قاضي تنفيذ: هناك ضرورة لاستحداث إجراءات «أشد صرامة» من الروتينية لتنفيذ الأحكام

اعتبر أن مداهمة المطلوب وقطع التيار عنه ومنعه من توقيع الموظفين أسباب تأخر التطبيق

مطالب بأن تكون مستندات تنفيذ الأحكام على قدر كبير من الوضوح والسلامة الشرعية والنظامية («الشرق الأوسط»)
TT

دعا عبد العزيز الشبرمي قاضي التنفيذ في محكمة مكة المكرمة، إلى ضرورة استحداث وسائل وإجراءات تنفيذية، وصفها بـ«الأشد صرامة» من الإجراءات الروتينية المتخذة حاليا، في تنفيذ الأحكام، كالأمر بالمداهمة لمنزل المحكوم عليه، وقطع التيار الكهربائي، ومنعه من التوكيل، واستخراج التراخيص الحكومية، ومنعه من التوقيع لحضور وانصراف الموظفين، ومنعه من العلاوة أو الترقية، لمعالجة وإنهاء أسباب تأخر تنفيذ الأحكام القضائية.

وكشف القاضي الشبرمي عن أسباب متعددة تقف في وجه سرعة تنفيذ الأحكام القضائية، من بينها «جهل وعدم معرفة عنوان الإقامة والعمل وتعدده، والتهرب والتخفي الشخصي، بما في ذلك تهريب الأموال وإخفاؤها وعدم تسجيلها باسمه الشخصي».

وطالب الشبرمي باعتبار المحكوم عليه من الشخصيات المتعبة، سواء كان مستغلا للنفوذ أو سليط لسان أو متصفا بالمراوغة على الخصوم، بالإضافة إلى الفقر والإعسار والعجز عن الوفاء والسداد، وتزاحم المطالبات وتشعب الالتزامات على المحكوم عليه، بما في ذلك الوضع الصحي أو الاجتماعي للمحكوم عليه، أو أن يكون المحكوم عليه له الشخصية الاعتبارية والمعنوية لا العادية.

من جهة أخرى ربط الشبرمي تأخر التنفيذ بطبيعة الحكم القضائي، كأن يكون هناك مخالفة للشريعة الإسلامية، أو النظام العام، أو مخالفة قانونية في إصدار الحكم، أو القرار كنقص في الإجراءات أو عيب في الاختصاص.

وأضاف إلى ذلك صدور حكم قضائي يعارض الحكم أو القرار الذي يعتبر بصدد التنفيذ، وهو ما يتطلب المعالجة أو إجراء المقاصة بينهما، أو وجود غموض ولبس في تنفيذ يتطلب التفسير من المحكمة التي أصدرته، أو حدوث إشكال أو قيام منازعة تنفيذية أثناء التنفيذ بسبب مستند التنفيذ أو إجراءات التنفيذ.

واسترسل الشبرمي: «طبيعة الحكم المحكوم به وصعوبته، وكونه يتطلب الأخذ والرد والموافقة والمعارضة في تطبيقه وتنزيله على أرض الواقع، كأن يكون الحكم معلقا على شرط أو اتفاق على بنود كثيرة تتطلب الربط بينها، أو يكون الحكم بقيام بعمل طويل ومتشعب، كمقاولة أو استمرار شراكة أو محاسبة ونحو ذلك، كلها أسباب في صعوبة تعجيل التنفيذ».

واعتبر الجهات التنفيذية من العوامل المتسببة بتأخر التنفيذ لأسباب، قد تعود إلى ضعف تأهيل الجهات التنفيذية إداريا وقانونيا وفنيا، أو عدم الجدية في تنفيذ الأحكام القضائية، والجنوح الشخصي من قبل الموظف المختص في تنفيذ الحكم القضائي، أو وجود فراغ قانوني في بعض نواحي التنفيذ ومسائله ومشكلاته.

