الموسم الانتخابي ينبئ بملامح حملات انتخابية يغيب عنها حماس الإنفاقذ

خبير إعلامي لـ «الشرق الأوسط»: السوق السعودية تفتقر للمؤسسات التي تروج للمرشحين

5600 مرشح يتنافسون على نصف مقاعد المجالس البلدية في الدورة الثانية للانتخابات في سبتمبر المقبل
TT

وصف خبير إعلامي السوق السعودية بأنها تفتقر للمؤسسات المتخصصة في الترويج الشخصي، والتي يمكن أن يفيد منها المرشحون في الترويج لبرامجهم الانتخابية التي ستنطلق في 18 من سبتمبر (أيلول) المقبل والتي ستمتد لـ 10 أيام لجذب الناخبين للتصويت لهم.

واعتبر أن ضيق الفترة ومحدودية الخيارات والمنافذ الترويجية سيقلص ميزانيات الحملات الانتخابية إلى أقل من مليون ريال لمن يريد أن يستعين بمؤسسات متخصصة وخبراء في مجال الترويج الانتخابي.

وكانت وزارة الشؤون البلدية والقروية أعلنت يوم أول من أمس حزمة جديدة من شروط الانتخابات تتعلق هذه المرة بالمؤسسات التي يمكنها أن تقدم الدعم الترويجي والإعلاني للمرشحين، ومعلوم أن نحو 5600 مرشح يتنافسون على نصف مقاعد المجالس البلدية في عموم البلاد، في الدورة الثانية للانتخابات البلدية.

وقال الدكتور مالك الأحمد (أكاديمي ومستشار وخبير إعلامي)، لـ «الشرق الأوسط» إن السوق السعودية تفتقر إلى شركات لديها الخبرة في الترويج للشخصيات، وهو المحور الذي تقوم عليه العملية الانتخابية، أي إبراز المرشح والترويج له عبر تسويق برنامجه وأفكاره لدى الآخرين، وأضاف أنه لا يوجد في السوق السعودية من المؤسسات العاملة في حقل الإعلان والعلاقات العامة والإعلام من تملك هذه التجربة، لافتا إلى أن لدى هذه المؤسسات بالتأكيد خبرة كبيرة في الترويج لمنتجات أو شركات، أو تنظيم مناسبات، وهذا المجال مختلف تماما عن العمل في مجال الانتخابات.

وتوقع الأحمد أن يلجأ نحو 5 في المائة من المرشحين فقط لمؤسسات العلاقات العامة والإعلام، وأوضح أن توقعاته مبنية على أن الغالبية العظمى من المرشحين هم من الأفراد العاديين وليسوا من أصحاب الأموال الذين كانوا السمة الأبرز للدورة الأولى من الانتخابات التي تم تنظيمها في عام 2005.

وأكد الأحمد أن دخول أصحاب رؤوس الأموال في الدورة الأولى لن يتكرر في هذه الدورة، مشيرا إلى أن دافعهم في الدورة الأولى كان لحداثة الفكرة فقط لا أكثر ولا أقل.

وتابع الأحمد أن القادرين على الإنفاق سيكونون ندرة، وكذلك المعتمدون على المؤسسات في الترويج لبرامجهم الانتخابية، مبينا أن المؤشرات تقول إن الحماس الذي رافق الدورة الأولى مفقود في الدورة الثانية، وقال الأحمد إن العلاقات الشخصية والجهود الفردية ستكون السمة الغالبة على هذه الدورة.

وأوضح الأحمد أن الترويج للمرشح شبيه بالإعلان، فإذا تم استبعاد التلفزيون من قائمة خيارات الترويج ستكون بقية الخيارات الأخرى غير مكلفة، سواء كانت عبر الصحف أو عبر الإنترنت، وبين أن «الحملة ليست على مستوى السعودية وإنما لمنطقة معينة ولأشخاص محدودين، لذلك لا أتوقع حملات تصل تكلفتها إلى مليون ريال، ربما لا تتجاوز المخصصات المالية لحملة متكاملة تديرها شركة علاقات عامة 500 ألف ريال، كما يمكن لمرشح يتمتع بعلاقات عامة جيدة أن يروج لبرنامجه الانتخابي بما لا يتجاوز 150 ألف ريال خلال فترة الحملات الانتخابية».

وتضمنت الشروط الخاصة والمؤسسات، أن تكون المؤسسة الراغبة في الحصول على الترخيص لتنظيم وإدارة الحملات الانتخابية مؤسسة إعلامية حاصلة على ترخيص إعلامي ساري المفعول لممارسة نشاط الدعاية والإعلان أو العلاقات العامة، وأن تقدم المؤسسة بيانا بأسماء المؤسسات المحلية والخارجية التي نفذت لها المؤسسة أعمالا في مجالي الدعاية والإعلان أو العلاقات العامة، وصورا من العقود التي نفذتها خلال السنتين الأخيرتين، إضافة إلى بيان بأسماء العاملين بالمؤسسة ومؤهلات القياديين فيها وجنسياتهم، والسيرة الذاتية لصاحب المؤسسة، مبينا فيها مؤهلاته وخبراته، مع تحديد المنطقة أو المناطق التي يرغب تولي تنظيم الحملة الانتخابية في نطاقها.

في هذه الجزئية قال الأحمد إن على وزارة الشؤون البلدية والقروية أن تترك للمرشحين اختيار الأساليب التي يرونها مناسبة وأن تترك أيضا للمؤسسات التي تعمل في هذا المجال اختيار أساليبها في الترويج للمرشحين الذين تعمل معهم، خصوصا أنها سوق جديدة لدى هذه الشركات، معتبرا أن تشديد الشروط في هذا الجانب يضعف التنافسية بين المؤسسات التي ينتظر أن يكون لها دور في الحملات الانتخابية عبر الترويج للمرشحين، كما أن الشروط قد لا تعطي الفرصة الحقيقية للمرشحين لاختيار الأساليب التي يرونها تخدم حملاتهم الانتخابية للحصول على دعم الناخبين لهم يوم التصويت.

وقال الأحمد إن الوزارة قيدت العملية الانتخابية وبالغت في ضبط العملية الانتخابية بكثير من الشروط غير الضرورية - على حد قوله - التي قد تفقد العملية الانتخابية رونقها، وزاد «تنظيم الحملات الانتخابية يندرج تحت مسمى الإعلان، ولا يوجد جهة تنظم الإعلان التجاري في السعودية، وتحمي الناس من المنتجات التي يروج لها بطريقة الاحتيال والتغرير بالمستهلك».

وتابع الأحمد قائلا إن وزارة الشؤون البلدية والقروية مهمتها حماية الناخب من أن يتعرض للاستغلال والتغرير، لكن ليس من مهامها أن تقيد المرشح في الترويج لبرنامجه الانتخابي بالطريقة التي يرغب سواء عبر شركات علاقات عامة وإعلان، أو عبر جهوده الفردية، وبالطريقة التي تخدمه.

وأضاف الأحمد «من خلال الدور الرقابي الذي تمارسه الوزارة على العملية الانتخابية بكاملها يمكنها أن تعالج الأخطاء التي تحدث بشكل فردي وفي إطارها، لكن الاشتراطات التي وضعتها الوزارة ستقيد سوقا جديدة تفتقر للمؤسسات المتخصصة، بالتالي ستضر بالعملية الانتخابية برمتها».