«الألعاب النارية».. رحلة شراء تجمع بين الخوف والمتعة

رغم بيانات صادرة قضت بمنعها.. فإنها تباع أمام الجميع جهرا وبأسعار متواضعة

TT

الدخول إلى عالم المفرقعات والألعاب النارية يحمل الكثير من الخوف، وكذلك المتعة والغرائب، إذ لم يخطر في ذهن عبد الله الزهراني القادم من منطقة الباحة إلى جدة (غرب السعودية) لمتابعة مهرجانها السياحي، أن اقتناء الألعاب النارية على شاطئ البحر وبهذه السهولة المتناهية، وهي التي تباع جهرا وبأسعار في متناول الجميع من قبل عمالة متجولة، وهو الذي يعاني الأمرين للحصول عليها في محافظته، مشبها ذلك الأمر بما كان يشاهده في أفلام ومسلسلات عصابات الممنوعات.

ظاهرة الألعاب النارية في السعودية رغم صدور بيانات المنع التي تصدرها الجهات الأمنية وآخرها البيان الذي بثته شرطة جدة الأسبوع الماضي، فإنها أصبحت بضاعة رائجة ويسهل الحصول عليها في أي وقت وفي عدد كبير من المواقع، خصوصا في جنوب جدة، وحتى على الشواطئ وبأسعار في متناول الجميع.

وبحسب بيان الشرطة الذي قالت فيه تتابع شرطة محافظة جدة ملاحقتها لباعة الألعاب النارية أو ما يسمى بالطراطيع بواقع دوريات سرية ورسمية تم توزيعها على مواقع متعددة من المحافظة وفق خطط عمل أعدت بناء على ما يرد من أخباريات المواطنين وأيضا ما يرصد سرا عن طريق جهات الاختصاص ومن هذه المواقع دوار البيعة بحي البلد والمحمل والأسواق القديمة (الشعبية) بباب مكة وباب شريف، حيث التوزيع الأساسي لتلك الطراطيع.

وأضاف البيان تم ضبط مخازن ومستودعات استخدمها باعة هذه الألعاب لمواراتها عن الجهات الأمنية وإخراج الكميات بالطلب حسب حاجة السوق. وذكر ذلك أحد المقبوض عليهم أن معظم الذين يقومون بشراء هذه الألعاب منا هم كبار، ويأتون برفقة أطفالهم وأن الأطفال هم الذين يتخيرون نوعية الطراطيع وأن هناك أنواعا متعددة منها بصوت ولون ومنها ما يطير وينفجر في السماء وأسعارها تختلف، ولكن في الفترة الحالية أي ما قبل العيد تحقق الطراطيع أكبر عائد مادي لها.

اللواء علي الغامدي، مدير شرطة محافظة جدة، أكد أن في استخدام هذه الألعاب من قبل الأطفال خطرا على حياتهم وتعريضا لحياة الآخرين للخطر لما تحتويه هذه المفرقعات من مواد سريعة الاشتعال دائما ما تتسبب في حوادث مفزعة، لا سيما أننا في فترة العيد والمستشفيات خير شاهد على ذلك فلا بد لأولياء الأمور من إيجاد وسيلة ترفيه سليمة وآمنة لأبنائهم ومراعاة الأمانة الواجبة على الأهل تجاه الأبناء. وأشار اللواء الغامدي إلى أن الدوريات السرية والرسمية مسيرة في الشوارع وموجودة للقضاء على أي ظاهرة تخل بالأمن، ودعا المواطنين إلى ضرورة الإبلاغ عن هؤلاء الباعة حفاظا على سلامتهم وسلامة أبنائهم.

من جانبه أكد الملازم نواف البوق، الناطق الإعلامي المكلف بشرطة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن الشرطة تقوم بجهود مضنيه لمحاربة هذه الظاهرة، وأن المشكلة الكبرى تتمثل في أولياء الأمور واقتنائهم تلك المفرقعات والتي تشكل خطورة على مستخدميها، مشيرا إلى أن هناك الكثير من المحاضر والحالات لإصابات بليغة سجلت خلال الأيام الماضية وفي عيد الفطر المبارك لفقدان أعضاء وتسمم نتيجة الإصابة بتلك المفرقعات.

