الشورى السعودي يطلع على مقترح لتعديل نظام الحراسات الأمنية.. قريبا

بعد ظهور حالات تذمر بين العاملين في القطاع.. والتعديل يسعى لتحقيق الأمن الوظيفي لهم

موظفو الحراسات الأمنية المدنية الخاصة يعتبرون رواتبهم أقل من مستوى جهودهم («الشرق الأوسط»)
TT

كشف عضو بمجلس الشورى السعودي لـ«الشرق الأوسط» عن اعتزامه تقديم مقترح مشروع يعمل على تعديل نظام الحراسة الأمنية المدنية الخاصة بالبلاد، ويهدف المشروع المقترح إلى الارتقاء بالقطاع الأمني الخاص إلى مستويات تحد من البطالة، من خلال تحديد إطار للحوافز المناسبة، وبيئة العمل الجاذبة والمستقرة, التي ستحقق الأمن الوظيفي بمفهومه الصحيح لتلك الفئة.

وكشف اللواء محمد أبو ساق، عضو مجلس الشورى السعودي، عن أن مشروعه المقترح، الذي سيقدمه للمجلس في وقت قريب، يأتي مفصلا وبمثابة دراسة في مرحلتها الأخيرة لتعديل نظام الحراسة الأمنية المدنية الخاصة، كاشفا عن أن غاية هذا المشروع الدفع بهذا القطاع الأمني الخاص إلى مستويات أفضل تجعله أكثر جذبا للشباب السعودي، وتمنحه بعض الحوافز على مستوى الكادر الوظيفي، بالإضافة إلى شروط تأهيل، وغير ذلك من المقومات الضرورية التي يحتاجها ذلك القطاع.

وكان مجلس الشورى يعمل حاليا للانتهاء من المرحلة الأخيرة لمشروع تعديل لنظام الحراسات الأمنية.

ولفت أبو ساق إلى أن مجلس الشورى أسهم في دراسة نظام الحراسات الأمنية المدنية الخاصة قبل خمس سنوات، مؤكدا أن المجلس يراجع الأنظمة كلما طرأت حاجة لذلك، عبر مبادرات لجان وأعضاء المجلس من ناحية، ومن ناحية أخرى حسب ما يرد إلى المجلس من الحكومة من مشاريع تعديل للأنظمة القائمة.

وأكد أنه من الطبيعي أن يشهد القطاع الأمني الخاص، الذي وصفه بالحساس، تغيرات مستمرة في نظامه ووسائل تطبيقه، مبينا أن القيام بمهام الأمن على المستوى المطلوب يعد من أصعب الأمور وأكثرها تعقيدا، وزاد: «وما كان مناسبا بالأمس القريب لم يعد مناسبا اليوم لتحقيق مستوى أمني مناسب ومطمئن».

واعتبر أبو ساق أن هنالك تذمرا كبيرا، حاليا، من قبل بعض موظفي الحراسات الأمنية المدنية الخاصة، في القطاع الخاص، بشأن الرواتب التي يرون أنها أقل من مستوى جهودهم، معللين ذلك بأن بيئة العمل في بعض المنشآت تستحق إعادة النظر.

وقال أبو ساق: «أنا مقتنع بأن الحراس الأمنيين المدنيين الذين يتولون حراسات الشركات والبنوك والمصانع، في القطاع الخاص، يستحقون أن يكون لهم كادر وظيفي محكم، فيه حد أدنى للراتب يليق بهذه المهام الأمنية الحساسة، وأنهم يؤدون أدوارا أمنية ومهنية خاصة تستحق التقدير بما يوازي المهارات والجهود والنتائج، كما يستحق حراس الأمن المدني الخاص حوافز أخرى تلائم طبيعة مهامهم، ويستحقون بيئة عمل كريمة ومشجعة على تحقيق الواجبات على أكمل وجه».

واعتبر أبو ساق أن مثل تلك القضايا تستدعي المزيد من الدراسة، وكثيرا من المشاورات مع الجهات المختصة بشؤون الحراسات، معتبرا أنه تتطلب أيضا مقارنة بعض الأنظمة ذات العلاقة، للخروج بتعديل مناسب لنظام الحراسات الأمنية.

