مجموعات حقوقية سعودية تتبنى نشر الثقافة القانونية على الشبكات الاجتماعية

سعة الاطلاع عليها في المجتمع تحمي الغافلين

TT

في الوقت الذي شهدت فيه عدة جامعات في السعودية (حكومية وأهلية) تخريج عدة دفعات من طلابها القانونيين والقانونيات، فقد شاركوا الخريجين في إنشاء مجموعات حقوقية ومنتديات قانونية في سبيل التمهيد لمستقبل الأنظمة والقوانين السعودية، وتطبيقها وفق النظام العام والآداب العامة الإسلامية التي كفلت بموجبها حقوقا وواجبات؛ فلكل فرد الحق بالتظلم أو التقاضي لاستيفاء حقوقه، والعقوبة تطال من ينتهكها.

التدرج في القاعدة القانونية من النظام العام الذي يحكم المجتمع، والذي يقام على أساسه الدستور والأنظمة ثم اللوائح، حيث توجد قاعدة أصولية قانونية، بأن الجهل لا يعتد به عند صدور القانون في الصحيفة الرسمية. فالخلط بين الحقوق والمطالب والقانون، هي أغلب ما يعاني منه الفرد البسيط في معرفته بغض النظر عن مستواه المادي. قد تضيع عليه الكثير من الضمانات التي كفلها له القانون في تحصيل حقوقه بتعامله بسلبية يوميا، وهذا ما ركزت عليه هذه المجموعات في تنمية الثقافة القانونية لدى المتلقي، وتمكينه من طرح الاستشارات القانونية والإجابة عليها مجانا، كما هي الحال في مدونة «حقوقي» و«الشبكة القانونية السعودية».

حسام الخماش طالب في كلية الحقوق أسهم في مبادرة للتثقيف القانوني من خلال صفحة «قانونكم» على «فيس بوك»؛ يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بعض المطالبات للأسف تُطرح في المكان الخاطئ، ولذلك لا تجد الصدى المطلوب، وكثير منها ينم عن جهل مركب، وذلك يعكس بلا شك حقيقة ضعف الثقافة الحقوقية لدى الأفراد، فهناك من يعتقد أن له حقا مستحقا أو منتزعا ليطالب به، وقد يتعدى على غيره في سبيل ذلك».

الضمانات الكثيرة التي كفلها القانون للشخص قد تضيع منه بسبب جهله بحقه في المطالبة بها، كمجال الشيكات، التي يجهل البعض من المتعاملين بها عن الضمانات المقررة لهم في نظام الأوراق التجارية السعودي، الذي جرّم في نصوصه، ساحبه الذي حرره من دون رصيد وجعله في عداد المتهمين الذين يجب توقيفهم لارتكابهم جريمة سحب شيك من دون رصيد، وتحريك دعوى جزائية ضده كحق عام على المجتمع. ومواعيد يترتب على فواتها ضياع فرص الطعن في الأحكام نص عليها نظام المرافعات الشرعية السعودي. وضمانات أخرى تتعلق بتنفيذ الأحكام كإجراءات منع الخصم من السفر، والحجز التحفظي على جزء من أملاكه.

انتهاك الحقوق التي يسعى أصحابها إلى المطالبة بها، قد يصدم بعوائق، كعدم مقدرة الفرد المادية على توكيل محام، أو طلب استشارة قانونية لا يستطيع دفع ثمنها، فلجأت الشبكة القانونية السعودية إلى عمل مشروع خيري داخل منتدياتها؛ لا يهدف للربح، وهدفه الأساسي تقديم الخدمة القانونية الإنسانية المجانية لمستحقيها.

ولا يجيز للقائمين على المشروع المطالبة بأي مقابل مادي نظير الخدمات التي يقدمونها، وهذا المشروع يكفل الإجابة عن الاستشارات القانونية بشكل مجاني من 15 قانونيا من نخبة من المحامين في السعودية، تسهيلا على ذوي الدخول المحدودة وذوي الاحتياجات الخاصة وممن يحتاجون لإعداد مذكرات لحثهم على سرعة المطالبة، لعدم فوات الحقوق المطالب بها.

ضعف الثقافة القانونية في المجتمع السعودي، ترجع إلى نفور بعض الأفراد من الأنظمة، التي من منظور البعض تخالف الشريعة الإسلامية التي أقرها الخالق (جل وعلا)، على الرغم من أنها لا تعدو سوى تنظيم لها، حتى يسهل على القضاة الفصل في شؤون الناس واللجوء إلى النصوص المكتوبة والعرفية بشكل ميسر.

ويبقى الجهل مرتبطا بعوامل عدة داخل المجتمع يرجعها الخماش إلى أن كليات الحقوق لا تقوم بدورها الحقيقي في تعزيز الثقافة الحقوقية للمجتمع البتة، فهي مسؤولة بشكل كبير عن رفع مستوى الوعي للأفراد وعامة الناس.

الجانب الوقائي لنشر الأنظمة والثقافة القانونية، تبنته عدد من المجموعات والنوادي داخل الجامعات وخارجها، سهل عليها إجراءات عمل ندوات تثقيفية للمجتمع ككل بنشرها في وسائل الإعلام التقليدي والحديث، حتى تصل لأكبر عدد من المتلقين. فريق «حقوقي» التطوعي كان له السبق في إنشاء مدونة شاملة لاستشارات قانونية في جميع المجالات، أنشأ هذا الفريق فؤاد سندي باحث قانوني، وزملاؤه من خريجي كليات الحقوق بمنطقة مكة المكرمة، فقد سعوا إلى نشر المدونة في الشبكات الاجتماعية للإجابة عن الاستشارات القانونية وتقديم خدمات تقسيم التركات النقدية بشكل مجاني، تطوعا في نشر الثقافة القانونية في المجتمع. ويتفق ذلك مع رؤية أصايل العوهلي، واحدة من أعضاء نادي القانون بجامعة الملك سعود بالرياض، حيث تقول: «أشعر أن هناك مسؤولية كبيره تقع على عاتقي بمجرد أني دارسة للحقوق، فبمجرد وجود الأدوات التي تمكني من البحث فلا أترك مجالا صغيرا إلا وأدخلت الجانب القانوني فيه على حسب علمي وحرصي على الرجوع للمراجع لأعطي المعلومة بالشكل الصحيح والمبسط، كما أزود من حولي دائما بالقوانين المعمول بها هنا ذات العلاقة بهم؛ إن كان على المستوى الشخصي أو العملي، وبنادي القانون قدمنا جميعا ما يفيد طالبات الجامعة والمجتمع من خلال الندوات وورش العمل التي عقدناها».