وعلى الجانب الآخر تفنن مروجو تلك الألعاب في طرق تقديمها وتوزع مندوبوهم في الموقع مروجين لها كل على طريقته تضاهي البعض منها أشهر حركات عصابات الاتجار بالممنوعات في أفلام الأكشن الأميركية ولعل أقرب الأمثلة لذلك ما يشاهده الزائر للمنطقة التاريخية في جدة من جهة دوار البيعة، فبمجرد دخولك لدوار تتسابق الأيدي وتتراقص أمامك بحركات غريبة يتخيل لمن يشاهدها أنه في أحد أهم بورصات المال العالمية.

وخلال جولة قامت بها «الشرق الأوسط» في السوق الشهيرة التي تباع فيها، وهي سوق الطيور أو ما تعرف بسوق الحمام التي تحولت من بيع الطيور إلى بيع الألعاب النارية، والواقعة في باب مكة بالقرب من المنطقة التاريخية، تجد بائعي هذه المواد في كل الاتجاهات يحملون العينات ومنهم من ينادي بأعلى صوته بأسماء مشهورة ولافتة حركات متنوعة، أصابع إلى الأعلى، وكفوف تتراقص بشكل دائري، وإشارات أخرى تجبرك على التوقف والسؤال عن هذه الحركات، لتجد الجواب المفجع وكان أمام سوق لسلاح «تي إن تي بازوكه»، صواريخ، طرطيع فحمات نوافير فتأخذك العزة في الفضول مجبرا للموافقة على أحد تلك العروض فيسحبك البائع حينها إلى داخل دهاليز المنطقة التاريخية ويقدم لك أنواعا مختلفة من المنتجات والألعاب النارية وبأسعار في متناول الجميع ويتبادر حينها السؤل كيف وصلت تلك الألعاب إلى هذه الأماكن.

أحد البائعين يوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الأنواع كثيرة والأسعار معقولة وزبائنهم من كل الفئات الفقيرة والغنية كبارا وصغارا، مشيرا إلى أن الرقابة ليست كبيرة ولكنها موجودة، مؤكدا نحن نقوم بوضع الاحتياطات من أول المنطقة التاريخية إلى نهاية سوق الحمام، وذلك عبر وضع عاملين مراقبين أو حتى بائعين بأعداد محدودة، وهؤلاء غالبا لا يتم القبض عليهم ولكن تتم مصادرة المواد التي معهم، وهم يقومون بإبلاغنا عن المداهمة فلا تصل اللجنة إلا وجميع المواد قد اختفت رغم أنه تم القبض على عدد قليل منا.

في حين يشير محمد ناشي، أحد البائعين في السوق إلى أنه يشتري بضاعته من قبل تجار يقومون بزيارة المكان من وقت لآخر وأنهم يحضرونها عن طريق التهريب من بعض الدول المجاورة ومن ثم توزع على تجار في مختلف مناطق المملكة، ومؤكدا في هذا الصدد أن سوق جدة ومكة المكرمة تعد من أكبر الأسواق في المملكة.

المهندس سامي نوار، رئيس بلدية المنطقة التاريخية، أكد من جهته أن هذه الظاهرة تضاءلت بشكل كبير في المنطقة التاريخية في الفترة الأخير بسبب الجهود الكبيرة التي بلتها الجهات الأمنية، وأن الأمانة تكافح الظاهرة من خلال جولات ميدانية يومية على الأماكن التي يتوقع أنها تخزن الألعاب النارية بالتعاون مع الجهات الأمنية، ومؤكدا إلى أنهم مروجي تلك الألعاب بدا لديهم الشعور بالخسارة مما اضطرهم لتقليل الكميات، وأخذوا يبيعونها في سيارات متنقلة بكميات قليلة حتى وإن تم ضبطه لا تكون خسائره كبيرة، وخاصة في الأزقة البعيدة عن الأعين وعن دور الدفاع المدني أكد العميد عبد الله جداوي مدير الدفاع المدني بمحافظة جدة تشكيل لجنة مكونة من الدفاع المدني والشرطة والدوريات الأمنية والأمانة وعدد من الجهات كذلك، بهدف القبض على أي باعة للألعاب النارية ومن ثم مصادرة بضائعهم وتحويلها بعد ذلك إلى الشرطة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.