جدة: قرية تراثية تعيد الأهالي إلى عهد «الحواري» القديمة

العروس تتحول إلى موزاييك بمشاركة جاليات عربية وأفريقية

القرية التراثية في جدة أعادت الأهالي إلى عهد الحواري القديمة («الشرق الأوسط»)
TT

جذبت قرية تراثية مقامة بمركز جدة للمنتديات والفعاليات بجدة نحو 10 آلاف شخص من المصطافين والسائحين القادمين إلى عروس البحر الأحمر ابتهاجا بمهرجانها السياحي السنوي (جدة غير 32)، فبعيدا عن صخب المدينة ووسط الرواشين القديمة أعاد الجداويون عقارب الزمن إلى الوراء عشرات السنين، ببناء قرية تراثية فريدة في مركز المعارض بجدة، كإحدى أهم فعاليات المهرجان السياحي لهذا العام «جدة غير 32»، بمشاركة نحو 150 عارضا وعارضة، يمثلون عددا من الأسر المنتجة والدكاكين القديمة وبعض الأركان للأسر العربية والفعاليات التراثية والثقافية.

الزائر للقرية وبمجرد دخوله للموقع من جهة البوابة الشمالية، تشده الرواشين الملونة وإيقاعات الفنون الشعبية نحو «متاكي» وجلسات «الكرويتات» الجداوية والمراكيز القديمة معيدة للأذهان قصص وروايات حواري جدة القديمة.

القرية التراثية بحسب خالد ناقرو، رئيس اللجنة المنظمة للفعالية تم الإعداد لها منذ وقت مبكر ويشارك فيها نحو 150 عارضا وعارضة، يمثلون مختلف أقسام المعرض والأسر المنتجة من الشعبيات وبرامج المسرح الثقافي الدولي والفعاليات التراثية.

بينما أوضحت من جانبها غادة باجوة، مالكة مؤسسة غادة باجوة والمشرفة على جناح حارة كان زمان والقنصليات، تضم القرية عددا من الأجنحة والفعاليات منها مهرجان التمور الذي شاركت فيه عدة شركات ومؤسسات تهتم بالتمور وإنتاجها وتصنيعها، الشيء الذي يعتبر أحد أهم مكونات التراث السعودي، وتوزعت الأجنحة على مساحة أرض المعارض وضمت جوانب كثيرة من التراث، ومنها الألبسة التراثية والأدوات المنزلية وأدوات العمل، كما نصبت خيم خاصة لبعض الفعاليات منها خيمة للعزف على الربابة، وأخرى للنقر على الدفوف التي تستخدم في الأعراس، وساهم مشاركون في عرض فنونهم في الطهي وتطريز الملابس يدويا وتقديم واجب الضيافة من القهوة والتمر إحياء للعادات السعودية.

وبينت باجوة أن تصميم القرية التراثية أخذ في الاعتبار طبيعة البناء الحجازية من حيث بناء الرواشين وإقامة المقاهي الجداوية القديمة، إضافة إلى جلسات الخزف وبناء المنازل من الداخل على طريقة المجالس في المنازل الحجازية ووضع المهن القديمة والأدوات والحرفيات القديمة.

وأفادت أنه تم تقسيم القرية إلى عدة أركان، جناح الأسر المنتجة وآخر للحرفيين وركن آخر للجاليات، حيث تمت الدعوة لـ7 جاليات، المغرب واليمن والسودان إضافة إلى إثيوبيا وتشاد وهناك جاليات أخرى ستشارك خلال الأيام القادمة حيث ستتواصل الفعاليات على الأسبوعين المقبلين.

وبالعودة لناقرو، أكد تقديم عدد من العروض من قبل الفرق الشعبية يوميا حيث سيتم تخصيص أيام للجاليات إضافة إلى بعض المسابقات والألعاب للصغار، وكشف عن أجنحة خاصة لجميع البلدان العربية كي تقدم شيئا من تراث الشعوب وستقوم يوميا فرقة شعبية عربية بتقديم ألوان من الفنون الشعبية في بلادها.

ويشاهد الحضور وبشكل يومي وعلى مدار شهر كامل عروضا مسرحية للأطفال وألعابا بهلوانية ومسابقات، وبدأ افتتاح المهرجان بإقامة مسابقة شارك فيها عدد من الأطفال، ثم ارتقت منصة الفعاليات الشعبية فرقة فلسطينية قدمت عددا من تراث الرقص والغناء الفلسطيني، حيث تحلق حولها العشرات من الرجال والنساء والأطفال الذين شاركوهم الغناء.

الأسر المنتجة التي كان لها النصيب الأكبر من مساحة القرية وتقديم إنتاجاتها بكل حرفية سجلت بعض تلك المنتجات علامات تجارية خاصة من داخل المنازل، ومن تلك المنتجات عطورات وأبخرة.