وبين عضو مجلس الشورى، أن المعطيات الأمنية في البلاد تشهد تحولات إيجابية ومطمئنة نحو مزيد من الفاعلية ومزيد من الجاهزية، موضحا أن نظام الحراسات المدنية الخاصة في المملكة شهد آخر تعديل قبل أكثر من خمس سنوات، ويضيف: «أنا على ثقة تامة بأن وزارة الداخلية، ممثلة في الأمن العام، لديها حرص شديد وإشراف دقيق على شؤون الحراسات الأمنية المدنية، ومن واقع التجربة الأمنية للأمن العام السعودي، فإنني على ثقة تامة بأن الحراسات الأمنية المدنية الخاصة تحظى برؤية متجددة وإشراف مباشر، لدى الجهات الأمنية المختصة بالأمن العام».

وأكد أبو ساق على أن للتأهيل شروطا واضحة، ويفترض على المؤسسة أو المنشأة الخاصة أن تلتزم بما يتضمنه النظام ولائحته الخاصة، من حيث التأهيل، وعدم تسليم هذه المسؤولية لأي من الحراس إلا بعد اجتيازه شرط التدريب والتأهيل الأمني المقرر. ويرى أبو ساق أن تلك مسؤولية مشتركة تتحملها المنشأة قبل أي جهة أخرى، مبينا أنه من غير المقبول، نظاميا ومنطقيا، لمنشأة لها قيمة مادية ومعنوية كبيرة، أن توكل مهام وواجبات أمنها وحراستها إلى أشخاص غير مدربين وغير مؤهلين.

وأرجع اختلاف الأدوار الأمنية من منشأة إلى أخرى، إلى طبيعة عمل المنشأة وحجمها وطبيعة تهديداتها, مبينا أن مهام الحراسة تختلف، فهناك الثابتة وأخرى متحركة في مساحة وحدود معينة, فالمنشآت التي تحتاج إلى حراسات مدنية خاصة، تتعدد طبيعة حاجتها لتوفير الأمن بدرجات متفاوتة, فهنالك الأسواق والبنوك والشركات الصناعية والمعامل وغيرها، مما يبرهن الحاجة إلى تدريب متنوع، مع توجيه مكثف ومستمر على رأس العمل، إضافة إلى المهارات الأمنية السابقة، والمفترض أن لا يوظف حارس الأمن إلا بعد حصوله عليها.

وأكد اللواء أبو ساق أن حجم التطور الصناعي والتغير في مجال واحتياجات الحراسات الأمنية المدنية، يتطلب جعل الحراسات الأمنية الخاصة عند أفضل المستويات، وأضاف قائلا: «الحراسات الأمنية وشركات الأمن الخاصة، لا تستطيع اليوم أن تقوم بواجباتها بكفاءة تحقق ثقة المجتمع، وتكون عند مستوى تطلع الجهات الرسمية إلا حين تمتلك أجهزة ووسائل متطورة لأقسام أمنها، تديرها وتقوم عليها قوى بشرية مدربة جيدا، ومسلحة بأفضل المعدات والأجهزة الحديثة، وبالطبع تختلف الوسائل وتختلف المهارات من منشأة إلى أخرى».

وبين أنه من الضروري لرجال الحراسات الخاصة أن يكونوا في مستوى مهني رفيع، يحقق لهم الثقة والهيبة والاحترام وهم يؤدون واجباتهم الأمنية، مشيرا إلى أن المظهر الخارجي لحارس الأمن، من حيث لباس الحراسة، واللياقة الشخصية والجسدية، واللياقة الذهنية، والكفاءة المهنية، تعد متطلبات حتمية يقيّم عليها الحارس وتقيّم عليها منشأته.

