جدة: سكان أحياء الجنوب والشرق يشتكون من غياب الحدائق العامة

الأمانة لـ «الشرق الأوسط»: اعتماد 60 حديقة 20 منها للشرق والجنوب

تركز الحدائق الحديثة في منطقة دون أخرى دفع السكان إلى المطالبة بالمساواة في التوزيع («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات سكان منطقتي جنوب وشرق جدة بالاحتجاج لعدم التفات الأمانة لتجديد وإنشاء حدائق عامة لخدمة السكان، بينما تتركز الحدائق الجديدة في منطقة الشمال، أعلن مصدر مسؤول في أمانة جدة لـ«الشرق الأوسط» عن تخصيص عقد لإنشاء 20 حديقة بمساحة 60 ألف م2 تغطي المخططات السكنية المأهولة في منطقتي الجنوب والشرق.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه أمانة جدة، أمس، عن اكتمال تسليم 30 حديقة تم إنشاؤها في مختلف أنحاء المدينة بتكلفة 15 مليون ريال، وفصلت الإدارة العامة للمرافق البلدية التابعة لأمانة المحافظة أنه تم إنشاء 6 حدائق في نطاق بلدية المطار، و5 حدائق في نطاق بلدية العزيزية، واثنتين في نطاق بلدية بريمان، إلى جانب 4 حدائق في نطاق بلدية الجامعة، وأخرى في نطاق بلدية أم السلم.

وأشارت الإدارة إلى أن المساحة الإجمالية للحدائق تبلغ 126 ألف متر مربع، تحتوي على ملاعب رياضية متنوعة، كما تشتمل جميعها على خزانات وشبكات ري وأرصفة خارجية وممرات داخلية وإنارة ومظلات وألعاب أطفال بالإضافة إلى المسطحات الخضراء والأشجار.

وأوضح الدكتور بهجت حموة، مدير عام الإدارة العامة للمرافق البلدية وإدارة الحدائق والتجميل بأمانة محافظة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن توزيع الحدائق في مدينة جدة يعتمد على التخطيط الخاص لكل حي.

وأعترف بغياب الحدائق العامة عن منطقتي شرق وجنوب مدينة جدة. واستدرك «لكن الفرق ليس كبيرا بين مناطق المدينة، والفرق يكمن في أن الحدائق الموجودة بشمال جدة هي حدائق نموذجية، أما الحدائق الموجودة في جنوب جدة فهي حدائق تقليدية، أنشئت منذ عهد قديم، ولم يتم تطويرها وتحديثها، لذلك نجد أن هذه الحدائق هجرت وأصبحت لا تواكب التطور، وعلى الرغم من ذلك هناك حدائق كثيرة في جنوب جدة قمنا بتطويرها من خلال إنشاء خزانات وشبكات ري حديثة»، لافتا إلى أن هناك بعض الحدائق تحتاج إلى إعادة تصميمها من جديد.

وحول المشكلات التي تعترض إنشاء الحدائق في جنوب جدة، قال: «أكثر ما يعيقنا عن تنفيذ حدائق في جنوب وشرق جدة هو عدم وضوح الملكيات فيها، حيث يوجد الكثير من التداخل في الملكيات الموجودة فيها، وهذه من العوائق التي تمنع العمل فنحن لا نريد أن نزرع أرضا تتبع لمواطن أو طرق مزدحمة مثل حي الجامعة والبلد وبلدية الجنوب وبلدية أم السلم».

وأكد الدكتور حموة أن الكثير من المواقع هناك بها مخالفات، مما يطيل وقت إزالتها ورفعها. وأردف: «وصلنا إلى مرحلة تأكدنا فيها من جاهزية مواقع الحدائق وحدودها ومساحاتها، وهناك مواقع أخرى تم تنظيفها والتخلص من المخالفات والمشكلات التي تعتريها، كما أن هناك مناطق أخرى في جنوب جدة ستشهد عمليات تطوير وتحسين، كمنطقة الرويس وخزام، فلا يمكن أن نقوم بإنشاء حدائق فيها إلى أن تكتمل عمليات التطوير».

وتابع: «هذا لا يعني عدم وجود حدائق مجهزة في شرق وجنوب جدة، إذ لا يخلو حي من حديقة أو اثنتين، صحيح أن مساحاتها ليست كمساحة حدائق شمال جدة، ففي الشمال المساحات كبيرة، لذلك فالإمكانيات التي توجد في جنوب جدة أقل من حدائق الشمال والوسط».

وتحدث الدكتور حموة عن التطورات التي ستشهدها منطقة الجنوب بقوله: «سيتم إنشاء ممشى كبير في جنوب جدة يبدأ العمل عليه خلال الشهر الحالي وتبلغ مساحته 85 ألف متر مربع، وقمنا بعمل أجهزة اللياقة الخارجية، وسيتضمن الممشى مجموعة حدائق متداخلة مع بعضها البعض بطريقة ممشى تسمح بالجلوس فيها بجانب المشي، كما تتضمن دورات مياه ومواقف للسيارات ومناطق لألعاب الأطفال ومظلات، وتعادل 40 حديقة في شمال جدة على أن يتم تنفيذها خلال سنة».

