جدة تستقبل السبت أكبر تظاهرة فنية للخط العربي

الخطاط خان لـ «الشرق الأوسط»: تنوع الخطوط على الكومبيوتر لا يغني عن استخدام «القصبة»

TT

تتكاتف جهود الخطاطين في العالم العربي للحفاظ على الخط العربي، الذي يعد رمزا للغة العربية بأنواعه وأشكاله، وذلك من خلال تكثيف ورشات العمل والمعارض التي تقام في البلدان العربية والأجنبية لحماية هذا الفن من النسيان.

وتنطلق غدا السبت ورشة «الخط العربي» لتعليم فن الحرف الجميل بهدف الحفاظ على أصالته وأنواعه كالكوفي والثلث والنسخ والديواني، لا سيما أن تعلم هذا الخط يستوجب الالتزام ببعض القواعد التي يتعلمها الموهوب منذ البداية.

وأوضح الخطاط سعود خان أنه في ظل وجود خطاطين غيورين يخافون على الحرف العربي من الاندثار، سيظل الخط العربي بعزة ولن ينتهي أو ينسى، مشيرا إلى الإقبال الشديد على تعلم الخط العربي من الجنسين.

وبين خان لـ«الشرق الأوسط» أنه على الرغم من تنوع وتعدد الخطوط على برامج الكومبيوتر وغيرها من أدوات التقنية الحديثة، فإن هذا لا يغني عن استخدام «القصبة»، لافتا إلى حرص الجيل الجديد أيضا على تعلم الخط العربي بأنواعه.

الورشة التي تقام في «مجمع العرب» بمشاركة الخطاط إبراهيم العرافي، وتستمر لمدة أسبوع ضمن فعاليات الصيف، تهدف إلى الحفاظ على هوية الخط العربي. وأشار خان إلى استمرارهم في الدورات وورشات العمل، إضافة إلى تحمل مشقة السفر لدول مختلفة من أجل تأمين الآلة السحرية «القصبة» وتوفيرها بشكل دائم للراغبين في تعلم الخط العربي.

ويتمتع الخط العربي بمرونة وطواعية قابلة للمد والرجع والتشابك إضافة إلى التداخل، الأمر الذي ساعد على ارتقائه إلى فن جميل يتميز بقدرته على مسايرة التطورات والخامات، كما أنه يعتمد فنيا وجماليا على قواعد خاصة تنطلق من التناسب بين الخط والنقطة والدائرة.

كما يتميز من خلال نمطيه الأساسيين؛ «المنحى والهندسي» اللذين ينفرد كل منهما بجماليات خاصة مع الزخارف المرافقة لهما التي تجعل الفنان يبدع في استخدامه ويعطيه حرية التشكيل، وهذا مما ساعد العرب قديما والمسلمين على استخدامه في تشكيل تحفهم على الخامات المتنوعة كالمعادن والخزف والخشب والرخام والزجاج إضافة إلى الروائع المعمارية، حتى أصبح الخط العربي قاسما مشتركا لجميع الفنون العربية الإسلامية.

ويعتبر فن الخط العربي من أصعب الفنون الإسلامية، وذلك لأن الفنان فيه لا يملك في يده غير قلمه البسيط والحبر والورقة وما يعرف بـ«سكين الخطاط»، وتعتبر هذه الأدوات هي مصدر رزق للخطاطين، كما اعتبره الكثير من الأدباء مكملا ومجملا للشخص، فقال ابن المقفع: «الخط للأمير جمال، وللغني كمال، وللفقير مال».

وعرف العرب الخط منذ أقدم العصور، فقد عثر في الجزيرة العربية وفي أماكن مختلفة على كتابات عربية مدونة بخط «المسند»، لذا اعتبره الباحثون والمؤرخون القلم العربي الأول والأصيل وهو خط أهل اليمن، ويسمى خط «حِميَر». وبقي أهل اليمن يكتبون بخط «المسند» بعد الإسلام ويقرأون نصوصه، فلما جاء الإسلام كان أهل مكة يكتبون بقلم خاص بهم تختلف حروفه عن حروف «المسند» يسمى «القلم العربي» أو «الخط العربي» تمييزا له عن «المسند».

وكما قدمت الحضارات القديمة الفن في الرسومات والتماثيل، فقد قدمه العرب بعد الإسلام في الخط العربي وجعلوه فنا من الفنون؛ إذ يقف المشاهد منبهرا أما لوحة الخط يتفحص ويدقق النظر في الجهد الذي بذله الخطاط في هذه اللوحة.