تحذيرات رسمية من تنامي حجم النفايات الخطرة في جدة

حجم الكميات الصناعية والمحلية منها يصل لـ4.5 مليون طن.. وتسببت في 1179 حادثا خلال 6 أشهر

حجم النفايات الكبير في جدة يشكل قلقا في الأوساط البيئية («الشرق الأوسط»)
TT

حذرت دراسة بحثية أعدها فريق من الخبراء والمختصين حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها من تنامي كميات النفايات الخطرة وغير الخطرة في جدة، وعدم تغيير أساليب التعامل معها، وقالت إن زيادة كمياتها ستثقل على البنية التحتية الحالية للتعامل مع النفايات، على الرغم من زيادة الاستثمارات.

وتأتي تلك التحذيرات مع تأكيدات من الدفاع المدني، وعلى لسان العميد عبد الله الجداوي، مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة، لـ«الشرق الأوسط» العام الماضي ببلوغ عدد حوادث حرائق النفايات الصناعية والمستودعات والحاويات والأحياء السكنية والأراضي الفضاء في جدة نحو 1179 حادثا في فترة 6 أشهر، شكلت أعلى نسبة من إجمالي الحوادث التي باشرتها فرق الدفاع المدني خلال الفترة الماضية.

وأكدت الدراسة أن جدة ما زالت تفتقر إلى بنية تحتية ملائمة، مثل محطات التحويل وإعادة التدوير، وتقوم أمانة المحافظة الآن بخطوات على صعيد تحسين البنية التحتية، من خلال تطوير محطات تحويل إضافية وتشجيع إعادة تدوير النفايات.

وقدرت الدراسة المدرجة ضمن الخطة الاستراتيجية لجدة، وشارك بها عدة جهات حكومية، حجم النفايات الصناعية الصلبة الخطرة في جدة بنحو 47 ألف طن سنويا، والنفايات الصناعية السائلة الخطرة بنحو 37 ألف متر مكعب، بينما ينتج من محطة التحلية 38 ألف طن.

ويقدر حجم الزيوت الخطرة بنحو 500 متر مكعب، ونفايات المستشفيات بنحو 3370 طنا سنويا، بينما بلغت نفايات الصرف الصحي 192000 متر مكعب وبلغت نفايات مشاريع البناء والهدم (غير خطرة) 4.4 مليون طن سنويا والنفايات المحلية المختلطة (غير خطرة) 1.5 مليون طن سنويا.

ودعت الدراسة بعد طرح تلك الأرقام إلي استصدار نهج جديد يقلل من كميات النفايات المنتجة وإعادة استخدامها، ومنعها من إلحاق الضرر بالبيئة، وإشارات إلى أن نظام جمع النفايات في جدة في التخلص من النفايات من البيوت وأماكن الأعمال فعال، يعتمد على أنظمة بسيطة جدا لا تتناسب مع مقادير النفايات الضخمة والمتزايدة التي تنتجها أنماط الحياة الحديثة.

وقالت الدراسة في أحد فصولها: يتم التخلص من أغلبية النفايات غير الخطرة في مكبات نفايات جديدة، تستقبل في الوقت الراهن ما يقرب من 1.5 مليون طن من النفايات سنويا. ومكب النفايات الذي أنشئ مؤخرا في منطقة بريمان مرفق حيوي بالغ الأهمية، يتوقع له دورة حياة تتراوح ما بين 30 و40 عاما، وسيضم تجهيزات ميكانيكية لإعادة تدوير النفايات.

وهنا أكد مصدر مطلع في الرئاسة العامة والأرصاد وحماية البيئية السعودية أن هناك نحو 20 شركة مرخصة للعمل في نشاط النفايات الخطرة، ووفق اشتراطات حماية البيئة السعودية المتوافقة مع أنظمة اتفاقية (بازل) العالمية لنقل المخلفات الخطرة، باعتبار المملكة من الدول الموقعة على تلك الاتفاقية.

وكانت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة السعودية في 17 فبراير (شباط) من عام 2008 وكان مجلس الوزراء السعودي قد أقر في ذات التوقيت إجراءات بخصوص النفايات الخطرة، ومنها الموافقة على تأسيس شركة وطنية للبيئة برأسمال قدره مليارا ريال 266.6 مليون دولار، تمثل تحالفا بيئيا بين كبريات الشركات الوطنية المؤهلة التي تعمل في حماية البيئة.

ويأتي ذلك بعد نحو 6 أشهر من ضبط إحدى الشركات المتخصصة في مجال التخلص من النفايات الخطرة والمرخص لها في رابغ، وهي تقوم بالتخلص من النفايات الصناعية الخطرة بطرق عشوائية تتسبب في تعريض البيئة إلى خطر الحوادث والتسرب البيئي.

وبالعودة للمصادر من رئاسة الأرصاد وحماية البيئة، فقد كشفت أنه تم إلزام الشركة المخالفة برفع المخلفات، حيث قامت الأرصاد بإرسال عينة لمختبراتها الخاصة لمعرفة نوع المادة الخطرة، وذلك لإكمال الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات وتحديد نوعية العقوبة بناء على نوع الحالة وتقييم الخبراء لها بحسب ما هو متبع في الاشتراطات المعمول بها في النظام العام للبيئة في المملكة.