وأفصح عن جملة من العقود لإنشاء حدائق عامة جديدة، أولها عقد لإنشاء 45 حديقة بمساحة تصل إلى 200 ألف متر مربع، وهو عقد تحت الترسية، وسيبدأ بتنفيذه خلال هذا الشهر، والعقد الثاني هو عقد تم تخصيصه لجنوب وشرق جدة، بإنشاء عشرين حديقة بمساحة 60 ألف متر مربع، نغطي فيه المخططات السكنية الجديدة المأهولة بالسكان ومدة العقد سنة.

وأكد جاهزية الحدائق العامة في مدينة جدة المعدة لاستقبال الزوار خلال هذه الأيام والتي بلغت مليون متر مربع، أي أنه ستتم إضافة ربع مليون متر مربع من الحدائق إلى المليون متر مربع الموجودة الآن.

ولفت إلى أن خطة أمانة محافظة جدة هي أن تضيف كل سنة مساحة إلى أن تصل إلى المرحلة التي يشعر من خلالها توفير العدد الكافي من المساحة الخضراء في جدة.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه أمانة محافظة جدة تعتمد على إنشاء حدائق عامة جديدة في مختلف مناطق المدينة، طالب عدد من السكان الأمانة باستكمال المشاريع التي توفر لهم خدمات أساسية في مناطقهم.

إلا أن عبد الله البقمي الذي يعمل في مجال الزراعة أكد أن الحدائق العامة عادة ما تكون موجودة بكثرة في شمال مدينة جدة، وتقل كلما اتجهنا شرقها وجنوبها، مشيرا إلى أنه ليس من العدل أن يحظى أهالي المنطقة الشمالية بهذه الحدائق بينما يحرم منها سكان أحياء المناطق الجنوبية والشرقية.

ويرى يحيى أبو غالب، أحد سكان جنوب مدينة جدة عدم أهمية إنشاء الحدائق، في الوقت الذي يحتاج فيه كبار السن من السكان لأماكن مخصصة لهم مثل «المركاز». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أي حدائق عامة، وألعاب وغيره بقدر حاجتنا إلى مركاز نستطيع فيه نحن كبار السن وأبناء الحارة من الشباب والأطفال التجمع حوله وتبادل الحكاوي القديمة التي تربطنا بحارتنا، وتعليمهم العادات والقيمة»، مؤكدا أن المركاز هو أحد الرموز المميزة للمنطقة الغربية بشكل عام.

وعلل رفضه للحدائق بقوله: «ظللنا نسمع يوميا عن حدائق جديدة تسعى الأمانة لإقامتها، ويأتي منسوبوها ليضعوا اللوحات التي تبين أن الموقع تحت الإنشاء، لكنا لا نراهم مره أخرى، وغالبا ما تكون الحجة بأن المساحة التي تم تخصيصها تحتاج إلى خدمات أساسية وأمور أخرى، لذلك نرى أن يضعوا لنا المركاز فقط باعتبار أنه لا يحتاج إلى أي خدمات أساسية أو حتى أنه لا يحتل أي مساحة».

ويعتبر المركاز أحد الرموز التاريخية في مدينة جدة، حيث يتكون من عدة مقاعد تقليدية في أحد المواقع البارزة من الحي، يتجمع فيه السكان خاصة كبار السن للتداول حول شؤونهم العامة.

عيضة الحربي، أحد السكان، يعتبر أنه لا فائدة من الحدائق، ويرى تحويل قيمتها نحو توفير خدمات الصرف الصحي، إلى جانب مشكلة انقطاع المياه تنام بعض الأحياء وتستيقظ عليها. وقال «تتفاقم هذه المشكلة مع هذا الصيف»، إلا أنه استدرك بقوله لا يعني أننا نكره أن تم توفير تلك الحدائق لكن شريطة أن تحل مشكلاتنا الأساسية.

وهذا لا يعني أن توقف الأمانة إنشاء حدائقها الغناء التي طالما انتظرها سكان العروس، وهذا ما أوضحه المواطن سلطان الحربي وهو معلم في المرحلة الابتدائية ويقطن الجهة الشمالية من مدينة جدة، بادر بقوله «ما زلت وأسرتي نبحث نهاية كل أسبوع عن تلك الحدائق المميزة وسرعان ما نذهب إلى واحدة منها حينما تفتتح، لكننا لا نزال نريد المزيد من الحدائق المتميزة».

وبين أنه مهما بلغ عدد تلك الحدائق فلا تزال الحاجة ملحة لها في ظل الزيادة المطردة في عدد السكان، إلى جانب ارتفاع أسعار المنتجعات السياحية، مؤكدا أن الحدائق قديما بعددها وبالخدمات التي كانت فيها كانت تفي بالغرض، إلا أن الوضع تغير وأصبح مختلفا، فلم يعد مرتادو السكان يقبلون بمنطقة مزروعة للجلوس، ومنطقة ألعاب تحوى على أرجوحتين، وتغلق أبوابها عند الساعة 9 مساء، بل أصبح الناس يرتادون تلك المساحات المخصصة للجلوس والمشي واللعب ويحتاجون الخدمات مثل دورات المياه، وأكشاك الخدمات والأمن.