مسؤول إندونيسي لـ«الشرق الأوسط»: خسرنا 15 ألف وظيفة شهرية تؤمنها السعودية للعاملات المنزليات

قال إننا نحترم القضاء السعودي.. واعتراضنا في قضية «خادمة مكة» على تنفيذ القصاص دون إبلاغنا

رشدي باسلامة أمين ابجاتي للعمالة الإندونيسية
TT

رفض رشدي باسلامة، أمين لجنة ابجاتي للعمالة الإندونيسية، أكبر لجنة عمالية في البلاد، مقارنه العمالة الإندونيسية العاملة في السعودية بعمالة أي دولة أخرى، أو استقدامها كبديل لها، بعد أن أعلنت السعودية تعليق استقدام العمالة الإندونيسية، بسبب الشروط التي وصفت بالابتزازية من قبل مكاتب الاستقدام والسماسرة في جاكرتا.

واعتبر في حواره مع «الشرق الأوسط» أن مقارنة عمالتهم بالعمالة المستقدمة من دول كإثيوبيا وكينيا، مقارنه ظالمة، حتى وإن شهدت تلك الدول أصداء جيدة في التعامل مع الأسر السعودية، على اعتبار أن العمالة الإندونيسية موجودة منذ 25 عاما، ويوجد أكثر من 1.4 مليون عاملة وسائق، فمن الطبيعي أن تكون هناك سلبيات وتجاوزات.

ونفى باسلامة الذي يمثل إحدى اللجان العمالية والبالغ عددها 3 لجان علمه بتلك الشروط المثيرة للجدل، وكان آخرها اشتراط تعيين محام لكل خادمة، ووضع صورة زوجة الكفيل على العقود، كاشفا عن آلية يتم من خلالها إعادة ترتيب عمل السماسرة والشركات بهدف عدم التلاعب بأسعار التأشيرات، مع التركيز ببرامج تدريبية تتواءم مع العادات والتقاليد السعودية.

وحول ما يحدث من مظاهرات مستمرة خرجت بعد أن أعلنت الرياض قرار التوقف، قال باسلامة إن تلك المظاهرات لا تختص بالسعودية فقط، فإندونيسيا تعاني من إشكاليات عمالية كبرى، بحد قوله.

وأشار رئيس لجنة ابجاتي إلى أن ما أثير حول تنفيذ القصاص في إحدى رعاياهم بعد قتلها لمواطنة سعودية، ترجع لأسباب سياسية تدار من قبل معارضين للحكومة، وأن الإشكالية تكمن في عدم الإبلاغ عن موعد تنفيذ الحكم، وليس الاعتراض على الأحكام القضائية التي تحترم من الجانب الإندونيسي، وكذلك لمتابعة سير التحقيقات منذ بدايتها من قبل السفارة في الرياض.

وإلى نص الحوار:

* نبدأ من حيث انتهى الطرفان العماليان الإندونيسي والسعودي، حيث أعلنت الأخيرة وقف الاستقدام نهائيا، بعد أن كانت السعودية أكبر بلد في العالم يستقدم عمالة منزلية من دولة واحدة وهي إندونيسيا، كيف ترى هذا القرار وتقييمك لأسباب ذلك؟

- القرار كان متوقعا نتيجة عوامل أثرت كثيرا في الشارع الإندونيسي، من جانب حوادث فردية لأسر سعودية، وأيضا من أجهزة حكومية، وكان آخرها تنفيذ القتل في عاملة إندونيسية دون أن يتم علم أسرتها بموعد القصاص.

* لكن القضية تمت متابعتها منذ البداية من قبل السفارة الإندونيسية في الرياض، والتي ظلت تتابع منذ بدء التحقيقات مع الجانية، وحتى إصدار الحكم بحقها لتسببها في مقتل سيدة سعودية كانت تعمل معها، وهذا معمول به لجميع الرعايا من الجنسيات الأخرى بالسعودية؟.

