تصدرت السعودية المركز الأول خلال العام الحالي كأكثر الدول الخليجية تبرعا بالأموال في مجال الأعمال الخيرية، وذلك بعد أن حصدت ما نسبته 56.5 في المائة مقارنة بدول مجلس التعاون الأخرى، وفقا لتقرير معلوماتي حديث، حيث أفاد بأن نحو 90.6 في المائة من التبرعات النقدية في دول مجلس التعاون الخليجي مصدرها جهات حكومية.
وأكد التقرير الصادر عن المركز الدولي للأبحاث والدراسات «مداد» الذي يحمل عنوان «العمل الخيري الخليجي.. تقرير معلوماتي» على أن التبرعات النقدية في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2009 شهدت زيادة بنسبة 539.4 في المائة عما كانت عليه العام الذي قبله.
وأشار التقرير أيضا إلى أن النشاطات الخيرية الاجتماعية في منطقة الخليج تأتي في المركز الأول مقارنة بالنشاطات الأخرى، وذلك بنسبة بلغت ما يقارب 46.5 في المائة، في حين وصل المتوسط السنوي للأنشطة الخيرية بالدول الخليجية إلى نحو 1212 نشاطا، بواقع 101 نشاط شهري.
وتتضمن تلك الأنشطة وفق ما جاء في التقرير المعلوماتي، الفعاليات العلمية والثقافية التي تشمل المؤتمرات والندوات وحلقات النقاش وورش العمل الخاصة بالعمل الخيري الخليجي، فضلا عن الجوائز والمسابقات من واقع رصد أنشطة الجمعيات في وسائل الإعلام المختلفة، مبينا أن أنشطة العمل الخيري في المجالات الاجتماعية والتنموية والصحية والثقافية والتعليمية والدينية والدعوية.
وفي هذا الشأن، كشف مصدر مسؤول في المركز الدولي للأبحاث والدراسات «مداد» عن بلوغ إجمالي التبرعات النقدية السعودية نحو 9.2 مليار ريال في مجال العمل التطوعي، لافتا إلى أن إجمالي التبرعات الخليجية تجاوزت 16.3 مليار ريال. وقال الدكتور خالد السريحي مدير عام المركز الدولي للأبحاث والدراسات «مداد» في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «خلال العام الماضي وصل إجمالي التبرعات النقدية الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 749.1 مليار ريال، شكلت منها تبرعات المؤسسات والشركات والجمعيات المانحة ما قيمته 736.5 مليون ريال».
وذكر أن هذا التقرير يهدف إلى المساهمة في تطوير العمل الخيري والارتقاء بمستوى الأداء في مؤسسات العمل الخيري، إلى جانب مساعدة قيادات العمل الخيري على اكتشاف نقاط القوة والضعف في المؤسسات الخيرية.
وأوضح أن تقرير المركز يساهم أيضا في تطوير العمل الخيري والارتقاء بمستوى الأداء في هذا القطاع، إضافة إلى إبراز نشاطات وخدمات المؤسسات العاملة وتوضيح أثرها في المجتمع.
وأضاف: «إن هذا التقرير يمثل إحدى الوسائل التي تساعد على توفير المعلومات المتعلقة بالعمل الخيري لصانع القرار من أجل وضع الاستراتيجيات التطويرية المناسبة للعمل الخيري، فضلا عن تقديم خدمة للباحثين والمهتمين بأبحاث ودراسات العمل الخيري».
يأتي ذلك في وقت حذرت فيه وزارة الشؤون الاجتماعية السعودية من دعم عصابات التسول المتمثلين في الأفراد المتسولين بالشوارع والميادين والمساجد وغيرها، والامتناع عن إعطائهم الصدقات وحتى الزكاة، أو تقديمها لأسر وأشخاص مجهولين.
وأكد محمد العوض المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون الاجتماعية على أن الوزارة مستعدة بالكامل للمساعدة في إيصال أموال الزكاة والصدقات والتبرعات من الأفراد والمؤسسات إلى الأسر التي ترعاها الجمعيات الخيرية على مستوى مناطق السعودية كاملة.