وأضاف: «هناك تخوف الجهات التنفيذية من المساءلة القانونية من حيث تبعات تنفيذ بعض الأحكام القضائية، ونقص الكوادر البشرية اللازمة لتنفيذ الأحكام القضائية، أو عدم وجود الآلية الإلكترونية وتقنية للبحث والتحري عن المحكوم عليهم وأموالهم وممتلكاتهم، بما في ذلك قبول التماس إعادة النظر والطعن في الأحكام والقرارات القضائية أثناء التنفيذ، أو عدم وجود وحدة طرفية شاملة لدى الجهات المعنية بتنفيذ الأحكام القضائية، الأمر الذي يتطلب مكاتبة الكثير من الجهات المعنية حيال بعض الإجراءات التنفيذية وتأخر وصولها وحدوث إشكال في تطبيقها واستيعابها».

وجدد الشبرمي التأكيد على الجهات المختصة بإصدار الأحكام والقرارات القضائية بإصدار مستندات التنفيذ على قدر كبير من الوضوح والسلامة الشرعية والنظامية، ومراعاة وضعية التنفيذ واستشراف الإشكالات التي قد ترد وتعترض أثناء التنفيذ، وتدوين رقم السجل المدني والسجل التجاري للمحكوم عليه في مستند التنفيذ، لتطلب ذلك أثناء اتخاذ إجراءات التنفيذ.

وطالب الشبرمي بضرورة دعم الجهات التنفيذية بالكوادر البشرية والدعم الإداري والقانوني والفني والمالي لتتمكن من أداء رسالتها المطلوبة، وإفهام المحكوم لهم أو في صالحهم بضرورة التعاون مع الجهات التنفيذية على الدلالة على عنوان المحكوم عليهم والإبلاغ والإفصاح عن أموالهم ومكان وجودها، مع التنسيق مع جهات التحقيق والادعاء العام حيال إحالة المماطلين والمتهربين في تنفيذ الأحكام القضائية، لإجراء اللازم حيال تأديبهم والتشهير بهم، إضافة إلى إحكام الرقابة الوظيفية على أعمال وإجراءات الموظفين المختصين.

من جهته شدد القاضي ياسر البلوي في محكمة صامطة على مدى أهمية وتأثير الصياغة التنفيذية للحكم الجزائي في سرعة التنفيذ، داعيا إلى ضرورة العناية بالحكم القضائي ذاته، من حيث الصياغة والبناء الشرعي والنظامي على أسباب ترتب النتيجة التي يقررها الحكم القضائي، ونظرا إلى أن الصياغة للحكم القضائي، كأي عمل بشري، تأتي نتاج إعمال النص والعقل والفكر والبحث عن الحكم، وتقرير انسحابه على الواقعة أو الحالة المعروضة، مشيرا إلى أن موضوع صياغة الحكم القضائي، من أهم النقاط المؤثرة في مسيرة القضية للتنفيذ، لكي لا تتعطل الأحكام القضائية في دورانها بين الجهات التنفيذية والقضائية، لتفسيرات الحكم القضائي ومتعلقاته.

وأشار البلوي في معرض حديثه إلى أنه في حال وجدت إجراءات تنفيذية خاصة متفردة عن المعتاد، فمن الضروري ذكر التفاصيل التنفيذية، حيث تضمنت اللائحة التنفيذية المقترحة لنظام الإجراءات الجزائية في المادة 182 / فقرة 3 على المحكمة أن تبين في حكمها الإجراءات التفصيلية لتنفيذ ما حكمت به، إذا لم تكن مذكورة في هذه اللائحة، أما في الفقرة 4 فنصت على أنه في حال حكمت المحكمة بعقوبة بدنية، ورأت أن يكون تنفيذها خارج السجن، فعليها النص في الحكم مسببا، فالحكم القضائي يجب أن ينتهي بحكم قضائي مفصلا فيه من حيث التفاصيل التنفيذية.