- هذا صحيح، الحكومة في إندونيسيا تحترم القضاء السعودي، وليس هناك اعتراض على الحكم، ولا يوجد اعتراض من أي طرف في إندونيسيا، ولكن الاعتراض جاء بناء على أن تنفيذ الحكم حدث بشكل مفاجئ.

* وماذا تريدون من موعد التنفيذ، فالحكم صدر من المحاكم وهيئات قضائية، وكان محامي السفارة يتابع القضية، والحكم جاء بناء على رفض أسرة القتيلة القبول بالدية، وتنفيذ القصاص، وحددت المواعيد، وفي الغالب لا يسمح بإخبار القاتل وأسرته بموعده من مبدأ أنساني وشرعي وأمني؟

- هذا الأمر سياسي بالدرجة بالأولى، والرئيس الإندونيسي أرسل 15 شخصا لمناقشة هذا الجانب في الرياض مؤخرا.

* دعني أذكرك بقضية مشابهة حدثت في منطقة عسير جنوب السعودية، حيث تم تنفيذ القصاص في شاب سعودي قبل أربعة أشهر لقتله إندونيسية كانت تعمل مع والدته، وهذا الجانب لم تتم مناقشته ولم يبرز في أي وسيلة إعلامية أو أجهزة حكومية في إندونيسيا؟ كيف ترد؟

- المشكلة تكمن في وسائل الإعلام في البلدين، التي لم تبرز هذا الجانب، وحقيقة أنا شخصيا لم أسمع بهذا الشيء. وكما قلت الموضوع سياسي بالدرجة الأولى.

* المشكلة أن أي قضية اعترض عليها المكاتب والسماسرة في إندونيسيا طول السبعة أشهر الماضية، وهي فترة التوتر بين البلدين، يتم تحويلها إلى قضية سياسية، سواء كانت اقتصادية أو جنائية من حوادث فردية بين الطرفين؟ فما رأيكم؟

- أتفق معك. الموضوع أصبح يتصاعد بشكل كبير، وهناك أحزاب سياسية تؤثر عبر وسائل الإعلام لطرح مشاكل عمالية وخاصة في السعودية.

* بعض المكاتب أكدت في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن المشكلة تدار من قبل معارضين في أحزاب سياسية تضغط على الحكومة للفوز بتأييد في الشارع الإندونيسي؟ فما هو تعليقكم.

- هناك من المعارضين من يطرح بعض الاختلافات والأفكار لقضايا عمالية، وهذا الأمر لا يمكن أن يقاس بهذا الشكل، على اعتبار الدولة ديمقراطية وتسمح بالحرية الإعلامية.

* حدثت مظاهرات نظمت من قبل شركات الاستقدام، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» أصحاب مكاتب تعمل في اللجان التي ترأسونها، وذلك عقب إيقاف وزارة العمل السعودية الاستقدام من قبل إندونيسيا، وما زالت مستمرة تلك المسيرات، كيف هي أصداؤها، وماذا بشأن تلك المطالب من قبل الحكومة؟.

- المظاهرات ليست مقتصرة على الجانب السعودي، فإندونيسيا تمر بمشكلة عمالة شاملة، ومن بينها قضايا العمل خارج البلاد، وهناك دول غير السعودية نسعى إلى تنظيم وضع عمالتنا لديها، وعلى رأسها الأردن والكويت وكوريا.

* كيف تقيم خسائر المكاتب والشركات المتخصصة في الاستقدام عقب قرار الإيقاف من قبل السعودية؟

- طبعا هناك خسارة لا يمكن التقليل من شأنها، وأهمها أن إندونيسيا خسرت 15 ألف وظيفة شهريا كانت الرياض تؤمنها كفرص وظيفية للإندونيسيات للعمل بالمنازل، ولكن الحكومة الإندونيسية عملت بدائل لمواجهة هذه الأزمة من خلال السماح بتحول تلك العمالة إلى ماليزيا لضمان عدم إغلاق وتأثر المكاتب واستيعاب أكبر عدد من المتقدمين من الجنسين للعمل.

