«الجريش» طبق شعبي يستعيده السعوديون على موائد الإفطار الرمضانية

مكوناته من حب القمح واللبن والسمن

TT

يستعيد السعوديون ذاكرتهم تزامنا مع دخول شهر رمضان المبارك حول موروثاتهم الشعبية في خطوة لاستعادة شيء من ماضيهم العريق، بالإضافة إلى مفرداته ورموزه الشعبية، بدءا من الموقع الجغرافي، تاريخ النشأة، والحياة بشكلها العام، والمأكولات الشعبية والأمثال، وتراثهم الأصيل.

الحديث هنا عن واحد من تلك الرموز الشعبية: أكلة «الجريش»، التي تعتبر أحد الأطباق الشعبية التي يعيدها السعوديون في شهر رمضان المبارك لما لها من مذاق لذيذ وفوائد صحية يعرفها كبار السن وتعبر عنها مكوناتها المفيدة.

لا تزال الأكلات الشعبية هي أفضل الأطباق المقدمة والحاضرة على موائد السعوديين الرئيسية في السعودية وأكثر ما تكون هذه الأفضلية في شهر رمضان المبارك ليس كونها الأكثر طلبا بين كبار السن على المائدة الرمضانية، لكن بسبب فوائدها الغذائية الجمة لاحتوائها على مكونات طبيعية من القمح والخضر واللحم والتمر.

تقول أم صالح، إحدى الماهرات في طبخ الأكلات الشعبية، خصوصا طبق «الجريش» ويساعدها في توفير الطلبات طوال العام بناتها، إن أكثر ما يطلب من الأكلات الشعبية هو «الجريش»، ونحن نلبي الطلبات بنفس الطريقة القديمة للأكلة.

واعتبرت أم صالح أن الجريش هو سيد الأطباق في رمضان ويوم العيد، فالطلبات طوال الشهر لا تنقطع ولا فرق بين أيامه في كمية الطلب، مؤكدة على أن أيام نهاية الأسبوع يزداد الطلب فيها على أطباق «الجريش» لأنها غالبا ما تقدم في مناسبة العشاء.

وعن أكثر الأكلات الشعبية طلبا ذكرت أن الجريش يعد من أكثر الأكلات التي يزداد الطب عليها في هذا الشهر الفضيل ويتم بيعها إما عن طريق حافظات تتراوح أسعارها بين 50 ريالا و150 ريالا حسب حجم الحافظة أو كما يفضلها البعض بداخل علب بلاستيكية.

ويعتبر طبق الجريش ماضيا عريقا وإن انتهى زمنه في حكم التاريخ إلا أن ذكراه مع قرب شهر رمضان والمناسبات التي تحييه تجعله شامخا في وجه الحاضر المشرق وباعثا للمستقبل بكل أمل واعد.

وتأتي منطقة نجد وبالتحديد منقطة القصيم من أهم المناطق التي تهتم بالأكلات الشعبية منها «الجريش والقرصان والمطازيز» وأنواع هائلة من العادات والتقاليد ومزيج من الثقافات نظرا لمكانتها لدى السعوديين.

ويتكون طبق «الجريش» من حب قمح مجروش بواسطة الرحى و«هي أداة حجرية قديمة عبارة عن لوحين من الحجارة» يتم وضعه مع الماء أو المرق على النار، ثم يحرك بواسطة بملعقة خشبية تسمى «المسواط»، ويمكن أن يتم إضافة اللبن حتى يعلن نضجه ويكون رقيقا، ومن ثم يضاف عليه القليل من السمن البري، وهناك طريقة «يتم وضعه في الماء لوقت طويل «ينقعه بالماء» ومن ثم يطبخ مع اللحم واللبن.

وتوضح أم أحمد الطريقة التي يتم بها تحضير «الجريش» خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، يتم إحضار 3 كاسات ماء وكأس ونصف الكأس لبن وبصلة متوسطة الحجم ونصف أصبع زبدة، وملعقة صغيرة ملح «حسب الرغبة» ونصف ملعقة صغيرة كمون مطحون، ومقدار نصف كأس أرز مصري «سليق»، بالإضافة إلى كأسين جريش وملعقة صغيرة ماجي أبيض.

وتضيف أم أحمد طريقة طهي طبق «الجريش» يتم وضع الماء واللبن والزبدة والبصل والكمون والملح في «قدر» ويتم إشعال عليهم النار ويتم تحريك القدر حتى النضج، ومن ثم يتم غسل جيدا الجريش والأرز المصري ومن ثم وضعهما على الماء واللبن وتوابعهم على نار هادئة، ويتم وضع فلفل أحمر والماجي الأبيض، ويترك الجريش على نار هادية لمدة 3 ساعات ونصف.

وتزيد: قبل أن يتم تحرك الجريش بواسطة المسواط يتم وضع عصير ليمون حسب الرغبة، ومن ثم يحرك بالمسواط حتى تذوب حبات الجريش.

ويقدم الجريش بالطبق ويضاف عليه «كشنة» تتكون من بصل مقطع قطع صغيرة وزبدة أو سمن والقليل من الكمون، وملح حسب الرغبة وبزار بالإضافة إلى طماطم مقطعة ويتم طهيها على النار حتى يذوب البصل والطماطم ويقدم جاهزا للأكل.

ويقول عبد المنعم المقدوني أحد الطهاة في أحد المطاعم التي تقدم الأكلات الشعبية، مع دخول شهر رمضان المبارك يكثر الطلب على طبق الجريش بنسبة 50 في المائة عن الأشهر الأخرى خصوصا الشوربة قبل أذان صلاة المغرب أما في المساء فيتم الإقبال على طبق الجريش.

ويضيف عبد المنعم: يتراوح سعر طبق الجريش للشخص الواحد 6 ريالات، أما شوربة الجريش فيتم بيعها بـ5 ريالات للطبق الواحد.

ويصنع من الجريش «شوربة» تحتل مكانة شعبية في السعودية لارتباطها بالأغذية القديمة والمميزة والمعروفة بقيمتها الغذائية من فيتامينات وبروتينات وأملاح معدنية، وكلما تنوعت مكوناتها يزداد الإقبال عليها باعتبارها من المقبلات التي تساعد على الهضم وفي كونها أيضا مصدرا للطاقة، لذا لا تتصدر مكونات المائدة السعودية غالبا في رمضان.

ويتم تحضير شوربة الجريش بوضع الزبدة في قدر على النار حتى تسخن جيدا ثم يضاف إليها البصل المفروم والثوم ويقلب المزيج جيدا حتى يلين البصل، ومن ثم يضاف الجريش ويستمر بتحريكه حتى يتحول لونه إلى الأحمر، كما يضاف إلى المزيج (الطماطم) ويحرك قليلا ثم يصب فوقه خلاصة مرق اللحم ويترك على النار مع الاستمرار بالتحريك حتى يتجانس جيدا، ويذوب الطحين بالحليب ويضاف إلى المزيج من خلال مصفاة ويترك على النار حتى يغلي لعدة دقائق، ثم تضاف البهارات وعصير الليمون الحامض والملح والفلفل الأسود إليه ثم يحرك قليلا، ويرفع عن النار ويصب في أطباق التقديم ويزين بالبقدونس المفروم.

= = = =