علياء العوفي، التي احترفت المهنة وأتقنتها وسجلت لنفسها روائح خاصة رفضت تسميتها وتسجيلها بأرقام عربية لحبها لمادة الرياضيات، وقدمت بمنتجاتها رسالة إلى باقي الأسر في طريقة الصنع والإتقان وقارعت كبريات الشركات، إلا أنها عانت من التقليد لمنتجاتها، وتمنت دعم الأسر المنتجة من قبل الجهات المانحة، مشيرة إلى تعلمها الصنعة من يد جدتها والمفضلة لديها لتلك المهنة على الكثير من المهن، لأنها ترى فيها فنا خاصا بها في خلط وصناعة العطور.

وعلى جانب آخر من القرية، وضعت اللجنة المنظمة ركنا خاصا للتشكيليين ومعرضا خصص ريعه لدعم الأيتام، والذي يقوم بالإشراف عليه بعض المتخصصات لتعليم الصغار أصول الرسم والتلوين.

من ناحية أخرى تواصلت الفعاليات الترفيهية والثقافية في مراكز ومتنزهات جدة، وكشف الأمير عبد الله بن سعود بن محمد آل سعود، رئيس اللجنة السياحية بالغرفة التجارية الصناعية بجدة رئيس اللجنة المنظمة لفعاليات مهرجان جدة غير 32، أن تنفيذ فعاليات المهرجان تسير وفق ما خطط لها، مؤكدا أن الجهات الرقابية والنظامية ستوقف من يحاولون الإساءة إلى السياحة بعروس البحر الأحمر، من خلال التلاعب في الأسعار عند حدهم وفقا لما وضعته الهيئة العامة للسياحة والآثار من لوائح وأنظمة جديدة تساهم في القضاء على عشوائية وفوضى أسعار الشقق المفروشة والفنادق.

من جانبه قال محمد بن عبد الله العمري، المدير التنفيذي لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة مكة المكرمة، لقد بدأت الأفواج السياحية تتدفق على مدينة جدة من مختلف مناطق المملكة، وكثفت الهيئة العامة للسياحة والآثار ممثلة بفرع منطقة مكة المكرمة من استعداداتها لخدمة الزوار حيث تشير التوقعات إلى اجتذاب جدة لأكثر من 4.5 مليون سائح من داخل المملكة، وقد تنافست المواقع السياحية والمدن الترفيهية في تقديم ما لديها من أنشطة سياحية متنوعة واستقبال المصطافين من جميع المحافظات والمناطق الذين يتوافدون بشكل متزايد يوما بعد يوم حيث شهدت الأيام القليلة الماضية من بداية الإجازة الصيفية حركة سياحية نشطة في كورنيش جدة، أما حجوزات الفنادق والشقق المفروشة تشير إلى أكثر من 90% نسبة إشغال وهذا ما يؤكد زيادة معدل توجه العوائل السعودية من المناطق الوسطى والشرقية والجنوبية وغيرها إلى محافظة جدة تحديدا.

وأكد المدير التنفيذي لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة مكة المكرمة إلى أن الحدث الأبرز في السياحة الداخلية، هو مهرجان جدة غير 32 الذي يعتبر أول مهرجان صيفي على مستوى المملكة العربية السعودية يحفل بـ200 فعالية منها 100 فعالية رئيسية و100 فعالية ثانوية وتشمل الفعاليات الترويجية والترفيهية والثقافية والتسويقية بالإضافة إلى مشاركة الكثير من المنشآت السياحية والمراكز التجارية والمنتجعات والمدن الترفيهية، مما كان لهذا التنوع من دور بارز في استمرار المهرجان لـ13 عاما من التقدم والإنجاز.

ويطلق حرس الحدود مساء يوم الخميس المقبل وبالتزامن مع فعاليات مهرجان جدة غير 32 حملته التوعوية بالسلامة البحرية تتقدمها مسيرة تجوب كورنيش جدة بداية من شرم أبحر إلى ميدان النورس والمعرض المصاحب بمجمع العرب بجدة وتتضمن الكشف عن المخاطر التي يمكن أن تواجه المقبلين على نزهات بحرية غير آمنة وتوعية جميع مرتادي البحر والشواطئ بمتطلبات السلامة عبر مختلف وسائل الإعلام.

وأوضح قائد حرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة اللواء عبد الحميد حمدان المورعي أن هذه الحملة تهدف إلى خلق إحساس بالأمان والسلامة لكل المصطافين والسائحين في مهرجان جدة غير 32 وضمان استخدام وتمتع الأشخاص بالشواطئ والمياه بشكل آمن من خلال تقديم خدمة التوعية والإرشاد والتوجيه والمساعدة وتسليط الضوء على الإنجازات والمهام الرئيسية لحرس الحدود في الحفاظ على أمن وحماية الحدود البحرية ودوره الفعال في المجال البحري والخاصة بالسلامة البحرية، علاوة على خلق موقف إيجابي للرأي العام بمجهود حرس الحدود لتعزيز مفهوم الأمن والسلامة على شواطئ ومياه المملكة ورفع مستوى وعي المواطن والمقيم في تطبيق متطلبات ومعايير السلامة البحرية وبالمخاطر المترتبة عن عدم الالتزام بالنظم واللوائح المعمول بها.