* هل تتوقع فتح المجال قريبا؟

- لو اجتمع الطرفان، خاصة ممثلي اللجان العمالية على طاولة واحدة، فستنتهي المشكلات فورا، لأن الفريقين ليس من مصلحتهما استمرار التوقف.

* ولكن السعودية أوقفت الاستقدام بسبب عدم الوصول لحلول واضحة ومعقولة أثناء الاجتماعات من خلال ممثلي اللجان العمالية التي ترأسون إحداها، والتي وصفت تلك الشروط بالابتزاز للأسر السعودية، من قبل بعض الجهات، كرفع الأسعار دون مبرر، وفق تسعيرة مختلفة، في تحد للعقود الملزمة من قبل لجانكم ووزارة العمل السعودية، ما تعليقكم؟

- هذا الأمر تتم مناقشته، وقرار الإيقاف رغم سلبياته الكثيرة، فإن له إيجابية تكمن في البدء في إعادة ترتيب عمل المكاتب وموظفي السمسرة الموجودين بالقرى، وهو أمر سيساهم في الحد من التلاعب في أسعار التأشيرات، أو وجود سوق سوداء تعمل بطرق غير نظامية.

* وماذا عن الشروط الأخيرة، التي تسببت في إثارة الجدل بين الأوساط السعودية، والتي دعت لإصدار قرار التوقف، كاشتراط تصوير الزوجة واعتمادها بالعقود المبرمة بين الطرفين، وتعيين محام لكل خادمة وسائق؟

- هذا الأمر ليس لدي علم به، وحسب ما تمت إفادتي به من قبل السفارة في الرياض أن بعض الشروط التي رفضها الجانب السعودي، تم حلها وإعادة النظر فيها لحين اعتماد عقود موحدة وملزمة مع عودة الحوار بين الطرفين بشكل جدي.

* أشرتم إلى إعادة ترتيب عمل المكتب، هل سيشمل اختيار عمالة مناسبة تراعي العادات والتقاليد السعودية مع التركيز في الدورات التدريبية في إدارة العمل بالمنزل، قبل وصولها إلى السعودية؟

- نعم هذا هو الهدف الرئيسي وذلك من خلال إنشاء مدارس متخصصة في تدريب العاملات بشكل مكثف، للحد من خسائر المكاتب التي تتعرض لها باستمرار بعد رفض الأسر العاملة منذ الأسابيع الأولى من بدأ عملها، أو هروبها وهو ما تسبب في خسائر يمكن أن تتلافاها المكاتب حيث تتعهد المكاتب باستبدال العاملة في الثلاثة أشهر الأولى في حال وجود مشكلات في عمل الخادمة.

* ما رأيكم بالأصداء الجيدة من قبل العمالة الإثيوبية والكينية التي فتح المجال بالاستقدام منها كعاملات منازل منذ 3 أشهر، ولم تتسبب تلك العمالة في مشكلات جنائية أو مخالفات لنظام العمل السعودي كالهروب، وغيرها من المشاكل التي تخلفها العمالة الإندونيسية وكان آخرها ظاهرة استخدام السحر؟

- كيف لك أن تقارن دولا حديثة التعامل مع السعودية بدولة كإندونيسيا، ظل عمالها يعملون مع الأسر السعودية منذ 25 عاما، الأمر الذي أوجد أكثر من 1.4 مليون عاملة وسائق مع أسر سعودية، ومن الطبيعي أن تكون هناك سلبيات مع هذا العدد الكبير، ولكنها نسبة بسيطة، كأي مجتمع في أي دولة من دول العالم لا بد من وجود تجاوزات بين أفرادها. لا يوجد مقارنة مع أي دولة في الجانب العمالي مع إندونيسيا، واسمح لي أن أتوقف عند هذا الحد وأعتذر عن المواصلة إن أمكن.