إعادة طرح أراضي المساهمات العقارية المتعثرة قد تحدث توازنا في العرض والطلب

قرار مجلس الوزراء سرعة البت فيها سيساعد اللجنة المختصة بتصفية المساهمات في وقت أسرع

TT

واصلت الحكومة السعودية إجراءاتها في سرعة إنهاء معاناة عدد من المواطنين المستثمرين في المساهمات العقارية المتعثرة، وذلك بعد أن أعلن مجلس الوزراء يوم أول من أمس عن عدة قرارات تسهم في سرعة البت في القضايا المتعلقة بالمساهمات العقارية، والذي يأتي كدعم في إنهاء معاناة المساهمين في قضايا المساهمات المتعثرة.

وتأتي القرارات مواكبة للجهود المبذولة سابقا التي تعمل عليها وزارة التجارة السعودية، والتي أشارت في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى أن وزير التجارة والصناعة السعودي عبد الله زنيل وقع مؤخرا عقود تصفية 18 مساهمة عقارية غير مرخصة مع مصفين تمثل المرحلة الثالثة، في الوقت الذي بلغ فيه عدد المساهمات العقارية التي تمت إحالتها إلى مصفين نحو 39 مساهمة مرخصة وغير مرخصة حتى ذلك التاريخ.

وبحسب إحصائيات وزارة التجارة السعودية فإن حجم أموال المساهمات العقارية المتعثرة بلغ 4 مليارات ريال قبل عامين، في الوقت الذي تتم فيه ملاحقة أصحاب المساهمات العقارية لاسترجاع أموال المساهمين قانونيا، في الوقت الذي تتعطل فيه تلك الأموال وأراضي المساهمات بسبب ذلك التعثر.

وكان مجلس الوزراء السعودي قد أقر يوم أول من أمس تفريغ قضاة في المحاكم العامة أو تكليفهم خارج وقت الدوام الرسمي من أجل سرعة البت في القضايا المتعلقة بالمساهمات العقارية، ويتخذ رئيس المجلس الأعلى للقضاء بعد التنسيق مع وزير التجارة والصناعة رئيس لجنة المساهمات العقارية، ما يلزم حيال ذلك.

كما أقر تولي لجنة المساهمات العقارية إصدار القرارات اللازمة في شأن التنفيذ على أموال أصحاب المساهمات الثابتة والمنقولة بما يغطي حقوق المساهمين وإحالتها إلى قضاة التنفيذ في المحاكم العامة لتنفيذها، وأنه على الجهات المعنية: وزارة الداخلية، ومؤسسة النقد العربي السعودي، ووزارة العدل، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، سرعة التجاوب مع طلبات لجنة المساهمات العقارية خلال مدة أقصاها أسبوعان من تاريخ الطلب.

ولفت القرار إلى تخصيص 20 مليون ريال للجنة المساهمات العقارية للصرف منه على مكافآت أعضائها وتعاقداتها مع (الكوادر) البشرية والمكاتب الاستشارية ومن يتم الاستعانة بهم.

وأوضح حسان فضل عقيل المتحدث الرسمي للجنة المساهمات العقارية وكيل وزارة التجارة والصناعة للتجارة الداخلية إثر صدور قرار مجلس الوزراء بشأن تفرغ قضاة في المحاكم العامة من أجل سرعة البت في القضايا المتعلقة بالمساهمات العقارية، ودعم لجنة المساهمات العقارية، بأن هذا القرار يأتي تأكيداً على اهتمام وحرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، و ولي عهده الأمين النائب الثاني في كل ما من شأنه خير لأبناء هذا الوطن والمقيمين فيه ولتذليل كافة المعوّقات أمام لجنة المساهمات العقارية لتتمكن من اتخاذ كافة الوسائل والطرق النظامية لإعادة حقوق المساهمين.