وتوقع أن يوفر قطاع الحراسات الأمنية الفرص الكبيرة عبر مئات الآلاف من الوظائف في القطاع الخاص، بعد تطوير النظام وإدخال بعض الحوافز ومقومات الجذب الوظيفي، ممثلا ذلك بكثير من الدول المتقدمة والصناعية، التي تتولى المنشآت الصناعية والتجارية، حيث تقوم بتوفير أمنها الداخلي والمحلي بنفسها، عبر التعاقد مع شركات الحراسات الأمنية الخاصة، التي توظف وتدرب الكثير من عناصر الأمن المدني والصناعي الخاص، مؤكدا أن هذا القطاع يمكن أن يستوعب الكثير، ويحد من البطالة، حين تكون له الحوافز المناسبة، وبيئة العمل الجاذبة والمستقرة، التي تحقق الأمن الوظيفي بمفهومه الصحيح.

وتعد شركات الحراسات المدنية الخاصة رافد أمنيا فاعلا يستحق المزيد من الاهتمام، حيث إن الكثير من دول العالم كان الأمن فيها قديما يعتمد على قوى الأمن الرسمية، التي توفرها القطاعات العسكرية والأمنية الحكومية، حيث توفر الأمن بوسائل بشرية وغير بشرية، تحت مسؤوليات تنفيذية حكومية تتبع قيادات الأمن العام.

ونظرا للتغير الهائل الذي تشهده الدول، حيث النهضة المدنية، واتساع المدن، وبروز حاجات أمنية ملحة، تم تفويض بعض المسؤوليات الأمنية إلى شركات حراسات خاصة، تحت إشراف رسمي حكومي، فيما أصبح لهذا القطاع الأمني الخاص على مستوى العالم مجال كبير في الإعداد والتدريب، وأصبحت له معاهد وكليات أمنية، ومراكز تدريب تأسيسي وتدريب مستمر، ومع مرور الوقت كسب قطاع الأمن والحراسات المدنية الخاصة ثقة القطاع الخاص، وثقة الأجهزة الحكومية المعنية، على حد سواء.

ومن جهتها، أوضحت زهرة، إحدى موظفات الأمن في أحد المستشفيات الخاصة في جدة (غرب السعودية)، أن من أهم الشروط المطلوبة لوظيفة الأمن التي قبلت على أساسها، هو شرط (الطول)، وبسؤالها عن التدريبات التي تلقتها، ذكرت أنها لم تتلق أي نوع من التدريبات التي تؤهلها لوظيفة حارسة أمن، إضافة إلى عدم وجود أي أدوات دفاعية تحملها.

وأشارت زهرة إلى أنه في حال وجود مشكلة، ليس عليها سوى التوجه إلى الهاتف لطلب تحويل حارس الأمن بالأسفل للصعود وعمل اللازم، مضيفة أن جهاز الاتصال اللاسلكي أزالته إدارة أمن المستشفى من أيدي جميع حارسات الأمن، بسبب تحطم أحد الأجهزة أثناء تجول إحدى الحارسات في قسم النفسية، وهجوم مختلة عقلية عليها وحملها للجهاز وتحطيمه، مؤكدة أن المستشفى حاليا قام بسحب باقي الأجهزة من جميع حارسات الأمن.

وطالبت زهرة بإعادة النظر في ساعات دوام العمل الرسمية، التي ترى أنها طويلة إلى حد ما، ولا بد من مراعاة عامل الجنس في هذه المهنة، مشيرة إلى أن المرأة ليس عليها أن تعمل بنفس عدد ساعات عمل الرجل.