وفي غضون ذلك، كشفت الدراسة أنه لا توجد لدى أمانة محافظة جدة في الوقت الحاضر أي منشآت مخصصة لمعالجة المواد الخطرة، لكن لدى القطاع الخاص ثلاث محارق للنفايات، وتقوم الأمانة بإنشاء موقع لمعالجة مثل هذه النفايات.

وأوضحت أنه، على مدى الأعوام السابقة، لم يكن هناك بين السكان وعي كاف لأهمية التخلص من النفايات والتعامل معها بطرق سليمة بيئيا، ومن بين الأسباب الرئيسية لضعف إدارة التخلص من النفايات وتهيئة البنية التحتية اللازمة، الافتقار إلى الحوافز المالية، فإذا كان من يتسببون في إنتاج كميات ضخمة من النفايات لا يتحملون عبء تكلفة معالجتها والتخلص منها، فلن يكون لديهم حافز يدفعهم إلى الحد من إنتاجها.

وبينت أن التخلص من فضلات الأطعمة في حاويات غير محكمة الإغلاق يؤدي إلى انتشار الجرذان والذباب، وتتطلب هذه المشكلة تثقيف الجهور وتنمية وعيه وضمان أن تقوم شركات النظافة بإدارة أفضل لعملية التخلص من النفايات.

ودعت إلى تنفيذ استراتيجية لمعالجة النفايات تقوم بإرشاد المواطنين وقطاع الأعمال والمطورين والمشغلين في القطاع الخاص إلى أنسب الطرق للتعامل مع النفايات الصلبة والسائلة، وستضع الاستراتيجية مؤشرات أداء رئيسية التعامل مع النفايات، وتحديد التكلفة الفعلية للتعامل مع النفايات، والتأكد من أن كل منتجي النفايات يشاركون في تحمل هذه التكلفة بما يتناسب مع كميات النفايات التي ينتجونها. وتتعين مراجعة رسوم التعامل مع النفايات وتعجيلها بصورة دورية لضمان دقة عكسها للتكلفة.

وقدرت أمانة محافظة جدة إجمالي النفايات، التي من المتوقع أن يستقبلها مردم النفايات الجديد، الواقع بوادي العسلاء، بنحو 1.5 مليون طن سنويا، وذلك بواقع ما يقارب 126 ألف طن في الشهر الواحد. وقال المصدر المسؤول، على افتراض أن جدة تحوي نحو 4 ملايين نسمة، فإنه من المتوقع أن ينتج عن إجمالي سكان جدة نحو 4200 طن يوميا من النفايات.

وكانت أمانة جدة أعربت عن انتهائها من تنفيذ مشروع إنشاء الخلية الثالثة في المردم الجديد للنفايات بوادي العسلاء، البالغ حجمها 2.7 مليون متر، وذلك بطول يصل إلى 900 متر، وعرض 300 متر، في حين يبلغ ارتفاعها ما يقارب 10 أمتار. إبان المصدر المسؤول أن تكلفة إنشاء هذه الخلية تبلغ ما يقارب 19 مليون ريال، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه تم الانتهاء تقريبا من خليتين حتى الآن، في حين ما زالت الأعمال مستمرة لاستكمال ما تبقى من الخلايا الست في المردم الجديد، خلال الفترة المقبلة.

وأكد الدكتور هاني أبو راس، أمين محافظة جدة، أن الأمانة سارعت في الإعداد لإنشاء خلية جديدة بمردم النفايات، وذلك كي يتزامن إنشاؤها مع بدء تشغيل خطوط الفرز لاستقبال بقايا المواد غير القابلة للتدوير، فضلا عن ردمها بأساليب علمية، مؤكدا أنه تم الالتزام بالمواصفات والمعايير البيئية العالمية في إنشاء مرادم النفايات. وأشار إلى أن الأساليب العلمية التي يتم استخدامها في عمليات الردم تتضمن الردم بـ«البالة» كونها توفر مساحات في الخلايا بالشكل الذي يسمح بإطالة عمر الخلية، وذلك من أجل تجنب مخاطر التخلص التقليدية في المرادم القديمة، مشددا في الوقت نفسه على أهمية إنشاء تلك الخلية باعتبارها ضرورة للحفاظ على البيئة (بحسب قوله).

وكانت أمانة محافظة جدة قد أغلقت مردم النفايات القديم «النخيل» بشكل رسمي منذ نحو ثلاث سنوات، وذلك بهدف القضاء على الأضرار والمشكلات البيئية الناتجة عنه، حيث قدرت تكلفة مشروع إغلاق هذا المردم بما يقارب 150 مليون ريال، في حين ستتم إعادة تأهيل الموقع بعد الإغلاق، واستخدامه كمتنزهات عامة وملاعب رياضية. بينما تقدر مساحة مردم النفايات الجديد، الواقع في وادي العسلاء، بنحو 4.5 مليون متر مربع، كما يستوعب نحو 25 مليون متر مكعب من النفايات، ولا سيما أنه يكفي لمدة تزيد على 30 عاما، وذلك بحسب معلومات أعلنت عنها أمانة محافظة جدة في وقت سابق.