انقطاع المياه ينشئ سوقا سوداء للصهاريج.. بأرباح 200%

بعد اعتذار المتعهد عن تقديم المياه عن الخدمة الفورية وضرورة الانتظار ليوم واحد

TT

أدت الانقطاعات المتكررة في المياه، التي تشهدها معظم أحياء مدينة الرياض، إلى نشوء سوق سوداء لصهاريج المياه، بعد أن استنفدت الشركة المتعاقدة مع وزارة المياه والمتعهدة بإمداد السوق بالصهاريج جميع طاقاتها، وأصبحت كلمة «نأسف، لا نستطيع إعطاءك المياه اليوم، راجعنا غدا» لا تفارق لسان موظفيها، وبالطبع تسمعها بعد أن تقضي وقتا طويلا في طابور يخيل إليك وكأنك في إحدى الدول الأفريقية التي تعاني من مجاعة.

هذا الأمر أنشأ سوقا سوداء للعمالة الوافدة التي استغلت الوضع أبشع استغلال ورفعت الأسعار لأكثر من 200 في المائة تزيد بحسب مزاجية العامل، ويختلف السعر بالتأكيد عندما تطلبه في نهار رمضان، فالدقيقة لديه محسوبة في ظل أزمة انقطاعات المياه.

وحاولت «الشرق الأوسط» في مرات سابقة التواصل مع الشركة المتعهدة، غير أنه تعذر عليها ذلك.

عبد العزيز العثيمين أحد سكان شمال العاصمة، يقول إنه فوجئ عندما استيقظ صباحا من نومه بانقطاع الماء في منزله، الأمر الذي اضطره إلى الذهاب فورا إلى الشركة المتعاقدة مع الوزارة للحصول على الماء، إلا أنه اصطدم بطابور لا نهاية له وكأن احتياج سكان الرياض إلى الماء أمر جديد ومفاجئ للشركة.

وبعد وقت طويل استطاع الوصول إلى موظف الشركة الذي رد عليه بكل برود أنه لا توجد صهاريج شاغرة ولكن يمكنه الانتظار حتى صلاة العشاء ليتمكنوا من خدمته، الأمر الذي جعله يرضخ للأمر الواقع بعد أن حصل على كميات قليلة من المياه من المسجد المجاور لمنزله.

أما نايف السبر الذي يقطن جنوب العاصمة فقد أكد بأن انقطاعات المياه أمر متكرر، إلا أن الاستمرار في الانقطاع دون الحصول على الخدمة شيء جديد، إذ إنه لم يستعن بالشركة المتعهدة بإمداد المياه بعد أن أعلموه بأن عليه الانتظار حتى الغد للحصول على خدماتهم، متسائلا: كيف يستطيع الإنسان قضاء يوم كامل دون مياه، خصوصا في الشهر الفضيل؟! وهو ما أجبره على الاستعانة بأصحاب الصهاريج الحرة التي لا تخضع لأحد، الذين استغلوا الموقف بفرضهم مبلغ 250 ريالا للصهريج الواحد دون نقاش أو فصال، علما بأن سعره في الشركة 72 ريالا، مما أجبره على القبول بالسعر حتى لا يذهب الصهريج إلى المتعطشين الذين يقفون خلفه، متسائلا: كيف استطاع هؤلاء العمالة الحصول على الماء وبيعه بأسعار باهظة في الوقت الذي لم يستطع المستهلكون الحصول عليه للاستخدام؟

وفي صلب الموضوع أبدى عبد الإله العبد الله الذي يقطن في جنوب الرياض استياءه من الشركة المتعهدة بإمداد المياه، لافتا إلى أنه واجه تعاملا سيئا وطابورا طويلا ليسمع في نهاية الأمر أنه لا يوجد هناك إلا صهريج كبير بمبلغ 108 ريالات، مما جعله يقبل بالأمر، إلا أنه وعند وصول السيارة إلى منزله فوجئ برفض العامل إفراغ المياه بحجة أن فتحة الخزان بعيدة، وأنه يحتاج حتى تصل إليه المياه إلى ماسورة توصيل واحدة وطويلة بدلا من اثنتين قصيرتين، وهو ما ترفضه الشركة بحجة عدم ضياع وقت العامل وطبعا صهريجه.

وتساءل العبد الله: هل انتظار السيارة لمدة عشر دقائق ممنوع، وخسارة على الشركة، وانتظارنا كمستهلكين لمدة يوم كامل للحصول على الماء مكسب لهم؟

في الجانب الآخر أوضح علي التميمي الذي يقطن غرب العاصمة أنه استعان بصهريجين من السوق السوداء بمبلغ 540 ريالا بعد أن ضاق ذرعا بالشركة التي لا تقدر قيمة المياه في حياة المواطن، مؤكدا أن الشركة قدمتهم كفريسة سهلة إلى هؤلاء العمالة الذين فرضوا أسعارا خيالية غير قابلة للنقاش أو الخصم، مبينا بأنه لم يستعجل الحصول على صهريج بسعر مرتفع إلا بعد جولة في السوق السوداء وتأكد من أنها جميعها مقاربة لبعضها، وكأن هناك اتفاقا بين العمالة لتناول كعكة الانقطاع بأسعار موحدة ومبالغ فيها، مناشدا بضرورة تحرك الجهات المختصة لوضع حد لهذه المأساة التي أصبحت وبشكل فعلي تؤرق المستهلكين وترهق جيوبهم بالمصاريف، خصوصا أنهم لم يلتقطوا أنفاسهم بعدُ من شراء مستلزمات رمضان.