من جهته، اعتبر صلاح، الذي يعمل مشرف حراس أمن منذ سبع سنوات في أحد المراكز التجارية، أن العمل لا يشكل له أي متاعب سوى أنه يعاني بعض الشيء من عدم تمكنه من الحصول على الإجازات الكافية في حال تغيب أحد الحراس، ولمح كذلك إلى صعوبة الحصول على إجازات مرضية، متمنيا إعادة النظر في الرواتب المقدمة لحراس الأمن والمشرفين؛ نظرا لصعوبة الحياة وغلاء المعيشة في الوقت الحالي. وقالت أحلام، مراجعة لأحد المستشفيات: «إنه منذ بضعة أيام كنت في أحد المستشفيات الخاصة في قسم غرف التنويم، وفي اليوم الذي كتب لي الأطباء الخروج تفاجأت حينما استيقظت من نومي بوجود أحد الأشخاص مختبئا داخل غرفتي، ولم يظهر منه سوى رأسه، وعند سؤالي له من أنت؟ انطلق مسرعا نحو الباب, وبعدها بنحو ربع ساعة كنت بالقرب من باب الغرفة وجدت شخصا من خارج الغرفة يقوم بفتح الباب بهدوء شديد، وعندما لاحظ أن أنوار الغرفة مضاءة بدأ بغلق الباب بنفس الهدوء، ولكن حينها ذهبت إلى الباب مسرعة، وقمت بفتحه لأرى من الذي فعل ذلك، وشاهدت شابا من ظهره متجها نحو المصعد، كما سمعت إحدى السيدات من الغرف المجاورة تصرخ بصوت عال قائلة: عيب عليك.. أنت ما تخاف الله. وعلى الفور قمت باستدعاء الممرضات من خلال الجهاز الخاص بهم, وحضرت إلي شابة سعودية، وأخبرتها بما حدث، وطلبت منها التوجه بسرعة لإمساكه قبل إن يتمكن من الهرب، وأتت لي بعد فترة قليلة وقالت إنه تم الإمساك به، وإنه تنقل بين أغلبية الغرف الموجودة في المستشفى، وإنه ليس من داخل المستشفى، وإنما من الخارج، ومن الواضح عليه أنه في حالة غير طبيعية».

وتتساءل هنا أحلام: من يحمي المرضى داخل غرف التنويم من هجوم أشخاص غرباء عليهم، غير معروف ما هو الدافع وراء دخولهم؟ لتأكد بجوابها أن الأمن الموجود في هذا الدور لم يكن موجودا، مضيفة أنهن شابات، وليس بأيديهن حتى جهاز (لا سلكي)، وإنما كن سيقمن بالذهاب إلى أقرب هاتف لطلب الأمن الموجود في الدور السفلي.

وفي السياق ذاته أكد اللواء خضر الزهراني في الأمن العام، أن مهمة أفراد الحراسات الأمنية الخاصة الذين يعملون في شركات الحراسات الأمنية الخاصة، هي حراسات مدنية، كما يقومون بالحفاظ على أمن الموقع من أي إشكالات قد تقع فيه، والإبلاغ عن أي مشاهدات، أما إذا حدث أي شيء مهم فعليهم استدعاء الجهات الأمنية.

وبين الزهراني أن موظفي الحراسات الخاصة لا بد من تدريبهم وتأهيلهم قبل ممارسة عملهم، ويتم ذلك في مدن التدريب الخاصة بالأمن العام, حيث يتلقون تدريباتهم الأولية على الحس الأمني وكيفية التصرف مع الحالات الخطرة، عدا السيدات اللاتي يعملن في الأمن، فليس لهن أماكن لتدريبهن, لذا لا يتلقين أي تدريبات، وإنما يعملن في المراكز التجارية.

وأكد الزهراني أن عدد شركات الأمن تتجاوز 200 شركة داخل السعودية، موضحا أنها مقسمة لثلاث فئات: الفئة (أ)، وهي التي يكون عدد موظفي الأمن لديها 1000 موظف وما فوق، والفئة (ب) تحوي 700 حارس أمن، بينما الفئة (ج) التي يكون عدد حراس الأمن لديها 400 موظف. وأكد اللواء الزهراني أن جميع هذه الشركات تكون تحت إشراف مباشر من إدارة الحراسات في الشرطة والأمن العام، مبينا أن نظام الحراسات المدنية قديم، فيما يطبق الجزاءات في حال مخالفة أي شركة لذلك النظام، ولمح إلى أن آخر مرحلة من مراحل الجزاءات المطبقة وفق النظام المشار له، تصل لحد إغلاق الشركة.