وأوضح أن لجنة المساهمات العقارية المشكّلة بموجب قرار مجلس الوزراء برئاسة وزير التجارة والصناعة وعضوية ممثلين بدرجة وكيل وزارة من وزارات: الداخلية، الشئون البلدية والقروية، العدل، المالية، أمين عام الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، وأمين عام الهيئة السعودية للمهندسين، للنظر في جميع المساهمات العقارية القائمة (المرخّص لها وغير المرخّص لها)، وقت صدور قرار مجلس الوزراء رقم (220)، قد قامت هذه اللجنة بالعديد من الإجراءات اللازمة وفقاً لآلية عملها المعتمدة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (48) بتصفية العديد من المساهمات واتخذت الإجراءات اللازمة.

وأضاف «أدرجت اللجنة عددا من أصحاب المساهمات على قائمة الممنوعين (منع من السفر) و(قائمة المطلوبين)، و(إيقاف خدمات)، وأدرجت من لم يتعاون مع اللجنة على قائمة (القبض) لإحضاره لدى اللجنة وفقاً للإجراءات المتبعة». وأكد أنه تم الكتابة إلى الجهة المختصة بالتهميش على سجل صكوك المساهمات العقارية التي يتطلب التهميش عليها بإيقاف التصرف فيها، كما أسندت عدد من المساهمات العقارية غير المصفاة إلى عدد من المصفين، ولاستكمال تنفيذ قرارات اللجنة فقد صدر هذا القرار القاضي بتفريغ قضاة في المحاكم العامة أو بتكليفهم خارج وقت الدوام من أجل المصادقة على قرارات اللجنة بأحكام شرعية وسرعة البت في القضايا المتعلقة بالمساهمات العقارية التي يحتاج الأمر النظر فيها قضائياً وحتى يتمكن قضاة التنفيذ من تنفيذ قرارات اللجنة سواء ببيع أراضي المساهمات أو تنفيذ ما تم حجزه أو رهنه أو على أموال صاحب المساهمة الثابتة والمنقولة. وأكد المتحدث الرسمي للجنة المساهمات العقارية أن الوزارة تحذّر المواطنين من الانسياق للدعوات المشبوهة في الاستثمار في المساهمات العقارية غير النظامية أو دعوات بعض الأشخاص والمؤسسات الوهمية التي توهم بتقديم مشاريع استثمارية غير حقيقية أو لا تحاكي الواقع، وشدّد على أنه يجب على الإخوة المواطنين والمقيمين ضرورة التأكد من سلامة وضع المشاريع الاستثمارية التي يرغبون في الاستثمار فيها وذلك بالتأكد من وجود التراخيص اللازمة لهذه المشاريع.

وقدم شُكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين والنائب الثاني على الدعم المتواصل للجنة المساهمات العقارية حتى تتمكن من تأدية المهام والأعمال الموكلة لها بأسرع وقت ممكن.

من جهته قال محمد الخليل نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية إن القرار يحمل أبعادا إيجابية كثيرة، مشيرا إلى أن ذلك القرار سيساعد اللجنة المختصة في سرعة إنهاء قضايا المساهمات العقارية المتعثرة، والتي رأت وجود معوقات في المحاكم لازدحام القضاة في متابعة القضايا المختلفة، وهي التي تسببت في تأخير معاملات المساهمات العقارية المتعثرة، الأمر الذي جعل مجلس الوزراء يقر تفريغ القضاة أو تكليفهم خارج الدوام الرسمي، مؤكدا أن ذلك سيخلق نوعا من التركيز في المحاكم على قضايا المساهمات العقارية المتعثرة.

وأضاف الخليل الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن تحديد أسبوعين على سرعة التجاوب من قبل عدد من الجهات المعنية بالمساهمات العقارية، سيسهم في إنهاء تأخير المعاملات وبالتالي تسريع عجلة معالجة تلك المساهمات العقارية المتعثرة، وسرعة صرف حقوق المساهمين، واصفا القرار بـ«الرائع»، والذي سيحل جزءا كبيرا من معاناة المساهمين في المساهمات العقارية.

