جدة تعود بـ«رمضان زمان» 50 عاما إلى الوراء

يختتم فعالياته اليوم بتكريم الرسامين المشاركين في المعرض

الحكواتي والفوانيس في الفعالية بـ«الردسي مول» («الشرق الأوسط»)
TT

أُسدل البارحة في جدة على ضفاف البحر الأحمر ستار فعاليات مهرجان «رمضان زمان» الذي نظمته إحدى أسواق جدة الكبرى، والذي يحاكي الأجواء الرمضانية قبل 50 عاما، ضمن فعاليات مهرجان «جدة غير»، التي أعادت المسحراتي والحكواتي والسقا للذاكرة خلال ليالي رمضان.

وتضمن المعرض ورش عمل لصناعة الفوانيس ومسابقة لتزينها وتلوينها، كما استضاف المهرجان «عمو حكيم الحكواتي» الذي تفاعل الكبار قبل الأطفال مع حكاياته عن جدة زمان وعاداتهم وتقاليدهم في رمضان، وشهدت الفعاليات مشاركة من قبل الحضور لا سيما كبار السن الذين شعروا بالحنين لهذه الأيام وأخذوا المايك من الحكواتي وقاموا بسرد قصص وحكايات عن حياتهم أيام زمان.

وأعادت دعاء ثابت صاحبة فكرة «رمضان زمان» فكرة الفعالية للسعي وراء توثيق تاريخ جدة عبر لوحات، لا سيما بعد الانهيارات التي حدثت للمباني التاريخية، إضافة إلى رفض اليونيسكو إدراج جدة ضمن قائمة التراث العالمي، ولفتت بذات الوقت إلى وفاة عدد كبير من الشخصيات الأدبية التي كانت تتحدث عن تاريخ جدة ومكة، كالأديب محمد صادق دياب، والشاعر صالح جلال، وثريا قابل، وعبرت عن خشيتها من اندثار التراث الحجازي، الذي فكر عدد من الشباب بتوثيقه من خلال هذا المعرض.

وأشارت ثابت إلى أنهم من خلال المعرض قاموا بتقسيم الحياة القديمة إلى 12 مجموعة تتضمن المهن والتعليم في الكتاتيب والأطعمة والمناسبات الاجتماعية والشخصيات القديمة والدعايات، حيث اشتمل المهرجان على كل أوجه الحياة القديمة، إضافة إلى اللوحات التي وثقتها، وقالت: «نتخيل أن الطفل بعد 100 عام سيقف أمام هذه اللوحات ويتذكر حياة آبائه وأجداده والشخصيات القديمة كالحكواتي السقا والمسحراتي».

وبينت أن هذه اللوحات البالغ عددها أكثر من 100 لوحة جميعها سيتم تقيمه من قبل لجنة تحكم، إضافة إلى تصويت الجمهور، وأشارت إلى أن هناك موقعا إلكترونيا خاصا بتقييم اللوحات ويتم التصويت عليها من خلاله، وسيكون الإعلان عن اللوحات الفائزة في حفل يقام بـ«الردسي مول»، وبينت أن الجوائز عبارة عن جنيهات من الذهب، بالإضافة إلى 10 جوائز مالية مقدمة للوحة التي أعطت الفكرة المطلوبة لتوثيق تاريخ جدة.

ولفتت إلى أن هذه اللوحات سيتم توثيقها في كتيب يحتوي على أهم الأعمال التي أنجزت في المسابقة ويشرح كل مصور عن اللوحة أو الشخصية التي تناولها في لوحته، وسيوزع أكثر من 3000 نسخة منه على المشاركين والحضور، في حين تعتبر جنسيات الرسامين الذين وثقوا جدة مختلفة من السعوديين وغيرهم، فالأمر لا يعتمد في التوثيق على جنسية محددة، فجدة عاشت في نفوس أبنائها وغير أبنائها واستطاع الجميع أن يعبر عن جدة القديمة بطريقته الخاصة بشكل رائع.

وحول المرجع الذي استلهموا منه التاريخ، أرجعت استنادهم إلى كتب تحكي عن جدة زمان، إضافة إلى الشخصيات المخضرمة والأدباء والرسامين.

السقا من الشخصيات التي جسدها علي محمد وفهد الأحمد خلال المهرجان، وبيّنا أنهما في المهرجانات والاحتفالات يقومان بتمثيل السقا، الشخصية التي أحباها من خلال حكايات أجدادهما وكبار السن من أهل الحي عندهما.

وقال السقا علي لـ«الشرق الأوسط» إن «مهنة السقا واحدة من أقدم المهن، واندثرت مع التقدم والتطور الحضاري، وظهرت في عشرينات القرن الماضي». ويُعرف السقا بكونه شخصا يقوم بنقل الماء للمحلات والبيوت والمساجد والمقاهي، له لباس خاص به عبارة عن جلد وحزام عريض لحماية نفسه من ثقل الماء وانسكابه عليه، وأحيانا كان يضع اللباس الجلدي على كتفيه وفوقه خشبة يصل طولها إلى متر ويعلِّق في نهايتها صفيحتين معدنيتين.

فاطمة باعظيم منظمة الفعالية، اشترطت في اللوحات المشاركة والمتقدمة للمسابقة والتي ستحصل على المركز الأول أن تكون شاملة وواقعية وتحقق مفهوم التوثيق، لافتة إلى قيام ورش عمل لصناعة الفوانيس، التي أضاءت «الردسي مول» خلال شهر رمضان المبارك، حيث أضاء المركز أكثر من 800 فانوس، من خلال مسيرة شارك فيها الأطفال داخل أروقة «الردسي» مع المسحراتي والحكواتي والسقا، ليعيش الأطفال تاريخ هذه المهن المنقرضة.