عيد الرياض يعيد ترتيب الثقافة الاحتفالية للأسرة السعودية

سعوديات يقفن على المسرح لأول مرة.. وضوابط حدت من التجاوزات في المواقع النسائية

لم تعد المرأة السعودية مجرد مرافقة لأسرتها في مواقع احتفالات العيد، بل أضحت رقما هاما في صناعة الفعاليات («الشرق الأوسط»)
TT

شكلت احتفالات الرياض بعيد الفطر المبارك، نقلة في الوعي الاجتماعي المحلي بالسعودية، وذلك بحسب آراء عدد من كتاب الصحف السعودية والمهتمين والمتابعين للشأن العام، الذين يؤكدون على نشر مثل تلك الاحتفالات لثقافة جديدة تضع أقدامها بين ثنايا الثقافة المحافظة محليا.

وتسود في المجتمع السعودي ثقافة محافظة تعتمد على الخصوصية في الأماكن العامة، وعدم التقارب في الجلسات بالحدائق العامة ما بين الأسر، إلا أن جولة في مواقع الاحتفالات، التي شهدتها العاصمة السعودية الرياض ضمن احتفالات أمانة المنطقة بعيد الفطر المبارك، تظهر إلى أي مدى تغلغلت ثقافة الانفتاح في الذهنية الاجتماعية للأسر السعودية.

فالكثير من الأسر السعودية أصبحت تتقاسم المساحات الضيقة في الحدائق العامة وأماكن الاحتفالات التي حددتها أمانة منطقة الرياض كمواقع لاحتفالاتها بهذا العيد، ولم تكن تلك الثقافة لتظهر على السطح اجتماعيا لولا وجود المحفز لها والمتمثل في تطور الذهنية المجتمعية من خلال الانفتاح على الآخر وتفهم أن تقاسم المكان لا يلغي فكرة المحافظة على الخصوصية للذات والآخر.

ولم تقتصر تلك الاحتفالات على نشر ثقافة الانفتاح وصناعة الفرحة والبهجة محليا، بل تعدته لبث أسلوب جديد من تقبل وجود المرأة السعودية كرقم في معادلة صناعة الفرح محليا، فارتفاع عدد الفعاليات النسائية الذي شهدته احتفالات أمانة منطقة الرياض بعيد الفطر المبارك يدل على حجم الإقبال الذي تحظى به تلك الفعاليات النسائية، التي تحرص أمانة منطقة الرياض أن تكون وفق إطار منظومة القيم والعادات المحلية، حيث خصصت بعض تلك المواقع للنساء والأطفال دون حضور الرجال، كما أكدت أمانة الرياض على منع التصوير في تلك الفعاليات.

وكانت أمانة مدينة الرياض قد حددت 7 مواقع تم تخصيصها لاستقبال النساء، بالإضافة إلى الأماكن المخصصة للنساء في مواقع الاحتفال للعائلات، فيما كلفت الأمانة فريقا نسائيا من الوحدة النسائية بتنظيم زيارات تفقدية لكافة المواقع النسائية في احتفالات عيد الرياض، للتأكد من جاهزيتها، وحضور الفعاليات النسائية طوال أيام العيد، ولمتابعة تلك المواقع والتأكد من التزام المتعهدين المشغلين لتك الفعاليات النسائية بضوابط وشروط الأمانة.

وتوزعت الفرق الإشرافية النسائية، التي تضم عناصر سعودية، في مركز الملك فهد الثقافي ومركز الملك عبد العزيز التاريخي، ومركز الأمير سلمان الاجتماعي وجمعية الأطفال المعوقين، ومسرح مدينة الحكير لاند الترفيهية، ومدارس دار العلوم للبنات، ومركز سعود البابطين للتأكد من توافر كافة الإمكانات لتنعم السيدات والفتيات بالفعاليات الاحتفالية النسائية، فيما كانت العروض المسرحية النسائية، التي شهدت أكبر كثافة في الحضور من بين بقية الفعاليات والبرامج المخصصة للنساء، لتؤكد مدى تعطش المرأة السعودية لبرامج تلبي احتياجاتها في مجال الترفيه، بالإضافة لمناقشة تلك المسرحيات لعدد من قضايا المرأة السعودية، وأتاحت الفرصة لعدد من النساء السعوديات لاعتلاء خشبة المسرح كممثلات، كما هو الحال مع مسرحية «كيد النسوان»، التي عرضت على مسرح مركز الملك فهد الثقافي، والذي يضم 5 آلاف مقعد. وعلى صعيد ذي صلة أكدت عدد من الفنانات السعوديات ممن يشاركن في الأدوار التمثيلية في تلك العروض المسرحية أنها المرة الأولى لهن في الوقوف على خشبة المسرح، معتبرات أنهن ينتظرن الدعم من جمهور السيدات السعوديات لهن، والالتفات للمسرح الذي يرين فيه من أهم المنابر لطرح قضايا المرأة السعودية.

كما أن المسرحية النسائية التي تحمل عنوان «صرقعة وفرقعة»، والتي عرضت بمسرح قاعة الحمراء بمدينة الحكير لاند الترفيهية، ناقشت في عرضها قضية عاملات المنازل، وما تعانيه الأسر المحتاجهة لخدمات تلك العاملات، إضافة إلى معاناة بعض الأمهات من بعض المعلمات وقساوتهن على الطالبات، كما تناقش المسرحية قضية المطربات ونشاز أصواتهن وارتفاع أجورهن حيث لا توجد ضوابط ومتابعة من قبل الجهات المختصة.

وشهدت المسرحية توافد أعداد غفيرة من النساء السعوديات لمتابعة العرض المسرحي، حيث قدرت أعداد الحاضرات بما يزيد عن 300 سيدة في العرض الأول لها أول أيام العيد.

من جانب آخر عرضت مسرحية «البخيلة والفشيلة»، التي تعرض ضمن احتفالات أمانة منطقة الرياض بعيد الفطر المبارك على مسرح مدارس دار العلوم للبنات، حيث حملت المسرحية في ثنايا عرضها رسالة حول دور المرأة في المجتمع المحلي، ونقدها لبعض السلبيات التي تظهر عليها المرأة السعودية في بعض المواقف الحياتية.

ولم تقتصر الفعاليات النسائية باحتفالات العيد على مجرد العروض المسرحية النسائية، حيث اشتملت على عدد من البرامج الترفيهية والمسابقات وعروض الأزياء الشعبية والحديثة، كما هو الحال بمركز الملك عبد العزيز التاريخي وسط العاصمة الرياض.