فريق علمي بريطاني يزور السعودية الشهر المقبل للاطلاع على موروثاتها

مطالبات بتنقيح التراث السعودي وتوثيقه

TT

يعتزم فريق علمي متخصص من إحدى الجامعات البريطانية الكبرى خلال شهر سبتمبر (أيلول) المقبل زيارة كافة مناطق السعودية والاطلاع على الموروثات المتعلقة بكل منطقة، لإجراء مجموعة من البحوث العلمية، التي تهدف إلى توثيق التراث السعودي في مجلدات ومراجع تسهل الوصول إليه والاستفادة منه.

وأعلنت الأميرة بسمة بنت ماجد بن عبد العزيز، عضو مجلس إدارة جمعية النهضة النسائية الخيرية وعضو مجلس إدارة شركة «فنون التراث»، أول من أمس، عن توقيع اتفاقية سعودية بين كل من الشركة وجمعية «سواس» البريطانية، التي تهدف إلى إجراء بحوث علمية دقيقة حول التراث السعودي.

وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن التراث السعودي ليس موثقا كما يجب، في ظل وجود معلومات قد يكون بعضها عاريا من الصحة، في حين تكون أخرى غير مؤكدة»، مشيرة إلى وجود عادات تراثية تم اختراعها ونسبها إلى التراث السعودي دون صحتها.

وأكدت عدم وجود بحوث علمية جادة تتعلق بالتراث السعودي، الأمر الذي حتم توقيع تلك الاتفاقية مع «سواس»، كونها جامعة متخصصة بالدراسات الإسلامية لدول الشرق الأوسط، فضلا عن شهرتها كجامعة كبيرة، الأمر الذي من شأنه أن يتيح المجال لجلب متخصصين منها إلى السعودية لإجراء البحوث والتدقيق واستخراج أصول التراث وتصنيفها بشكل صحيح.

وأضافت: «كل ذلك سيتم وضعه في مراجع ومجلدات، وذلك من أجل تسهيل استفادة كل من يريد التعرف على التراث السعودي من تلك المجلدات التي ستعد جهة موثوقا بها»، مبينة أن الدراسات ستبدأ خلال شهر سبتمبر المقبل.

وانتقدت الأميرة بسمة بنت ماجد بن عبد العزيز تأثر المجتمع السعودي بعادات وتراث الدول الأخرى من ضمنها الهند والصين وروسيا وغيرها، التي انتقلت موروثاتها لتندمج بالتراث السعودي وتصبح جزءا منه، إلى جانب استقبال كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة لأعداد كبيرة من المسلمين الذين يستوطنون المملكة ويجلبون معهم عاداتهم وتقاليدهم.

واستطردت في القول: «هناك الكثير من العادات والتقاليد المتضمنة حتى الملابس، التي تعد دخيلة على السعوديين غير أن تعودهم إياها وطلبهم المستمر لها جعلها تشكل جزءا من التراث السعودي».

العديد من الدول العربية تعتبر السوق السعودية مقصدا لها تروج من خلاله لموروثاتها من طعام وشراب وملابس وأثاث وتحف وقطع أثرية مختلفة، وذلك نتيجة الإقبال الكبير الذي تلمسه من السعوديين.

مصدق الفيلالي، مدير شركات القصر المغربي في المغرب، أكد لـ«الشرق الأوسط» وجود بازار سنوي يتم إطلاقه منذ بداية شهر رمضان وحتى نهايته، والذي عادة ما يكون في جدة خلال تلك الفترة، لافتا إلى أنه يحوي مشغولات وصناعات يدوية مستقاة من التراث المغربي.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يحوي البازار الذي يعقد الآن للسنة السادسة على التوالي بجدة كل ما تحتاجه المرأة من طواجن خاصة بالمأكولات المغربية في رمضان، والثياب التراثية، والتحف المنزلية وأدوات المطبخ أيضا»، مشيرا إلى أن النساء السعوديات يقبلن وبشدة على الجلابيات المغربية.

وذكر أن شركته تفضل إطلاق بازاراتها ومعارضها في السعودية على خلفية ما يتم تحقيقه من مبيعات كبيرة، والتي تزيد بنسبة 35 في المائة عن ما يعود إليها من الدول الأخرى، مضيفا: «سيتم تنظيم بازارات أخرى في الرياض والظهران بعد موسم الحج، ولا سيما أننا نخصص لكل مدينة سعودية شهرا كاملا نعرض فيه منتجاتنا التراثية».

وبالعودة إلى عضو مجلس إدارة جمعية النهضة النسائية الخيرية وعضو مجلس إدارة شركة «فنون التراث»، فقد أفادت بأنه سيتم إنشاء موسوعة متخصصة تجمع كافة الموروثات السعودية من ملابس ولغة وموسيقى وعادات وغيرها.

وزادت: «ننوي التوسع في نشاط شركة (فنون التراث) التي بدأت بثلاثة فروع في الرياض وافتتحت أول من أمس فرعها الرابع بجدة، وذلك عن طريق تغطية كافة مناطق السعودية ودول الخليج ومن ثم استهداف أكبر وأشهر المتاحف العالمية».

وأبانت أنه وخلال شهر سبتمبر الحالي ستقوم «فنون التراث» بتنظيم عرض أزياء للتراث السعودي في باريس، وذلك بهدف نقل الموروثات والعادات والتقاليد إلى العالمية.

وذكرت أن الشركة تعمل على تدريب فتيات جمعية النهضة النسائية الخيرية ممن لديهن إعاقات جسدية ونفسية، خصوصا أنهن خضعن لدورة تدريبية امتدت حتى ثلاثة أسابيع لتحسين مستواهن في الصناعات اليدوية، وتطوير منتجاتهن والتسويق لها لتعود إليهن بمردود مادي جيد.

ومن أبرز الملاحظات التي تم رصدها في معظم البازارات والجهات الخيرية المهتمة بالمنتجات التراثية والحرف اليدوية هو تسويقها بأسعار مرتفعة ومبالغ فيها، مما لا يتيح الفرصة أمام كافة شرائح المجتمع لاقتناء شيء منها.

وهنا، علقت الأميرة بسمة بنت ماجد بن عبد العزيز قائلة: «نحن نسعى من خلال جمعية النهضة النسائية الخيرية إلى الخروج عن ذلك النطاق، خصوصا أن لدينا خطي إنتاج أحدهما يحمل اسم (النهضة) والذي يتميز بمستواه العالي وأسعاره المرتفعة، باعتبار أن منتجاته جميعها يدوية الصنع».

وأفادت بوجود خط آخر باسم «ظريف»، الذي يتمثل في تصنيع منتجاته خارج السعودية بتكاليف منخفضة، غير أنه تحمل في مجملها التراث السعودي، ومن ثم بيعها داخل المملكة بأسعار معقولة، مشددة على ضرورة عدم حصر التراث الوطني في فئة معينة من المجتمع.