ظاهرة الافتراش تعود لساحات الحرم عبر بوابة.. «العمرة»

لم تعد تنحصر في موسم الحج.. السلطات تكافحها.. ومعتمرون يرونها أمرا اعتياديا

TT

عند تجوالك في أقدس بقاع الأرض، مكة المكرمة (غرب السعودية)، خلال موسم العمرة، وهو شهر رمضان المبارك، تجد المعتمرين وزوار المسجد الحرام، يتزاحمون، ليس لأداء فريضة العمرة، أو لأداء الصلوات، بل يمتد الأمر ويصل إلى حجز الأماكن، وذلك للمكوث بها، والافتراش بها، وهي التي تتكرر كل موسم.

وتكافح السلطات السعودية والجهات التي تعمل بالمشاعر المقدسة عموما، في مكافحة ظاهر الافتراش، إذ لا تزال تستمر وبشكل موسمي تلك الظاهرة، ولم تعد تقتصر على جنسية معينة، أو جالية واحدة، بل تمتد إلى عدد من الجاليات التي تزور الحرم المكي الشريف خلال شهر رمضان المبارك.

أمام ذلك، اعتبر محمد محمود، أحد المعتمرين في شهر رمضان المبارك الحالي، وهو أيضا أحد الذين يمارسون ظاهرة الافتراش في مكة، أن الافتراش بات يشكل عادة المعتمرين الذين يفدون إلى مكة المكرمة، معتبرا ذلك الأمر اعتياديا.

وأضاف محمد أن الافتراش ظاهرة باتت تدخل على الخط مع موسم العمرة، إذ لم تعد تقتصر تلك الظاهرة، أي الافتراش، على موسم الحج فقط، بل بدا واضحا خلال موسم العمرة هذا العام والعام الماضي ظاهرة الافتراش.

وذكر المعتمر خلال حديثه أن المعتمرين يتنافسون فيما بينهم على حجز الأماكن التي تعتبر المفضلة في الافتراش، إذ تعتمد تلك الأماكن على وجود أجهزة التكييف، إضافة إلى عدم دخول أشعة الشمس، في مقابل توفر المساحة المناسبة لتلك الظاهرة.

إلى ذلك، يتضح جليا مكافحة أفراد الشرطة والسلطات السعودية المشرفة على أمن وسلامة المعتمرين لظاهرة الافتراش، إذ توجد أعداد من أفراد الشرطة منتشرين على ساحات المسعى ما بين الصفا والمروة، وهي التي تعتبر المكان المفضل لدى المعتمرين في ظاهرة الافتراش.

يشار إلى أن الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، أكد في وقت سابق أن هناك خططا للقضاء على ظاهرة الافتراش والحجاج غير النظاميين، مشيرا إلى أنه تم البدء في تنفيذ الخطط منذ العام الماضي، وكان لها تأثير إيجابي، وفي هذا العام كان التأثير الإيجابي أكثر، حيث قلّت نسبة الحجاج غير النظاميين عما كانت عليه في العام الماضي بنسبة 20 في المائة، وهذا شيء جيد.

وبيّن الأمير خالد في وقت سابق أن هناك كثيرا من الملاحظات، تشمل الافتراش والمتسللين والحجاج غير النظاميين، وهناك ملاحظات على كثرة النفايات ووجوب النظافة بطريقة أفضل مما هي عليه الآن، كما أنه لا بد من إعادة النظر في موضوع السكن في المشاعر المقدسة وتنظيمه وتحسين النقل في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة.

ويبدو أن ظاهرة الافتراش لم تعد مقتصرة على الحجاج ذوي الدخل المنخفض، فالحجاج يملكون المال لكنهم لا يملكون مكانا يقضون فيه ساعات لا يعلم غالبيتهم كم ستطول، وهذا يتضح جليا مع الزحام الشديد والإقبال على صناديق الأمانات، التي تشرف عليها الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين، إذ يندر أن يحصل المعتمر على صندوق فارغ يضع به أمتعته وحقائبه، وعادة ما تتراوح أسعارها من 10 ريالات وصولا إلى مبلغ 20 ريالا، وتصل أيضا إلى 50 ريالا، وذلك لمدة خمس ساعات، وفي حالة التمديد تضاف ذات المبالغ.

يشار إلى أن إطلاق السعودية حملة «الحج.. عبادة وسلوك حضاري» أسهم (وفق الأرقام الرسمية) منذ بداية الحملة في نسختها الأولى، في الحد أو التخفيف من الكثير من الظواهر السلبية التي كانت ترصد خلال موسم الحج، مثل: ظاهرة الافتراش، والحج من دون ترخيص، واستخدام المركبات غير النظامية، وذلك من خلال جملة من المحاور والخطط الاستراتيجية بالتعاون مع كل الجهات الحكومية والأهلية.

وأرجع الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، في وقت سابق، ظاهرة الافتراش إلى التجاوزات وعدم التقيد بالأنظمة، وقال: «معالجة المشكلة ليست بالأمر السهل، ولكن ما يشجع التناقص الكبير في هذه الظاهرة في الأعوام السابقة، وهذا يعني أن المعالجة بدأت، وأن النتائج بدأت تأتي».