مهرجان التمور ببريدة: حصاد عام.. ينقضي في أيام

سعادة المزارعين تتوقف على ما إذا كان الموسم «جيدا» أو «كبيسا»

مواطن ينشغل في تصوير أحد الدلالين بينما يقوم بالمزايدة على شحنة تمور في سوق بريدة (تصوير: خالد الخميس)
TT

فعالية سنوية ينتظرها أهالي بريدة بفارغ الصبر وسط حركة تسويقية كبيرة، حتى أن غير السعوديين يعرفون أن هذا الشعور هو شعور موسم التمور وحديث المجتمع بأكمله يتمحور حول التمور.

ويعكس هذا الحديث ترابط الأجيال من شيوخ وشباب وأولاد صغار مع ذويهم، راسمين بذلك أجمل الصور للممارسة التجارية الفعلية. وتواجد أكثر من 1500 عربة سيارة محملة بمئات الأطنان وبقيمة عشرات الملايين.

عبد العزيز التويجري عضو اللجنة الوطنية للتمور والنخيل وهو من كبار المتداولين في السوق لأكثر من 20 سنة، يؤكد أن اقتصاد المنطقة مبني 100% على الزراعة و65% من سكان القصيم يشتغلون في الزراعة كأعلى نسبة في المملكة ولذلك فهم يعتمدون اعتمادا كبيرا على هذه السوق.

وأضاف التويجري أن مخرجات هذه السوق هي محددة لحياة عام كامل في مدينة بريدة وحدها، موضحا أنه إذا كان الموسم جيدا فإن الحياة ستكون جيدة للمزارعين، أما إذا كانت «كبيسة» أي سيئة فإن الحياة ستكون كبيسة طوال العام بالنسبة للمزارعين، معتبرا أن مقياس سعادة المزارعين هو مقياس نجاح هذا التجمع السنوي المتمثل بسوق التمور.

وأوضح التويجري أن 72% من التمور المعروضة هي من السكري و28% من أصناف أخرى ممثلا السكري الكمية الأكبر في هذه السوق، مشيرا إلى أنه إذا احتسب نسبة الـ72% من السكري فقط فإن حجم مبيعاته تتجاوز 2 مليار ريال، حيث تبدأ الأسعار من 40 ريالا إلى 500 ريال وذلك حسب الجودة والنوعية الفاخرة، مفيدا أنه إذا كان الفارق في الجودة 10% فإن الفرق في السعر يكون 40%.

وقال التويجري، كل سنة يكون هناك تطور في هذا المهرجان وقد وفقنا بأمانة المنطقة ومن فوقها إمارة منطقة القصيم، التي أعطت كل الاهتمام لهذا المهرجان وكلما أضافوا الجديد فإنه ينعكس علينا 4 أضعاف ما يحصل من تطور والدليل أنه عندما تمت مضاعفة مساحة المهرجان فقد تضاعفت سوقنا 10 مرات وهذا بالأخير ينعكس على إنتاجنا وأدائنا.

وعندما يكون المتسوق في قلب الساحة يجد نفسه وسط أصوات وحناجر الدلالين الذين يعتبرون هم عصب ومحرك هذه السوق.

يقول ناصر العمار، أحد الدلالين النشيطين والمعروفين في ساحة المهرجان، إن الدلالة هي الوساطة بين التاجر والمزارع ولكنها بالآونة الأخيرة تطورت هذه المهنة وتعددت مسالكها، ولكن مع تزايد المنافسة دخلت بعض السلبيات في السوق التي نحت بالشاب السعودي عن العمل في هذه السوق والمتمثلة بدخول الأجنبي الذي يكون خلف الكواليس وغالبا ما يكون هو صاحب رأس المال مع العلم أن الدلالين يستفيدون من ذلك وهذه حقيقة.

ولم يفصح العمار عن دخله اليومي من كعكة سوق التمور باعتبارها سر المهنة ولكن اعتبرها بمجملها إلى نهاية الموسم أن تصل إلى بضعة ملايين.

وقال الأمير الدكتور فيصل بن مشعل نائب أمير منطقة القصيم في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» إنه خلال العام القادم ستكون هناك إمكانية لعمل معرض مصاحب للمهرجان يحتوي على أفخر وأطيب ما تجود به منطقة القصيم من صناعات تحويلية مشتقة من التمور الفاخرة والتي الآن يتم تصديرها إلى دول العالم.

إلى ذلك قال أحد المزارعين إن غالبية المزارع الواقعة شمال القصيم لم ترد تمورها حتى الآن إلى السوق كما أنه لم يتم الانتهاء بما يعرف بـ«الخرفة الأولى» في مزارع النخيل، مشيرا إلى أن هناك مزارع تحتوي على عدد كبير من النخيل يصل أحيانا إلى 50 ألف نخلة يتم العمل على جني محصولها بشكل يومي.

يشار إلى أن مهرجان التمور في بريدة أسهم في الوقت نفسه إلى زيادة أعداد مزارع التمور إلى 10 أضعاف عن السابق، والذي يتوقع حسب آراء بعض المزارعين أن يرتفع معروض مهرجان التمور لهذا العام إلى أكثر من 200 ألف طن من جميع أصناف التمور بنسبة نمو في العرض تصل إلى 20%. ويقول عبد العزيز الفراج مدير إدارة الخدمات في «سابك» إنه استمرارا لدعم القطاع الزراعي في المملكة ومساهمة في تعظيم الناتج المحلي وإبرازا للمنتجات الوطنية فإن «سابك» ترعى وللمرة الرابعة على التوالي موسم التمور في منطقة القصيم وذلك عبر الرعاية الاستراتيجية لمهرجان بريدة للتمور.

وأضاف الفراج، أن هذه الرعاية من شركة «سابك» تأتي في إطار مسؤوليتها الاجتماعية وتجسيدا لدورها المهم في تنمية القطاع الزراعي بالمملكة ودعما للاقتصاد المحلي من خلال المحافظة على التمور وما تمثله من قيمة غذائية مهمة إضافة إلى قيمتها الاجتماعية والثقافية في المجتمع السعودي.

يشار إلى أن التمور تشكل أهمية اقتصادية كبيرة للسعودية حيث تعد من الدول الرائدة في زراعة وإنتاج التمور، وقد تجاوز عدد النخيل فيها 25.6 مليون نخلة حسب آخر إحصائية رسمية، وتشكل ما نسبته 20% من إجمالي عدد النخيل في العالم، بينما تبلغ المساحة المزروعة بالنخيل في المملكة 19% من إجمالي المساحة المحصولية وتمثل 68% من مساحة المحاصيل الدائمة.