وسائل التقنية تسيطر على الأطفال والشباب خلال أيام العيد

بعد أن طالت «الحداثة» معظم مظاهره الاجتماعية

TT

ليس غريبا أن تسمع لفظ «ملل» يتردد على ألسنة من حولك باختلاف فئاتهم العمرية خلال أيام عيد الفطر المبارك، على الرغم من وجود عدد لا منته من وسائل الترفيه والتقنية، التي لم تكن موجودة في السابق، إلا أن هذه الوسائل كانت سببا رئيسيا في اندثار الكثير من مظاهر بهجة العيد القديمة، كونها أصبحت لا تواكب العصر الحديث.

«الحداثة» مفردة طالت معظم المناسبات الاجتماعية لتجردها من المتعة الحقيقية التي كان يشعر بها أهالي المدن في الزمن الماضي، حيث إن طرق تبادل المعايدة والتهاني اختصرتها وسائل التقنية في بضعة حروف تكبسها أصابعهم ليبعثوها بضغطة زر إلى الجميع دون الحاجة لزيارتهم. وليس ذلك فحسب، بل وحتى بين العائلات التي ما زالت تحافظ على اجتماعاتها أيام عيد الفطر، يلاحظ انشغال جيل الشباب فيها بأجهزة الـ«بلاك بيري» والـ«آي باد» والـ«آي فون» وغيرها من أجل ممارسة حياتهم الإلكترونية والانهماك بتصفح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، متجاهلين ما يدور حولهم من أحاديث يجود بها آباؤهم وأجدادهم.

بينما لم تعد المفرقعات والألعاب البسيطة أمام مداخل البيوت في الأحياء السكنية، أو الاجتماع لحساب العيديات، تستهوي أطفال الجيل الحديث أيام عيد الفطر، بعد أن أصبحوا يبحثون عن الألعاب الإلكترونية، التي تحويها أجهزتهم الحديثة المتنوعة، أو مقابل شاشة التلفاز ليمارسوها من خلال الـ«بلاي ستيشن» أو الـ«إكس بوكس»، مما يجعلهم ينعزلون تماما عن المحيط الخارجي.

أبو رهف، ذكر أن العيد الحديث بات روتينا يبعث الملل في النفوس، حيث إنه ينتهي بمجرد الانتهاء من تأدية صلاة المشهد، ومن ثم تناول وجبة الإفطار ليتم الإخلاد إلى النوم بعد ذلك، لافتا إلى أنه قد يشعر قليلا ببهجة العيد حينما يخرج للتنزه مع أصدقائه في فترة المساء.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كل ذلك يجعلني أعتبر جهازي الـ(بلاك بيري) من الضروريات كي أكسر فيه حالة الملل التي قد تنتابني حينما اجتمع مع كبار السن، الذين يتحدثون في أمور لا تستهويني كشاب، الأمر الذي يدفعني إلى تصفح الإنترنت أو إجراء محادثات إلكترونية مع أصدقائي».

ولفت إلى أن ما يشغله عن قضاء وقته بين وسائل التقنية الإلكترونية هو خروجه مع أصدقائه إلى إحدى الاستراحات وممارسة أنواع مختلفة من الرياضة كالسباحة وغيرها، مضيفا: «لا يمكن التخلي عن تلك الوسائل إلا في ظل وجود بدائل أخرى». وحول أكثر ما افتقده في العيد الحديث، أفاد أبو محمد بأنه لم يعد يشعر بفرحة ارتداء ملابس العيد الجديدة، التي من المفترض أن يشعر بها الأطفال، إلا أنهم أيضا لم يعودوا يستمتعون بأجواء العيد نتيجة انشغال معظمهم بوسائل الترفيه الحديثة، مما تخفي عليهم فرحة العيد الحقيقية – بحسب قوله.

بينما أشار عماد محمد إلى أن الشعور بفرحة العيد الحقيقية باتت مقتصرة على مجتمع القرى دون المدن، ولا سيما أن الجيل الجديد افتقد التواصل الاجتماعي نتيجة وجود بدائل إلكترونية يرون أنها قد تفي بالغرض، مبينا أن الزيارات القديمة كانت تساهم حتى في إزالة الخلافات والمشاحنات بين الناس.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «انهماكنا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كالـ(فيس بوك) و(تويتر) جعلت عيدنا مملا، إلا أننا مضطرون فعلا إلى استخدامها، حيث إننا كشباب نشعر بالملل مما يدور حولنا من أحاديث أثناء ولائم العيد، كونها لا تخرج عن إطار سرد تاريخ أشخاص قدامى لم نعاصرهم، دون التطرق إلى نقاشات عصرية تخص المواضيع التي تستهوينا».

ولكنه استدرك قائلا: «يعد لجوء الأطفال إلى تلك الوسائل الحديثة سلبيا جدا، خصوصا أنهم سيعتادونها كثيرا طيلة مراحلهم العمرية، غير أن السماح لهم بممارسة طقوس العيد القديمة يعتبر صعبا داخل المدن نتيجة اختلاف مجتمعاتها وكبر مساحتها، بعكس القرى». ومن أجل التفرغ لنزهاته مع أصدقائه دون أي منغصات، يرى أبو رائد أن انشغال الأطفال بالألعاب الإلكترونية واجتماعهم داخل المنزل وعدم اهتمامهم بالتنزه خلال أيام العيد أمر جيد، كونه يتيح له فرصة الاستمتاع بوقته بعيدا عن الارتباط بهم – بحسب قوله.

وأضاف: «تزعجني كثيرا الارتباطات العائلية في أيام العيد من ولائم وزيارات وغيرها، وهذا ما يجعلني ألازم التقنية الحديثة لإضاعة الملل عن طريق التحدث إلى أصدقائي إلكترونيا وتبادل النكات والتخطيط أيضا لنزاهتنا في الليل».