خبراء لـ «الشرق الأوسط» : تعويض متضرري البرد والصقيع يشجع على الزراعة ويحمي 1.6 مليون طن محاصيل من الخسائر

الصقيع والبرد تسببا في خسارة مزارعي نجران نحو 75% من محاصيلهم في يناير

TT

أكد خبراء بيئيون أن قرار مجلس الوزراء، الذي صدر أمس، بإضافة أضرار البرد والصقيع والجفاف والبرد ضمن المساعدات التي تقدمها الدولة للكوارث من شأنه أن يحمي المساحات المحصولية المزروعة في السعودية، البالغة 835 ألف هكتار من أي خسائر قد تطالها، لا سيما أن إنتاج تلك المساحات يصل إلى 1.6 مليون طن، من بينها 15.2 ألف هكتار من محصول الموالح التي تنتج نحو 143.6 ألف طن. وأفاد الدكتور علي عشقي، الخبير البيئي، بأن الصقيع والبرد وما يصاحبهما من تغيرات مناخية لها تأثير سلبي على المنتجات الزراعية الصناعية المتمثلة في الفلاحة، مؤكدا أن الحيوانات الفطرية والصحراوية لا تتأثر، في ظل قدرتها على التأقلم للعيش في مثل تلك الظروف. وقال، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن أكثر النباتات تأثرا بالصقيع هي الشتوية والتي ما زالت ثمارها في طور نموها الأول، فضلا عن الموالح والفواكه الشتوية التي تتأثر كثيرا به، الأمر الذي يجعل من إدراجه ضمن المساعدات التي تقدمها الدولة للكوارث قرارا صائبا». يأتي ذلك في وقت رأس فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أول من أمس، الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في قصر السلام بجدة، والتي خرجت بجملة قرارات من ضمنها إضافة أضرار البرد والصقيع والبرد والجفاف إلى المساعدات التي تقدمها الدولة للمتضررين من الكوارث من سيول وحرائق ونحو ذلك. ونص القرار على تعديل ضوابط وإجراءات صرف المساعدات التي تقدمها الدولة للمتضررين بسبب الكوارث من سيول وحرائق ونحوهما، وذلك بإضافة البرد والصقيع والجفاف، وتعويض من تضررت ممتلكاتهم ممن رفعت عنهم إمارات المناطق إلى وزارة الداخلية حتى نهاية شهر جمادى الأولى 1430 بمبلغ مقطوع يقدر بـ10 آلاف ريال. وهنا، علق الدكتور علي عشقي قائلا: «المهم في هذا الأمر هو كيفية تقدير الأضرار الناجمة عن الصقيع والبرد والجفاف، التي لا بد أن تكون وفق آليات محددة تمنع حدوث حالات جشع قد يلجأ إليها البعض عن طريق ادعائهم للضرر»، مشددا على ضرورة تقدير الأضرار في وقت حدوثها وعدم الانتظار طويلا لفعل ذلك. كانت منطقة موجة الصقيع الباردة التي تعرضت لها المزارع بمنطقة نجران خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي قد تسببت في تدمير نحو 75% من حجم المحاصيل الزراعية في المنطقة، مما ألحق الضرر بالمزارعين وكبدهم خسائر طائلة هذا الموسم. في حين عاشت منطقة حائل، الواقعة شمال السعودية، أجواء شديدة البرودة في الفترة نفسها، أدت إلى تخوف المزارعين من استمرار هذه الموجة الباردة التي تؤثر على محاصيلهم، خاصة الخضراوات، ومن أهمها: البطاطس، لا سيما أن موجات مشابهة خلال الأعوام الماضية تسببت في خسائر في هذه المحاصيل، وأثرت في الأسواق.

من جهته، اعتبر الدكتور طارق فدعق، عضو مجلس الشورى ورئيس المجلس البلدي بجدة في دورته السابقة، أي قرارات تخص الكوارث وأضرارها عادة ما يكون مرحبا بها، لا سيما أن الضرر لا يكون تلقائيا، لافتا إلى أن مثل تلك القرارات تسهم في الحد من المخاطر، كونها تشمل الأضرار ضمن تعريفات الكوارث في الدولة، فضلا عن أن هذه الكوارث تفتح مجالا لدروس لا حصر لها من الممكن الاستفادة منها مستقبلا. وقال، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة مناطق في السعودية، خاصة الشمالية منها، عادة ما تتضرر من الصقيع والبرد، خصوصا أن هذا المناخ من شأنه أن يتسبب في وقوع أضرار بالممتلكات والمحاصيل الزراعية التي لا تكون قابلة لتحمل التغيرات المناخية». وطالب بضرورة وجود دليل يوضح نوعية المخاطر المحتمل حدوثها في السعودية، التي توضح طبيعة هذه المخاطر ليتم إدراجها عبر شبكة الإنترنت كي تتيح للأهالي الاطلاع عليها في مختلف مدن المملكة، موضحا أنه من الممكن وضعها على المواقع الإلكترونية للمجالس البلدية أو أمانات المناطق. وأشار إلى وجود مقترح قدمه للمجلس البلدي بشأن إعداد كراسة للطوارئ التي سيتم من خلالها حصر جميع المخاطر المتوقعة، غير أنه استدرك قائلا: «لم يتم حتى الآن تنفيذها باعتبارها بحاجة إلى دراسات كبيرة تتعاون فيها جهات مختلفة وأقسام متعددة معنية بالبيئة والتغيرات المناخية».

ولفت إلى أن تلك الجهات من شأنها أن تضع ملامح أبرز المخاطر، ومن ثم تشكيل لجنة بهدف توضيح جميع آلياتها للاستفادة منها في حالات الطوارئ، مبينا في الوقت نفسه وجود لجنة سابقة تم تشكيلها بتوجيه من الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة السابق، غير أنها توقفت عن العمل بعد انتهاء فترتها. وأضاف: «ثمة مقترح لدى المجلس البلدي منذ فترة طويلة لإعادة تشكيل اللجنة في ظل الاحتياج الكبير لها خلال الأيام الحالية بعد تعرض عدد من مناطق السعودية إلى كوارث طبيعية جرَّاء الأمطار والسيول والصقيع وغيرها، إلى جانب وقوع ضحايا، مما يحتم ضرورة منع الضرر في المرات المقبلة».

وبالعودة إلى الدكتور علي عشقي أكد وجود جدل حول أسباب التغيرات المناخية الجديدة التي باتت تشهدها السعودية؛ حيث إن البعض أرجعها إلى الإنسان والتلوث الصناعي وانبعاثات الغازات الصناعية كسبب رئيسي، إلا أن الأساس يعود إلى دورات تحدث في الطبيعة، منها ما هو طويل الأجل والآخر قصيره. وأضاف: «تحدث تلك الدورات التي قد تكون كل 10 سنوات بناء على عدد البقع الشمسية والانفجارات الشمسية والموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الشمس؛ حيث إنها مدونة وموثقة منذ عام 1663، غير أن هناك دورات طويلة تشهدها الطبيعة كل 100 ألف سنة تحت مسمى دورات العصور الجيولوجية». وأكد عدم وجود شيء ثابت في الطبيعة، خصوصا أن شبه الجزيرة العربية كانت في فترة من الفترات مروجا خضراء، إلا أن الإشكالية في هذه التغيرات ناجمة عن الدورات الطبيعية التي تحدث على فترات طويلة لا تدركها الأجيال البشرية، لكنها موجودة في السجلات الجيولوجية، الأمر الذي يجعل من إضافة الكثير من المخاطر وإدراجها ضمن الكوارث المحتمل حدوثها أمرا مهما.