارج عبر الشحن الجوي دون جلود لأسباب صحية وبيئية من القائمين بالكشف الصحي بالمنافذ الجمركية، حيث يتراوح حجم الجلود المستخدمة يوميا بين 60 إلى 70 ألف جلد تمثل تصدير الجلود للخارج نسبة 80 في المائة، بينما تمثل 20 في المائة النسبة المحلية لبيعها على أصحاب محلات الأحذية.

وأوضح محمد باسهل المستثمر في صناعة الدباغة وعضو لجنة صناعة الجلود في غرفة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن توفير الجلود مرتبط باستهلاك اللحوم وهذا الأمر شح خلال العامين الماضيين بعد الارتفاع الكبير جدا في شراء اللحوم الموجودة في السعودية أو ما يطلق عليها محليا «البلدي»، مما جعل السعوديين يتجهون إلى شراء اللحوم عبر الملاحم التي توفرها عبر دول تبيع لحوما مبردة بأسعار منافسه، مقارنة باللحوم البلدية.

وأضاف: «نقص الجلود بالمسالخ التي تعتبر المصدر الأول في توفير الجلود للمصانع أدى إلى رفع تكاليفها التي تجاوزت ضعف سعرها في السابق، وبالتالي، زاد من تكاليفها النهائية؛ من تكاليف نقل وأيدٍ عاملة وغيرها من قياس حجم التكاليف الكلية على سعر المنتج النهائي، الأمر الذي أثر على تصديرها للشركات العالمية التي تشتري الجلود من السعودية كالصين وإيطاليا التي بدأ بعضها يستبدل الجلود الصناعية بالطبيعية».

وأشار باسهل إلى أن «غرفة جدة قامت مؤخرا بعقد اجتماعات دورية تضم أصحاب المصانع لنقل صوتهم للجهات الحكومية ذات العلاقة من خلال توصيات تساهم في مساعدة أصحاب المصانع للخروج من استمرار الخسائر وارتفاع أسعار الجلود وتوفيرها، كمنع الدخلاء على المهنة من شراء الجلود، وحصر شراء الجلود فقط في المصانع من أصحاب التصاريح المعتمدة، إضافة إلى منح المصانع تخفيضا للمواد الكيميائية المستخدمة في دباغة الجلود، وأخيرا تخفيض نسبة السعودة بالمصانع من 20 في المائة إلى 5 في المائة بعد رفض السعوديين العمل بالمصانع نظرا للروائح وطبيعة العمل فيها التي تحتاج لمجهود شاق وخبرة في هذا المجال، والاكتفاء بالمناصب الإدارية والتسويقية».

واعتبر جمال محمد عتيق أوغلو صاحب مصنع لصناعة الجلود استمرار قلة المعروض من الجلود وارتفاع أسعارها بمثابة تمهيد لتوقف نشاط الدباغة وصناعة الجلود من قبل المصانع السعودية، حيث تواجه المصانع خسائر كبرى نظرا لعزوف الشركات العالمية عن شراء الجلود من السعودية، وتوفيرها عبر دول أخرى.

وأشار أوغلوا إلى أن غرفة جدة ستعمل من خلال الاجتماعات الأخيرة على مخاطبة الجهات الحكومية ذات العلاقة وكان آخرها وزارة العمل حيث خاطبت الوزير وهو ما أكده في لقائه مع وسائل الإعلام ورجال الأعمال مؤخرا في غرفة جدة وأنه يدرس مقترح أصحاب مصانع الدباغة، معتبرا أن السعودة ليست الهم الأكبر الذي يشغل المتعاملين في الدباغة، حيث يجب قطع الطريق على الدخلاء على المهنة والعاملون بطرق غير نظامية من حيث عدم وجود تصاريح لازمة التي يجب توفيرها كضمانة صحية وبيئية في صناعة ودباغة الجلود.

من جهته، قال خالد عابد، أحد العاملين في صناعة الأحذية الجلدية إن غالبية محلات تصنيع الجلود في السعودية من أحذية وأشكال زينة استبدلوا بالجلود الطبيعية جلودا صناعية التي لا تقل جودة عن الجلود الطبيعية، مما ساهم في إيجاد وتوفير سلع بأسعار مناسبة، دون أن تتأثر أسعار المنتج وتؤدي إلى خسائر لدى أصحاب محلات الأحذية.

وتتراوح أسعار الأغنام البلدية من أغنام حرية وشامية بين 1100 إلى 2800 ريال، مما جعل أصحاب الملاحم يقدمون على شراء لحوم مبردة عبر الشحن الجوي من السودان والهند التي توفر لحوما بأسعار تتراوح بين 200 إلى 750 ريالا، بالإضافة إلى إخضاعها إلى فحص دقيق عبر مراكز صحية معتمدة.

من جهته، قال المهندس محمد القويحص عضو مجلس الشورى لـ«الشرق الأوسط»: «ارتفاع أسعار الأغنام ناتج عن ارتفاع غالبية السلع المرتبطة بإنتاجها، وهذا أمر حدث في معظم دول العالم. ومن وجهة نظري، أعتبر تربية اللحوم في السعودية من الأمور المكلفة جدا نظرا لارتفاع تكاليف الأعلاف، ويمكن استبدال الحوم المبردة بها، التي تعتمد في غالبية الدول الكبرى، وتوفرها بكميات كبيرة، لتوفير اللحوم للمستهلكين من شعوبها».

وحول مطالب مصانع الدباغة بتقليل خسائرها، قال عبد الرحمن القحطاني مدير إدارة الزراعة في الغرفة الصناعية والتجارية لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن أن نحصر نشاط الدباغة في فئة من التجار في بلد حر تجاري كالسعودية، فجميع السلع والأنشطة يوجد بها وسطاء يتعاملون مع أي مهنة، وأقصد هنا من يطلق عليهم أصحاب المصانع بالدخلاء، فهؤلاء هم وسطاء يعملون بين المسالخ والمطاعم وبين صناع الجلود، وهذا أمر لا يمكن أن يمنع إلا إذا تبين أنهم غير معتمدين من قبل جهات حكومية للحصول على تصاريح ومقرات صحية لنشاطاتهم».