شركات التسويق الإلكتروني تدخل المهتمين بالتقنية «خانة التبذير»

الهوس يجتاح مستخدمي الأجهزة المحمولة في السعودية

زيادة المعروضات من الأجهزة الإلكترونية قادت في السعودية لظهور من بات يطلق عليهم «المبذرون». («الشرق الأوسط»)
TT

لم يعد خافيا، اجتياح تسويق وإعلانات شركات منتجة للأجهزة الحديثة من هواتف وحواسيب عبر الشبكات الاجتماعية والمدونات التقنية، ونشر «الشائعات» عن الأجهزة الجديدة، مع تضمين تلك الإعلانات بصور حصرية لبعض تلك المنتجات، في مواقع إخبارية، يسندها تصريحات إعلامية من مديري الشركات لترقّب إطلاق أجهزتها المطورة.

فالثورة تلك صحبتها قوة شرائية للأجهزة التي غزت الأسواق في السعودية بشكل هائل، نظرا لتطوّر تطبيقات الويب الجديدة وسهولة برمجتها وتطويرها، لمواءمتها جميع أنظمة التشغيل الجديدة في الأجهزة، باختلاف جودة عتاد الجهاز بين شركة لأخرى، وتبعا لذلك، تختلف أسعارها، فمتوسط ما ينفق عليها هو ما يقارب 2500 ريال من جهاز وإكسسوارات منفصلة، بالإضافة إلى كلفة تركيب البرامج وتطويرها.

فالآن، بات سماع «آيباد، آيبود تتش، غالاكسي تاب» مسميات تلك الأجهزة بكثرة خلال هذا العام 2011، الذي صاحبه ثورة تقنيات الأجهزة الذكية الكفية واللوحية وتطوير نظم التشغيل للهواتف، كنظامي أندرويد وسيمبيان.

ومراقبة رد فعل المستخدمين والمهتمين بالتقنية وآرائهم حول الأجهزة كأثر راجع تعود بالدرجة الأولى على مبيعات الشركة، أو حتى استمراريتها في الإنتاج.

ورغم أن المستخدم أضحى حائرا وسط كم الأجهزة المعروضة من دون مقاومة إغراء اقتناء أحدها، فيقع ضحية ما أطلقت عليه المدونة هيفاء الزهراني «هوس الاستهلاك التقني» بتنوّع الأجهزة التي يمتلكها شخص واحد والذي قد لا يحتاج إلا لواحد منها من دون استخدام كامل خدماته.

مازن الضرّاب، العامل في مجال التسويق الإلكتروني، ذكر لـ«الشرق الأوسط»، أن التسويق الإلكتروني أدى إلى هوس المنتجين أنفسهم بزيادة منتجاتهم ومبيعاتها وتصديرها للأسواق، وفي المقابل يزيد ضغطهم على مقلّدي التقنيات الذين تحتويهم مصانع الصين. ويؤكد الضرّاب على أن التسويق الإلكتروني يضمن للشركات زيادة العملاء وتحقيق نسبة كبيرة من الأرباح إلا أنه زاد العبء عليها بابتكار حملات تسويقية جديدة كل فترة لمنتج واحد، وفكرة الشائعات التي تطلقها بعض الشركات على بعض منتجاتها قد استُغلت من جانب سلبي بتقليدها وتصنيعها كما حدث في أحد المتاجر الصينية التي سوقت وباعت أجهزة مقلدة أطلقت عليها اسم آيفون5، على الرغم من عدم إصداره من قبل الشركة المصنعة الأم «أبل».

وفي السعودية بلغ الاستهلاك التقني أوجه خلال هذا العام، في ظل هذا التنافس الشرس بين الأجهزة وعرض مميزاتها وتطويرها في أجهزة تطرح طوال العام للمستخدم الذي قد يجد حاجته في جهازين أو أكثر فيقتنيها جميعا.

والمراقب للوضع، يلحظ تصدّر جهاز البلاك بيري رسميا أكبر المبيعات في السعودية، بحسب إحصائيات في شهر مايو «أيار» الماضي، مما يعني انقضاء تأثير أجهزة «نوكيا»، التي كانت متصدرة المبيعات بنظام سيمبيان لأجهزتها الذكيّة، والتي بقيت أقل المنافسين في سوق الهواتف المتنقلة في السعودية.

ويلي البلاك بيري، أجهزة أبل بتنوّعها فقد أصبحت في متناول التقنيين ومطورين للبرامج، إلا أن بلغت متناول الجميع صغارا وكبارا، رغم ارتفاع أسعارها نسبيا.

ومما لا شك فيه، تأثر المستخدم في السعودية بالإعلانات المبهرة للشركات والتي تعرضها في قنواتها الرّسمية في «يوتيوب»، وشبكاتها الاجتماعية في الصفحات التسويقية للشركات في «فيس بوك» و«تويتر» والمدوّنات التقنية، وبات واقعا أجبر المستثمرين ووكلاء الشركات في السعودية باستخدام التقنية كوسيلة أساسية للتسويق، فنجد الإعلانات عن أسعار الأجهزة في صفحات المدونات تارة وفي المجموعات البريدية تارة أخرى لتصل لأكبر شريحة من المهتميّن.

