«كان يا ما كان».. مشروع للقراءة المبكرة للأطفال في السعودية

فكرته انطلقت من مدونة مبتعثة

TT

في الوقت الذي أشارت فيه إحصائيات تعتبر مخيفة حول معدل القراءة في العالم العربي، وأبرزت أن مجموع ما يقرأه الفرد العربي خلال السنة لا يتجاوز 6 ساعات، لاحظت طالبة ماجستير سعودية في الولايات المتحدة، قلة الاهتمام بالقراءة في السعودية لدى الأطفال، على وجه الخصوص، مقارنة بالوضع في أميركا، حيث لا يكاد يخلو مجمع تجاري من مكتبة للأطفال والكبار؛ لتشجيعهم على القراءة.

ووجدت نجلاء باراسين أن الفكرة تكمن في التحفيز المفقود لدى أولياء أمور الأطفال، وعدم المبالاة بتحفيز الطفل على القراءة، والاكتفاء بمنح الطفل المزيد من ألعاب الفيديو، التي يجدها الطفل مسلية أكثر من القراءة، ويقيس عليها الملل الذي يشعر به عند قراءة الكتب المدرسية.

نجلاء استندت إلى أحد المواقف التي أثارت في داخلها حافزا لتبدأ فورا في مشروع، صاحبه هدية النجاح لطفلة في الصف الثاني الابتدائي، عبارة عن مجموعة من الكتب المسلية، والمناسبة لمن هم في عمرها، فأبدت الطفلة امتعاضها، معللة بأنها لا تحب القراءة، بسبب معلمتها التي توبخها على قراءتها البطيئة.

تقول باراسين: «حاولت حل المشكلة بأن قدمت لها جدولا مقسما، فيه اسم كتاب من الكتب التي أهديتها، وبجانبه عدد الصفحات التي قرأتها وتاريخ الانتهاء منها، وحفزتها بمكافأة نهاية كل أسبوع، بناء على ما قرأته، ولاحظت أنها بدأت تتقبل القراءة شيئا فشيئا، حيث لم تحتج الطفلة سوى للتحفيز».

وعند تبلور الفكرة في ذهن نجلاء وزميلاتها المتطوعات، قمن بعمل استفتاء تم نشره في الشبكات الاجتماعية، مثل الـ«فيس بوك» و«تويتر»، تضمن طرح تساؤل مفاده: «لماذا لا يقرأ الطفل في السعودية؟»، وكانت أغلب النتائج تشير إلى عدم وجود مثال للطفل يحتذى به في القراءة في داخل المنزل، أو أن الطفل يجد القراءة شيئا مملا، كونه يربطها بدروس المطالعة وكتب المدرسة التي تجلب له شعورا بالملل وعدم التفاعل.

وتضيف باراسين: «كتبت في الـ«تويتر» في يوم الافتتاح (سنغير العالم بطفل يقرأ)، وفي النهاية فإن هذا هو الهدف الرامي إلى أن لا يقتصر المشروع على ما عمله الطفل فقط في يوم زيارته، وإنما نطمح لاستمرارية نهج نشر القراءة في الجيل المقبل من أطفالنا». في ركن «كان يا ما كان» في مركز حياة مول بالرياض، كانت المتطوعات جنبا إلى جنب مع الأطفال، في ركن يتيح للأطفال الاستمتاع به في الفترة المسائية خلال تسوق ذويهم في المركز.

وخلال الأسبوع الأول من بداية انطلاق المشروع، زار الركن نحو 200 طفل وطفلة، استفادوا من جميع الأركان، التي شهدت إقبالا كبيرا وتحفيزا لافتا من قبل الأمهات، حيث عمد بعضهن إلى إحضار أبنائهن إلى الركن مرة أخرى.

ويحتوي المشروع، أركانا متنوعة، فمن ركن «الحكواتي الصغير»، الذي تجلس فيه إحدى المتطوعات وتحكي قصصا قصيرة في الركن، ثم تعطي طفلا من المجموعة «طربوش الحكواتي» ليقص على بقية المجموعة قصة جديدة، إلى ركن آخر حيث يرتدي أحد الأطفال بطاقة باسم شخصية تاريخية، ويذكر بلسان الشخصية أعماله وإنجازاته، وما اشتهر به، يقرأها على مسامع المجموعة من بطاقات مصفوفة أمامه.

المشروع الفريد من نوعه في السعودية، إن لم يكن الأول من نوعه، يلقى دعما من رجل الأعمال، نايف الراجحي، ونادي القراءة بجامعة الملك سعود، بمساندة من مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض، التي أخذت على عاتقها تقديم عدد من الكتب، ودربت 40 متطوعة للعمل في البرنامج ذاته.