ويتعامل سوق العقارات في السعودية منذ أكثر من 35 عاما في المساهمات العقارية، ويبرز سوق المنطقة الشرقية كأكثر سوق يتعامل في المساهمات، حيث يقوم الشخص العقاري بطرح محفظة عقارية من خلال أسهم تمثل مساحة معينة في الأرض، على أن يتم جمع المال من المساهمين، ومن ثم تطوير الأرض وبيعها في مزاد علني وتوزيع الأرباح على المساهمين، في الوقت الذي يعمل فيه البعض من المساهمين على تطبيق الأسهم والحصول على أراض في المشروع المطور.

وبالعودة إلى نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرفة السعودية، أكد أن القرار سيساعد على فك تعطيل أموال وأراض كانت مجمدة لفترة من الزمن، وهو الأمر الذي يراه بأنه سينعكس على القطاع العقاري بشكل كبير، خاصة في ظل المبالغ الكبيرة الذي تحتجزها تلك المساهمات العقارية، والتي في حال تم إعادة تدويرها فإنها ستعود على الاقتصاد الوطني بالفائدة من خلال ضخها في قنوات استثمارية أخرى أو إعادة ضخها في السوق العقارية من جديد.

وزاد الخليل «الانتعاش في السوق العقارية لن يكون فقط في إعادة تدوير الأموال، وإنما حتى طرح الأراضي المجمدة في المساهمات العقارية، وهو ما قد يحث على إيجاد التوازن في سوق الأراضي من خلال طرح المزيد الأراضي والتي كانت عبارة عن مساهمات عقارية متعثرة، في الوقت الذي قد يكون لطرح هذه المساهمات العقارية تأثير على الأسعار من خلال خفض ارتفاع الأسعار غير المبرر في السوق العقارية خلال الفترة الحالية، وإيجاد التوازن بين العرض والطلب في السوق العقارية.

وشهدت الفترة ما بين 2001 إلى 2005 طرح عدد كبير من المساهمات العقارية في السعودية، وهو ما جذب الكثير من المستثمرين في ظل ما كانت تحقق تلك المساهمات من عوائد ربحية كانت تصل إلى 70 في المائة خلال سنتين، في الوقت الذي ساعدت فيه المساهمات العقارية على إنشاء شركات تطوير عقاري أسهمت في تغير مفهوم التسويق العقاري التقليدي إلى تسويق وتطوير جديد.

وخلال تلك الفترة شهدت بعض المساهمات العقارية تحقيق نجاح كبير وعوائد مجزية، في حين تعثر البعض الآخر بشكل كبير وهروب عدد من القائمين عليه، مما حدا بوزارة التجارة إلى إيقاف طرح المساهمات العقارية، وطرح ضوابط جديدة للترخيص لها، وعلى الرغم من تلك الضوابط فإن البعض منها أيضا شهد تعثرا، الأمر الذي أوقف المساهمات العقارية، ووضع ضوابط أكثر صرامة.

ولم يتم طرح مساهمات عقارية منذ وضع الضوابط في الأعوام 2006 و2007، نتيجة تلك الضوابط التي يرى العقاريون أنها كثيرة التعقيد، في حين تم بيع مساهمات متعثرة أبرزها مساهمة جزر البندقية والتي تم بيعها في تصفية بقيمة 1.8 مليار ريال.

من جهته قال خالد الضبعان الخبير العقاري إن تصحيح وضع المساهمات العقارية المتعثرة سيعمل على إعادة الثقة في السوق العقارية.

وأشار الضبعان إلى أن السوق العقارية السعودية تحتاج إلى المزيد من الأراضي المطورة لجذب واستيعاب الطلب المتنامي خلال الفترة الماضية، وهو ما يتسبب في ارتفاع الأسعار، مبينا أن إعادة طرح تلك المساهمات للبيع سيعزز من زيادة العرض أمام قوة الطلب في السعودية.