وفتح ذاك الباب، قاد عديد من الشبّان والشابّات في السعودية لمجال التسويق الإلكتروني، فاستخدموا مدوّناتهم للبدء في مشاريع صغيرة في البيع الإلكتروني وتسهيل عملية الدفع، وشحن المنتج للمشتري في وقت قصير، كمتاجر الإكسسوارات الخاصة بالأجهزة من أغطية وحقائب، والملحقات الإضافية التي تباع منفصلة كالوصلات الكهربائية، وبطاريات الليثيوم الإضافية بأسعار منافسة لما يوجد في متاجر التجزئة.

هذا الزّخم في الاستهلاك جعل فئة لا يستهان بها تحت تأثير الهوس التقني في الشراء، فبمجرد صدور جهاز جديد يصرّ البعض على اقتنائه، دون إدراك حجم التأثير الذي يصحب ذلك من دفع مبالغ ضخمة تساهم في تضخم الاقتصاد المحلّي في ظلّ قلة الإنتاج والتطوير مقارنة بالاستهلاك.

«أبل ماكنتوش» هي إحدى الشركات التي ذاع صيتها خلال العامين الماضية، بعد أعوام شهدت ركودا، حيث قاد ستيف جوبز مديرها التنفيذي رحلة جديدة للشركة شهدتها الألفية الثالثة، بطرح منتجات تشبع حاجات الأفراد من التقنية بأجهزة مختلفة من حاسبات مكتبية ومحمولة وجهاز جوّال «آيفون»، بالإضافة لمشغلات الوسائط المتعددة «آيبود»، والجهاز اللوحي «آيباد».

فسياسة «أبل» التسويقية تعتمد على جعل المنتج في متناول أيدي زبائنها، فيقوم المستخدم بتجربة الجهاز بجميع مميزاته داخل متاجرها، وتم تطوير ذلك في افتتاح متجر «الآيتونز» الإلكتروني الذي تباع من خلاله الاسطوانات الموسيقية، والكتب الإلكترونية والمسموعة، والتطبيقات، وقنوات البودكاست الصوتي والمرئي، فتدفع قيمة المشتريات إلكترونيا إما ببطاقات الدفع الائتمانية أو ببطاقات مسبقة الدفع وفرتها «أبل» في متاجرها.

كل ذلك ساهم في رفع إيرادات مبيعات «أبل» في الربع الثاني من سنة 2011 إلى 28.57 مليون دولار.

وبادرت الشركات المصنعة للإلكترونيات، بدخول مجال المنافسة بإكمال ما لدى «أبل» من نقص في أجهزتها، فنظام أندرويد المطوّر من «غوغل»، عالج أوجه النقص في نظام أبل iso من خلال دعمه لنظام مفتوح المصدر يجيز للمطوّرين إدخال أي تعديلات على النظام، بالإضافة إلى دعم مشغّلات برامج الفلاش. تبنّت نظام أندرويد عدّة شركات عانت من قلّة نسبة مبيعاتها كـ«موتورولا» و«سامسونغ» والتي نجحت في إنتاج أجهزة ذكية ولوحيه داعمة للأندرويد كنظام تشغيل رسمي لها.

أما «سامسونغ»، فقد أطلقت جهاز جوّال سمته «غالاكسي» وآخر لوحيا «غالاكسي تاب» يدعم نظام أندرويد وتم تطويره حتى أصبح أول جهاز يدعم تطوير أندرويد إلى آخر نسخة فباعت خلال هذا العام ما يقارب 10.8 مليون جهاز ذكي حول العالم.

RIM الكندية، مصنّعة أجهزة بلاك بيري الذكيّة، تعتبر فعليا داخل المنافسة، رغم بقاء برمجياتها دون تطوير يذكر منذ نهاية عام 2009، حين أطلقت برنامج التواصل الفوري «بي بي ماسنجر»، والذي رفع من نسبة مبيعاتها للأجهزة بشكل هائل حول العالم، ساعد ذلك لوحة المفاتيح بكامل الأحرف سهلة التحكّم كالمستخدمة في الحواسب الشخصية. حاولت الشركة دخول مجال المنافسة في الأجهزة اللوحية من خلال إنتاج جهاز بلاي بوك، والذي لم يحالفه الحظ في الدخول للمنافسة أمام اكتساح الآيباد والغالاكسي تاب للسوق.

وفي ناحية ذات علاقة، أشار حمد الخميس، صاحب متجر «حرفون» الإلكتروني، إلى أن ثقافة التسوق الإلكتروني أصبحت واضحة لدى المشتري في السعودية، خصوصا عند بعض المشترين الذين يجدون سهولة كبيرة في التعاملات الإلكترونية بالثقة بصاحب المتجر الذي يكفيهم عناء الذهاب إلى المتاجر الكبرى حين يتكفّل بشحن البضائع وتوصيلها للمنزل.