«تجاربهم في القراءة».. مشروع لتجديد الصلة بالكتب في السعودية

مثقفون وكتاب شاركوا زوار مكتبة الملك عبد العزيز العامة تجاربهم في القراءة

القراءة تسهم في فتح آفاق شاسعة للفرد في التواصل مع مجتمعه وإمكانية تطويره («الشرق الأوسط»)
TT

حين بدأ انتشار الكتابة التي ابتدعها السومريون بنقش كتاباتهم على ألواح من الطين، بدأت علاقة الإنسان بالكتاب، وتوطدت بعد ذلك لتصبح وعاء يسكب فيه ما شاء من المعارف من أدب وعلوم وأخبار وحكايات، فأضحى صديقا وخير جليس له، يؤنسه ويزوده بالعلوم والمعرفة. ومن هنا احتضنت مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض المشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب، لإيمانها بفكرة جعل أمة اقرأ تقرأ وتعاد صلتها بالكتاب، نظرا لأهمية القراءة في التنمية وزيادة مستوى الوعي والتحضر لدى القارئ في السعودية.

إحصائيات كثيرة وردت مؤخرا عن ضعف معدلات القراءة لدى العامة في الوطن العربي مقارنة بدول العالم المتقدمة في أميركا وأوروبا وفي اليابان التي في عام 2009 وحده كان هناك 700 ألف عنوان جديد للكتب قد ظهر بها، وهو عدد لا يقارن بعدد الكتب التي نشرت مؤخرا من العالم العربي؛ حيث تقف خلف ذلك أسباب جعلت العزوف عن القراءة أمرا شائعا داخل السعودية والعالم العربي. فضعف البرامج التي تشجع الفرد على القراءة منذ الصغر من الأسباب التي أدت إلى العزوف عن القراءة، حيث ينفر الطفل من القراءة كونه يكتفي بما درسه في المناهج الدراسية التي تكون مملة بالنسبة له ولا يجد فيها أي متعة، بعكس ألعاب الفيديو أو برامج التلفزيون.

«تجاربهم في القراءة» أحد أنشطة المشروع الذي يستهدف ربط الصلة بين الكتاب والقراء في السعودية، وتضافرت فيه جهود وزارة الثقافة والإعلام، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزارة التعليم العالي، ووزارة التربية والتعليم؛ وهي الوزارات والهيئات التي نظمت خططا عمل بها فريق المشروع، فاستضافت مكتبة الملك عبد العزيز لقاءات مع مفكرين وأدباء سعوديين، كالدكتور عبد الله الغذامي والأستاذة أميمة الخميس والدكتور سلمان العودة، قدموا تجاربهم وصلتهم بالكتاب لتوثق في أذهان محبي القراءة، وتزيد من مخزونهم الثقافي المعاصر وتكوين الاتجاهات الإيجابية حول ما ينتج وينشر من الكتب.

فهد عامر الأحمدي، الكاتب بزاوية «حول العالم» بجريدة «الرياض» المحلية بالسعودية، استضيف ليلة الثلاثاء الرمضانية، بمكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض، حيث احتشد زوار المكتبة في قاعة اللقاء ليستمعوا لتجربته مع القراءة كونه كاتبا متفرغا للقراءة والكتابة ويمتلك في مكتبته نحو 2000 كتاب ما بين موسوعات وكتب علمية وفكرية ذات اتجاهات متنوعة.

الأحمدي الذي اتخذ له اتجاها مغايرا عن الكتاب في الصحف السعودية، ابتعد عن الخوض في المجالات المحلية، في طرحه لما يستفيد منه في الموسوعات والكتب العلمية باللغة الإنجليزية التي يميل إليها كثيرا، حيث يستعرض للقراء ثقافات وعلوم الشعوب من حول العالم، لكنه مؤخرا عكف على كتابة بعض ما يدور في الشؤون المحلية في يوم واحد من الأسبوع. وفي تجربته عن القراءة يقول الأحمدي «لا أذكر اليوم الذي بدأت فيه بالقراءة، لكني منذ الصغر كنت مولعا بقراءة قصص الناجحين والخيال العلمي التي كنت أوفر من مصروف جيبي لأشتريها نهاية الأسبوع».

ويشير الأحمدي إلى أنه كان يقضي أوقات الفراغ في القراءة بعد الدراسة، حيث كانت تسليته الوحيدة في طفولته، وربما كان ذلك دافعا لأن يكون مولعا بها عندما كبر، فهو يعتقد أنه قد أصيب بداء الهوس بالكتب «الببلومانيا» الذي جعله يتطرف كثيرا في حب الكتب واقتنائها بحثا عن المعلومة، وقد أسهمت التقنيات الحديثة في تخفيف العبء عليه بمحركات البحث التي يرى أن المحتوى العربي عليها لا يزال ضعيفا.

ومن أهم النصائح التي قدمها الأحمدي للشباب، أن المثقف إنسان تصعب هزيمته؛ فيجب تعلم لغات أخرى إلى جانب اللغة العربية، لتوسيع المدارك وعدم الاكتفاء بمصدر عربي واحد للبحث، بالإضافة إلى جودة المحتوى باللغة الإنجليزية في الكتب والإنترنت وهذا يسهم في خروج فكر الفرد من عالمه والإبحار في علوم جديدة. وشدد على أهمية استغلال جميع أوقات الفراغ في اليوم في القراءة والاطلاع.

يذكر أن للأحمدي تجربة في طرح كتاب واحد فقط خسر مبلغ 35 ألف ريال سعودي في طباعته ولم يعد عليه بمردود مادي، ولم يعد يهتم بالنشر بعدها. وقد كان آخر المستضافين في المرحلة الأولى من المشروع، الذي ستطبع نسخ لقاءاته مكتوبة في كتاب يصدر من مطبوعات مكتبة الملك عبد العزيز العامة.