رش المصلين برذاذ المياه وتهوية المعتمرين.. وسائل تطوعية جديدة لـ«طالبي الأجر» في مكة

رئاسة الحرمين: الأفعال فردية ومشاريع ضخمة لتلطيف الجو في المشاعر المقدسة

انتشرت بعض المظاهر التطوعية خلال الموسم الحالي مثل رش المصلين برذاذ المياه («الشرق الأوسط»)
TT

استحدث زوار الحرمين الشريفين في شهر رمضان، أعمالا تطوعية أدت إلى جدل كبير في السعودية، فالبعض يرى أن تلك التصرفات مبالغ فيها وتزعج المعتمرين والمصلين، بالمقابل تنال تلك الأعمال الاستحسان والثناء على اعتبار أن فاعليها يهدفون للحصول على الأجر والمثوبة.

فخلال موسم عمرة هذا العام شاهد الملايين عبر وسائل الإعلام ومن الزوار أفرادا يقومون برش المصلين برذاذ الماء البارد خلال تأديتهم لصلاة التراويح، وأستحوذ المقطع اهتمام جميع المسلمين في المعمورة عبر تداولها في مواقع الإنترنت. إلا أن هذا العمل لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما قام أفراد آخرون بنفس العمل، مع استحداث وسائل تطوعية أخرى، كتهوية المعتمرين في الطواف والسعي عبر المهفة والمعروفة بـ«المراوح الورقية» ويقوم المتطوعون بتهوية المعتمرين وخاصة من كبار السن بشكل عشوائي، وتتعالى أصوات الدعاء من قبل المصلين بالدعاء للمتطوعين.

«الشرق الوسط» رصدت نماذج من الأعمال التطوعية المستحدثة، وكان أكثرها تقديم أكواب الماء في الطواف والسعي للمارين تسهيلا على المعتمرين بدلا من البحث والوقوف أمام الثلاجات الموجودة في أسياب الحرم والتي تحتاج للخروج من مسار الطوف والسعي.

ونشط هذا النوع من الأعمال لرغبة فاعليها في الأجر والمثوبة في أطهر بقاع الأرض وتقديمها لمعتمرين خلال شهر رمضان، إضافة إلى تلك الأعمال لا تكلف مبالغ مالية كبيرة فيكفي أن تشتري مسدس رشاش ماء كما يطلق عليه أو مهفة لا تتجاوز أسعارها 3 ريالات فقط.

وقال أحد المتطوعين ويدعى إبراهيم من الجنسية النيجرية: «دائما ما كنت أحضر للحرم ومعي مروحة ورقية، لأستخدمها في التهوية خاصة في الأوقات النهارية، وكنت أشاهد معتمرين يمارسون الشعائر ويرفعون أيديهم لله طلبا للمغفرة، وهو يتصببون عرقا، ودون شعور قمت بالتهوية على أحد كبار السن ومرافقيه، لعدة ثوان، وحصلت مقابل ذلك على الدعاء لي، وبعد ذلك صرت أقوم بذلك وبشكل عشوائي للمعتمرين».

وأضاف إبراهيم: «في كل مرة أقوم بهذا العمل وفي العادة أقوم بذلك بعد انتهاء صلاة التراويح والصلوات المفروضة، أشاهد ابتسامات ويقولون لي جزاك الله كل خير، وهو ما يجعلني أواصل في عملي ذلك».

في حين أشار المتطوعون في توزيع المياه يدويا إلى التسهيل على المعتمرين وعدم قطعهم لأداء الفريضة بالبحث عن الثلاجات والترامس، وتقليل المشقة على كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ومن المرضى من المصابين بالسكر.

وأوضح علي البركاتي، سعودي من سكان منطقة الليث جنوب غرب العاصمة المقدسة والذي حضر للاعتكاف في الحرم المكي طوال شهر رمضان، أنه يخصص ما بين 3 إلى 5 ساعات يوميا في توزيع أكواب مياه زمزم عبر حافظة صغيرة سهلة الحمل، ويقوم بتوزيع المياه عبر الأكواب البلاستيكية، وعند فراغ الحافظة تتم تعبئتها عبر الثلاجات الموزعة في الحرم.

وأثير جدل كبير في مواقع الإنترنت حول قيام هؤلاء المتطوعين، فالبعض قال إن أعمالهم تزعج المصلين خاصة أن البعض يقوم برش المياه أثناء أداء الصلاة، بينما ذهب البعض إلى أن ذلك لا يختلف عما يتم عمله خلال موسم الحج من إنشاء أجهزة عملاقة مزودة بأنابيب علوية لرش الحجاج برذاذ المياه للتخفيف من حرارة الجو.

وعلق أحمد المنصور المتحدث الرسمي والمسؤول على العلاقات العامة في رئاسة الحرمين الشريفين لـ«الشرق الأوسط» على قيام بعض رواد المسجد الحرام برش المصلين برذاذ الماء على المصلين بأن هذه لا تعدو كونها تصرفات فرديه، بهدف تلطيف الأجواء الحارة، مما تسبب في التشويش والإزعاج أثناء أداء الصلاة.

وأشار إلى أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي هيأت عدة مواقع توجد بها مراوح مزودة بمياه لإطلاق الرذاذ البارد من خلال مضخات خاصة للإسهام في تلطيف الأجواء الحارة، حيث خصص 48 مروحة موزعة على 6 مواقع في كل موقع 8 مراوح ذات دفع عال تغطي كافة المواقع المحيطة وتعمل قبل الصلوات بنصف ساعة بشكل أوتوماتيكي، وتسعى رئاسة الحرمين إلى تقييم التجربة، والعمل على تطويرها، وتعميمها في مواقع أخرى من الساحات لتخفيف تأثير الحرارة على المصلين.

وبين المنصور طرح مشروعات تجري دراستها فنيا، وسيتم البدء بتنفيذها بعد اعتماد الدراسة إن شاء الله، من أهمها مشروع تكييف المسجد الحرام، وهو مشروع ضخم ومهم وسوف يؤدي إلى مزيد من السهولة في أداء المناسك في المسجد الحرام.

ويعتبر توزيع التمور أهم الأعمال التطوعية في شهر رمضان المبارك ويقدر حجم التمور الموزعة يوميا في المسجد الحرام بـ9 أطنان، تبلغ نسبة التمور المنزوعة النوى منها 73 في المائة، يشرف عليها نحو 3 آلاف عامل مع تزويدهم بالآليات والمعدات اللازمة لتلك الأعمال.

فيما قدرت الرئاسة المتوسط التقريبي لكمية النفايات المرفوعة يوميا من المسجد الحرام في موسم رمضان المبارك بنحو 45 طنا مشيرة إلى أنه وبالتعاون مع قوات أمن المسجد الحرام يتم رفع العفش المعلق على واجهات المسجد الحرام ومداخل مجمعات دورات المياه ووضعه في أماكن مخصصة.