سحور رمضاني لـ«مدارس الفلاح» يعيد ذكريات «أيام الشقاوة»

التأم حوله جمع من عمداء كليات وأكاديميين وأعيان جدة

TT

رغم أن البعض أبعدته المسافات وأسهمت السنون في إبعاد آخرين، فإن مغادرة عدد من الأكاديميين والمسؤولين مقاعد الدراسة منذ ما يقارب الثلاثين عاما، لم تكن لتمحو مشاعر الوفاء والمودة والتقدير التي يحملونها لمدرسيهم والمدرسة التي احتضنت بدايتهم، التي تعد أول مدرسة نظامية في المملكة، والتي أسسها تاجر اللؤلؤ محمد علي رضا زينل بمدينة جدة في 7 ديسمبر (كانون الأول) 1905، والتي أتت مخرجاتها بجيل من الأدباء والمفكرين وعدد من رجال الدولة المرموقين في مراحل التأسيس.

ففي الوقت التي احتضنت فيه إحدى القاعات الشهيرة بمنطقة جدة غربي السعودية هذا الزخم من الأكاديميين والمثقفين، بجانب عدد من الدبلوماسيين ورجال المال والأعمال وعدد من كبار موظفي الدولة ممن عاصروا أروقة مدرسة «الفلاح» وشهدت ميلاد صداقاتهم التي لم تفرقها السنون الطويلة والمقاعد الوثيرة التي تفصلهم عن مقاعدها الدراسية، تجاوز حضور حفل السحور الحادي عشر للمدرسة الذي يقيمه خريجو مدرسة «الفلاح» عام 1983 كل عام، 200 مدعو، وحرص القائمون على الحفل على تكريم مدرسيهم الذين شهدوا انطلاقتهم، في بادرة وفاء من الطلبة لمعلميهم الذين احتضنوا شقاوتهم وحرصوا على تأدية رسالتهم معهم، وتخلل المأدبة عدد من المداخلات والحوارات الجانبية بين الحضور، مشتملة عن مزيج من الماضي والحاضر.

وأبرز الدكتور محمد السليماني، أحد الأكاديميين والمنظمين للحفل، حرصهم خلال شهر رمضان المبارك من كل عام على إقامة مأدبة السحور، التي تجمعهم بمدرسيهم وزملاء الدارسة السابقين، ورغم انشغالات البعض منهم في أعماله التجارية، فإن الجميع يحرص على الحضور بعد أن يتم التنسيق على يوم يتناسب مع ظروف الجميع.

الحفل حضره جميع خريجي مدرسة «الفلاح»، ويتكفل بالأمور الخاصة بالتنظيم والترتيب للحفل خريجو عام 1983.

وقال السليماني إن حرصه على الحضور يأتي واجبا تحتمه عليه الصداقة الممتدة منذ 28 عاما، جمعت بين الكثير من الذكريات الجميلة والمواقف السعيدة والحزينة، ويأتي اليوم لتذكرها بعضهم مع بعض.

الذكريات تلك تعد الأجمل لما تضمنته من براءة وحب متبادل بين الجميع، وأخوة صادقة امتدت لأعوام مديدة، فالعديد من الحضور من الطلاب دبلوماسيون وأكاديميون، لم تغيرهم المناصب؛ فالجميع يحرص على الحضور وتلبية الدعوة والمشاركة، بجانب أن مثل هذه اللقاءات تعيد الجميع للوراء سنوات، يتذكرون معها أيام الشقاء والاجتهاد وما تخللها من مواقف حزينة ومضحكة بعيدا عن الرسميات.

من جهته، أوضح محسن لبان، أحد موظفي الدولة وأحد المشرفين على الحفل، أن الموعد يتم تحديده بعد عدة اجتماعات في ما بينهم كطلاب سابقين قبيل دخول الشهر المبارك، فـ«الهدف يأتي لجمع الزملاء جميعا على مائدة واحدة رغم التزامات العديدين، إلا أن الحضور دائما يأتي مبهجا، فهذا العام جاء مدرسون من القاهرة إلى جدة لتلبية الدعوة»، التي حرصوا على توجيهها للجميع في الداخل والخارج.