واستطرد في القول: «هناك نحو 610 جمعيات خيرية تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية، منتشرة في مختلف مناطق المملكة، وهي على أتم الاستعداد لتقديم المعلومات اللازمة أمام الراغبين في كفالة الأسر المحتاجة من أرامل وأيتام وكبار سن ومعوقين ونساء مهجورات وغيرهم من المحتاجين».
ولفت المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون الاجتماعية إلى أن تلك الجمعيات الخيرية تعتمد في مجملها على آلية عمل واضحة ودقيقة يخضع بموجبها جميع المستفيدين إلى البحث الاجتماعي الذي من شأنه أن يظهر مدى حاجتهم إلى العون والمساعدة.
وزاد: «إن نظام هذه الجمعيات في جميع مناطق السعودية يأتي بناء على ضوابط محددة تتضمن تقديم مبالغ الزكاة أو الصدقات في مقرات الجمعيات الخيرية مع الحصول على سند قبض رسمي من الجمعية أو من خلال الإيداع المباشر في حسابات الجمعيات الخيرية المتوفرة أرقامها لدى فروع الوزارة أو من الجمعيات نفسها».
وأبان محمد العوض في الوقت نفسه أن الحسابات المخصصة للجمعيات الخيرية التي عن طريقها يتم جمع أموال الزكاة لا يصرف منها إلا وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
وكانت دراسة علمية بعنوان «الجمعيات الخيرية الخليجية.. الفرص والتحديات في ظل المتغيرات العالمية» التي تم إعدادها منذ نحو تسعة أشهر قد تناولت أبرز عناصر البيئة الداخلية والخارجية المؤثرة على واقع ومستقبل العمل الخيري الخليجي، حيث اقترحت خطة استراتيجية للجمعيات الخيرية الخليجية وذلك خلال المؤتمر التاسع للجمعية الدولية لأبحاث القطاع الثالث الذي انعقد بإسطنبول في تركيا تحت عنوان «مواجهة الأزمات.. الفرص والتحديات التي تواجه القطاع الثالث ومؤسسات المجتمع المدني».
واستعرضت الدراسة التي أعدها كل من مدير عام المركز الدولي للأبحاث والدراسات «مداد»، وعبد الفتاح محمد سعد مستشار العلاقات الدولية بالمركز، خصائص العمل الخيري الذي امتاز بمبادئ تؤثر فيه وتوجه المسلم أثناء قيامه للخير للناس.
وتضمنت تلك المبادئ بحسب الدراسة الشمولية أن يقدم المسلم العون لكل من هو في حاجة إليه، إلى جانب الإنسانية، والتنوع في صور تقديم العمل الخيري، والمداومة والاستمرارية، وقوة الحوافز للعمل الخيري.
وعددت الدراسة جملة من العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة في العمل الخيري الخليجي، من أهمها أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) التي لها آثارها الكبيرة على العالم في ظل اتهام مؤسسات العمل الخيري الإسلامي بدعم الإرهاب، الأمر الذي سبب انتكاسة في مشاريع الإغاثة والنجدة على مستوى العالم.
وكشفت عن عوامل مختلفة أثرت في مسيرته منها ضعف البناء الإداري لكونه يعد أكبر تحديا يواجه بعضا من مؤسسات العمل الخيري الخليجي، نتيجة غياب الاستراتيجيات الواضحة لهذه المنظمات، فضلا عن افتقار القطاع الخيري لقواعد البيانات الشاملة، وضعف التنسيق والتعاون بين مؤسسات القطاع الخيري مع المؤسسات الإقليمية والدولية. وأكدت الدراسة على وجود العديد من الفرص السانحة أمام العمل الخيري الخليجي، ولا سيما تلك المواتية للعمل الخيري، التي تتضمن نجاح المؤسسات الخيرية في تأكيد أهمية العمل الخيري والإغاثي وجعله جزءا من التكوين الثقافي للمجتمع، إضافة إلى توفر عدد من الفرص التي يمكن أن تحقق دفعة أكبر لدور العمل الخيري في حشد الطاقات للتكافل الاجتماعي والعطاء الإنساني كي يكون العمل الخيري ريادة ونماء.